الحركات الاجتماعية هي نوع من العمل الجماعي وتتكون من جماعات غير رسمية أحيانا بأعداد كبيرة لأفراد أو مؤسسات لتركزعلى قضية سياسية أو اجتماعية. بمعنى اخر، تقوم الحركة الاجتماعية على مقاومة أو رفض أو تنفيذ تغيير اجتماعي ما .[1][2][3]
أصبحت الحركات الحديثة في المجتمع الغربي ممكنة من خلال التعليم وزيادة تنقل اليد العاملة بسبب الصناعة وتحضر مجتمعات القرن التاسع عشر. و يُعتقد احيانا بأن حرية التعبير والتعليم والاستقلال الاقتصادي السائد في الثقافة الغربية من مسببات ظهور الحركات الاجتماعية المعاصرة بعدد لم يسبق به من قبل. لكن اخرين أشاروا إلى أن العديد من الحركات الاجتماعية نشأت في المائة سنة الماضية، مثل الماو ماو في كينيا لمعارضة الإستعمار الغربي. على أية حال، فإن الحركات الاجتماعية لازالت مرتبطة بأنظمة سياسية وديموقراطية. ساهمت احياناً الحركات الاجتماعية في دمقرطة الدول مما أدى إلى ازدهارها في الغالب. وعلى مدى المئتين سنة الماضية اصبحت الحركات الاجتماعية تعبير عالمي للمعارضة.
استفادت الحركات المعاصرة من التكنلوجيا عن طريق حشد الاشخاص في مختلف انحاء العالم. حيث يعتبر استخدام وسائل التواصل الرائجة هو اسلوب من اساليب الحركات الناجحة. و بدأت البحوث باكتشاف مدى ارتباط دعم المنظمات للحركات الاجتماعية في الولايات المتحدة وكندا باستخدام وسائل التواصل الاجتماعية لتسهيل المشاركة الميدانية والعمل الجماعي. كما طورت علوم السياسة وعلم الاجتماع النظريات والبحوث التجريبية المختفلة على الحركات الاجتماعية، على سبيل المثال:وضحت بعض بحوث العلوم السياسية العلاقة بين الحركات المعروفة وظهور الأحزاب السياسية الجديدة، بالإضافة إلى مناقشة دور الحركات الاجتماعية في وضع جدول الأعمال وتأثيرها على السياسة.
تعاريف
عرف تشارليز تيلي الحركات الاجتماعية على انها سلسلة من الاداء المتواصل والمعارضات والحملات التي يقوم بها اشخاص عاديين لرفع مجموعة من المطالب .اعتبر تيلي الحركات الاجتماعية وسيلة مهمة تسمح للاشخاص العاديين المشاركة في السياسة. للحركة الاجتماعية ثلاثة عناصر مهمة من وجهة نظر تيلي :
- الحملات:
وهي الجهد العام المنظم والمستمر لتقديم المطالبات الجماعية لسلطة محددة.
- مجموعة الإدعاء:
وهي العمل على جمع بعض اشكال الأعمال السياسية التالية: إنشاء جمعيات ذات اهداف محددة وتحالفات واجتماعات عمومية ومسيرات رسمية واعتصامات ومظاهرات وتقديم عريضة وإلقاء كلمة للإعلام وتوزيع المنشورات.
- ظهور مفهوم الأحقية والوحدة والأعداد والإخلاص (WUNC):
وتعني تضافر المشاركين على الصعيد العام لتمثيل صورة الأحقية والوحدة والأعداد والإخلاص على انفسهم أو/و دوائرهم الانتخابية.عرف سيدني ترو الحركة الاجتماعية على انها الاعتراضات الجماعية ضد النخب والسلطات ومجموعات اخرى أو قوانين ثقافية، يقوم بها اشخاص يشتركون في نفس الأهداف ويتفاعلون باستمرار مع النخب والمعارضين والسلطات. و فرق ترو بالتفصيل بين الحركات الاجتماعية والأحزاب السياسية وجماعات الدعوة. وفقا لتعريف بول فان سيترس وبول جيمس للحركة الاجتماعية فإنها تستلزم الشروط التالية كحد ادنى :
- وجود نوع من الهوية المشتركة 2- تطور التوجه المعياري المشترك 3- الحرص المشترك على تغيير الوضع الراهن 4- حدوث انشطة فعلية مرتبطة ببعضها البعض موضوعيا على الأقل. إذاً نعرف الحركة الاجتماعية على أنها شكل من اشكال الترابط السياسي بين اشخاص ونظرائهم الذين يشتركون بنفس الهدف ويتكافلون جميعهم لإحداث تغيير في المجتمع لأجل ذلك الهدف.
