الحروب البونيقية أو الحروب الفونية أو الحروب البونية مصطلحات على اختلافها تدل على مدلول واحد الا وهو الحروب الثلاثة التي دارت بين روما وقرطاج.[1][2][3] وهي تعرف باسم البونية لأن اللفظ اللاتيني لكلمة قرطاجي كان بونيقي Punici.
سبب حدوث الحروب
كان السبب الرئيسي للحروب البونية هو تصادم المصالح بين الإمبراطوريتين القرطاجية والرومانية الآخذتان في التوسع. اهتم الرومان في البداية بالتوسع في صقلية، والتي كانت تقع تحت سيطرة القرطاجيين. في بداية الحرب البونية الأولى كانت قرطاج هي القوة المهيمنة على البحر المتوسط بإمبراطورية بحرية متوسعة، في حين كانت قوة روما آخذة في الاستيلاء السريع على السلطة في إيطاليا. بحلول نهاية الحرب البونية الثالثة، وبعد مقتل مئات الآلاف من جنود الجانبين استولى الرومان على إمبراطورية قرطاج وهدموا المدينة، لتصبح الإمبراطورية الرومانية أقوى دولة في غرب البحر الأبيض المتوسط. تزامن ذلك مع نهاية الحروب المقدونية وهزيمة الإمبراطور السلوقي أنتيوكوس الثالث العظيم في الحرب الرومانية السورية وإبرام (معاهدة أباميا، 188 قبل الميلاد) في شرقي البحر المتوسط، مما أدى إلى بروز روما بوصفها القوة المهيمنة في البحر المتوسط وأقوى مدينة في العالم القديم. كانت تلك نقطة التحول التي أدت إلى مرور الحضارة المتوسطية القديمة من أفريقيا إلى أوروبا عبر روما.
الحروب البونية (الرومانية)
- مقالة مفصلة: حروب بونية
الحرب البونية الأولى
- مقالة مفصلة: حرب بونية أولى
لما مات الدكتاتور أغاثوقليس عام 288 ق م، فقد الأجراء الإيطاليون في جيشه عملهم، فغضبوا وحكموا مدينة ميسينا وسموا أنفسهم "ماميرتين" يعني "تابعي اله الحرب" وشرعوا يهاجمون كل مدن صقلية. وبعدما أصبح هييرون الثاني دكتاتور سيراقوسة في عام246 ق م هاجمهم، فأرسل الماميرتين سفيراً إلى روما ليطلب معونتها، وسفيراً ثانياً إلى قرطاج. فأجابت قرطاج وبعثت جيشاً إلى مدينة ميسينا بينما ظل مجلس أعيان روما يناقش الموضوع. لكن بعد فترة وجيزة اتفق القرطاجيون مع سيراقوسة، فطلب الماميرتين معونة روما ليخرجوا جيش قرطاج. لم تقبل روما أن تتكون دولة قوية في ميسينا لأنها قريبة جداً من جنوب إيطاليا، فقررت أن تبعث جيشاً لمساندة الماميرتين، فبدأت الحرب البونية الأولى.
لم يكن النصر حليف الجيش الروماني الأول، فأرسلت روما في عام 263 ق م جيشاً ثانياً، وبعد استحواذه على بعض المدن الصقلية، نقض هييرون الثاني اتفاقه مع قرطاج وحالف روما. رأت روما أن الحرب أصبحت فرصة لاحتلال صقلية كلها، ولذلك بدأت ببناء أسطولها البحري. لم يكن في روما أي سفينة في البداية، فصعب ذلك عليها، لكن أضيف إلى السفن سلاح جديد يُسمى الـ"كورفوس" (يعني الغراب) وهو خشبة طويلة تستعمل كجسر لدخول سفن الأعداء، وبه ربحوا في البحر. وفي 255 هاجموا قرطاج نفسها، وكادت قرطاج تستسلم، لكن استمرت الحرب بعد سماعهم شروط روما فتمكنوا من طرد الرومان من أفريقية، ثم حاربوهم في صقلية وبدؤوا الحرب الثانية ضد نوميديا في أفريقية؛ ولما صار النصر وشيكاً في صقلية، قرروا أن يرسلوا معظم سفنهم إلى نوميديا في عام 247 ق م، فلم يكن النصر حليف أحد في صقلية وقتاً طويلاً. لكن في النهاية بنت روما اسطولاً جديداً دمّر سفن قرطاج، فسلمت قرطاج كل صقلية إلى روما وانتهت الحرب البونية الأولى في عام 241 ق م.
