الرئيسيةعريقبحث

تداعيات استفتاء بقاء المملكة المتحدة ضمن الاتحاد الأوروبي 2016


شهدت المملكة المتحدة اضطرابات سياسية واقتصادية عقب إجراء الاستفتاء حول بقائها ضمن الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو 2016، والذي صوتت فيه الأغلبية (51.9%) لصالح خروجها من الاتحاد، بالإضافة إلى تداعيات على بقية دول الاتحاد الأوروبي والعالم ككل. أعلن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، الذي نظّم حملة من أجل بقاء المملكة المتحدة ضمن الاتحاد، استقالته في الرابع والعشرين من يونيو، ما أدى إلى إقامة انتخابات قيادة المحافظين، والتي فازت بها وزيرة الداخلية تيريزا ماي. عقب خسارة زعيم المعارضة جيرمي كوربن اقتراح حجب الثقة في حزب العمل البرلماني، واجه أيضًا منافسة على الزعامة، والتي فاز بها. تنحى نايجل فاراج عن زعامة حزب استقلال المملكة المتحدة المؤيد لانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في يوليو. بعد استقالة زعيم الحزب المُنتخَب، أصبح فاراج زعيمًا مؤقتًا للحزب في 5 أكتوبر إلى أن انتُخب بول نوتال زعيمًا له في 28 نوفمبر.

تباينت أنماط التصويت في الاستفتاء بين المناطق: تركزت أغلبية الأصوات المؤيدة للبقاء في مناطق جبل طارق ولندن الكبرى والعديد من المدن الأخرى واسكتلندا وأيرلندا الشمالية، بينما تركزت أغلبية الأصوات المؤيدة للمغادرة في بقية المناطق كإنجلترا وويلز ومعظم المناطق الاتحادية في أيرلندا الشمالية.[1] أدى ذلك إلى إثارة القلق بين القوميين الاسكتلنديين والأيرلنديين؛ إذ هددت رئيسة وزراء اسكتلندا، نيكولا ستيرجن، بحجب الموافقة التشريعية عن أي تشريع للانسحاب، وطالبت بتصريح رسمي لإجراء استفتاء آخر بشأن استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، بينما طالب نائب رئيس وزراء أيرلندا الشمالية بإجراء استفتاء حول أيرلندا الموحدة. بقيت حالة جبل طارق ولندن موضع تساؤل.

في أواخر يوليو 2016، أُبلغَت اللجنة المُختارة المعنية بالشؤون الخارجية برفض كاميرون السماح للخدمة المدنية بوضع خطط لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو قرار وصفته اللجنة بأنه «تصرف إهمال جسيم».[2]

الآثار الاقتصادية

كانت الحجج الاقتصادية عنصرًا رئيسيًا في مناقشات الاستفتاء. جادل مؤيدو البقاء، بما في ذلك وزارة مالية المملكة المتحدة، أن التجارة ستكون أسوأ في حال الخروج من الاتحاد الأوروبي.[3][4] جادل مؤيدو الانسحاب أن وقف صافي المساهمات في الاتحاد الأوروبي سيسمح ببعض الاقتطاعات على الضرائب أو زيادة الإنفاق الحكومي.[5]

بعد يوم من إجراء الاستفتاء، عقد محافظ بنك إنجلترا، مارك كارني، مؤتمرًا صحفيًا لطمأنة الأسواق،[6] وأصدر سلفًا مالية بقيمة 150 مليار جنيه إسترليني بعد أسبوعين.[7] على الرغم من ذلك، انخفضت أسعار أسهم أكبر خمسة بنوك بريطانية بمعدل 21% في الصباح التالي للاستفتاء.[8] أبدت جميع وكالات تصنيف الجدارة الائتمانية الثلاث الكبرى موقفًا سلبيًا من التصويت في يونيو 2016: خفضت وكالة ستاندرد آند بورز  تصنيف الائتمان البريطاني من إيه إيه إيه إلى إيه إيه، وخفّضت مؤسسة فيتش التصنيف من إيه إيه+ إلى إيه إيه، وخفّضت وكالة موديز للمستثمرين توقعات المملكة المتحدة إلى «سلبية».[9]