التاريخ
البدايات
ارتبطت نهضة الحركات الاجتماعية الحديثة بالاقتصاد والتغييرات السياسية التي حدثت في بريطانيا في منتصف القرن الثامن عشر والتي تضمنت تفعيل الدور السياسي والقيمة السوقية والبلترة. نشطت الحركة الجماعية الأولى لمناصرة جون ويلكس الشخصية السياسية المثيرة للجدل. حيث هاجم جون ويلكس رئيس تحرير صحيفة نورث بريتن الإدارة الجديدة للورد بوت بشدة كما انتقد شروط السلام التي قبلت بها الحكومة في معاهدة باريس عام 1763 بعد حرب دامت سبع سنوات. اُعتفل ويلكس بعد صدور امر قضائي بتهمة التحريض، مستنكراً اعتقاله حيث وصفه بالغير قانوني. حكم رئيس القضاة لصالح ويلكس في نهاية المطاف. ونتيجة لهذا الحدث اصبح ويلكس رمزاً لحركة السيادة الشعبية المتزايدة بين اوساط الطبقة المتوسطة، هاتفين : " ويلكس والحرية". .وبعد فترة النفي بتهم القدح والفحش، مثَل ويلكس المجلس البرلماني في ميدلسكس حيث يوجد اغلب مؤيديه. ظهرت حركة جماعية مناصرة تظاهرت في الطرقات في فترة سجن ويلكس في العاشر من آذارعام 1768 . وبعد نزع احقيته في البرلمان، أصبح ويلكس رئيس مجلس محلي للندن عام 1769وناشط لجماعة تدعى مجتمع لأنصار وثيقة الحقوق، حيث عززت سياسات ويلكس بشدة. كانت هذه أول حركة اجتماعية متواصلة ومدعومة، حيث تضمنت اجتماعات عامة ومظاهرات وتوزيع منشورات على نطاق غير مسبوق ومسيرات جماعية. ولكن حرصت هذه الحركة على عدم تجاوز الحدود وعدم السماح بالتمرد، وحاولت إصلاح اخطاء في الحُكم من خلال المناشدة بسابقات قانونية موجودة وتُصورت لتكون شكل مُحفز لتحقيق الترتيب التوافقي والدستوري برلمانياً. اجبرت قوة ونفوذ هذه الحركة السلطات للتنازل لمطالبات الحركة. كما اعيد ويلكس للبرلمان، وأُعلن عدم دستورية الأوامر القضائية وزادت حرية الصحافة حتى غطت النقاشات البرلمانية. اندلعت مظاهرات لحركة كبيرة ضد الكاثلوكية، قضت على عدد من العقوبات والمصاعب التي يعاني منها الكاثلوكيوون الروم في بريطانيا، حيث وجهها
جورج غوردون الذي اصبح رئيساً للجمعية البروتستانتية عام 1779. وتلقت الجمعية الدعم من شخصيات كالفينية قيادية مثل رولاندهيل وايراسموس ميدلتون وجون ريبون. كان غوردون داعٍ فصيح أثار الكثير من مخاوف البابوية وبالعودة إلى النظام الملكي المطلق. تدهور الوضع بسرعة، وفي عام 1780 بعد اجتماع للجمعية البروتستانتية سار اعضاءها لمجلس العموم لإيصال عريضة تطالب بالغاء القانون ولكن رفضتها الحكومة. بعد ذلك بفترة قصيرة قامت الحشود الغاضبة بأعمال شغب كبيرة في أنحاء لندن والسفارات والشركات الكاثوليكية.
