يُعرف خليفة بن يوسف بأنه قائد سياسي محنّك وممّن لعب دور هام في تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة وله تأثير على الحياة السياسية والاقتصادية في منطقة الخليج العربي في ذلك الوقت انطلاقاً من إمارة أبوظبي. كما شغل خليفة بين يوسف مناصب عديدة حسّاسة في الدولة.
كان خليفة بن يوسف رجل دولة ورجل أعمال معروف، وكان آخر محافظ لمدينة أبوظبي. ولد في عام 1915 في أبو ظبي وكان أكبر إخوته وتولى الأعمال التجارية لوالده، يوسف بن أحمد بن عبيد السويدي. في تلك الأيام، لم تكن هناك خطوط تجارية مباشرة مع الهند، وكانت احتياجات أبوظبي التموينية يتم تأمينها من البحرين. وقد بدأت تجارة خليفة بن يوسف بـ داو واحد، اسمه دار السلام، يقوم بالرحلة إلى البحرين لاستيراد الأرز والسكر والتوابل وشتى أنواع المنتجات والمواد الاستهلاكية.
وبنهاية عصر صيد اللؤلؤ في أبو ظبي، وبما إتسم به من موهبة ومبادرة، إتسعت تجارة خليفة بن يوسف. وأصبح بعد حين وكيلاً حصرياً لعدد من النتجات والصناعات الرئيسية مثل شركة البترول البريطانية(PB)، روثمانز ، فيليبس، حليب راينبو، بالموليف ، وفوكسهول موتورز، وبيدفورد موتورز. وعرفت شاحناته باسم "نشالة" في اللهجة المحلية.
كان خليفة بن يوسف يتمتع بشخصية حاذقة ومتنوعة المواهب، وكان يتحلى بالهدوء والصبر، بالإضافة إلى ميزات رجل الدولة الفذ من إيجابية وروح المبادرة. ولعب دوراً سياسياً بارزاً في أبو ظبي، وشغل مناصب حساسة عديدة في وقت واحد، إذ كان مستشاراً لحاكم أبوظبي الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، كما ترأس ديوانه وكان سكرتيره. وكان تأثيره عميقاً إلى حد أن العديد من مشاريعه ما زال ماثلاً إلى يومنا هذا في عدد من المؤسسات الرئيسية في البلاد، مثل بنك أبوظبي الوطني وشركة تلفزيون أبو ظبي. وعُرف خليفة بن يوسف بلقب "محافظ أبوظبي" حتى وفاته.
كانت الوفاة في منزله في أبو ظبي بعد ظهر يوم 13 أغسطس 1971. قبل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاكم أبو ظبي، التعازي في مجلس قصر المنهل الرئاسي في أبوظبي. وعبر الشيخ زايد عن خسارته بفقدان خليفة بن يوسف قائلاً: "اليوم كأنني فقدت ساعدي الأيمن."
حياته الشخصية
وُلد خليفة بن يوسف بن أحمد بن عبيد السويدي كأكبر إخوته في عام 1915م في إمارة أبوظبي. بدأ خليفة حياته العملية في مجال اللؤلؤ وبعد ذلك عمل على توسيع أعماله التجارية. في ذلك الوقت لم تكن هناك أي خطوط تجارية مباشرة تربط أبوظبي بالهند، لذلك كان على الصادرات والواردات من وإلى أبوظبي العبور بمملكة البحرين. تولّى خليفة أعمال العائلة التي امتلكت مراكب شراعية ومن أبرزهم مركب دار السلام لاستراد الأرز والسكّر والتوابل والبضائع الأساسية والاستهلاكية المختلفة.
وهو شقيق السيد عمير بن يوسف والسيدة عوشة بنت يوسف رحمها الله والدة الدكتور مانع سعيد العتيبة، ووالدته هي السيدة مصيفة بنت محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مانع بن عيلان بن فاضل المهيري رحمها الله، من شيوخ عشيرة آل بومهير ووالدها محمد بن عبد الله ابن خالة الشيخ مانع بن راشد آل مكتوم.
