الرئيسيةعريقبحث

تاريخ جمهورية الصين الشعبية (1949-1976)

الحقبة الماوية

☰ جدول المحتويات


غالبًا ما يُقسّم تاريخ جمهورية الصين الشعبية من قبل المؤرخين إلى (حقبة ماو) و (حقبة ما بعد ماو). استمرت حقبة ماو منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في 21 أيلول من عام 1949 وحتى انقلاب دينج شياو بينج وتوحيد السلطة والسياسة في الجلسة العامة الثالثة للجنة المركزية الحادية عشرة للحزب الشيوعي الصيني بتاريخ 22 كانون الأول عام 1978.[1][2] وكان التركيز في حقبة ماو يتجه نحو الحركات الاجتماعية لماو تسي تونغ التي أُنشأت منذ بداية الخمسينات والتي تضمنت الإصلاح الزراعي والقفزة العظيمة للأمام والثورة الثقافية.

الثورة الاجتماعية في بداية خمسينات القرن العشرين

تأسست جمهورية الصين الشعبية على أرض دُمرت خلال قرن من الغزو الأجنبي والحروب الأهلية. شهدت كل من المجتمعات الحضرية والريفية والزراعة والصناعة على حد سواء نمواً ملحوظاً بين عامي 1949 - 1959. نفذت حكومة ماو عمليات إعدام جماعي لملاك الأراضي وأقامت الجمعيات ونفذت نظام معسكر (لاوجاي). أدت أحكام الإعدام والظروف القاسية في معسكرات العمل إلى وفاة الملايين في فترة حكم ماو.

من الناحية الاقتصادية نفذت البلاد النموذج السوفييتي لخطط السنوات الخمس مع خطتها الخمسية الأولى بين عامي 1953 - 1957. مرّت البلاد بتحول حيث تم نقل وسائل الإنتاج من القطاع الخاص إلى المؤسسات العامة، وسيطرت الدولة من خلال تأميم الصناعة في عام 1955 على الاقتصاد بطريقة مشابهة لاقتصاد الاتحاد السوفييتي.

الحرب الكورية

دخلت جمهورية الصين الشعبية الجديدة في أول نزاع دولي لها بعد فترة وجيزة من تأسيسها. عبرت القوات الكورية الشمالية التابعة لكيم إل سونغ في 25 حزيران عام 1950 خط عرض 38 شمال وغزت كوريا الجنوبية وتقدمت في النهاية إلى حدود محيط بوسان في جنوب شرق كوريا. دخلت قوات الأمم المتحدة الحرب إلى جانب كوريا الجنوبية، واقترح الجنرال الأمريكي دوغلاس ماك آرثر إنهاء الحرب بحلول عيد الميلاد في عام 1950. ورأى الاتحاد السوفييتي والصين انتصار الأمم المتحدة كانتصار سياسي كبير للولايات المتحدة الأمريكية، وهو وضع يعتبر خطرًا في بدايات الحرب الباردة.[3][4][5]

الأحداث بين عامي 1953 - 1957

كانت الحرب الكورية مكلفة جدًا بالنسبة للصين خاصة في أعقاب الحرب الأهلية، وأدت إلى تأخير إعادة الإعمار بعد الحرب. ونتيجة لذلك أعلن ماو تسي تونج أن الأمة «ستميل إلى الشرق» مشيرًا إلى تحالفه الرئيسي مع الاتحاد السوفياتي. سافر ماو مع وفد إلى موسكو بعد ثلاثة أشهر من تأسيس جمهورية الصين الشعبية في تشرين الأول عام 1949. لم يستقبلهم ستالين حينها بحفاوة وشكك في كونهم ماركسيين وليس مجرد مجموعة من القوميين الصينيين. كان قد اعترف أيضًا بحكومة تشيانغ كاي شيك، فضلًا عن عدم ثقته بأي حركة شيوعية لم تخضع لسيطرته المباشرة. قال الزعيم السوفيتي بعد لقائه مع ماو: «أي نوع من الرجال ماو؟ يبدو أن لديه فكرة عن الثورة التي تضم الفلاحين وليس العمال». كان ماو محبطًا في النهاية ومستعدًا للعودة إلى وطنه، لكن رفض تشوان لاي الرحيل دون اتفاق رسمي. وهكذا تم التوقيع على معاهدة الصداقة الصينية السوفييتية المتبادلة وغادر الصينيون في شهر شباط من عام 1950.[6][7]

القفزة العظمية للأمام

التقديرات التأريخية الأكاديمية لأعداد
ضحايا مجاعة حقبة القفزة العظمية للأمام
عدد الضحايا
الباحث/الباحثون + المصدر سنة التقدير
23 مليون بينغ[8] 1987
27 مليون كول[9] 1984
30 مليون أستون وآخرون[10] 1984
30 مليون بانيستر[11] 1987
30 مليون بيكر[12] 1996
32.5 مليون كاو[13] 2005
36 مليون يانغ[14] 2008
38 مليون تشانغ وهاليداي[15] 2005
38 مليون رومل[16] 2008
45 مليون على الأقل ديكوتر[17][18] 2010
43 حتى 46 مليون تشن[19] 1980
55 مليون يو شيغوانغ[20][21] 2005

