الرئيسيةعريقبحث

تاريخ سوريا المعاصر


☰ جدول المحتويات


يمتد تاريخ سوريا المعاصر من نهاية الحكم العثماني لسوريا من قِبل القوات الفرنسية وتأسيس إدارة أراضي العدو المحتلة خلال الحرب العالمية الأولى. ظهرت مملكة سوريا العربية قصيرة العمر عام 1920، والتي خضعت للانتداب الفرنسي الذي نتجت عنه دول قصيرة الأمد مثل دولة حلب ودولة دمشق أصبحتا لاحقًا دولة سوريا (1924-1930)[، ودولة جبل العلويين ودولة جبل الدروز، تحولت هذه الدول ذاتية الحكم إلى جمهورية سوريا المنتدَبة عام 1930. حصلت جمهورية سوريا على الاستقلال عام 1946. شاركت الجمهورية في الحرب العربية الإسرائيلية، وبقيت في حالة من عدم الاستقرار السياسي خلال الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين.

أدى انقلاب 8 مارس 1963 إلى تنصيب المجلس الوطني للقيادة الثورية في الحكم، وهو مجموعة من المسؤولين المدنيين والعسكريين الذين تولوا السيطرة على جميع السلطات التنفيذية والتشريعية. نُفذت عملية الاستحواذ بوساطة أعضاء من حزب البعث يقودهم ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار. أُطيح به في أوائل عام 1966 من قِبل المنشقين العسكريين اليساريين من الحزب بقيادة اللواء صلاح جديد. منذ ربيع عام 2011، تشارك حكومة بشار الأسد السورية في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا.

سوريا تحت الانتداب

إدارة أرضي العدو المحتلة

كانت إدارة أراضي العدو المحتلة لجنة إدارة عسكرية فرنسية بريطانية مشتركة على مقاطعتي بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين من الإمبراطورية العثمانية السابقة بين عامي 1918 و1920، والتي تأسست عقب حملة سيناء وفلسطين في الحرب العالمية الأولى. انتهت الإدارة بعد تعيين الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان والانتداب البريطاني على فلسطين في مؤتمر سان ريمو الذي انعقد في 19 إلى 26 أبريل عام 1920.

الإدارة المدنية الأولية

بعد انعقاد مؤتمر سان ريمو وهزيمة مملكة الملك فيصل قصيرة العمر في سوريا في معركة ميسلون في 24 يوليو عام 1920، أسس الجنرال الفرنسي هنري غورو الإدارة المدنية في الإقليم. قُسمت المنطقة المنتدَبة إلى ست دول، كانوا: دولة دمشق (1920)، ودولة حلب (1920)، ودولة جبل العلويين (1920)، ودولة جبل الدروز (1921)، ودولة سنجق إسكندرون (1921) (منطقة خطاي اليوم)، ودولة لبنان الكبير (1920)، التي أصبحت لاحقًا دولة لبنان المعاصرة.

استند رسم تلك الدول جزئيًا إلى التركيب الطائفي على الأرض في سوريا. لكن مع ذلك، كانت جميع الطوائف السورية معاديةً للانتداب الفرنسي وللتقسيمات التي جاء بها. ظهر هذا جليًا من خلال الثورات العديدة التي واجهها الفرنسيون في جميع الدول السورية. كان المسيحيون المارونيون في جبل لبنان، من ناحية أخرى، مجتمعًا يحلم بالاستقلال، وقد تحقق حلمهم تحت الانتداب الفرنسي. لهذا السبب، كان لبنان الكبير استثناءً من الدول التي تشكلت حديثًا.

الاتحاد السوري (1922-1924)

في يوليو 1922، أنشأت فرنسا اتحادًا وثيقًا بين ثلاث دول، هي: دمشق وحلب وجبل العلويين تحت مسمى (الاتحاد السوري). لم يكن جبل الدروز وسنجق إسكندرون ولبنان الكبير جزءًا من هذا الاتحاد، الذي اعتمد العلم الاتحادي الجديد (الأخضر والأبيض والأخضر مع كانتون فرنسا). في 1 ديسمبر1924، انفصلت دولة جبل العلويين من الاتحاد حين اتحدت دول دمشق وحلب في دولة سوريا.

الثورة السورية الكبرى

في عام 1925، انتشرت ثورة من جبل الدروز بقيادة سلطان باشا الأطرش إلى الدول السورية الأخرى وأصبحت تمردًا عامًا في سوريا. حاولت فرنسا الانتقام عن طريق إعلان برلمان حلب الانفصال عن الاتحاد مع دمشق، لكن التصويت أحبطه الوطنيون السوريون.