أعماله
بعد انتهاء فترة صيد اللؤلؤ في أبوظبي، بحث خليفة بن يوسف على اتجاه جديد للأعمال وسرعان ما قام بتمثيل عدد من أكبر الشركات مثل شركة النفط البريطانية (بي بي)، روثمانز، فيليبس، راينبو ميلك، بالموليف، فوكسهول موتورز، بيدفورد موتورز.[1]
وفي عام 1953م تم منح شركة دارسي للاستكشاف (التي اختصّت بعمليات الاستكشاف لشركة النفط البريطانية) الامتياز لبدء العمل في البحر وتم تحويلها لاحقاً إلى شركة وأصبح اسمها شركة أبوظبي للمناطق البحرية (ادما)، وكانت الشركة مشروع ساهم فيه كل من شركة النفط البريطانية وشركة النفط الفرنسية (حالياً توتال). في عام 1958م وباستخدام آلات الحفر في البحر استطاعت شركة أدما استخراج النفط من حقل أم شيف وبعدها حقل مربان في عام 1960م ومن بعده حقل بوحصا في عام 1962م ومن ثم حقل زاكوم البحري في 1965م.
التأثير على الاقتصاد
هناك عدد من المؤسسات الكبرى اليوم في الإمارات العربية المتحدّة التي تشهد على مساهمات ومشاريع خليفة بن يوسف الفعّالة في المنطقة. حيث ساهم خليفة في تأسيس عدد المؤسسات الهامة في الإمارات.
ومن هذه المؤسسات شركة تلفزيون أبوظبي والتي تم تأسيسها في عام 1968 بتصريح من حاكم أبوظبي لخليفة بن يوسف وتحوّلت شركة تلفزيون أبوظبي فيما بعد إلى شركة أبوظبي للإعلام والتي تمتلك اليوم عدداً من القنوات التلفزيونية والإذاعية البارزة مثل قناة الإمارات وقناة أبوظبي وقنوات أبوظبي الرياضية وجريدة الاتحاد وذا ناشينول وقناة ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي وغيرها.
كما كان لخليفة دور رئيسي في تأسيس بنك أبوظبي الوطني في عام 1968 كأوّل بنك في أبوظبي وأوّل بنك تجاري ووطني في الإمارة، حيث اقترح خليفة بن يوسف في ذلك الوقت على الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم الإمارة بتأسيس هذا البنك قائلاً "يجب أن تمتلك أبوظبي بنكها الخاص لشعبها بدلاً من الاستثمار في البنوك الأجنبية". كان الشيخ زايد يثق في خليفة بن يوسف ويحبه ويعلم مدى رغبته في تقديم كل ما هو نافع ومفيد لإمارة أبوظبي. وبناءاً على ذلك أصدر الشيخ زايد قراراً يعطي خليفة بن يوسف السلطة لتأسيس بنك أبوظبي الوطني وعمل على إدارته حتّى توفاه الله تعالي. في عام 2017 تم اندماج بنك أبوظبي الوطني مع بنك الخليج الأول ليصبح بنك أبوظبي الأول كأكبر بنك في الإمارات. بالإضافة إلى أنه كان عضواً في مجلس إدارة اللجنة المسؤولة عن استثمارات الصناديق الحكومية التي تُعرف يومنا هذا باسم جهاز أبوظبي للاستثمار وترأس الجهود المبذولة لتأسيس غرفة تجارة وصناعة أبوظبي وأصبح أيضاً عضواً في مجلس إدارة الغرفة.[2]
الدور السياسي
كان خليفة بن يوسف السويدي المستشار السياسي والممثّل الشخصي لحاكم أبوظبي حينذاك الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان وبالإضافة لذلك كان رئيس الديوان والأمين العام للحاكم. تولّى خليفة مسؤولية هذه المناصب وأدّى دوره بحكمة ليكون له التأثير الإيجابي في سياسة المنطقة ما قبل الاتحدد وفي تأسيس مجال صناعة النفط الذي كان ما يزال في بداياته. كما كان مدير العلاقات الأجنبية ومسؤولاً عن المفاوضات التي كانت تتم مع بعض شركات النفط التي لها مقرات في دولة الإمارات حتّى اليوم وكان له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في تطوير العلاقات الدولية بين الإمارات وبريطانيا وأدار جميع الاجتماعات والمفاوضات لتوفير أفضل الحلول لصالح الإمارات. [3][4]
كان لخليفة بن يوسف دوراً محورياً هاماً في توحيد دولة الإمارات حيث كان جزءاً من المجلس الذي عمل جاهداً على التفاوض لتوحيد الدولة. وبعدما أصبح الشيح زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي في عام 1966، استمر خليفة في العمل مع الشيخ زايد حتّى تم اتحاد الإمارات السبع في دولة واحدة في الثاني من ديسمبر عام 1971، ولكن للأسف لم يشهد خليفة هذا التوحيد حيث توفته المنيّة قبل أن يرى تكليل جهوده بتوحيد الدولة.