عند افتتاح سوق لندن للأوراق المالية يوم الجمعة 24 يونيو، انخفض مؤشر فوتسي 100 من 6338.10 إلى 5806.13 في أول عشر دقائق من التداول. قرب نهاية التداول في 27 يونيو، انخفض مؤشر فوتسي 250  المعني بالصعيد المحلي بنسبة 14% تقريبًا مقارنة باليوم السابق لنشر نتائج الاستفتاء.[10] رغم ذلك، وبحلول الأول يوليو، ارتفع مؤشر فوتسي 100 إلى مستويات أعلى مما كان عليه قبل الاستفتاء، ليبلغ أعلى مستوى له منذ عشرة أشهر، وكان ذلك أكبر ارتفاع في المؤشر للأسبوع الواحد منذ عام 2011.[11] في 11 يوليو، دخل المؤشر رسميًا في دائرة سوق الثور، بعد أن ارتفع بنسبة أكثر من 20% من أدنى مستوى له في فبراير.[12] ارتفع مؤشر فوتسي  250 إلى أعلى من مستوى ما قبل الاستفتاء في 27 يوليو.[13] في الولايات المتحدة، بلغ مؤشر إس و بي 500، وهو سوق أوسع من مؤشر داو جونز، أعلى مستوى له في 11 يوليو.[14]

في صباح يوم 24 يونيو، هبط الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار الأميركي منذ عام 1985.[15] بلغ معدل الهبوط على مدار اليوم 8%، وهو أكبر هبوط ليوم واحد في الجنيه الإسترليني منذ تقديم أسعار الصرف المعومة في أعقاب انهيار نظام بريتون وودز في عام 1971.[16] بقيت قيمة الجنيه الإسترليني منخفضة، وأصبح في 8 يوليو من أسوأ العملات الرئيسية أداءً في السنة،[17] على الرغم من عودة مؤشر الجنيه الإسترليني التجاري المثقل فقط إلى مستويات شوهدت في الفترة 2008-2013.[18][19][20] كان من المتوقع أن يحقق الجنيه الإسترليني الأضعف فائدة لشركات الفضاء والدفاع، وشركات الأدوية، وشركات الخدمات المهنية؛ إذ تعززت أسعار أسهم هذه الشركات بعد استفتاء الاتحاد الأوروبي.[21]

بعد الاستفتاء، نشر معهد الدراسات المالية تقريرًا ممولًا من مجلس الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية حذر فيه من أن بريطانيا ستخسر ما يصل إلى 70 مليار جنيه إسترليني في ظل انخفاض النمو الاقتصادي في حال عدم احتفاظها بعضوية السوق الموحدة مع عدم إمكانية الصفقات التجارية الجديدة على تعويض الفارق.[22] تُعد الخدمات المالية أحد هذه المجالات والتي تتلقى العون من خلال «جواز مرور» المنتجات المالية عبر نطاق الاتحاد الأوروبي، والتي تشير تقديرات صحيفة فاينانشال تايمز بشكل غير مباشر إلى أنها قد تبلغ 71000 وظيفة و10 مليار جنيه إسترليني من الضرائب السنوية[23]  وهناك مخاوف بشأن انتقال البنوك خارج المملكة المتحدة.[24]

في 5 يناير 2017، اعترف آندي هالدين، كبير خبراء الاقتصاد والمدير التنفيذي للتحليل النقدي والإحصاء في بنك إنجلترا، بأن التوقعات التي تشير إلى حدوث تدهور اقتصادي نتيجة الاستفتاء كانت غير دقيقة ولاحظ أن أداء السوق كان قويًا بعد الاستفتاء،[25][26][27] وعلى الرغم من ذلك، أشار البعض إلى ارتفاع الأسعار بسرعة أكبر من ارتفاع الأجور.[28]

الاقتصاد والأعمال التجارية

في السابع والعشرين من يونيو، حاول وزير المالية، جورج أوسبورن، طمأنة الأسواق المالية بأن اقتصاد المملكة المتحدة لم يكن في ورطة خطيرة. حدث ذلك بعد أن أفادت تقارير إعلامية بأن استطلاعًا أجراه معهد المديرين أشار إلى أن ثلثي الشركات التجارية ترى أن نتيجة الاستفتاء ستسفر عن نتائج سلبية وانخفاض قيمة الجنيه الإسترليني ومؤشر فوتسي 100. تنبأت بعض الشركات البريطانية بأن خفض الاستثمار، وتجميد التوظيف، وحالات الفصل ستكون إجراءات ضرورية للتصدي لنتائج الاستفتاء.[29] أشار أوسبورن إلى أن بريطانيا تواجه المستقبل «في موضع قوة» وأنه لا يوجد حاجة إلى ميزانية طارئة في الوقت الراهن.[30] قال أوسبورن: «لا ينبغي لأحد أن يشكك بتصميمنا على الحفاظ على الاستقرار المالي الذي قدمناه لهذا البلد ... وأود إخبار الشركات الكبيرة والصغير أن الاقتصاد البريطاني قوي أساسًا، وتنافسي بدرجة عالية، ونحن منفتحون على الأعمال التجارية».[31]

