حسن الخيّر شاعر سوري ولد في القرداحة بسوريا. عرف بحبه للعروبة. أشهر أعماله قصيدة "ماذا أقول" والتي انتقد فيها بشدة النظام الحاكم والإخوان المسلمين. قتل في عام 1980 ولم يعثر على جسده فلقبه البعض ب "لوركا العرب". أسهم في حملات محو الأمية للنساء في سوريا. تُعدُّ قصيدته واحدةً من أروع ما عُرِفَ بالقصيدة السياسية حيث تتميّز بالصدق والبساطة. حسن الخيّر كان شاعرا "سوريا" انتسب إلى حزب البعث في شبابه وبلغ من حماسه بالحزب أن سمى ابنه بعث ولكن بعد استلاب حافظ الأسد للسلطة في سوريا انتشر الفساد المالي والأخلاقي إلى حد لم يكن معروفا في الستينات وبدأ الشاعر بكتابة الكثير من القصائد المعارضة ومهاجمة السلطة لفسادها الكبير. لم يتعرض الشاعر وقتها لأذى لأن حافظ الأسد الذي كان في بدايات حكمه لم يرد استعداء مدينته وطائفته وتغاضى عن قصائده. ثم جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير عام 1979. بعد استلاب حافظ الأسد للسلطة في سوريا انتشر الفسادفي أواخر السبعينات شهدت سورية الكثير من حوادث القتل والاغتيالات كان النظام مسؤولا عن القسم الأعظم منها واتهم الطليعة المقاتلة بالمسؤولية عن القسم الآخر ولكن الأكيد أن كثيرا من الناس قتلوا بدون أن يعرفوا لماذا قتلوا كما يحدث الآن. من بين من قتلوا كان صديق للشاعر وكان متفوقا وحاصلا على شهادة الدكتوراه من أمريكا حديثا، ورغم أن المتهم بالقتل كانت الطليعة كون القتيل ينتمي للطائفة العلوية إلا أن الشاعر صب جام غضبه على النظام محملا إياه المسؤولية الكاملة عن كل ما يجري في البلد فقام بإلقاء قصيدة قوية في ذكرى تأبين الفقيد هاجم فيها حزب البعث ورفعت الأسد بشكل مباشر كما تطرق لحماه ومايحدث فيها ولحلب واللاذقية. وانتشرت القصيدة وتناقلها الناس شفهيا وهنا طفح الكيل مع النظام وتم اعتقال الشاعر من أمام منزله في ذلك العام ولم يره أهله بعدها حيا أو ميتا. إلا أن الأخبار تسربت من بعض سجناء آخرين بأنهم شهدوا اعدامه وأن الأمن قام بقطع لسانه قبل الإعدام.
القصيدة: ماذا أقول وقول الحق يعقبه جلدُ السِّياطِ وسجنٌ مظلمٌ رطبُ
فإن صَمَتُّ فإنَّ الصَّمتَ ناقصَةٌ إنْ كانَ بالصَّمتِ نورُ الحقِّ يحتجبُ
و إنْ كذبْتُ فإنَّ الكذِبَ يقتِلُني معَإذَ ربِّيَ أنْ يُعزى لِيَ الكذِبُ
لكنَّني ومصيرُ الشَّعبِ يدفَعُني سأنطقُ الحقَّ إنْ شاؤوا وإنْ غضِبوا
عِصابتانِ هُما إِحداهُما حكَمَتْ !بِاسْمِ العُروبَةِ لا بَعْثٌ ولا عَرَبُ
و آخرونَ مسوحَ الدِّينِ قدْ لَبسُوا و الدِّينُ حَرَّمَ ما قالوا وما ارْتَكبُوا
