يشتمل تاريخ شرق آسيا على تواريخ كل من الصين واليابان وكوريا وتايوان ومنغوليا من عصور ما قبل التاريخ حتى الوقت الحاضر.[1][2][3][4][5][6]
منطقة شرق آسيا ليست موحّدة ولكل دولة من دوله تاريخ وطني مختلف، لكن يؤكد العلماء أن هذا الإقليم يتسم بنمط مميز من التطور التاريخي.[7] وهذا جليٌّ في الترابط بين دول شرق آسيا، الأمر الذي لا يتضمن جُملة الأنماط التاريخية فحسب، بل مجموعة مُحددة من الأنماط التي أثرت على كل أو معظم دول شرق آسيا على مستويات متوالية.[8]
خلفية تاريخية
تُعد دراسة تاريخ شرق آسيا كدراسة منطاقية جزءًا من نهضة الدراسات الشرق آسيوية بصفتها حقلًا أكاديميًا في الدول الغربية. بدأ تدريس ودراسة التاريخ الشرق آسيوي في الغرب في نهاية القرن التاسع عشر.[9] في الولايات المتحدة، اعتقد الأميركيون من أصل آسيوي حوالي فترة حرب فيتنام أن دروس التاريخ كانت متمحورةً حول أوروبا ومُدعومةً على حساب مقرر مبني على التاريخ الآسيوي. في الوقت الحاضر، يبقى التاريخ الشرق آسيوي حقلًا رئيسيًا ضمن الدراسات الآسيوية. يميل المؤرخون التاريخيون في المنطقة إلى التشديد على تفرّد تقاليد بلدانهم الخاصة، ثقافتها وتاريخها لأن ذلك يساعدهم على شرعنة مطالبتهم بالأراضي وتقليص النزاعات الداخلية.[10] هناك أيضًا قضية الكُتّاب المنفردين المتأثرين بمفاهيم مختلفة حول المجتمع والتطور، الأمر الذي يقود إلى وجود بيانات متضاربة. قادت هذه العوامل، من بين عوامل أخرى، العلماء إلى التشديد على ضرورة وجود أُطر عمل مناطقية وتاريخية أكثر شمولية. وُجدت أيضًا قضايا حول تعريف المؤشرات الدقيقة التي جعلت التاريخ الشرق آسيوي بصفته دراسة أكاديمية يركز على علاقات شرق آسيا مع مناطق أخرى من العالم.[11]
كانت هذه الأقاليم، أو حضارات الصين واليابان وكوريا، تحت حكم العديد من السلالات أو الأنظمة الحاكمة وتغيرت حدودها نتيجة الحروب ضمن السلالات في الإقليم نفسه أو الحروب بين الأقاليم. في حقبة ما قبل التاريخ، عاش الإنسان المنتصب في شرق وجنوب آسيا منذ نحو 1.8 مليون حتى 40.000 عام مضى.[12]
يعتقد الكثيرون أن الأنظمة أو الأديان التي طُورت وانتشرت في شرق آسيا تتضمن الكونفوشية والبوذية والطاوية. كانت الصين تحت حكم سلالة شيا (صحتها التاريخية موضع جدل)، ثم سلالتي شانغ وزو تتبعهما سلالتا كين وهان. خلال حقبة ما قبل التاريخ، كان لهذه المناطق الثلاث أسلوبها الخاص في السياسات الإقليمية والثقافة والتجارة، وكانت نسبيًا أقل تأثرًا بالعالم الخارجي.
يعود تاريخ الحضارة المسجلة إلى عام 2000 ق.م تقريبًا في عهد سلالة شانغ على امتداد وادي النهر الأصفر. توسعت الحضارة إلى مناطق أخرى في شرق آسيا بالتدريج. في كوريا، أصبحت غوجوسون أول دولة منظمة نحو عام 195 ق.م تقريبًا. وظهر أرخبيل اليابان كدولة موحدة بإيجاد أول دستور لها عام 604 م. كان استحداث البوذية وطريق الحرير أدوات فعالة في بناء ثقافة واقتصاد شرق آسيا.
