الرئيسيةعريقبحث

ترحيل الصينيين من الاتحاد السوفيتي


☰ جدول المحتويات


خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، خضع السكّان المنتمون إلى العرق الصيني في الشرق الأقصى الروسي، للهجرة القسرية والقمع السياسي من قبل الحزب الشيوعي السوفيتي. ضم هؤلاء الصينيون مواطني جمهورية الصين والمواطنين السوفييت الذين عُرفوا بانتمائهم إلى العرق الصيني.

بحلول الأربعينيات من القرن العشرين، انقرض الصينيون تقريبًا في الشرق الأقصى الروسي، على الرغم من وجود أكثر من 200ألف صيني قبل ثورة أكتوبر عام 1921. ما زال التاريخ المفصّل لكيفية تمييز الصينيين وتهجيرهم بحاجة إلى كشف من السجلات السوفيتية. في الوقت الذي أُجبَر فيه الآسيويون الشرقيون المحليون على المغادرة، أُجبَر الأوروبيون أيضًا على الهجرة إلى الشرق الأقصى من أوروبا وسيبيريا، ليصبحوا في النهاية مهيمنين على السكان المحليين.[1][2][3]

بلغ عدد ضحايا القمع ما لا يقل عن 27,558 شخص من العرق الصيني، وكان معظمهم من مواطني جمهورية الصين. بحلول عام 1937، بقي 26,706 مواطن في الاتحاد السوفيتي من أصل صيني في الشرق الأقصى الروسي. من بين جميع الضحايا الصينيين، أُطلق سراح 3764 من قبل الحكومة السوفيتية، وأُعدِم 3922، وأُجبَر 17,175 على الهجرة، وسُجِنَ الباقي في أماكن مختلفة بما في ذلك الغولاغ.[4][5][6][7][8][9]

في 30أكتوبر 2012، أُنشئ نصبان تذكاريّان لضحايا التطهير العرقي في الشرق الأقصى في موسكو وبلاغوفيشتشينسك. في 30 أبريل، قرّر«لاست أدريس» إنشاء لوحة منقوشة لذكرى فان سي سيان، أحد ضحايا التطهير العرقي الذي تعرّض له الصينيون، ووُضَع في مكتب موسكو للجنة الدولية للصليب الأحمر.[10][11]

خلفية تاريخية

القمع ضد الصينيين خلال الحرب الأهلية الروسية

بدأ التمييز العنصري والقمع ضد الصينيين في الشرق الأقصى الروسي، في وقت مبكر قبل التطهير العظيم. عندما أشعلت ثورة أكتوبر نيران الحرب الأهلية الروسية، تعرّض الصينيون للتمييز والقمع من جانب أطراف متعددة في الحرب. ووفقًا للوثائق الدبلوماسية الصينية، تُركَت جثث الصينيين على قارعة الطريق حيث مرّ الجيش الأبيض، وأصيب بعضهم بالمدافع، بينما تجمّد آخرون حتى الموت، بعد سرقة ملابسهم. وقيل أيضًا إن الجيش الأحمر لم يتمتّع بالانضباط، إذ اغتصب أفراده بعض المواطنين الصينيين وعذّبوهم، وأشعلوا النار في المنازل والبضائع الصينية. اعتبر الراديكاليون في الجيش أي شخص لا يتحدّث اللغة الروسية جاسوسًا، تُسرَق ممتلكاته ويُقتَل. علاوة على ذلك، فتّش جيش الحلفاء ممتلكات العمال الصينيين بشكل عشوائي، وإذا وجدوا أي شيء رأوه موضع شكّ، اعتبروا العامل شيوعيًا، ليُقتَل بعدها دون استجواب. يمثّل رجال الأعمال الصينيون من شنغهاي في شاندونغ مثالًا واضحًا على هذه التصرّفات، إذ تعرضوا للسرقة والإهانة في روسيا. دفع كل ذلك العديد من الصينيين إلى العودة إلى الصين، أو بلد آخر غير روسيا.[12][13]