معاهدة الاستقلال عام 1936

وُقّعت معاهدة الاستقلال الفرنسية السورية عام 1936، وهي معاهدة لم تُصدق عليها الهيئة التشريعية الفرنسية. ومع ذلك، سمحت المعاهدة بتضمين جبل الدروز وجبل العلويين (المعروف الآن باللاذقية) وسنجق إسكندرون في الجمهورية السورية خلال العامين القادمين. كان لبنان الكبير (الدولة اللبنانية الآن) الدولة الوحيدة التي لم تنضم إلى الجمهورية السورية. كان هاشم الأتاسي، الذي كان رئيس وزراء في عهد الملك فيصل (1918-1920) أول رئيس يُنتخب بعد معاهدة الاستقلال.

انفصال خطاي (سنجق إسكندرون)

في سبتمبر 1938، فصلت فرنسا مرة أخرى سنجق إسكندرون السوري وحولته إلى جمهورية خطاي. انضمت جمهورية خطاي إلى تركيا في العام التالي، في يونيو 1939. لم تعترف سوريا بضم خطاي إلى تركيا، وبقيت القضية محل خلاف حتى اليوم.

الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتحدة

مع سقوط فرنسا عام 1940 في الحرب العالمية الثانية، خضعت سوريا لجمهورية فيشي إلى أن غزت القوات الفرنسية والبريطانية الحرة البلاد واحتلتها في يوليو عام 1941. أعلنت سوريا استقلالها من جديد عام 1941 لكن لم يُعترف بها كجمهورية مستقلة حتى 1 يناير عام 1944.

في 27 سبتمبر أعلنت فرنسا -بحكم وضمن إطار الانتداب- استقلال وسيادة الدولة السورية. جاء في البيان: «لن يؤثر استقلال وسيادة سوريا ولبنان على الوضع القانوني باعتبار أنه ينتج من قانون الانتداب. في الواقع، لا يمكن أن تتغير هذه الحالة سوى بموافقة مجلس عصبة الأمم، وبموافقة حكومة الولايات المتحدة، وهي إحدى الدول الموقّعة على الاتفاقية الفرنسية الأمريكية في 4 أبريل عام 1924، وبعد إبرام المعاهدات بين الحكومة الفرنسية والحكومتين السورية واللبنانية، يُصدق عليها حسب الأصول وفقًا لقوانين الجمهورية الفرنسية فقط».[1]

في 29 مايو 1945، قصفت فرنسا دمشق وحاولت اعتقال قادتها المُنتخبين ديمقراطيًا. في الوقت الذي كانت فيه الطائرات الفرنسية تقصف دمشق، كان رئيس الوزراء السوري فارس الخوري في المؤتمر التأسيسي للأمم المتحدة في سان فرانسيسكو، يقدم مطالبات سوريا بالاستقلال عن الانتداب الفرنسي. أجبر الضغط المفروض من الجماعات الوطنية والضغط البريطاني الفرنسيين على إخلاء آخر قواتهم في 17 أبريل 1946.[2][3]

جمهورية سوريا 1946-1963

تحقق استقلال سوريا عام 1946. على الرغم من التطور الاقتصادي السريع الذي أعقب الاستقلال، تميزت السياسية السورية من فترة الاستقلال وحتى أواخر الستينيات بالاضطراب. تميزت السنوات الأولى التي تلت الاستقلال بعدم الاستقرار السياسي.

في عام 1948، انخرطت سوريا في الحرب العربية الإسرائيلية مع نشوء دولة إسرائيل حديثة العهد. أُخرج الجيش السوري من الأراضي الإسرائيلية، لكنه حصّن معاقله في الجولان واستطاع الحفاظ على حدوده القديمة واحتلال بعض الأراضي الإضافية. في يوليو 1949، كانت سوريا آخر بلد عربي يوقّع معاهدة الهدنة مع إسرائيل.

في مارس 1949، أُطيح بالحكومة الوطنية بانقلاب قادة حسني الزعيم، وبهذا يكون الحكم الديمقراطي قد انتهى بانقلاب برعاية وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وبمساعدة من العميلين مايلز كوبلاند وستيفن ميد. لاحقًا ذلك العام، أُطيح بالزعيم من قِبل زميله سامي الحناوي، ثم جاء أديب الشيشكلي من بعده. استمر الشيشكلي بالحكم حتى 1955، حتى أطاح به انقلاب عام 1954.