حرب الأجراء
قدّم القرطاجيون مالاً كثيراً للرومان كجزء من اتفاقهم، فلم يبق لديهم مال لدفعه لأجرائهم، فغضب هؤلاء وبدؤوا حرباً ضد قرطاج بمعاونة نوميديا في عام 241 ق م. كان قائدا الأجراء ماثوس اللوبي وسبينديوس العبد الروماني، ويقال أنهما رجما كل من تحدث عن هدنة، ولهذا أيضاً تسمى "حرب اللا هدنة". وبعد سنوات، انتصر القائد القرطاجي العظيم حملقار برقة بتجنيد 10000 من مواطني قرطاج (وكان معظم الجيش القرطاجي قبل ذلك من الأجراء وليس من المواطنين). وبعد نصره أصبح حملقار برقة رئيس الدولة وانطلق ليستعمر إسبانيا.
احتلال شبه الجزيرة الابيرية
في عام 236 ق م هاجم حملقار برقة إسبانيا، وحارب هناك حتى موته في القتال في سنة 228. وبعده قاد جيشه عزربعل، وكان حملقار برقة قبل موته في 228 ق م قد فتح إسبانيا حتى نهر الايبرو واتفق مع روما ألا يعبر ذلك النهر. وبعده أصبح قائد الجيش حنبعل ولد حملقار برقة المشهور. كان حنبعل يكره الرومان وكان يظن أنه على قرطاج أن تحتل روما وإلا فستفشل كلياً. وفي عام 219 هاجم ساغونتوم، وهي مدينة مستقلة وراء نهر الايبرو، ونقض كذلك اتفاق عزربعل، فبدأ الحرب البونية الثانية.
الحرب البونية الثانية
- مقالة مفصلة: الحرب البونية الثانية
بعد عبور الايبرو سار حنبعل وجيشه بسرعة، واجتازوا جبال الالب في 218 ق م. ولما وصلوا إلى إيطاليا دخل في جيشهم كثير من الأجراء والحلفاء من قبيلة الگول فاستطاع هزيمة الجيوش الرومانية في المنطقة بسهولة. ولما رأى الناس هذا سارع إلى محالفته الكثير من مدن إيطاليا ومنها سيراقوسة. في نفس الوقت كان ثمة جيش روماني يحارب في إسبانيا، فاقترب من روما حتى وصل إلى ميناء كابوا في 211 ق م، لكن بسبب موت أخيه عزربعل في عام 207 رجع إلى مدينة بروتيوم في جنوب إيطاليا. وأخيراً حالف الرومان الملك النوميدي ماسينيسا وأرسلوا جيشاً ليهاجم أفريقيا نفسها، ونجت روما بعد مدة وجيزة ودخلت إسبانيا كلها في اتفاق السلام، ومُنعت قرطاج من أي حرب - حتى ولو كانت دفاعاً عن نفسها - إلا بإذن روما.
حرب ماسينيسا
في عام 195 ق م، وبعد أن طرد الرومان حنبعل من قرطاج، أخذ ماسينيسا ملك نوميديا جزءاً كبيراً مما كان تحت ملك قرطاج في تونس، من عنابة في الجزائر حتى لبدة الكبرى في ليببا، وهو يعلم أنهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم إلا بإذن حليفته روما. ; وقد تعمد ماسينيسا الهجوم على ثغور قرطاج من أجل توسيع حدوده، إلى أن نفذ صبر قرطاجة فأعلنت الحرب على ماسينيسا مما أدى بروما إلى اعلان الحرب على قرطاج. وكان فريق كبير في روما يريد تدمير قرطاج تدميراً تاماً - وأشهر هؤلاء كان مارقوس كاتون الذي زار قرطاج في عام 155 ق م وبعد زيارته كان يختتم كل خطاب له في المجلس بصرخة "Carthago delenda est" "علينا أن ندمر قرطاج" - وهجموا عليها.
