جماعة الفن المعاصر مدرسة فن تشكيلي في مصر نشأت في بدايات القرن العشرين بمصر.
تاريخها
كان «حسين يوسف أمين» مدرس التربية الفنية بتأثيره على تلاميذه [بمدرسة فاروق الأول والحلمية الثانوية] من الذين سيلتحقون بمدرسة الفنون الجميلة يمثل رائدا لجماعة الفن المعاصر التي أصبحوا أعضاء فيها ؛ وما جمع بينهم ؛ومنهم «سمير رافع» و«عبد الهادي الجزار» و«حامد ندا» و «ماهر رائف»» هو فكرة الفنان الذي ينهل من محزون ذاكرته التخيلية، وكلما اتسع هذا المخزون استطاع اجتياز الحواجز التي تفصل الواقع عن اللاواقع، أوالمرئى عن المفاهيمى، حتى يطأ الفنان أرض الإبداع الحر، منطلقاً برؤيته بلا قيود، فلا تخنع لأى إملاءات، غير الإنصات لصوت الذات، وللقوى المختفية خلف الوعى. ولا يعنى ذلك الانغماس في الأحلام. إذ أن «العمل الفنى» الذي يعبر عن «فكرة»، يدعو للتفكر والاستبصار. فيزود الخيال بما لم يسطع البصرالتقاطه، في التوصل للمعنى. وفي كل الأحوال ليست مهمة الفنان إعادة استنساخ ما يرى، إنما مهمته التعبيرعما شعر به رمزياً، اعتمادا على خياله الحر وذاتيته. ولم يكن الفنان«عبد الهاديالجزار» [1925-1966] يرسم لوحاته بغرض الترفيه أو «كسلعة تجارية» ولم يستغل فنه للدعاية السياسية. إذ أراد أن يعبر عن أمل جماهيرى في التغيير، وفي الفوز بالحرية والعدل والعيش بكرامة، فيرسم «المهمشين» من «العمال والفلاحين والعاطلين»، ممن طحنتهم حياة الفقر والشقاء. وعندما يطلق الفنان العنان للتلقائية ليعمل الجزء البدائى من لاشعوره، فسوف يملأ مسطح لوحتة بحشوات سردية قلقة وأجواء مشحونة [بسحرأسود].
وعندما عرض لوحته «الكورس الشعبى»(الجوع) سنة 1949وكتب تحتها «رعاياك يا مولاى!» أغلقت السلطات المعرض وسجن الفنان، ولم يفرج عنه إلا بتدخل الفنانين الكبيرين في نفوذهما وقتذاك «محمد ناجى» و «محمود سعيد» إذ صورالفنان مجموعة من الفقراء، وقد اصطفوا بجوار بعضهم البعض أمام صحون فارغة على الأرض، يمثلون أنواعاً مختلفة من المعاناة، «مثل الفقر والجوع والضعف وإنهاك القوى والمرض والبطالة والعراء والتهميش». وقد اختار «الجزار» طريق الحرية للتعبير بصدق عن ضحايا السياسات الاقتصادية غير العادلة والمستغلة للأغلبية من أجل الربح. إن المعركة قد نشبت بالفعل بين القلة المترفة التي تتحكم في كل شئ والأغلبية المحرومة والمقموعة. ولم يكن «الجزار» يعنيه وهو يرسم لوحة «المجنون الأخضر» (1951) تصوير وجه لمجذوب من المنتشرين على أرصفة الشوارع؛ وبالقرب من أبواب أضرحة أولياء الله الصالحين؛ وفي الموالد، مثل «مجاذيب» «ضريح الحسين» أو «السيدة زينب » بملابسهم الممزقة، منفلتين عن عالم الواقع، هائمين على وجوههم يعيشون في عالم الوهم، وإنما أراد أن يصور[بخياله المبدع] رمزاً ذا دلالة عن معنى الاستسلام للخرافة والشعوذة التي مصيرها المعاناة من حالات التشويش النفسى. وحالة الشعب المغيب في كسله وعزلته، مرتديا قناعاً يخفى فظاعة قبحه [الداخلي المظلم] ومتحولاً إلى «مسخ» وهو يسلك سلوك «المجاذيب». وفي كل الأحوال فإن العمل الفنى الذي ارتاد ينابيع الحياة الشعبية ليستخرج منها رموزه المشحونة بالمعانى الازدواجية، لا يمكن النظر إليه على أساس أنه «مجرد سلعة» تخضع لتقلبات السوق؛ وإنما هو منتج «فنى- ثقافى» له دوره في التأثيرالجماهيرى غير المباشر، وفي تغييرالمعتقدات السلبية السائدة بين الناس، مثلما يعدل من المفاهيم التي تدعمها. ان الواقع حقيقى وفي نفس الوقت رمزى. ولذلك أراد «الجزار» برسم «المجذوب» أن يسجل «رمزاً» ينفذ إلى عمق النفس البشرية، عندما تنتشى وهى تتحرر من تسلط ذاتها، بل تنكرها للدرجة التي تصل إلى حد التضحية بها من أجل سعادة وهمية لا تبالى للبؤس في الواقع، وتعطل آلة الثورة على الخوف والإظلام والقهر والشعوذة؛ حتى حد الجنون؛ «داخل نفس قلقة عاجزة» في مقابل سلام «وهمى». وحينما عرضت لوحة «المجنون الأخضر» لأول مرة، لم تحقق نجاحات مميزة في سوق الفن المصري الحديث، رغم أن هذة اللوحة «رسمت بطريقة فنية مدهشة» وتضمنت قيمة جمالية عالية، واستطاع الفنان أن يبعث برسائل تعكس أفكاره ومشاعرهالذاتية، ويعبرعن «حقائق باطنة» وعن «مسائل إنسانية» و«معانى كونية» من خلال رموز وتعاويذ وتمائم سحرية، استعارها من مكونات ثقافية.
مصادر
- http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=107398&eid=834
- http://www.moc.gov.eg/index.php?option=com_content&view=article&id=738:جماعة-الفن-المعاصر-ثروة-باقية-من-الفن-الجميل&catid=136&Itemid=264&lang=ar
مراجع
محسن عطيه: التجربة النقدية في الفنون التشكيلية؛عالم الكتب بالقاهرة– الصفحة 187.