حمد سعد الحجي، (1938م - 1989م / 1358 هـ - 1409 هـ) ولد في محافظة مرات من إقليم الوشم شمال مدينة الرياض -السعودية ، ودرس في كليتي الشريعة واللغة العربية، ولقد فقد أمه صغيرا فقدر له الشقاء وفقد الحنان، وعانى الكثير من مرض نفسي ألم به وهو لم يكد يبلغ الخامسة عشرة من عمره، صدر له ديوان عام1409هـ/ 1989م عنوانه (عذاب السنين).[1]، ولقد أُلف عنه كتاب اسمه "حمد الحجي شاعر الآلام" وهو في أصله رسالة ماجستير قام بها خالد بن عبد العزيز الدخيّل تناول فيها الحالة النفسية لحمد الحجي بشكل دقيق مع تحليل فني للقصائد، وألحق بالكتاب فصلاً بأهم القصائد التي استشهد من أبياتها في دراسته، طبع الكتاب عام 1427 هـ، وقدم له الدكتور محمد بن سعد آل حسين، ومن أروع قصائده قصيدة "ياعيد " التي قالها وهو في لبنان:
حمد الحجي | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | عام 1358 هـ الموافق لعام 1938م محافظة مرات شمال مدينة الرياض -السعودية |
تاريخ الوفاة | 1409 هـ الموافق لعام 1989م |
الجنسية | السعودية |
الديانة | مسلم |
الحياة العملية | |
المهنة | شاعر |
يا عيد وافيت فالأشجان مرخية | سدولها ونعيم الروح مفقود | |
لا الأهل عندي ولا الأحباب جيرتهم | حولي فقلبي رهين الشوق مفؤود | |
العين ترنو وطول البين فاجعها | حسرى وإنسانها بالأفق معقود | |
تجري دموعي دماءً في محاجرها | على وسادي لها صبغ وتسهيد | |
أمسي وأصبح والأحزان تحدق بي | لا الروض يجدي ولا القيثار والعود | |
أروي اشتياقي وأني نوىً وجوىً | وأنني بقيود الهم مصفودُ | |
يا فرحة القلب والآلام تعصره | لو أنه بلقاء الأهل موعود | |
يا ساكني نجد إنا بعد بينكم | كأنما قد شوى الأضلاع سفود | |
فادعوا بحق الهوى أن نلتقي بكمُ | فإن أيامنا من بعدكم سود | |
ياليتكم تبصرون الصب عن كثبٍ | حتى يبين الذي يلقاه معمود | |
إذا ذكرتكم أمسيت مرتعشا | كأنني في مهب الريح أملود | |
أنا المتيم والأحداث شاهدةٌ من | الهموم علت وجهي التجاعيد | |
إني غلام ولكن حالتي عجبٌ أُرى | كأنيَ في السبعين مولود | |
لم أشرب الكأس والأشواق تشربني | ولم أغرد ومن حولي الأغاريد | |
نعم شربت كؤوس الهم مترعة | حتى كأني من الأوصاب عربيد | |
كأنني شبح في الليل منتصب | أرعى النجوم وحلم الليل موؤود | |
الغيد حولي زرافاتٍ أطالعها | لكنما عنكمُ لم تسلن الغيد | |
لما أتى العيد أبكاني وهيجني | فليتني بعدكم ما مر بي عيد | |
ذكرتكم وسخين الدمع منهمر | لما تعالت بدنياي الزغاريد | |
عيد الغريب سقام وانبعاث أسود | معه إن شدى الشادون تغريد |
- وقد كان مبادراً بقصائده في المناسبات الاجتماعية كقصيدته حين افتتاح أول مطبعة في مدينة الرياض قال فيها:
تلك الطباعة وافِها ياصاحبي | بتحيةٍ نفاحةٍ مِعطارِ | |
حي الطباعة في البلاد فإنها | رمز الفِتاءِ بِنهرها السيارِ | |
واطلع عليها في الرياضِ لكي ترى | عجباً من الإبداعِ والإكبارِ |
- وعند افتتاح جامعة الملك سعود في مدينة الرياض كان حمد من المشاركين بقصيدته التي قال فيها:
فقد رأيت بأرضِ العرب جامعةً | قد شيدوها على الأيمانِ تشييدا | |
تلقنُ العلم، تبغي رفع مشعلهِ | لِتبعث الفكر إيجاداً وتجويدا | |
وتدفع الجيل منساقاً بِعزمته | كيما يساير ركُب العلم مجدودا |
[2] ما الأدب إلا بث وتعبير عن آلام النفس وآمالها، وعندما يصدق الشاعر، يشعل الكون شعرا، ويكون شعره مرآة عاكسة لما تفيض به نفسه، وهكذا كان شعر حمد الحجي، قرأتُ ديوانه (عذاب السنين) في صباي، وعرفت حينها أن الألم عدوى، تتناقله القلوب المتخمة بالجراح, وكم توقفت كثيرا أمام قصيدته (في زمرة السعداء) الطافحة بتساؤلاته حول أسباب السعادة، وها أنا اليوم أعود لقراءة شعره من جديد في دراسة جامعية تقارب شعره نقديا في 493 صفحة، مقسمة إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول وخاتمة، تناول فيها الباحث العوامل المؤثرة في شعر حمد الحجي (الطفولة، والتعليم، والثقافة، وعلاقته بالمجتمع ,ومرضه، ورحلاته، وصفاته) وصدى المؤثرات النفسية في شعره (الغربة والعزلة، الشعور بالظلم، رؤيته للوجود، علاقته بأقرانه، تأمله للواقع، الخوف من الموت، الحرمان العاطفي) والبناء الفني للقصيدة من (عناوين، ومطالع، ولغة، وتراكيب، وأساليب، وصور، وأوزان وقوافي). يتتبع الباحث في مقاربته النقدية للشاعر السعودي (حمد الحجي) تمرحلاته الإبداعية وعراقيلها ويخلص إلى أن الشاعر قد مر بمراحل ثلاث : المرحلة الأولى: ما قبل المرض، وفيها بدايته الإبداعية، ولم يكن شعره في هذه المرحلة بالشكل اللافت من الجانب الفني، وربما كان ذلك بتأثير البدايات، وربما لأنه لم يعان بعد المعانة المؤلمة في حياته.
