حملة الفقراء هي حملة سبقت الحملة الصليبية العسكرية الأولى وتعتبر جزءا من الحملة الصليبية الأولى، دامت حوالي ستة أشهر من إبريل 1096 إلى أكتوبر من ذات العام.[1][2][3] عرفت أيضا باسم حملة الشعب أو حملة الأقنان.
حملة الفقراء الصليبية | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
جزء من حملات صليبية | |||||||
معلومات عامة | |||||||
| |||||||
المتحاربون | |||||||
كاثوليك أوروبا الغربية |
سلاجقة الروم | ||||||
القادة | |||||||
والتر المفلس |
قلج أرسلان الأول | ||||||
القوة | |||||||
20,000 من الصليبيين (40,000 في البداية) | غير معروف | ||||||
الخسائر | |||||||
مرتفع للغاية وتدمير شبه كامل | منخفض نسبيًا |
تقديم
خطط البابا أوربانوس الثاني انطلاق الحملة في 15 أغسطس 1096، ولكن قبل ذلك بشهور، قامت جيوش من الأقنان والفرسان المعدمين وبشكل غير متوقع أو غير مخطط بتنظيم حملة إلى الأرض المقدسة، وانطلقوا إلى القدس بمفردهم. وكان الأقنان ابتلوا بالجفاف والمجاعة والطاعون لسنوات قبل 1096، ويبدو أن بعضهم رأى في الحملة الصليبية مهربا من واقعهم المرير. دفعهم عدد من المصادفات والأحداث السماوية (الفلكية) في بداية 1095 والتي بدت وكأنها مباركة إلهية للتحرك. انهمار للنيازك، ظهور شفق، خسوف للقمر، وظهور مذنب، بالإضافة إلى أحداث أخرى. كما أن انتشار "الشقران" (مرض يصيب الحبوب)، والذي كان يؤدي عادة إلى حصول هجرات جماعية، ظهر قبل اجتماع مجمع كليرمونت. كما أن الاعتقاد بقرب نهاية العالم كان منتشرا في بدايات القرن الحادي عشر للميلاد، إزدادت شعبيته. وكان صدى دعوة البابا فوق كل التوقعات: ففي حين أن أوروبان ربما كان يتوقع بضع آلاف من الفرسان، انتهى به الأمر بهجرة جماعية قد تصل إلى 100,000 معظم من فيها من المقاتلين غير المتمرسين، وبينهم نساء وأطفال.
راهب ذو شخصية مؤثرة (كارزماتي) ومتحدث مفوه اسمه بطرس الناسك من أمينس، كان القائد الروحي لهذهِ الحركة. عرف أيضا بركوبهِ لحمار ولبسه البسيط من اللباس. كان قد وعظ بنشاط لأجل الحملة في شمال فرنسا وبلاد الفلانديرز. وادعى أنه عيّن من قبل المسيح ذاته (وأنه كان لديه رسالة إلهية لإثبات ذلك)، ومن الجائز ان يكون بعض من أتباعه اعتقدوا أنه هو، لا البابا أوروبان، هو الداعي الحقيقي للحملة إلى الأرض المقدسة. ومن شائع الاعتقاد ان جيش بطرس كان فرقة الرهبان الجهلة وغير الكفؤين والذين لم يكن لديهم أدنى فكرة إلى أين سيذهبون، والذين اعتقدوا ان كل مدينة صغيرة أو كبيرة سيطروا عليها في طريقهم أثناء الحملة هي القدس، وقد يكون هذا الاعتقاد صحيحا إلى حد ما، ولكن التقليد الطويل بالحج إلى الديار المقدسة والقدس جعل من موقع وبعد المدينة المقدسة معروفا جيدا. وبالرغم من أن الأغلبية كانوا من المقاتلين غير المتمرسين. لقد كان هناك قلة من الفرسان جيدي التدريب يقودونهم. مثل الفارس Fulcher of Chartres الذي سيصبح لاحقا مؤرخا، وWalter Sans-Avoir المعروف أيضا بوالتر المعدم، والذي، كما يدل اسمه، كان فارسا فقيرا بلا أطيان أو أتباع، ولكنه كان متمرسا في القتال.
