أحد أهم أحياء العاصمة السورية دمشق, ويقع في سفح جبل قاسيون من الجهة الغربية في منطقة كان اسمها القديم "تحت الردادين" التي كانت ملكاً لآل المؤيد العظم، وكانت قبلها ملكاً إقطاعياً لبهاء بك في عصر الوالي العثماني حمدي باشا [1]. وبعد التوسع العمراني الذي شهدته دمشق، أصبح الحي منطقة إدارية (بلدية) تضم عدة أحياء.
تسميته وتاريخه
أطلق على المنطقة اسم المهاجرين منذ بداية القرن العشرين عندما جاءها جماعة من المهاجرين، من كريتيين وأتراك وشراكس ووسواهم ممن قدموا إليها بهجرات مختلفة الأسباب، أول المهاجرين كانوا من البلقان الذين وصلوا عام 1890 ثم من الروملي عام 1896 ومن كريت عام 1900 وقد بقيت في الحي عائلات تركية كثيرة في سورية بعد رحيل الحكم التركي 1919 م.
كما بقيت أقليات قادمة من المحافظات السورية, فجميع من قطن في المنطقة حينها تجمعهم الغربة وحميميتها كأنهم أقرباء[2].
سبب الهجرة
هاجر سكان كريت من المسلمين بعد المحنة التي أصابتهم من اليونان، يومها أسكنهم الوالي ناظم باشا هذه المنطقة، وكانت ملكاً لآل المؤيد العظم، يعود الفضل في هجرة هؤلاء الناس إلى الوالي ناظم باشا آخر ولاة العثمانيين على دمشق حيث قام بإسكان المهاجرين القادمين إلى دمشق في المنطقة المذكورة كما بنى لنفسه قصراً كبيراً فيها هو قصر المهاجرين الشهير. وفي هذا شاهد على احتضان الشام وإدماجها كل الأقليات والعرقيات على اختلاف مشاربهم.
أهم مناطق الحي
قصر المهاجرين
تذكر المصادر أن الوالي العثماني ناظم باشا ضاق صدره واكتئب، فأمر أعوانه أن ببناء مكانٌ له يستريح فيه من ضوضاء المدينة وما هي إلا ساعة حتى أقاموا له كوخ على سفح جيب قاسيون فجلس مذعورا مسحورا بالجمال الاخاذ وقال: "إن الله عندما خلق الكون قسم الجمال نصفين، اعطى النصف الأول لهذا المكان ووزع النصف الثاني على باقي الارض" فقالوا له: "يا سيدي هذا المكان بعيد لا ماء ولا نبات ويحتاج السفر اليه ساعة كاملة", لكنَّ الوالي اصرَّ على البناء فبني القصر ليكون مقراً له وليصبح فيما بعد "القصر الجمهوري".
شارع ناظم باشا
يقع شرق منطقة المهاجرين وهو شارع موازي لنهر يزيد ويعتبر أهم شوارع الحي.
ساحة خورشيد
سميت الساحة كذلك نسبة لمالك قصر المهاجرين "خورشيد وهبي المصري" الذي اشتراه من "ناظم باشا" قبل إنجازه.
مصطبة الإمبراطور
أقيمت لاستعراض الجند عند زيارة الإمبراطور الألماني "غليوم الثاني" لدمشق عام 1898م وماتزال حتى الآن، وتسمى بمصطبة الإمبراطور وتعرف أيضاً الآن بحي المصطبة.
حي السلامة
تقع أعلى حي المهاجرين فيما يسمى بحي السلامة، ويدعى أيضاً "السلمية" وينسب الحي إلى التربة السَّلامية، ويقع قرب جامع الأفرم.
حارة المدارس
كانت تحوي عدداً من المدارس وتعتبر المنطقة الآن أشبه بالمدينة الجامعية، ولقد بقي عدد من هذه المدارس نذكر منها:الكجرية، الأتابكية, اليغمورية، المرشدية, الجهاركسية، وأقدمها هي الصاحبة. اليغمورية والكجكرية والمرشدية والأتابكية والجهاركسية ومدرسة الصاحبة وهي أقدمها.
