يعبر تناظر الحدث في الفيزياء عن مبادئ ثابتة تستخدم في طرق دراسية مستقلة للجاذبية الكمومية، إذ يمكن توسيع مبدأ التغير العام في النسبية العامة إلى تغاير يشمل جميع تباديل الأحداث في الزمكان.[1]
مبدأ تناظر الحدث
ماذا يعني
منذ اكتشاف نظرية النسبية العامة من قبل الفيزيائي ألبرت أينشتاين عام 1915، ثَبُت بالبرهان والتجربة كونها نظرية دقيقة في ما يتعلق بالمقاييس الكونية. بينما على النطاق الصغير، وُجد أن قوانين الميكانيك الكمومي تشرح الطبيعة بطريقة ثابتة مع كل تجربة أجريت حتى الآن. لوصف قوانين الكون بشكل شامل علينا إيجاد تركيب يجمع بين النسبية العامة والميكانيك الكمومي. فقط حينها يمكن لعلماء الفيزياء فهم العوالم التي تلتقي فيها النسبية العامة والميكانيك الكمومي سويًا. يعد الانفجار العظيم واحدًا من تلك الأمكنة.
تعد مهمة إيجاد نظرية الجاذبية الكمّية واحدة من أكبر المساعي العلمية في عصرنا. يعتقد العديد من العلماء بكون نظرية الأوتار هي المرشح الأول، ولكن حتى الآن فشلت نظرية الأوتار بتقديم وصف وافٍ للانفجار العظيم، ونجاحها غير مكتمل في مناحٍ أخرى. قد يكون ذلك بسبب عدم معرفة العلماء بالمبادئ الأساسية الصحيحة لنظرية الأوتار، لذا فهم لا يملكون الصيغة الصحيحة التي تسمح لهم بالإجابة عن الأسئلة الهامة. على وجه الخصوص، تتعامل نظرية الأوتار مع الزمكان بطريقة قديمة نوعًا ما ولو أنها تشير إلى أنه يجب للزمكان أن يختلف في المقاييس الصغيرة عما نحن معتادون عليه.
النسبية العامة على النقيض من ذلك، هي نظرية نموذجية مبنية على مبدأ التناظر الهندسي الذي يمكن اشتقاق قوانينه الحركية بسهولة. يدعى التناظر بـ«مبدأ التغير العام»، والذي ينص على أن المعادلات الحركية لمجال الجاذبية وأي مادة، يجب ألا تتغير في صيغتها تحت أي تحوّل بسيط في إحداثيات الزمكان. لفهم ما يعنيه ذلك، عليك التفكير بمنطقة من الزمكان كمجموعة من الأحداث، وكل حدث مرقّم بأربع قيم إحداثية فريدة (x وy وz وt) تخبرنا القيم الثلاثة الأولى عن موقع الحدث، بينما تدل القيمة الرابعة على الزمن، وتخبرنا متى وقع الحدث. ولكن خيار الإحداثيات المستخدمة اعتباطي، لذلك لا يجب أن تعتمد قوانين الفيزياء على ماهية الخيار. يتبع ذلك أن استخدام أي دالة رياضية لربط نظام إحداثي بآخر، على معادلات الحركة عندها أن تتحول بشكل تظهر فيه بنفس الشكل الذي كانت عليه في السابق. يقيد هذا المبدأ التناظري نطاق المعدلات التي يمكن استخلاصها من أجل الوصول إلى قوانين فريدة للجاذبية.
يعمل مبدأ الثبات العام على افتراض أن الزمكان سلس ومستمر. ولو أن هذا يتلاءم مع تجربتنا العادية، يوجد هناك أسباب تجعلنا نشك بعدم افتراض وجود الجاذبية الكمومية. في نظرية الحقل الكمي، تستبدل الحقول المستمرة ببنية أكثر تعقيدًا ذات طبيعة تتبع لثنائية موجة-جسيم كما لو كان بالإمكان أن يكونا مستمرين ومنفصلين معًا تبعًا لكيفية قياسك لهما. يقترح بحث في نظرية الأوتار وعدة مقاربات في الجاذبية الكمية بامتلاك الزمكان أيضًا لطبيعة مزدوجة مستمرة ومنفصلة، ولكن بدون وجود طاقة لسبر الزمكان ودراسته، من الصعب قياس خواص بشكل مباشر لمعرفة كيف يمكن أن يعمل الزمكان الكمي.
هنا يأتي دور تناظر الحدث. في زمكان منفصل يُعامل على كونه مجموعة من الأحداث المضطربة، من الطبيعي التوسع في تناظر مبدأ التغير العام إلى تناظر حدث منفصل بطريقة تجعل أي دالة تربط مجموعة من الأحداث ببعضها تحل محل الدوال المستخدمة في النسبية العامة. تدعى هذه الدالة بـ«التبديل»، لذا ينص مبدأ تناظر الحدث على أن المعادلات التي تحكم قوانين الفيزياء لا يجب أن تتحول تحت أي تبديل تقوم فيه أحداث الزمكان.