حظيت برامج ماو الاجتماعية والثقافية والاشتراكية ومنها التي تلك التي سلكت نزعة جماعية على ذروة شعبيتها إبَّان أوائل خمسينات القرن العشرين. إلا أنَّ العلاقات المتوترة بين الصين والزعيم السوفييتي الجديد نيكيتا خروتشوف والتناقضات الجديدة بين المدارس الصينية والسوفياتية الشيوعية ساهمت في إطلاق حملة جديدة متطرفة لإصلاح النظام الاقتصادي الصيني بكامله. تطور هذا الانقسام بعد وفاة ستالين في عام 1953 عندما هاجمه الزعيم السوفيتي الجديد نيكيتا خروتشوف. فاجأ (الخطاب السري) في عام 1956 العالم الشيوعي. ورفضت الصين استبعاد الأفكار الستالينية وعرضت لوحات كبيرة لستالين في احتفالات عيد العمال في ذلك العام. أعلن ماو أنه وعلى الرغم من بعض الأخطاء كان ستالين شخصًا ماركسيًا أساسيًا ذو نية حسنة. وشعر أن السوفييت لا يعاملون الصين كشريك متساوٍ. كما ساهمت الاختلافات الثقافية في تعميق الخلاف بين العملاقين الشيوعيين. فكرة خروتشوف عن التنافس السلمي مع الولايات المتحدة بدلاً من العداء الصريح لها لم تكن ذات صدى جيد مع بكين. قال ماو: «هل تعتقد أن الرأسماليين سوف يضعون سكاكين الذبح ويصبحوا تماثيل بوذية».

رفض ماو تسي تونغ بغضب اقتراح خروتشوف في عام 1958 بإنشاء أسطول صيني-سوفييتي مشترك لمواجهة الأسطول الأمريكي السابع وأخبر السفير السوفياتي بأنه : «إذا أردت التحدث عن التعاون المشترك فبإمكاننا أن نحقق تعاونًا مشتركًا في السياسة والجيش والمواضيع الثقافية والاقتصادية ويمكنك أن تصنع مننا قوة كبيرة». طلب ماو من رئيس الوزراء السوفيتي عندما زار بنفسه الصين في العام التالي مرة أخرى شرح ماهية الأسطول المشترك. وذكر أن السوفييت غير مرحب بهم في إرسال أي قوات على الأراضي الصينية في أوقات السلم وأضاف: «اسمعوا باهتمام، لقد عملنا لفترة طويلة وصعبة لطرد الأميركيين والبريطانيين واليابانيين وغيرهم. لن نسمح مرة أخرى للأجانب باستخدام أراضينا لتحقيق أهدافهم». كما اعتقد خروتشوف أن الصينيين كانوا أكثر لينًا من الدالاي لاما (الزعيم الروحي للتبت) وفشلوا في دعمهم في نزاعهم الحدودي مع الهند، قائلين أنَّ تلك المنطقة كانت «مجرد أرض قاحلة لا يعيش فيها أحد».

خرجت الصين عن النموذج السوفييتي في ظل قيادة ماو وأعلنت عن برنامج اقتصادي جديد تحت اسم "القفزة العظيمة للأمام" في عام 1958 التي هدفَت منه إلى زيادة الإنتاج الصناعي والزراعي للبلاد بسرعة. وأعلن ماو هدفه في مجال الإنتاج الصناعي بتجاوز إنتاج الصلب في بريطانيا العظمى بحلول عام 1968. وتم إنشاء الشركات التعاونية العملاقة. وأُعيد تشكيل جميع القرى الصينية في غضون عام تقريباً على شكل مجتمعات عاملة أو كوميونات شعبية تحوي عدة آلاف من الناس، حيث يعيشون ويعملون معاً كمجتمع ماركسي مثالي، واستخدمت الأفران اللافحة الصغيرة بدلاً من مصانع الصلب.

كانت نتائج البرنامج كارثية حيث تعطلت آليات السوق الطبيعية وتراجع الإنتاج الزراعي وأرهق الناس أنفسهم في إنتاج سلعٍ رديئة غير قابلة للبيع. وانتشرت المجاعات حتى في أكثر المناطق الزراعية خصوبةً نظراً للاعتماد على الحكومة في توفير وتوزيع الغذاء والموارد ونفاذها السريع نتيجه سوء التخطيط. وأدى كل من سوء التخطيط خلال عهد القفزة العظيمة للأمام في الفترة من عام 1960 حتى عام 1961 والحركات السياسية التي حرضت عليها الحكومة، بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية وأنماط الطقس غير المعهودة إلى حدوث مجاعة كارثية وسقوط ملايين الضحايا، إلَّا أن جزء كبير من هؤلاء الضحايا لم يلقوا مصرعهم نتيجة المجاعات بل قُتلوا على يد السلطات الشيوعية أو نتيجة للظروف القاسية التي تعرضوا لها وهم يقومون بأعمال السخرة المفرطة. تُرجح مصادر أكاديمية عدة أن محصلة الضحايا الذين لقوا حتفهم بلغت ما يترواح من عشرين مليون حتى الأربعين مليون شخص. وكان الصلب الذي أُنتج في الأفران اللافحة الصغيرة بدرجات حرارة منخفضة عديم الفائدة. وبغض الفلاحين في نهاية المطاف افتقارهم لأي خصوصية والعسكرة التي كانوا يقضون أيامهم فيها.