تفاعلت السلالات الحاكمة الصينية مثل سوي وتانغ وسونغ وألهمت شخصيتي اليابان وكوريا المبكرتين. ومع انتهاء الألفية الميلادية الأولى، كانت الصين أكثر الحضارات تقدمًا في شرق آسيا حينها وأنتجت الاختراعات الأربعة العظيمة للصين القديمة. من المرجح أن الناتج القومي الإجمالي للصين كان الأكبر في العالم أيضًا. اتحدت اليابان وكوريا تمامًا كدولتين مركزيتين تحت ظل حكم مملكة غوريو وفترة هيان.
عرقل الظهور المفاجئ لإمبراطورية المغول المرتحلة شرق آسيا، فقد وحّدت معظم آسيا تحت حكم دولة واحدة في ظل قيادة قادة مثل جنكيز خان، سوبوتاي، قوبلاي خان. ضُم كامل الصين وكوريا إلى حكم سلالة يوان المنغولية. حاول المنغوليون احتلال اليابان في حادثة غزو المغول لليابان وفشلوا. كان العهد المنغولي في شرق آسيا قصير العمر نتيجة الكوارث الطبيعية وضعف القدرات الإدارية. عقب انهيار سلالة يوان، اعتنقت سلالات حاكمة جديدة مثل سلالة مينغ الصينية وجوسيون الكورية الكونفوشية الجديدة كعقيدة رسمية للدولة. كانت اليابان حينها واقعة في حرب مقاطعات أهلية عُرفت بفترة سينغوكو واستمرت أكثر من قرن ونصف. ومع دخول القرن السادس عشر سافر التجار الأوروبيون والمبشرون بحرًا إلى شرق آسيا للمرة الأولى. أسس البرتغاليون مستعمرةً في ماكاو، الصين وحاولوا تنصير اليابان. في السنوات الأخيرة من فترة سينغوكو، حاولت اليابان توسيع إمبراطوريتها بغزو كوريا إلا أنها هُزمت عن طريق قوات كوريا والصين المتحدة في نهاية القرن السادس عشر.
منذ القرن السابع عشر فصاعدًا، اختارت الأمم الشرق آسيوية مثل الصين، اليابان، وكوريا سياسة انعزالية في استجابتها للتواصل مع أوروبا. انطوى القرن السابع عشر والثامن عشر على تضخم اقتصادي وثقافي كبيرين. سيطرت سلالة كينغ الصينية على المنطقة مع حفاظ سلالة إيدو اليابانية على استقلالها الكامل. في هذا الوقت قادت تفاعلات محدودة مع التجار والمفكرين الأوروبيين إلى قيام شركة الهند الشرقية التابعة لبريطانيا العظمى وبداية اليابان بالدراسات الغربية. شهد العقد الأول في القرن التاسع عشر سيطرة الإمبريالية الأوروبية المباشرة على المنطقة. لم تستطع سلالة كينغ الصينية الدفاع عن نفسها ضد البعثات الاستعمارية المتعددة من بريطانيا العظمى وروسيا وفرنسا خلال حرب الأفيون. اختارت اليابان في هذه الأثناء طريق التغريب في ظل فترة مييجي وحاولت العصرنة عن طريق اتباع السياسات والنماذج الاقتصادية الأوروبية والغربية. ضُمت الإمبراطورية اليابانية الصاعدة إلى كوريا بالقوة عام 1910. بعد سنوات من الحرب الأهلية والارتكاس، تنحى آخر أباطرة الصين بوئي عام 1912 واضعًا بذلك نهاية لتاريخ الصين الإمبراطوري الذي استمر لأكثر من ألفيّتين من سلالة كين إلى سلالة كينغ.