كيف يعمل
ليس من الواضح مباشرة كيف يمكن أن يعمل تناظر الحدث. يبدو أن القول إن أخذ جزء من الزمكان وتبديله بجزء آخر على مسافة بعيدة جدًا هي عملية فيزيائية صالحة. وأن على قوانين الفيزياء أن تُكتب لتدعم هذا القول. من الواضح أن هذا التناظر لا يمكن أن يكون صحيحًا إلا إذا كان مخبأً أو معطلًا. لفهم ذلك، تخيل ما الذي يمكن أن يكون عليه تناظر النسبية العامة. إن تحويلًا بسيطًا أو تباينًا في الاحداثيات يمكن أن يحني ويشد الزمكان في أي شكل ومسافة طالما أنه لم يتمزق. لا تتغير قوانين النسبية العامة في شكلها تحت هذا التحوّل. لكن لا يعني هذا انه من الممكن حني الأشياء وشدها دون تعريضها لقوة فيزيائية. وبالمثل، لا يعني تناظر الحدث أنه بالإمكان تمزيق الأشياء بالطريقة التي تجعلنا تباديل الزمكان نعتقد بها. تحت الظروف العادية، يعتبر الفضاء مسطح وإقليدي، وإن مبدأ التغير العام التابع للنسبية العامة غير مرئي لنا بفضل هذا الحقل الخلفي. فقط بالقرب الشديد من تصادم عنيف لثقبين أسودين يمكن أن تظهر حينها مرونة الزمكان. بنفس الآلية، يمكن لتناظر الحدث أن يكون مخبأً بحقل خلفي لا يحدد فقط هندسة الزمكان وإنما بنيته أيضًا (طوبولوجيته).
غالبًا ما يجري الحديث عن النسبية العامة بصيغة الزمكان المنحني. يمكننا تصور الكون كسطح غشاء منحنٍ كفقاعة صابون تتغير حركتها مع مرور الزمن. يمكن لنفس الصور مساعدتنا في فهم كيف يمكن كسر تناظر الحدث. تتألف فقاعة الصابون من جزيئات تتفاعل مع بعضها بواسطة قوى تعتمد على جهة حركة الجزيئات والمسافة بينها. إن قمت بتسجيل معدلات الحركة لجميع الجزيئات في ما يتعلق بسرعتها وموقعها وجهة حركتها، فستبقى هذه المعادلات ثابتة في شكلها تحت أي تبديل لهذه الجزيئات (والتي سنفترض كونها جميعها متشابهة). هذا مماثل رياضيًا لتناظر حدث أحداث الزمكان. قد تختلف المعادلات، وعلى عكس الجزيئات على سطح الفقاعة، لا تنضوي أحداث الزمكان ضمن فضاء فائق الأبعاد، لكن المبدأ الرياضي يبقى نفسه.
لا يعلم علماء الفيزياء الآن في ما إذا كان تناظر الحدث تناظرًا صحيحًا في الطبيعة، ولكن يظهر مثال فقاعة الصابون بكونه احتمالًا منطقيًا. إذا كان بالإمكان استخدامه لشرح مشاهدات فيزيائية واقعية فإنه يستحق النظر إليه بجدية.
التبادلية القصوى
استخدم فيلسوف الفيزياء الأمريكي جون ستيتشل تبادلية الزمكان لتعميم «حجة الثقب» لأينشتاين، وهي مفارقة واضحة أقلقت العالم ألبرت أينشتاين عند كتابته لمعادلات المجال. استخدم ستيل مصطلح «ماهية» لوصف الصفات الكونية لكيان ما، ومصطلح «أنيّة» لوصف صفاته الذاتية الفردية المتميزة. إنه يستفيد من التناظر الذي يحكم جزيئات الميكانيك الكمومي، والتي تمتلك ماهية ولكن ليس لديها أنية. يُبقي تناظر تباديل أنظمة الجزيئات معدلات الحركة ووصف النظام ثابتًا. يمكن تعميم ذلك إلى مبدأ التبادلية القصوى الذي يجب تطبيقه على الكينونات الفيزيائية. في مقاربة الجاذبية الكمية حيث تكون أحداث الزمان منفصلة، ينص المبدأ على أن الفيزياء يجب أن تكون متناظرة تحت أي تبديل للأحداث، لذلك فإن مبدأ تناظر الحدث هو حالة خاصة من مبدأ التبادلية القصوى.[2][3]
تُبنى آراء ستيشل على أعمال فلاسفة مثل غوتفريد لايبنتس والذي اقترح بفكرته حول الفردانية أنه يجب النظر إلى العالم فقط من ناحية العلاقة بين الأشياء بدلًا من مواقعها المطلقة. استخدم إرنست ماش هذه الفكرة في تشكيل مبدأه الارتباطي، والذي أثر بأينشتاين خلال تشكيلة لنظرية النسبية العامة. يعتقد بعض علماء فيزياء الجاذبية أن النظرية الحقيقية للجاذبية ستكون نظرية ارتباطية «علائقية» لا تتضمن الزمكان.
المراجع
- P. Gibbs, "The Principle of Event Symmetry.", International Journal of Theoretical Physics 35:1037–1062, (1996)
- J Stachel, "`The Relations Between Things' versus `The Things Between Relations': The Deeper Meaning of the Hole Argument", in Reading Natural Philosophy/ Essays in the History and Philosophy of Science and Mathematics, ed. David Malament Chicago and LaSalle, IL, Open Court pp 231-266 (2002)
- J. Stachel, "Structure, individuality and quantum gravity" in Structural Foundations of Quantum Gravity, edited by D.P. Rickles, S.R.D. French and J. Saatsi Oxford University Press (2005) أرشيف خي:gr-qc/0507078