الحلالات والجبل
هي حارات صغيرة تقع شمال حي المهاجرين، فيها مايشبه أحياء دمشق القديمة في متاهتها وتفرعها وضيقها، فبيوتها تنبت على صخرٍ قاسٍ.
الحي في ذاكرة الدمشقيين
فضلاً عن موقعه المتميز وسط العاصمة فإنَّ للحي ذاكرة جميلة وكبيرة في عقول الدمشقيين، يقول الشيخ البهائي: "الناس هربت إلى هنا خوفاً من الشام التي ماعاد القمر يظهر فيها" فالناس كانت ومازالت تذهب إلى المهاجرين لكي تستمتع بالقمر وبصوت موسيقي يخرج من العدم ويصدح في الليالي إلى أبعد مدى... والناس تحب المهاجرين لأنها تستطيع أن ترى فيها الشام عن بعد دون تفاصيل وجهها... عندما تبدو هذه المدينة المرأة ساحرة دون غواية. لا تشبه المهاجرين أي حي آخر فبيوتها تتراكب وتتراكم حتى تصل إلى ما قبل قمة جبل قاسيون بقليل وهي ماتزال تتسلقها بدأب، كأنها، الأطفال يملئون الشوارع التي هي عبارة عن أدراج ضيقة ومتفرعة وصاعدة، والطريق هو انتشار سيارات "سوزكي" التي يشعر راكبها في شوارع الحي بأنه في أحد قطارات الملاهي.
السكان
أطفال الحي
الأطفال لا يعرفون الملاهي لكن لهم امتيازاتهم وهي حريتهم فلن يقول لهم أحد حاذر السيارات والغرباء، فأكثر مايحبه هؤلاء الناس هم الغرباء مثلهم فهمناك من الطبيعي أن تسمع منهم عبارات محكية باللهجة الشامية مثل: "نحنا من حلب ومن الشام يعني من الشام أكثر" أو أن يقول:"البابا بقول أصلنا يوناني بس نحنا منحكي شامي بس" كما أنَّه من الطبيعي أن يصبح مرشدك طفل يحفظ المنطقة بصماً ثم ويدخلك إلى حارات لم تكن لتتصور وجودها.
التفاوت الإجتماعي في الحي
المنطقة معروفة بفقر قاطنيها وكلما اقتربنا من قمة قاسيون كلما كان الفقر أشد فيما الجادات الأولى يسكنها أغنياء العاصمة بل أن بيوتها هي الأغلى سعراً, فيما ترى البيوت في القمة بلا شبابيك وقد التصق بالجبل فجعل أحد جدرانه متكئاً له، فكلما صعدنا إلى الأعلى أكثر كلما كان الفقر أشد وأصعب.
وادي بردى يقسم المهاجرين إلى قسمين
يقسم وادي بردى قاسيون إلى قسمين رئيسين، قسم جنوبي ويدعى جبل عنتر وعليه أقيم قصر الشعب، وقسم شمالي المشهور باسم قاسيون، يقسم نهر يزيد سفحه المطل على دمشق إلى قسمين، قسم أعلى صخري أجرد، خال من الخضرة لشدة انحداره، ظل خالياً من السكان حتى نهاية القرن الماضي.
في أعلى قاسيون مغارة الأربعين، وسميت كذلك حسب أسطورة تقول أن رجلاً رأى فيها أربعين رجلاً يصلون، ثم خرج بحاجة وعندما عاد لم يجد منهم أحداً.
المهاجرين إلى قاسيون أسبغوا على حيهم طابعاً مميزاً إذ نقلوا إليها طراز أبنيتهم ومنها منازل القرميد كما اشتهروا بالتدين القوي والتعفف والقوة البدنية والروحية
الوالي ناظم باشا أنشأ الثكنة الحميدية والسرايا والقصر الجمهوري في المهاجرين، والمستشفى الوطني، وجر الماء من عين الفيجة، كما أنشأ ناظم باشا في الجهة الغربية من جبل قاسيون حياً للمهاجرين.
مراجع
- حي المهاجرين دليل على عراقة أهل الشام, http://tishreen.news.sy/tishreen/public/read/296177</ref
- حكاية حي المهاجرين http://www.aram-grp.com/index.php?d=220&id=41</ref