ومن الحركات السياسية التي ظهرت في اواخر القرن الثامن عشر الحركة البريطانية لإبطال العبودية. قال يوجين بلاك عام 1963 : "اصبح التاثير السياسي الشعبي المتوسع ممكناً بفضل الجمعيات ". المنظمة السياسية البرلمانية الحديثة هي نتاج اواخر القرن الثامن عشر، ولا يمكن ان يٌكتب تاريخ الإصلاح من دونها.
التطور والإنتشار
اجتماع مؤيدي الحركة الوثيقية في كيننجتون كومون في لندن. منذ عام 1815 وبعد انتصار بريطانيا في الحروب النابليونية، دخلت بريطانيا في فترة من الاضطرابات الاجتماعية ذات الوعي الشديد بالحركات الاجتماعية وجمعيات المصالح الخاصة. كانت الحركة الوثيقية هي حركة التجمع الأولى للطبقة العاملة في العالم، وانشئت للإصلاح السياسي بين عام 1838و عام 1848 واعتبر ميثاق عام 1838 البيان الرسمي لها. ودعا الميثاق إلى الاقتراع العام وتنفيذ الاقتراع السري والعديد من الأمور الأخرى. وفي عام 1848 استخدم العالم الألماني لورنز فون شتاين مصطلح " الحركات الاجتماعية" في كتابه (الحركات الاشتراكية والشيوعية منذ الثورة الفرنسية الثالثة) حيث قدم مصطلح " الحركة الاجتماعية" للمناقشات العلمية. كان للحركات السياسية مطالب اجتماعية اُعتبرت من صور المطالبة بحقوق الرعاية الاجتماعية. قاد مارتن لوثر كنج حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة والتي تعتبر من أشهر حركات القرن العشرين. ٌتعد الحركة العمالية والحركة الاشتراكية نماذج للحركات الاجتماعية التي تهدف لإنشاء احزاب/مؤسسات شيوعية واجتماعية ديموقراطية. كما اعتبرت هذه الحركات في الدول الأفقر وسيلة ضغط لاستمرار الإصلاح، على سبيل المثال: أدت الثورة الروسية في عام 1905 وعام 1917 إلى سقوط نظام القيصرية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. وفي عام 1945 دخلت بريطانيا في فترة من الإصلاح والتغيير الجذري بعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية. وفي فترة ما بعد الحرب ظهرت العديد من الحركات مثل : حركة حقوق المرأة وحركة حقوق المثليين وحركة الحقوق المدنية وحركة السلام والحركة البيئية وحركة مكافحة السلاح النووي، غالبا ما اُطلق عليهم اسم الحركات الاجتماعية الجديدة. أدت هذه الحركات إلى العديد من الأمور من بينها ظهور الأحزاب والمؤسسات الخضر التي تأثرت بحركة اليسار الجديد. ويجد البعض ظهور حركات اجتماعية عالمية جديدة في اواخر التسعينات مثل الحركة المضادة للعولمة. يفترض بعض العلماء بأنه ومع تسارع وتيرة العولمة فإن احتمال ظهور نوع جديد من الحركات الاجتماعية غيرظاهر.
أنواع الحركات الاجتماعية
صنف علماء الاجتماع عدة أنواع للحركات الاجتماعية:
- من حيث المجال:
- حركة الإصلاح:
هي حركات تشجع تغيير بعض القوانين والمعايير.على سبيل المثال : النقابة الحرفية التي تهدف إلى زيادة حقوق العمال والحركة الخضراء التي تدعوا إلى سن مجموعة من القوانين البيئية وحركات تأييد عقوبة الإعدام أو الحق في الإجهاض. تهدف بعض حركات الإصلاح إلى تغيير في العرف والمعايير الأخلاقية مثل شجب إنتاج المواد الإباحية أو انتشار أحد لأديان.
- الحركة الراديكالية:
هي حركات تقوم بتغيير انظمة القيم جذرياً. على سبيل المثال : حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة التي دعت إلى تحقيق المساواة وطالبت بالحقوق المدنية كاملة لجميع الأمريكيين بغض النظر عن العرق، وايضا حركة التضامن البولندية التي طالبت بتحويل نظام الستالينية السياسي والاقتصادي إلى نظام ديموقراطي وحركة سُكان الاكواخ في جنوب أفريقيا التي طالبت بالدمج الكامل لسكان الأكواخ مع حياة المدن.