المرحلة الثانية: أعراض المرض وإرهاصاته، وهي مرحلة إبداعية لافتة، لما يحمله شعره من مضامين ودلالات تعكس واقعه الداخلي، وقد بلغ في هذه المرحلة قمة توهجه الفني.
المرحلة الثالثة: تمكن المرض منه، وفي هذه المرحلة توقف الشاعر عن الإبداع، ولم يكتب إلا أبياتا قليلة جدا ,بل إنه يرفض أن ينسب إليه قول الشعر.
ويقرر الباحث أنه يجب تقييم إبداع الشاعر حمد الحجي انطلاقا من هذه المراحل الثلاث ذلك أن شعره يعلو فنيا في المرحلة التي أحس فيها بالألم وعايش المعاناة حقيقية واقعة في حياته فعبر عنها في شعره.
ثم يشير إلى أن المتأمل لهذه المراحل الثلاث التي مر بها الشاعر يصل لنتيجة مهمة وهي أن الإبداع ليس بسبب المرض النفسي بل وليد المعاناة وعندما تمكن منه المرض فإنه توقف عن الإبداع ولم يستطع أن يكتب إلا النزر اليسير، ثم إن شعره في هذه المدة على قلته ليس بإزاء شعره في المدة التي سبقت مرضه. ويؤكد دقة تصوير الشاعر لمعاناته من أعراض مرض”الفصام” قبل أن يداهمه وبأنه يدل على صدق عاطفته وأن شعره يعكس مايحس به من ألم نفسي ومعاناة صادقة.
- وللشاعر قصيدة بعنوان: "في زمرة السعداء" قال فيها:
أأبقى على مر الجديدن في جوى | ويسعد أقوام وهم نظرائي؟ | |
ألست أخاهم قد فطرنا سوية | فكيف أتاني في الحياة شقائي؟ | |
أرى خلقهم مثلي وخلقي مثلهم | وماقصرت بي همتي وذكائي!! | |
يسيرون في درب الحياة ضواحكا | على حين دمعي ابتل منه ردائي | |
أكان لساني إن نطقت ملعثما | وكانوا إذا ناجوا من الفصحاء؟ | |
وهل كنت إما أشكل الأمر عاجزا | وكانوا لدى الجلى من الحكماء؟ | |
ولست فقيرا أحسب المال مسعدا | وليسوا إذا فتشتهم بثراء | |
وهل لهمو جود بما في أكفهم | وإني مدى عمري من البخلاء؟ | |
وهل أصبحوا في حين أمسيت مانعا | يجودون بالنعمى على الفقراء؟ | |
وهل كلهم أصحاب فضل ومنةٍ | وكنت انا المفضول في الفضلاء؟ | |
وهل ضربوا في الأرض شرقا ومغربا | وكنت مللت اليوم طول ثوائي؟ | |
وهل كلهم أوفوا بكل عهودهم | ومن بينهم قد غاض ماء وفائي؟ | |
بلى أخذوا يستبشرون بعيشهم | سواي فقد عاينت قرب بلائي | |
لقد نظروا في الكون نظرة عابرٍ | يمر على الأشياء دون عناء | |
وأصبحت في هذي الحياة مفكراً | فجانبت فيها لذتي وهنائي | |
ومن يطل التفكير يوما بما أرى | من الناس لم يرتح ونال جزائي | |
ومن يمش فوق الأرض جذلان مُظهراً | بشاشته يمرر بكل رواء | |
تغني على الدوح الوريق حمامةٌ | فيحسبه المحزون لحن بكاء | |
وتبكي على الغصن الرطيب يظنها | حليف الهنا تشجي الورى بغناء | |
ألا إنما بشر الحياة تفاؤلٌ | تفائل تعش في زمرة السعداء!! |
انظر ايضاً
وصلات خارجية
مراجع
- قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية، ج1،إعداد دارة الملك عبدالعزيز، الرياض، 1435هـ/2013م، ص311-312.
- حمد الحجي شاعر الآلام، خالد بن عبدالعزيز الدخيل، ط1، الرياض، 1427هـ/2006م، ص67، ص145.
- الشاعر حمد الحجي، محمد بن سعد بن محمد بن حسين، ط1، 1407هـ/1987م، ص17.