النزعة العنصريّة في ظل السياسة الاقتصادية الحديثة

بدأ الحزب الشيوعي السوفيتي في تنفيذ ما أطلق عليه «السياسة الاقتصادية الجديدة» بعد الحرب الأهلية، والتي سرعان ما جذبت المهاجرين الصينيين إلى الشرق الأقصى الروسي، حيث كانت القوى العاملة غير موجودة. على الرغم من أن الحكومة السوفيتية هجّرت 66,202 من أوروبا إلى المنطقة، إلا أن ارتفاع عدد الصينيين كان له تأثير هائل على الاقتصاد المحلي. بحلول أواخر العشرينيات من القرن الماضي، سيطر الصينيون على أكثر من نصف أماكن التبادل التجاريّ وحصة التجارة في الشرق الأقصى. 48.5% من تجارة البقالة، و22% من المواد الغذائية والمشروبات والتبغ بيعَت من قبل الصينيين، وأدار الصينيون 10.2% من المطاعم.

تصاعد التوتر مع قيام بعض رجال الأعمال الصينيين ببيع سلع مزيفة وذات جودة منخفضة، فنشأت صورة نمطية عن الصينيين بأنّهم مخادعون ولصوص. في الأول من يونيو عام 1930، اندلع صراع مسلح ضيّق النطاق في لينينسكي في فلاديفوستوك، بدأ بعراك بين العمال الروس ومديريهم الصينيين، ما أسفر عن إصابة 27 منهم، وتسبّب في إعاقة دائمة لثلاثة أشخاص. نتج عن هذا القتال مزيد من النزاعات العرقية. نظر الروس في المنطقة إلى معظم القادمين الجدد من الصين غير الناطقين باللغة الروسية، على أنّهم بخلاء، وحريصون على النقود، وغشّاشون ومخادعون. بينما اعتبر الصينيون الروس مدمنين على العنف والوحشية، ويهدّدون على الدوام باستخدام القوّة، وغير منطقيين، ومغفّلين.[14][15][16][17]

إجراءات الحكومة السوفيتية تجاه الصينيين

أثار انغلاق المجتمع الصيني كراهية واشمئزاز الحكومة السوفيتية، والسكّان المحليين. سكن الصينيون بكثافة كبيرة في منطقة مليونكا في فلاديفوستوك، لم توجد سيطرة حكومية على المنطقة باستثناء الضرائب. نظّم الصينيون أنفسهم تلقائيًا وفقًا لأصولهم في الصين، وعصاباتهم، ومجموعاتهم الدينية التي كانت مستقلة عن المجتمع السوفيتي، ما اعتبرته الحكومة السوفيتية تهديدًا محتملًا، إذ يمكن ببساطة تغطية الجواسيس في هكذا مجتمعات.[18]

منذ أواخر عشرينيات القرن العشرين، سيطر الاتحاد السوفيتي بصرامة على طول الحدود الصينية السوفيتية من خلال الإجراءات التالية: فحص أمني أكثر صرامة للدخول إلى الاتحاد، وفرض الضرائب على المتع الصادرة. فُرَض على الصينيين دفع رسم إضافي قدره 14 روبل عندما يغادرون الاتحاد السوفيتي، ويفتّشون وهم عراة. قُيّدَت حوالات الصينيين المالية. فُرضَت ضرائب إضافية على الصينيين وممتلكاتهم، بما في ذلك ترخيص الأعمال، والدخل، والأرباح، والديون الخاصة، والمدرسة و...، وأُجبَر الصينيون على الانضمام إلى نقابة العمال المحلية عندما يبدؤون بالعمل.[19]

