التطور المرافق أو التطور المشترك في علم الأحياء هو "تغير الكائن الحيوي المُحدث بفعل تغير الكائن المرتبط به".[1] يمكن أن يحدث التطور المشترك في مستويات بيولوجية عديدة، إذ يمكن أن يحدث على مستوى مجهري، مثل الطفرات التي تحدث في الأحماض الأمينية في البروتين، أو المستوى العيني، مثل تباين الأنواع المختلفة من حيث السمات ببيئة معينة. في علاقة تقوم على التطور المرافق، يمارس كل طرف الضغوط الإنتقائية على الآخر، وبالتالي يؤثر ذلك في تطور كل منهما. التطور المرافق لأنواع مختلفة يشمل تطور الأنواع المضيفة والطفيليات (تطور المضيف-الطفيلي ). ويشمل أيضًا الأمثلة على تطور التنافع على مر الزمن. التطور الذي يحدث استجابةً لعوامل غير حيوية، مثل تغير المناخ، لا يعتبر تطورًا مرافقًا (حيث أن المناخ ليس حيًا ولا يخضع للتطور البيولوجي). وهناك تطور مشترك يحدث بين أزواج من الكينونات (غالبًا يشار إليه بتطور زوجي)، مثل الذي يحدث بين المفترس والفريسة، المضيف والمعايش، أو المضيف والطفيلي. ولكن الكثير من الحالات تكون أقل وضوحًا: فبعض الأنواع قد تتطور استجابةً لعدد من الأنواع الأخرى، ويتطور كل منهما أيضًا بالاستجابة لمجموعة من الأنواع. ويشار إلى هذه الحالة "بالتطور المنتشر".
بما أنَّ العوامل اللاحيوية، مثل الانقراض الجماعي والتوسع فيٍ الفراغات الخلوية، هي التي توجه التغيرات في توافر المجموعات الرئيسية، فإن هناك القليل من الأدلة التي تدعم التطور المشترك المحرك للتغيرات واسعة النطاق في تاريخ الأرض.[2] إلا أنَّ هناك أدلة على التطور المشترك على مستوى التجمعات والأنواع. على سبيل المثال، قام تشارلز داروين بوصف مفهوم التطور المشترك بإيجاز في أصل الأنواع، وطوره بالتفصيل في تلقيح السحالب .[3][4][5] ومن المرجح أن الفيروسات ومضيفيها كانوا قد تتطوروا بشكل مشترك في عدة سيناريوهات.[6]
التطور المشترك هو بالأساس مفهوم أحيائي، ولكن تم تطبيقه عن طريق القياس في مجالات أخرى مثل علم الحاسوب، علم الاجتماع، اقتصاد سياسي دولي،[7] وعلم الفلك.
أمثلة
أحد الأمثلة على التطور المشترك هو فرضية الملكة الحمراء التي وضعها لي فان فيلن ، وهي تنص على أنَّ: "النمو المستمر ضروري من أجل أي نظام تطوري للحفاظ على صلاحيته بالنسبة للأنظمة الأخرى التي يتطور بشكل مشترك معها".[8]
أمثلة محددة
طيور الطنان وزهور الاورنثوفيليس
الطنان وزهرة الأورنثوفيليس (زهور تُلقح بواسطة الطيور) طورا علاقة تنافعية. فإنَّ رحيق هذه الزهور يلائم غذاء الطيور، ولونها يتناسب مع قدرة الرؤية لدى الطيور، وشكلها يتناسب مع مناقير الطيور. وقد لوحظ أيضا أن موسم إزهارها يتزامن مع موسم التزواج عند الطيور.