في نوفمبر 1956، وقّعت سوريا اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي توفر موطئ قدم للنفوذ الشيوعي داخل الحكومة في مقابل الطائرات والدبابات وغيرها من المعدات العسكرية التي تُرسل إلى سوريا. أقلقت هذه الزيادة بقوة التكنولوجيا العسكرية السورية تركيا، إذ بدا من الممكن أن تحاول سوريا استعادة إسكندرون، المدينة السورية سابقًا الموجودة الآن في تركيا. من ناحية أخرى، اتهمت سوريا والاتحاد السوفيتي تركيا بجمع قواتها على الحدود السورية. في ظل هذه المواجهة، اكتسب الشيوعيون المزيد من السلطة على الجيش والحكومة السورية.[4][5][6][7]

أدى عدم الاستقرار السياسي في السنوات التي تلت انقلاب عام 1954، بالإضافة إلى توازي السياسات السورية والمصرية، وجاذبية الرئيس المصري جمال عبد الناصر بالقيادة في أعقاب أزمة السويس إلى خلق تأييد في سوريا للوحدة مع مصر. أعلن كل من الرئيس السوري شكري القوتلي والرئيس المصري جمال عبد الناصر اتحاد البلدين، وإنشاء الجمهورية العربية المتحدة، وإيقاف الأنشطة العلنية لجميع الأحزاب السياسية السورية، من ضمنها الأحزاب الشيوعية.

لكن الاتحاد لم يكن ناجحًا رغم ذلك، فبعد انقلاب عسكري في 28 سبتمبر 1961، انفصلت سوريا معيدةً تأسيس نفسها تحت اسم الجمهورية العربية السورية.

جمهورية البعث في سوريا اليوم

حزب البعث تحت قيادة حافظ الأسد 1970- 2000

في 13 نوفمبر 1970، قام وزير الدفاع حافظ الأسد بانقلاب عسكري غير دموي، أطاح بقيادة الحزب المدني، وتولى دور الرئيس. بعد توليه السلطة، تحرك حافظ الأسد بسرعة لخلق بنية تنظيمية لحكومته ولتعزيز السيطرة. في مارس 1971، عقد الحزب مؤتمره الإقليمي وانتخب قيادة جديدة تضم 12 عضواً برئاسة الأسد. في ذات الشهر، أُجري استفتاء وطني لتأكيد الأسد كرئيس لولاية مدتها سبع سنوات. في مارس 1973، دخل الدستور السوري حيز التنفيذ، تبعته بعد ذلك بوقت قصير انتخابات برلمانية لمجلس الشعب، وهي أول انتخابات من هذا النوع منذ عام 1962.[8][9][10]

الخلاف الداخلي على السلطة

اندلعت الاحتجاجات العنيفة والاشتباكات المسلحة في أعقاب انتخابات مجلس الشعب عام 1998 فيما أصبح يُعرف باسم حادثة اللاذقية عام 1999. كانت الأحداث العنيفة انفجارًا لخلاف طويل بين حافظ الأسد وشقيقه الأصغر رفعت، الذي حاول في السابق الانقلاب ضد حافظ عام 1984، لكنه نُفي أخيرًا من سوريا. قُتل شخصان في تبادل لإطلاق النار بين الشرطة السورية وأنصار رفعت أثناء حملة الشرطة على مجمع ميناء رفعت في اللاذقية. وفقًا لمصادر المعارضة التي نفتها الحكومة، أسفرت الاشتباكات في اللاذقية عن المئات من القتلى والجرحى.

تحت قيادة بشار الأسد منذ عام 2000 وحتى الوقت الحالي

خريف دمشق

توفي حافظ الأسد في 10 يونيو عام 2000، بعد 30 عام من مكوثه في الحكم. بعد وفاة الأسد مباشرةً، عدل البرلمان الدستور وخفض الحد الأدنى لسن الرئيس الإلزامي من 40 إلى 34 عامًا، الأمر الذي سمح لابنه بشار أن يكون مؤهلًا قانونيًا للترشح للرئاسة تحت مظلة حزب البعث. في 10 يوليو عام 2000، انتُخب بشار الأسد رئيسًا بوساطة استفتاء أُجري دون منافس، وحصل على 97.29% من الأصوات وفقًا لإحصائيات الحكومة السورية.[11]