المراجع

  1. Peaslee, Amos J. (1956), "Data Regarding the 'People's Republic of China", Constitutions of Nations, Vol. I, 2nd ed., Dordrecht: Springer, صفحة 533, مؤرشف من الأصل في 19 نوفمبر 2018 .
  2. Chaurasia, Radhey Shyam (2004), "Introduction", History of Modern China, New Delhi: Atlantic, صفحة 1, مؤرشف من الأصل في 01 ديسمبر 2018 .
  3. "Who's in Charge Here", Alexander, James Edwin, Jan/Feb 1997 Naval History Magazine, United States Naval Institute, Annapolis, pages 49-50.
  4. "Pleased, but not satisfied-My Journey through Life-The Navy Years", James Edwin Alexander, Macedon Production Company, 2004, (ردمك ), pages 74-77.
  5. "An Anecdotal History-USS John A. Bole", edited by James Edwin Alexander, published in cooperation with USS John A. Bole Association, Macedon Production Company, 2000, Chapter 6, "Claude Gray's Diary", page 101.
  6. Hua-yu Li (February 17, 2006). Mao and the Economic Stalinization of China, 1948-1953. Rowman & Littlefield. صفحة 266.  . مؤرشف من الأصل في 14 أبريل 2020.
  7. Introduction Mao and the Economic Stalinization of China, 1948-1953 - تصفح: نسخة محفوظة 2012-04-25 على موقع واي باك مشين.
  8. Peng Xizhe (1987). Demographic Consequences of the Great Leap Forward in China's Provinces. Population and Development Review Volume 13 Number 4 (Dec 1987). pp. 648–649.
  9. Coale, J. Ansley (1984). Rapid Population Change in China, 1952–1982. National Academy Press. Washington, D.C. p. 7. Coale estimates 27 million deaths: 16 million from direct interpretation of official Chinese vital statistics followed by an adjustment to 27 million to account for undercounting.
  10. Ashton, Hill, Piazza, and Zeitz (1984). Famine in China, 1958–61. Population and Development Review, Volume 10, Number 4 (Dec 1984). p. 614.
  11. Banister, Judith (1987). China's Changing Population. Stanford University Press. pp. 85, 118.
  12. Becker, Jasper (1998). Hungry Ghosts: Mao's Secret Famine. Holt Paperbacks. pp. 270, 274. (ردمك ).
  13. Dikötter (2010) pp. 324–325. Dikötter cites Cao Shuji (2005). Da Jihuang (1959–1961): nian de Zhongguo renkou (The Great Famine: China's Population in 1959–1961). Hong Kong. Shidai guoji chuban youxian gongsi. p. 281
  14. Yang Jisheng (2012). Tombstone: The Great Chinese Famine, 1958–1962 (Kindle edition). Farrar, Straus and Giroux. p. 430. (ردمك ).
  15. Chang and Halliday (2005). Stuart Schram believes their estimate "may well be the most accurate." (Stuart Schram, "Mao: The Unknown Story". The China Quarterly (189): 2077 أكتوبر 2007.)
  16. Rummel, R.J. (2008-11-24). Reevaluating China’s Democide to 73,000,000. Retrieved 12 Feb 2013. نسخة محفوظة 30 يونيو 2018 على موقع واي باك مشين.
  17. Dikötter, Frank. Mao's Great Famine: The History of China's Most Devastating Catastrophe, 1958–62. Walker & Company, 2010. p. xii ("at least 45 million people died unnecessarily") p. xiii ("6 to 8 percent of the victims were tortured to death or summarily killed—amounting to at least 2.5 million people.") p. 333 ("a minimum of 45 million excess deaths"). (ردمك ).
  18. "45 million died in Mao's Great Leap Forward, Hong Kong historian says in new book". 2018-12-06. مؤرشف من الأصل في 14 أبريل 2019.
  19. Becker (1996). pp. 271–272. From an interview with Chen Yizi.
  20. "La Chine creuse ses trous de mémoire". La Liberation (باللغة الفرنسية). مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
  21. Yu Xiguang, Da Yuejin Kurezi, Shidai Chaoliu Chubanshe, Hong Kong (2005)

موسوعات ذات صلة :