المراجع

  1. Jersild, Austin (2019-10-22). "Chinese in Peril in Russia: The "Millionka" in Vladivostok, 1930-1936". Wilson Center (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 201908 ديسمبر 2019.
  2. 刘涛,卜君哲 (2010). "俄罗斯远东开发与华人华侨(1860-1941)". 延边大学学报: 社会科学版 (باللغة الصينية). مؤرشف من الأصل في 31 ديسمبر 2019.
  3. 安妮·阿普尔鲍姆作,戴大洪译 (2013). 古拉格:一部历史 (باللغة الصينية). 北京: 新星出版社. صفحة 134.
  4. Бугай Н.Ф. (2018). И. Сталин - Мао Цзэдун: судьбы китайцев в СССР – России (باللغة الروسية). Москва: Филин.  . مؤرشف من الأصل في 31 ديسمبر 2019.
  5. Жиромская Б. В. ,Поляков Ю. А. (1996). "Всесоюзная перепись населения 1937 года" ( كتاب إلكتروني PDF ) (باللغة الروسية). НАУКА. مؤرشف ( كتاب إلكتروني PDF ) من الأصل في 24 أكتوبر 2018.
  6. Чернолуцкая Е. Н. (2014). "Принудительные миграции на советском Дальнем Востоке в 1920-1950-е гг". Специальность ВАК РФ (باللغة الروسية) (7): 262. مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2019.
  7. 尹广明 (2016). "苏联处置远东华人问题的历史考察(1937—1938)". 近代史研究 (باللغة الصينية) (2): 41. مؤرشف من الأصل في 31 ديسمبر 2019.
  8. "Списки жертв" (باللغة الروسية). مؤرشف من الأصل في 30 ديسمبر 201930 نوفمبر 2019.
  9. Бугай Н. Ф. (2015). "Политические репрессии в СССР граждан Монголии и Китая на территории БМ АССР". Научные журналы БГУ (باللغة الروسية) (1): 72–77.
  10. "Грохольский переулок, 13, строение 1" (باللغة الروسية). Последний адрес. 30 April 2017. مؤرشف من الأصل في 30 أكتوبر 2019.
  11. 白桦 (30 October 2012). "黑龙江岸揭幕纪念碑 苏共政治迫害对华人不手软" (باللغة الصينية). 美国之音. مؤرشف من الأصل في 07 ديسمبر 2019.
  12. 谢清明 (2014). "十月革命前后的旅俄华工及苏俄相关政策研究". 江汉学术 (باللغة الصينية) (2). مؤرشف من الأصل في 6 ديسمبر 2019.
  13. "报载苏俄虐待华侨乞饬严重交涉由" (باللغة الصينية). 山东昌邑县商会. March 1923. مؤرشف من الأصل في 07 ديسمبر 2019.
  14. 谢清明 (2015). "抗战初期的苏联远东华侨问题(1937-1938)". 西伯利亚研究 (باللغة الصينية) (1). مؤرشف من الأصل في 7 ديسمبر 2019.
  15. K·A·特卡乔娃,林凤江 (1995). "俄罗斯远东移民史初探". 西伯利亚研究 (باللغة الصينية) (1). مؤرشف من الأصل في 7 ديسمبر 2019.
  16. Залесская О. В. (2009). "Китайские мигранты на Дальнем Востоке России : 1858-1938 гг". Археологии и этнографии народов Дальнего Востока ДВО РАН (باللغة الروسية). Благовещенск (1). مؤرشف من الأصل في 7 ديسمبر 2019.
  17. Шишлянников Р. Рясенцев А. Мевзос Г. (1929). Дальневосточный край в цифрах (باللغة الروسية). Хабаровский край: страницы истории. صفحة 196. مؤرشف من الأصل في 7 ديسمبر 2019.
  18. Ларин А.Г. (2009). Китайские мигранты в России. История и современность (باللغة الروسية). Восточная книга. صفحة 124. مؤرشف من الأصل في 16 سبتمبر 2018.
  19. 卜君哲 (2003). "近代俄罗斯西伯利亚及远东地区华侨华人社会研究(1860—1931年)" ( كتاب إلكتروني PDF ). 延边大学学报(社会科学版) (باللغة الصينية). مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 7 ديسمبر 2019.


موسوعات ذات صلة :