في غمرة محاولات جمهورية الصين لبناء دولة معاصرة، ضغطت التوسعية اليابانية تجاهها في النصف الأول من القرن العشرين، ووصلت ذروتها في الحرب الوحشية الثانية بين الصين واليابان حيث مات أكثر من عشرين مليون شخص خلال غزو اليابان للصين. أصبحت حروب اليابان في آسيا جزءًا من الحرب العالمية الثانية بعد هجوم اليابان على بيرل هاربر الأميركي. هُزم اليابانيون على يد الحلفاء الذين ساهموا في بناء النظام العالمي الجديد تحت تأثير الأميركيين والسوفيت حول العالم. إثر ذلك، علق شرق آسيا في براثن الحرب الباردة. وقعت جمهورية الصين الشعبية بدايةً تحت حكم الحملة الروسية لكن اليابان رُبطت بثبات بالأمم الأوروبية في ظل الاحتلال الأميركي. عُرف تعافي اليابان بالمعجزة الاقتصادية اليابانية بعد الحرب. قاد التنافس السوفيتي الغربي إلى الحرب الكورية، التي أدت إلى خلق دولتين منفصلتين موجودتين في الوقت الحاضر.
أدخلت نهاية الحرب الباردة ونهضة العولمة كلًا من كوريا الجنوبية وجمهورية الصين الشعبية إلى عالم الاقتصاد. منذ عام 1980، ازدادت الثوابت الاقتصادية والمعيشية في كوريا الجنوبية والصين بشكل أُسّي. في الأزمنة المعاصرة، يُعد شرق آسيا إقليمًا عالميًا محوريًا ذا تأثير كبير على أحداث العالم. عام 2010، كان تعداد سكان شرق آسيا يعادل 24% من تعداد سكان العالم تقريبًا.[13]
مقالات ذات صلة
- تاريخ آسيا
- تاريخ الصين
- تاريخ هونغ كونغ
- تاريخ اليابان
- تاريخ كوريا
- تاريخ منغوليا
- تاريخ جزيرة تايوان
- العلاقات الصينية اليابانية
مراجع
- "East Asian History | History | The University of Chicago". history.uchicago.edu. مؤرشف من الأصل في 24 مايو 201915 أغسطس 2018.
- "East Asian History". Department of History (باللغة الإنجليزية). 2015-09-09. مؤرشف من الأصل في 24 مايو 201915 أغسطس 2018.
- "About Us". as.nyu.edu (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 8 مايو 201915 أغسطس 2018.
- Gilbet Rozman (2004), Northeast Asia's stunted regionalism: bilateral distrust in the shadow of globalization. Cambridge University Press, pp. 3-4.
- Prescott, Anne (2015). East Asia in the World: An Introduction. Routledge. .
- Miller, David Y. (2007). Modern East Asia: An Introductory History. Routledge. صفحة xi. .
- Austin, Gareth (2017). Economic Development and Environmental History in the Anthropocene: Perspectives on Asia and Africa. London: Bloomsbury Publishing. صفحة 272. .
- Walker, Hugh (2012). East Asia: A New History. Bloomington, IN: AuthorHouse. صفحة 47. .
- "A Brief History of East Asian Studies at Yale University | The Council on East Asian Studies at Yale University". ceas.yale.edu (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 7 أبريل 201915 أغسطس 2018.
- Morris-Suzuki, Tessa; Low, Morris; Petrov, Leonid; Tsu, Timothy (2013). East Asia Beyond the History Wars: Confronting the Ghosts of Violence. Oxon: Routledge. صفحة 44. .
- Park, Hye Jeong (2014). "East Asian Odyssey towards One Region: The Problem of East Asia as a Historiographical Category". History Compass (باللغة الإنجليزية). 12 (12): 889–900. doi:10.1111/hic3.12209. ISSN 1478-0542.
- Peking Man - تصفح: نسخة محفوظة 2014-04-19 على موقع واي باك مشين.. The History of Human Evolution. American Museum of Natural History. April 23, 2014.
- "Population of Eastern Asia". www.worldometers.info (باللغة الإنجليزية). Worldometers. 2018. مؤرشف من الأصل في 9 أبريل 201916 أغسطس 2018.