وقد تطورت الزهور تقاربيًا حتى تستفيد من الطيور المشابهة.[9] فالزهور تتنافس من أجل الملقحين، وعملية التكيف تزيل بعض الآثار غير المرغوبة الناتجة عن هذا التنافس.[9] الزهور التي تلقح بواسطة الطيور عادةً ما تكون كمية رحيقها أكبر ونسبة إنتاجها للسكر أعلى من الزهور التي تلقح بواسطة الحشرات.[10] وهذا يتناسب مع متطلبات الطيور للطاقة الكبيرة، التي تعتبر من أهم العوامل التي يتم على أساسها اختيار الزهرة.[10] هناك عدة أنواع مختلفة من الطيور الطنانة تظهر في نفس المناطق بأمريكا الشمالية تبعًا لمواسم تكاثرها، وبنفس الأوقات تزهر عدة أنواع من الزهور بنفس المواطن. يبدو أنَّ هذه الزهور قد تقاربت من شكل وألوان مشتركة. الإختلاف في أطوال أنابيب تويج الزهرة وانحناءاتهم يؤثر في قدرة طيور الطنان على استخلاص الرحيق من حيث أشكال مناقيرهم. الزهور الأنبوبية تضطر الطيور إلى توجيه مناقيرها بطريقة معينة عند بحثه عن الرحيق في الزهرة، خاصة عندما يكون كلا المنقار والتويج منحنيان، فإنًّ هذا يسمح للزهرة بأن تضع حبوب اللقاح في موضع معين على جسد الطائر.[10] وهذا الأمر يتيح لحصول العديد من التكيفيات المشتركة الشكلية.
إنَّ البروز هو أحد أهم المتطلبات لجذب الطائر، الأمر الذي يعكس خواص الرؤية الطيرية ومميزات مواطنهم. فالطيور لديها حساسية طيفية عالية وأجود درجة تمييز بين الصبغات في الطرف الأحمر للطيف المرئي. لذا فاللون الأحمر يكون بارزًا جدًا بالنسبة لها. وقد ترى طيور الطنان أيضا الألوان فوق البنفسجية. إنَّ تواجد أشكال بألوان فوق بنفسجية بالإضافة إلى دلائل الرحيق في الأزهار حشرية التلقيح الفقيرة بالرحيق يدل الطيور على تجنب هذه الأزهار.
الطنان هو من فصيلة ال-trochilidae، والتي تتفرع منها فُصيلتان: phaethornithinae و trochilinae. وكل فُصيلة تطورت بتزامن مع مجموعة معينة من الزهور.
مقالات ذات صلة
مراجع
- Yip; Patel, P; Kim, PM; Engelman, DM; McDermott, D; Gerstein, M; et al. (2008). "An integrated system for studying residue coevolution in proteins". Bioinformatics. 24 (2): 290–292. doi:10.1093/bioinformatics/btm584. PMID 18056067. مؤرشف من الأصل في 15 يوليو 2010.
- Sahney, S., Benton, M.J. and Ferry, P.A. (2010). "Links between global taxonomic diversity, ecological diversity and the expansion of vertebrates on land". Biology Letters. 6 (4): 544–547. doi:10.1098/rsbl.2009.1024. PMC . PMID 20106856. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 13 ديسمبر 2019.
- Thompson, John N. (1994). "creation+by+law"+Angræcum&hl=en The coevolutionary process. Chicago: دار نشر جامعة شيكاغو. . مؤرشف من الأصل في 22 أبريل 202027 يوليو 2009.
- Darwin, Charles (1859). On the Origin of Species (الطبعة 1st). London: John Murray. مؤرشف من الأصل في 18 يوليو 201907 فبراير 2009.
- Darwin, Charles (1877). On the various contrivances by which British and foreign orchids are fertilised by insects, and on the good effects of intercrossing (الطبعة 2nd). London: John Murray. مؤرشف من الأصل في 26 يونيو 201927 يوليو 2009.
- C.Michael Hogan. 2010. Virus. Encyclopedia of Earth. Editors: Cutler Cleveland and Sidney Draggan Virus. نسخة محفوظة 26 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- Jessop, Bob., 2004, 'Critical Semiotic Analysis and Critical Political Economy', in Critical Discourse Studies 1 (1):1-16.
- Van Valen L. (1973): "A New Evolutionary Law", Evolutionary Theory 1, p. 1-30. Cited in: The Red Queen Principle - تصفح: نسخة محفوظة 12 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
- Brown James H., Kodric-Brown Astrid (1979). "Convergence, Competition, and Mimicry in a Temperate Community of Hummingbird-Pollinated Flowers". Ecology. 60 (5): 1022–1035. doi:10.2307/1936870. مؤرشف من الأصل في 11 مايو 2020.
- Stiles, F. Gary (1981). "Geographical Aspects of Bird Flower Coevolution, with Particular Reference to Central America". Annals of the Missouri Botanical Garden. 68 (2): 323–351. doi:10.2307/2398801. مؤرشف من الأصل في 26 يناير 2020.