مرجع
- David F. Aberle 1966. The Peyote Religion among the Navaho. Chicago: Aldine.
- James Alfred Aho. 1990. Politics of Righteousness: Idaho Christian Patriotism. Washington: University of Washington Press.
- هربرت بلامر 1969. "Collective Behavior." In Alfred McClung Lee, ed., Principles of Sociology. Third Edition. New York: Barnes and Noble Books, pp. 65–121.
- Mark Chaves. 1997. Ordaining Women: Culture and Conflict in Religious Organizations. Cambridge: دار نشر جامعة هارفارد.
- Graeme Chesters, & يان ويلزي. Complexity and Social Movements: Multitudes at the Edge of Chaos روتليدج 2006.
- Mario Diani and Doug McAdam, Social movements and networks, Oxford University Press, 2003.
- Susan Eckstei, ed. Power and Popular Protest: Latin American Social Movements, Updated Edition, دار نشر جامعة كاليفورنيا 2001.
- أنتوني غيدنز. 1985. The Nation-State and Violence. Cambridge, England: Polity Press.
- J. Craig Jenkins and Charles Perrow. 1977. Insurgency of the Powerless Farm Worker Movements (1946–1972). American Sociological Review. 42(2):249-268.
- Diana Kendall, Sociology In Our Times, شركة تومسون, 2005.
- William Kornhauser. 1959. The Politics of Mass Society. New York: Free Press.
- Donna Maurer. 2002. Vegetarianism: Movement or Moment? Philadelphia: Temple University Press.
- Armand L. Mauss. 1975. Social Problems of Social Movements. Philadelphia: Lippincott.
- Denton E. Morrison. 1978. "Some Notes toward Theory on Relative Deprivation, Social Movements, and Social Change." In Louis E. Genevie, ed., Collective Behavior and Social Movements. Itasca, Ill.: Peacock. pp. 202–209.
- Immanuel Ness, ed. Encyclopedia of American Social Movements, 2004. .
- آدم روبرتس and تيموثي غارتون آش (eds.), Civil Resistance and Power Politics: The Experience of Non-violent Action from Gandhi to the Present, Oxford: Oxford University Press, 2009. . [1]
- Charlotte Ryan and William W. Gamson, The Art of Reframing Political Debates. Contexts. 2006; 5(1):13-18.
- Neil J. Smelser, 1962. Theory of Collective Behavior. New York: Free Press.
- David Snow, Sarah A. Soule and Hanspeter Kriesi, ed. Blackwell Companion to Social Movements, Blackwell, 2004.
- Suzanne Staggenborg, Social Movements, مطبعة جامعة أكسفورد, 2008.
- Sidney Tarrow, Power in Movement: Collective Action, Social Movements and Politics, مطبعة جامعة كامبريدج, 1994.
- Charles Tilly, 1978. From Mobilization to Revolution. Reading, Massachusetts: Addison-Wesley, 1978.
- تشارلز تيلي, Social Movements, 1768–2004, Boulder, CO, Paradigm Publishers, 2004 262 pp. (hardback) / (paperback)
مراجع
- Tina., Rosenberg, (2011). Join the club : how peer pressure can transform the world (الطبعة 1st). New York: W.W. Norton & Co. . OCLC 601108086. مؤرشف من في 18 ديسمبر 2019.
- Eugene Charlton Black (1963). The Association British Extra Parliamentary Political Organization, 1769-1793. Harvard University Press. صفحة 279. مؤرشف من الأصل في 27 أبريل 2020.
- Buettner, R. and Buettner, K. (2016). A Systematic Literature Review of Twitter Research from a Socio-Political Revolution Perspective. 49th Annual Hawaii International Conference on System Sciences. Kauai, Hawaii: IEEE. doi:10.13140/RG.2.1.4239.9442. مؤرشف من الأصل في 18 ديسمبر 2019.