الشؤون المحلية
تولّى خليفة بن يوسف السويدي في عام 1969 نائب رئيس المجلس لبلدية أبوظبي. وتم تعيينه كنائب رئيس ووكيل وزارة البلديات والزراعة، كما تم إعطائه لقب بمحافظ إمارة أبوظبي وهو اللقب الذي انفرد به خليفة بن يوسف.[5]
السنوات الأخيرة ووفاته
في يوم السبت ذهب خليفة بن يوسف لمقر عمله ببلدية أبوظبي وأدى صلاة الظهر في المكتب وبعد انتهائه من المكتب رجع إلى منزله وتناول الغداء، ثم أجرى مكالمة هاتفية مع معالي الدكتور محمد بن سعيد البادي الذي كان رئيس الأركان والمرافق العسكري للحاكم آنذاك لمناقشه جدول الزيارة له مع الشيخ زايد بن سلطان لاعتماد المخطّط النهائي لمدينه الوثبة، وكان مخطط لهذه الزيارة في عصر ذلك اليوم ولكن وافته المنيّة خلال هذه المكالمة الهاتفية. كانت جميع زوجاته وابنه الأكبر أحمد بن خليفه في مدينة العين ولم يكن معه أحد في المنزل غير خادمه الذي استدعى على الفور الشيخ أحمد بن حامد ومعالي أحمد بن خلف بن أحمد العتيبة للقدوم للمنزل وتبعهم ثاني أكبر أبنائه محمد بن خليفه السويدي.[6][2]
انتقل خليفة بن يوسف بن أحمد السويدي أثر نوبة قلبيه إلى رحمة الله في منزله في أبوظبي بعد ظهر يوم الثالث عشر من أغسطس لعام 1971م حيث قام غسله بالفور بعد صلاه العصر ليواروا جثمانه الطاهر الثرى بمقبرة البطين في ابوظبي بحضور الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأهله وأقربائه واستقبل حاكم أبوظبي العزاء في قصر المنهل الرئاسي في أبوظبي وعبّر الشيخ زايد عن حزنه قائلاً "اليوم فقدت ساعدي الأيمن". [7][8]
مصادر
- مقال في ذا ناشيونال عن خليفة بن يوسف - تصفح: نسخة محفوظة 26 يوليو 2015 على موقع واي باك مشين.
- أبوظبي: شركة أبوظبي للطباعة والنشر، 1971. ص 36.
- أبوظبي: في الذكري الخامسة لتولي الشيخ زايد مقاليد الحكم في أبوظبي. مركز الوثائق والأبحاث، ص 34.
- أبوظبي بين الماضي والحاضر. بيروت: مكتب الوثائق والأبحاث، 1969. ص 67.
- الموقع الرسمي لخليفة بن يوسف - تصفح: نسخة محفوظة 17 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- أبوظبي – ألبوم عربي. رونالد كودراي، 1992. ص 144 و 145.
- أبوظبي: في الذكري الخامسة لتولي الشيخ زايد مقاليد الحكم في أبوظبي. مركز الوثائق والأبحاث، ص 34
- أبوظبي بين الماضي والحاضر. بيروت: مكتب الوثائق والأبحاث، 1969. ص 67.