والتر والفرنسيون
جمع من الصليبيين. ولكن الفرنسيين لم يكونوا مستعدين لانتظار بطرس والألمان، وتحت قيادة والتر سانس أفور غادر بضعة آلاف من الصليبيين قبل بطرس، ووصلوا إلى هنغاريا في 8 مايو، فعبروا هنغاريا دون حوادث ووصلوا نهر ساف على الحدود البيزنطية عند بيلغراد، تفاجأ آمر بلغراد بالجموع، وكونه ليس لديه تعليمات بما عليه أن يفعل، رفض فتح إدخالهم للمدينة. مما أجبر الصليبيين على نهبهم من أجل أن يعتاشوا. أدى ذلك إلى مناوشات مع حامية بلغراد، ومما زاد الأمر سوءا، ان ستة عشر رجلا من رجال والتر حاولوا نهب سوق في سيملين، على الناحية الأخرى من النهر في هنغاريا طريقهم إلى النيش، حيث تم إمدادهم بالطعام وظلوا ينتظرون أخبارا من القسطنطينية تسمح بمرورهم. وبنهاية يوليو، وصلت الجيوش إلى القسطنطينة بمرافقة بيزنطية.
من كولونيا إلى القسطنطينية
بقي بطرس وبقية الصليبيين في كولونيا حتى 20 أبريل، فخرج معه حوالي 20,000، وتبعتهم مجموعة أخرى بعدها بفترة قصيرة. ولما وصلوا الدانوب، قرر البعض استكمال الطريق بالقوارب نزولا مع الدانوب، بينما قرر السواد الأعظم استكمال الرحلة على ضفاف الدانوب ودخلوا هنغاريا عند دينبورغ المعروفة اليوم باسم سوبورون. وهناك استكملوا الرحلة عبر هنغاريا وعادوا لينضموا إلى من سلكوا الدانوب عند سملين على الحدود البيزنطية.
في سيملين، أصبح الصليبيون متشككين، لما رؤوا البذات الستة عشر معلقة على أسوار القلعة. وبعدها، أدى خلاف على سعر زوج من الأحذية في السوق إلى الاضطرابات. والتي تحولت إلى هجوم كامل على المدينة من قبل الصليبيين (الأمر الذي كان ضد رغبات بطرس على الأغلب)، حيث قتل 4,000 هنغاري. هرب بعدها الصليبييون عبر نهر ساف إلى بلغاريا، وأستكملوا بعدها المسير لسبعة أيام وصولا إلى نيش في 3 يوليو. هناك وعد الآمر بتوفير مرافقة لجيش بطرس إلى القسطنطينية كما وعد بتوفير الطعام، بشرط ان ترحل الجموع فورا. وافق بطرس، وأنطلق في اليوم التالي. ولكن بعض الألمان دخلوا في خلاف مع السكان المحليين على طول الطريق، وأحرقوا طاحونة، الأمر الذي خرج عن سيطرة بطرس حتى ان نيش أخرجت كامل حاميتها ضد الصليبيين. أصبح الصليبييون محاصرين بالكامل وخسروا حوالي ثلث قواتهم؛ اما البقية فأعادوا لملمة صفوفهم لاحقا عند بيلا بالانكا. ولدى وصولهم صوفيا في 12 يوليو. التقوا بالمرافقة البيزنطية، والتي أوصلتهم بسلام إلى القسطنطينية بحلول بداية أغسطس.
تفتت القيادة
قام الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس الأول كومنينوس، غير عارف ماذا يمكنه ان يفعل بجيش غير عادي وغير متوقع كالذي وصله، قام بنقلهم بسرعة عبر البوسفور ب6 أغسطس. وهنا يطفو خلاف تأريخي قديم، فهل أرسلهم عبر البوسفور بلا أدلة بيزنطيين وهو يعلم تماما بأنهم قد يذبحوا عن بكرة أبيهم على يد السلاجقة، أو انهم أصروا على استكمال طريقم عبر آسيا بالرغم من تحذيراته.في كلا الحالتين، فإنه من المعروف ان الكسيوس كان قد حذر بطرس من الالتحام مع القوات السلجوقية، والتي اعتقد بتفوقها على جيش بطرس الرث والتهريجي، ونصحه بانتظار القوات الصليبية الأساسية التي كانت لا تزال في الطريق.