الحرب الأهلية السورية

الحرب الأهلية السورية هي صراع داخلي عنيف مستمر في سوريا. كانت جزءًا من حركة الربيع العربي الأكثر اتساعًا، الذي يُعتبر موجة من الاضطرابات في جميع أنحاء العالم العربي. بدأت المظاهرات العامة في 26 يناير 2011، وتطورت لتصبح انتفاضة وطنية. طالب المتظاهرون باستقالة الرئيس بشار الأسد، والإطاحة بحكومته، ووضع حد لحوالي خمسة عقود من حكم حزب البعث.[12]

منذ ربيع عام 2011، نشرت الحكومة السورية الجيش السوري لقمع الانتفاضة، وحُوصرت العديد من المدن، غير أن الانتفاضة استمرت رغم ذلك. طبقًا لبعض الشهود، قام الجيش السوري بإعدام الجنود الذين رفضوا إطلاق النار على المدنيين. نفت الحكومة السورية حدوث انشقاقات، وألقت اللوم على الجماعات المسلحة في الفوضى الحاصلة. منذ أوائل خريف 2011، بدأ المدنيون والمنشقون من الجيش بتشكيل وحدات قتالية، والتي بدأت حملة تمرد ضد الجيش السوري. توحد المتمردون تحت راية الجيش السوري الحر وقاتلوا بطريقة منظمة بشكل متزايد؛ لكن رغم ذلك، افتقر العنصر المدني للمعارضة المسلحة إلى قيادة منظمة.[13][14]

المراجع

  1. See Foreign relations of the United States diplomatic papers, 1941. The British Commonwealth; the Near East and Africa Volume III (1941), pages 809-810; and Statement of General de Gaulle of 29 November 1941, concerning the Mandate for Syria and Lebanon, Marjorie M. Whiteman, Digest of International Law, vol. 1 (Washington, D.C.: U. S. Government Printing Office, 1963) 680-681
  2. See International law: achievements and prospects, by Mohammed Bedjaoui, UNESCO, Martinus Nijhoff; 1991, (ردمك ), page 46 [1] - تصفح: نسخة محفوظة 7 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  3. Mandates, Dependencies and Trusteeship, by H. Duncan Hall, Carnegie Endowment, 1948, pages 265-266
  4. The struggle for Syria The Syrian people are being sacrificed at the altar of US imperialism, says author. - تصفح: نسخة محفوظة 14 يوليو 2019 على موقع واي باك مشين.
  5. Douglas Little (1990). "Cold War and Covert Action: The United States and Syria, 1945-1958". Middle East Journal. 44 (1): 51–75. JSTOR 4328056.
  6. 1949-1958, Syria: Early Experiments in Cover Action, Douglas Little, Professor, Department of History, Clark University - تصفح: نسخة محفوظة 8 سبتمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  7. Gendzier, Irene L. (1997). Notes from the Minefield: United States Intervention in Lebanon and the Middle East, 1945–1958. Columbia University Press. صفحة 98.  . مؤرشف من الأصل في 24 يناير 202013 فبراير 2012.
  8. "No Room to Breathe: State Repression of Human Rights Activism in Syria". Human Rights Watch. 19 (6): 8–13. October 2007. مؤرشف من الأصل في 26 يونيو 201505 يوليو 2011.
  9. "Syria Smothering Freedom of Expression: the detention of peaceful critics". Amnesty International. مؤرشف من الأصل في 22 نوفمبر 201805 يوليو 2011.
  10. George, Alan (2003). Syria : neither bread nor freedom. London: Zed Books. صفحات 56–58.  . مؤرشف من الأصل في 24 يناير 2020.
  11. "US special forces launch rare attack inside of Syria". أسوشيتد برس. 2008-10-2606 أغسطس 2015.
  12. "Defected Syria security agent' speaks out". Al Jazeera. 8 June 2011. مؤرشف من الأصل في 5 أغسطس 201921 يونيو 2011.
  13. "Open Letter to the Leaders of the Syrian Opposition Regarding Human Rights Abuses by Armed Opposition Members". هيومن رايتس ووتش. 20 March 2012. مؤرشف من الأصل في 8 سبتمبر 201920 مارس 2012.
  14. "Syria: Armed Opposition Groups Committing Abuses". هيومن رايتس ووتش. 20 March 2012. مؤرشف من الأصل في 8 أكتوبر 201920 مارس 2012.

موسوعات ذات صلة :