الحرب البونية الثالثة (سقوط قرطاج)
- مقالة مفصلة: حرب بونية ثالثة
كانت الحرب البونية الثالثة أسرع من الحروب قبلها. أولًا حاصر جنود روما قرطاج مدة 3 سنوات، ثم نجحوا في دخولها ودمروها تدميراً شاملاً. ذبحوا معظم المدنيين وباعوا من تبقى كعبيد، وحرقوا المدينة ودمروا جدرانها، ويقال أنهم حرثوا الأرض بالملح لكي لا ينمو فيها أي نبات بعد ذلك ولا يسكنها أحد. وانتهت شهرة قرطاج وثبتت أقدام إمبراطورية روما.
قرطاج الجديدة
لم يبق شيء من قرطاج، لكن موقعها لم يزل من أفضل الأماكن حول البحر الأبيض المتوسط لبناء مدينة. وبعد قرون، قرر يوليوس قيصر أن يبني هناك قرطاج جديدة ليسكنها الرومان. وأصبحت قرطاج الجديدة عاصمة أفريقية الرومانية. وفي عام 439 م، احتل غيسريك ملك قبيلة الفاندال الألمانية قرطاج، وحكمها الألمان حتى عودة الرومان البيزنطيين في 15 أكتوبر 533 بقيادة بيليساريوس. لكن في أواخر سنين الإمبراطورية الرومانية قل عدد سكان أفريقية الشمالية، وبعد فتح قرطاج في سنة 698 م أصبحت مدينة قريبة منها تسمى تونس أهم منها، وأخيرا أصبحت قرطاج أثراً غير مسكون، يبني بها سكان تونس بيوتهم.
ومن العهد الرومانيّ بقي عدد أكبر من المعالم.ففي قمّة ربوة بيرصا (التي تسمّى أيضا الأكروبول) توجد بعض الأسس العميقة وبعض الأجزاء من أعمدة ومن جدران، تعطينا فكرة عن روعة الفوروم وعظمته. أمّا الآثار الأخرى المنتشرة كتلا كتلا على مسافة شاسعة شمال غربيّ الأكروبول فهي: - مواجل المعلّقة، وهي أكبر المواجل في العصور الرومانية القديمة، وكانت تزوّد قرطاج بالماء المجلوب من عيون زغوان، على بعد 70 كلم، بواسطة قنوات الحنايا، - المدرّج الذي عذّبت فيه القدّيستان بربتو وفيلستي في القرن الرابع، - الملعب الذي لا يبين إلاّ تخطيطه. وفي شماليّ الأكروبول، غير بعيد عن جامع العابدين، الذي شيّد مؤخّرا على موقع عمارات تعود إلى العهد الاستعماريّ، توجد : - بازيليكا داموس كاريطا (القرن الرابع)، - المسرح الذي أعيد ترميمه وتأهيله لاستقبال مهرجان قرطاج الدوليّ، - حيّ الأوديون الذي يحتوي على بقايا منازل وإعادة تشكيل لمسكن يسمى منزل المطيرة. وفي اتجاه الشرق على شاطئ البحر، توجد : - حمّامات أنطونينوس ومنتزه أثريّ يحتوي، بالإضافة إلى المنشآت الاستحماميّة التي تعدّ من أوسع ما بني منها في القرن الثاني، على آثار لعدد كبير من البنايات : مساكن ومعابد تنتمي إلى عصور مختلفة وقبور يعود بعضها إلى العهد البونيّ. وتنتشر في الموقع، هنا وهناك، معالم منعزلة (بازيليكا القدّيس قبريانوس، ومنهل الألف جرّة، ومعبد جونون، والمنازل المسيحيّة القديمة) وبداية الحنايا والمواجل الضخمة، الخ المتحفان يحتضن متحفان جانبا كبيرا من اللّقى التي عثر عليها على عين المكان، طيلة حملات الحفريّات التي امتدّت أكثر من قرن وشملت جميع عهود تاريخ قرطاج : المتحف الأوّل والأهمّ هو متحف قرطاج الوطنيّ، والثاني هو متحف الآثار المسيحيّة المبكّر .
مراجع
- Sidwell, Keith C; Jones, Peter V (1997). The world of Rome: an introduction to Roman culture. Cambridge University Press. صفحة 16. .
- p. 167. نسخة محفوظة 28 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين.
- "Dictionary.com". Reference. مؤرشف من الأصل في 04 مارس 2016.