في 14 يوليو، صرّح فيليب هاموند، خليفة أوسبورن في منصب المستشار، لبي بي سي نيوز أن نتيجة الاستفتاء تسببت بارتياب لدى الشركات، وأنه من المهم بث «إشارات الطمأنينة» لتشجيع الاستثمار والصرف. أكد أيضًا على عدم الحاجة لميزانية طارئة: «سنرغب بالعمل على نحو وثيق مع محافظ بنك إنجلترا وآخرين خلال الصيف للإعداد لبيان الخريف، إذ سنشير إلى الخطط الاقتصادية ونحددها للمضي قدمًا في ظل الظروف المختلفة التي نواجهها الآن، ثم ستُنفذ هذه الخطط ضمن ميزانية الربيع بالطريقة المعتادة».[32]

المراجع

  1. "The Brexit vote reveals a country split down the middle", ذي إيكونوميست, 24 June 2016, مؤرشف من الأصل في 17 أبريل 2019,04 يوليو 2016
  2. Wintour, Patrick (20 July 2016). "Cameron accused of 'gross negligence' over Brexit contingency plans". The Guardian. مؤرشف من الأصل في 10 يناير 202021 يوليو 2016.
  3. "HM Treasury analysis: the long-term economic impact of EU membership and the alternatives". Government of the United Kingdom. مؤرشف من الأصل في 23 مايو 202008 يونيو 2016.
  4. "Brexit and the UK's Public Finances" ( كتاب إلكتروني PDF ). Institute for Fiscal Studies (IFS Report 116). May 2016. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 28 فبراير 202018 يونيو 2016.
  5. The end of British austerity starts with Brexit J. Redwood, The Guardian, 14 April 2016 نسخة محفوظة 2020-05-11 على موقع واي باك مشين.
  6. Sparrow, Andrew; Weaver, Matthew; Oltermann, Philip; Vaughan, Adam; Asthana, Anushka; Tran, Mark; Elgot, Jessica; Watt, Holly; Rankin, Jennifer; McDonald, Henry; Kennedy, Maev; Perraudin, Frances; Neslen, Arthur; O'Carroll, Lisa; Khomami, Nadia; Morris, Steven; Duncan, Pamela; Allen, Katie; Carrell, Severin; Mason, Rowena; Bengtsson, Helena; Barr, Caelainn; Goodley, Simon; Brooks, Libby; Wearden, Graeme; Quinn, Ben; Ramesh, Randeep; Fletcher, Nick; Treanor, Jill; McCurry, Justin; Adams, Richard; Halliday, Josh; Pegg, David; Phipps, Claire; Mattinson, Deborah; Walker, Peter (24 June 2016). "Brexit: Nicola Sturgeon says second Scottish referendum 'highly likely". مؤرشف من الأصل في 24 ديسمبر 2019.
  7. Jill Trainor (5 July 2016). "Bank of England releases £150bn of lending and warns on financial stability". The Guardian. مؤرشف من الأصل في 16 مايو 202005 يوليو 2016.
  8. "Britain's financial sector reels after Brexit bombshell". 24 June 2016. مؤرشف من الأصل في 06 سبتمبر 2019 – عبر Reuters.
  9. "Ratings agencies downgrade UK credit rating after Brexit vote". BBC News. 27 June 2016. مؤرشف من الأصل في 17 أبريل 201905 يوليو 2016.
  10. Buttonwood (27 June 2016). "Markets after the referendum – Britain faces Project Reality". The Economist. The Economist Newspaper Limited. مؤرشف من الأصل في 22 أبريل 201827 يونيو 2016.
  11. "Post-Brexit rebound sees FTSE setting biggest weekly rise since 2011". London, UK. Reuters. 1 July 2016. مؤرشف من الأصل في 16 مايو 201703 يوليو 2016.
  12. "FTSE 100 rises to 11-month high". 11 July 2016. مؤرشف من الأصل في 20 أكتوبر 2019.
  13. "FTSE 100 hits one-year high and FTSE 250 erases post-Brexit losses as UK economy grows by 0.6pc". The Daily Telegraph. 27 July 2016. مؤرشف من الأصل في 15 فبراير 202027 يوليو 2016.
  14. "S&P 500 hits record high for first time since '15". Financial Times. 11 July 2016. مؤرشف من الأصل في 30 مايو 202012 يوليو 2016.