عِصابتانِ أيا شَعبي فكُنْ حَذِراً جميعُهُمْ مِنْ مَعينِ السُّوءِ قَدْ شربوا
أيقبلُ البعثُ أنْ تثرى زعانفُهُ باسمِ النِّضالِ ثراءً ما لَهُ سبَبُ
منْ أينَ جاؤوا بهِ حقَّاً وجلّهُمُ !؟ما زادَهمْ أبداً علمٌ ولا أدبُ
و لا تشقَقَ كَفٌّ فَوْقَ مِعْوَلِهِ في الحقلِ يوماً ولا أضناهُمُ التَّعَبُ
و لا تجَلَّى على أَيْدِيهُمُ هدَفٌ و لا تَحَرَّرَتِ الجولانُ والنَّقَبُ
هلِ السَّماءُ بكَتْ مِنْ فَوْقِهمْ فَرَحاً فراحَ يهطلُ منها المال والذَّهبُ
لا تكذبوا إنَّها أموالُ أمَّتِنا و من غذاءِ بنيها كلُّ ما سلبوا
وا خجلةَ البعثِ منْ لصٍّ يلوذ بهِ أو مستغلٍّ لحزبِ البعثِ ينتسبُ
لا يخدعنَّكَ أنْ تلقى بهمْ عدداً ما زالَ فيهمْ وميضُ البعثِ يرتقبُ
و لا تقلْ فوقَ أَقوالٍ لهُمْ أبداً فهمْ على أمرِهمْ والّلهِ قدْ غُلِبوا
كم سمعنا بهيئاتٍ تحاسبُهمْ لتستردَّ إلى الجمهورِ ما نهبوا
فما رأينا سوى قولٍ بِلا عملٍ كمْ في تصرُّفِهمْ مِنْ عجبةٍ عجبُ
علا بِرُتبتهِ لِصٌّ ورُتبتُهُ مِنْ سوئهِ خجلتْ فانحطَّتِ الرُّتبُ
إنّي لأَخجلُ أنْ أُحصي مَعائبهُمْ أنَّى ذهبتَ تجلَّى العيبُ والعطَبُ
قالوا النَّقاباتُ، قُلْنا كُلُّها كذبٌ كمْ لُعبةٍ بمصيرِ الشَّعبِ قدْ لعبوا
و مجلسُ الشَّعبِ كلُّ الشَّعبِ يعرفُهُ و يعرفُ الشَّعبُ هل جاؤوا أمِ انتُخِبوا
قالوا وجبهتُنا، قُلْنا لقدْ صَدقوا !يومَ البيانِ بما قالوا وما كذبوا
إذْ قالَ قائلُهُمْ إنَّا سماسرةٌ !نمشي كما يقتضيهِ العَرضُ والطَّلَبُ
لمْ يصدُقوا بحديثٍ غيرهُ أبداً و ما عداهٌ لَعَمري كُلُّهُ كذِبُ
قالوا حماةُ عماها الحقدُ فاضطربتْ !؟ياللعجيبِ عرينُ البعثِ يضطربُ
لو يذكرونَ حماةَ الأمسِ ما فعلَتْ بالظَّالمينَ وبالإقطاعِ لانتحبوا
كانتْ وكانَ بنوها خيْرَ منْ رفعوا للبعثِ راياتِهِ خفَّاقةًً تَجِبُ
لمَّا رأوكُمْ نكَسْتُمْ عنْ مبادِئِكُمْ فإنَّهُمْ شرَفاً عنْ حُبِّكُمْ نكَبوا
ألَمْ تكُنْ حلبُ الشَّهباءُ ساحتَنا ألَمْ تدُكِّي نظامَ الفَرْدِ يا حلبُ
ألمْ تثُوري بوجْهِ الانفصالِ وهلْ أَغفى على عارِهِ أَبناؤُكِ النُّجُبُ
و اللاَّذقَّيةُ مهدُ البعثِ ما فعلَتْ حتَّى أُثيرَ على ساحاتِها الشَّغبُ
مباحثُ السُّوءِ شاؤوا أنْ تشُبَّ بها نارُ الخلافِ وقدْ أغراهمُ اللَّهبُ
قالتْ لهُمْ وجِراحُ الحزنِ تحرِقُها لا تحكموا بخلافٍ كلُّنا عربُ
سيسقُطُ الغيثُ في أرضي وقد ظمئتْ و ينجلي عن رُباها اللَّيلُ والسُّحُبُ
سيسقُطُ الغيثُ في أرضي وقد ظمئتْ و ينجلي عنها اللَّيلُ والكابوسُ والسُّحُبُ
يعلو مدى الدَّهرِ صوتٌ لا بديلَ لهُ اللَّهُ أكبرُ إنَّا كلُّنا عربُ