عادت وانضمت إلى قوات بطرس المجموعة الفرنسية بقيادة والتر سانس آفور ومجموعة من فرق الصليبيين الإيطالية التي وصلت في ذات الوقت، وبمجرد وصولهم إلى آسيا عبر البوسفور، بدؤوا ينهبون المدن ووصلوا إلى خليج نيقوميديا على بعد زهاء 35 كم إلى الشمال الغربي من مدينة نيقية، وهناك نشب خلاف بين الألمان والإيطاليين من جهة والفرنسيين من جهة أخرى. فأنقسمت القوات واختار الالمان والإيطاليون قائدا جديدا اسمه راينلد، بينما تولى جيوفري بوريل زمام الأمور لدى القوات الفرنسية، وبات واضحا أن بطرس الناسك فقد السيطرة على الحملة.
بالرغم من أن ألكسيوس دعى بطرس ان ينتظر الجيش الرئيسي، إلا أن بطرس قد خسر الكثير من سلطته والصليبيون بدؤوا يتدافعون. مهاجمين أكثر فأكثر المدن القريبية، حتى وصل الفرنسيون حدود نيقية، عاصمة السلاجقة، حيث نهبوا الضواحي، اما الألمان وكي لا تفوتهم الفرصة تحركوا بستة آلاف صليبي إلى زيريغوردون واحتلوا المدينة لاستخدامها كقاعدة للهجوم على الأرياف المجاورة. وردا على ذلك، أرسل السلاجقة جيشا كبيرا إلى زيريغوردون وسيطروا في 29 سبتمبر على مصدر المياه الوحيد هناك، والواقع خارج أسوار المدينة، الأمر الذي لم يتنبه إليه الألمان. وبعد ثمانية أيام من شرب دماء الحمير وبولهم، اجبر الصليبييون على الاستسلام. فمنهم من تحول إلى الإسلام فهؤلاء قد تم نقلهم إلى خراسان أما الذين رفضوا التحول عن دينهم فقد قتلوا جميعا.
الأزمة
في المخيم الرئيسي، نشر جواسيس السلاجقة إشاعة ان الألمان الذين سيطروا على زيريغوردون قد سيطروا أيضا على نيقية، الأمر الذي أدى إلى تحمس الصليبيين ان يصلوا إلى هناك بالسرعة الممكنة كي لا يفوتوا نصيبهم من الغنائم، وبالطبع نصب السلاجقة كمائن على الطريق إلى نيقيا. وعندما وصلت الأخبار الحقيقية بشأن ما حصل في زيريغوردون للصليبيين. تحول الحماس إلى هلع. كان بطرس الناسك قد عاد إلى القسطنطينية لترتيب شؤون الإمدادات وكان من المفترض عودته قريبا، وفضل معظم القادة انتظار عودته (وهو لم يعد أبدا في الواقع). على كل فإن غوفري بوريل، الذي كان لديه شعبية واسعة بين الجموع، قال بأنه من الجبن الانتظار، وان عليهم التحرك ضد السلاجقة في الحال. وكان له ما أراد: ففي صباح 21 أكتوبر تحرك كامل الجيش ب20،000 مقاتل باتجاه نيقية، تاركين النساء والأطفال والعجائز والمرضى خلفهم في المخيم.
على بعد ثلاثة أميال من المخيم، حيث أصبح الطريق ضيقا، في وادي مشجر قرب قرية دراكون، كان الكمين منتظرا. فبدا وابل من السهام تنهمر عليهم، فانتشر الهلع فورا، وحاولت تلك القوة العودة للمخيم هاربين من المعركة، ولكنهم هزموا وقتل الكثير منهم. ولم يبق إلا الأطفال والذين استسلموا، وسحق الآلاف من الذين حاولوا المقاومة. ونجح ثلاثة آلاف من بينهم جيوفري بوريل بالفرار إلى قلعة مهجورة. وبالنهاية أبحر البيزنطيون إلى الصليبيين ورفعوا الحصار عنهم؛ عادت هذه الآلاف القليلة إلى القسطنطينية، وهم الناجون الوحيدون من الذين شاركوا بحملة الفقراء الصليبية.
مراجع
- "Army of Peter the Hermit". مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
- Victory in the East: A Military History of the First Crusade, (Cambridge University Press, 1997), pg. 159 نسخة محفوظة 18 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.