  15. "Brexit after EU referendum: UK to leave EU and David Cameron quits". مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  16. McGeever, Jamie (7 July 2016). "Sterling's post-Brexit fall is biggest loss in a hard currency". مؤرشف من الأصل في 11 يوليو 201909 أكتوبر 2017.
  17. Duarte De Aragao, Marianna (8 July 2016). "Pound Overtakes Argentine Peso to Become 2016's Worst Performer". Bloomberg News. Bloomberg. مؤرشف من الأصل في 14 سبتمبر 201908 يوليو 2016.
  18. Sheffield, Hazel (8 July 2016). "Pound sterling beats Argentine peso to become 2016's worst performing currency". The Independent. Independent Print Limited. مؤرشف من الأصل في 29 ديسمبر 201913 يوليو 2016.
  19. "Post-Brexit pound now worst-performing major currency… falling behind Argentine peso". RT UK. RT. 8 July 2016. مؤرشف من الأصل في 17 أبريل 201913 يوليو 2016.
  20. Osborne, Alistair (9 July 2016). "Own goal is gift to Argentina". The Times. Times Group Newspapers. مؤرشف من الأصل في 17 أبريل 201913 يوليو 2016.
  21. Brexit: Here are the three major winners from a weak pound right now E. Shing, International Business Times, 6 July 2016 نسخة محفوظة 2019-04-17 على موقع واي باك مشين.
  22. Steven Swinford (10 August 2016). "Britain could be up to £70billion worse off if it leaves the Single Market after Brexit, IFS warns". مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 201911 أغسطس 2016.
  23. "Claim 'hard Brexit' could cost UK£10bn in tax". Financial Times. 4 October 2016. مؤرشف من الأصل في 19 أغسطس 201304 أكتوبر 2016.
  24. "Banks poised to relocate out of UK over Brexit, BBA warns". BBC News. 23 October 2016. مؤرشف من الأصل في 20 أكتوبر 201924 فبراير 2017.
  25. Inman, Phillip (5 January 2017). "Chief Economist of Bank of England Admits Errors in Brexit Forecasting". الغارديان. مؤرشف من الأصل في 24 ديسمبر 201918 يناير 2017.
  26. Swinford, Steven (6 January 2017). "Bank of England Admits 'Michael Fish' Moment with Dire Brexit Predictions". ديلي تلغراف. مؤرشف من الأصل في 05 أبريل 202018 يناير 2017.
  27. "Bank of England Economist: Brexit Predictions Were Wrong". فوكس نيوز (from the أسوشيتد برس). 6 January 2017. مؤرشف من الأصل في 18 يوليو 201818 يناير 2017.
  28. 'The Brexit vote is starting to have major negative consequences' – experts debate the data الغارديان نسخة محفوظة 2019-04-17 على موقع واي باك مشين.
  29. Wood, Zoe (26 June 2016). "Firms plan to quit UK as City braces for more post-Brexit losses". The Guardian. London, UK. مؤرشف من الأصل في 06 سبتمبر 201927 يونيو 2016.
  30. "Osborne: UK economy in a position of strength". BBC News – Business. BBC. 27 June 2016. مؤرشف من الأصل في 11 يونيو 201927 يونيو 2016. George Osborne has said the UK is ready to face the future "from a position of strength" and indicated there will be no immediate emergency Budget.
  31. Dewan, Angela; McKirdy, Euan (27 June 2016). "Brexit: UK government shifts to damage control". CNN. مؤرشف من الأصل في 17 أبريل 201927 يونيو 2016. Not since World War II has Britain faced such an uncertain future.
  32. "Philip Hammond: Financial markets 'rattled' by Leave vote". BBC News. 14 July 2016. مؤرشف من الأصل في 19 أبريل 201915 يوليو 2016.

موسوعات ذات صلة :