الرئيسيةعريقبحث

دفاع النباتات ضد العواشب


☰ جدول المحتويات


يفرز نبات القمعية مواداً كيميائية عديدة ذات تأثير مميت مثل الغليكوزيدات القلبية والستيرويدية.

دفاع النبات ضد الحيوانات العاشبة (بالإنجليزية: Plant defense against herbivory) أو مقاومة النبات العائل (بالإنجليزية: Host-plant resistance) (اختصارًا: HPR) هو مجموعة من التكيفات التي طورتها النباتات لتحسين قدرتها على البقاء والتكاثر من خلال تقليل تأثير الحيوانات العاشبة. يمكن أن تحس النباتات عندما تُلمَس، ويمكن أن تستخدم استراتيجيات عديدة للدفاع عن نفسها في مواجهة الضرر الذي تسببه الحيوانات العاشبة. تُنتج العديد من النباتات مستقلبات ثانوية تعرف باسم الألومونات (Allomones)‏ تؤثر على سلوك الحيوانات العاشبة ونموها وبقائها. يمكن أن تكون الدفاعات الكيميائية طاردة أو سامة للحيوانات العاشبة، أو تقلل استساغة تلك الحيوانات لها.[1]

من الاستراتيجيات الدفاعية الأخرى التي تستخدمها النباتات الهروب أو تجنب الحيوانات العاشبة في أي زمان أو\و أي مكان، مثال على ذلك: النمو في موقع لا تستطيع الحيوانات العاشبة الوصول إليه أو ملاحظته، أو عن طريق تغيير أنماط النمو الفصلية. من الطرق الأخرى تحويل الحيوانات العاشبة إلى تناول الأجزاء غير الضرورية، أو تعزيز قدرة النبات على التعافي من الضرر الناجم على الحيوانات العاشبة. تشجع بعض النباتات وجود الأعداء الحيوية للحيوانات العاشبة التي تقوم بدورها بحماية النباتات. يمكن أن يكون كل نوع من الدفاعات تكوينيًا (موجودًا بشكل دائم في النبات)، أو مستحثًا (تنتجه النباتات في رد فعل على الضرر أو الضغط الذي تسببه الحيوانات العاشبة).

تاريخيًا، الحشرات هي الحيوانات العاشبة الأكثر أهمية، وتطور النباتات الأرضية مرتبط ارتباطاً وثيقًا بتطور الحشرات. في حين أن معظم دفاعات النباتات موجهة ضد الحشرات، تطورت دفاعات أخرى موجهة ضد الحيوانات العاشبة الفقارية مثل الطيور والثدييات. دراسة دفاعات النباتات ضد الحيوانات العاشبة مهمة، ليس فقط من وجهة نظر تطورية، بل أيضًا للتأثير المباشر لهذه الدفاعات على الزراعة، بما في ذلك مصادر الغذاء البشرية والحيوانية، وبصفتها وسائل مكافحة حيوية في برامج المكافحة الحيوية للآفات، بالإضافة إلى البحث في الخصائص الدوائية للنباتات.

تطور الصفات الدفاعية

تطورت أولى النباتات الأرضية من النباتات المائية قبل قرابة 450 مليون سنة تقريبًا في العصر الأردوفيشي. تأقلمت العديد من النباتات مع البيئة الأرضية المفتقرة لعنصر اليود عن طريق إخراج اليود من عملياتها الاستقلابية. في الحقيقة، اليود ضروري فقط للخلايا الحيوانية. من الأفعال المضادة للطفيليات هي منع نقل اليود في الخلايا الحيوانية عن طريق تثبيط ناقل يوديد الصوديوم (بالإنجليزية: Sodium-Iodide symporter) (بالإنجليزية اختصارًا: NIS). العديد من مبيدات الحشرات النباتية هي غليكوزيدات (مثل سموم الديجيتوكسين القلبية) وغليكوزيدات سيانوجينية محررة للسيانيد (الذي يثبط عمل أنزيم سيتوكروم سي أوكسيداز وناقل يوديد الصوديوم) السام بالنسبة لجزء كبير من الطفيليات والحيوانات العاشبة وليس سامًا للخلايا النباتية، والذي يبدو مفيدًا للنباتات لدوره في مرحلة سكون البذور. اليوديد ليس مبيدًا حشريًا، ولكن يتحول عند أكسدته بواسطة أنزيمات البيروكسيداز في الخضروات إلى اليود الذي هو مضاد أكسدة قوي، تصبح لديه مقدرة على قتل البكتريا والفطريات والأوليات.[2][3]

شهد العصر الطباشيري ظهور المزيد من آليات الدفاع النباتية. ارتبط تنوع النباتات الزهرية (مغلفات البذور) في ذلك الوقت بالتنوع الكبير والمفاجئ للحشرات. مثل تنوع الحشرات ذلك قوة انتخابية مهمة في عملية تطور النباتات، وأدى إلى انتخاب النباتات التي تمتلك تكيفات دفاعية. كانت الحشرات العاشبة الأولى من ذوات الفكوك، تقطع أو تقضم الغطاء النباتي، ولكن أدى تطور النباتات الوعائية إلى التطور المرافق لأشكال أخرى من أشكال التغذي على الأعشاب، مثل مص العصارة، وحفر الأنفاق في الأوراق، وتشكيل الثآليل، والتغذي على الرحيق.[4][5]

قد يحدد مستوى المركبات الدفاعية في الأنواع النباتية المختلفة الوفرة النسبية لتلك الأنواع في المجتمعات البيئية التي تتضمن الغابات وأراضي الأعشاب. نظرًا إلى أن تكلفة استبدال الأوراق المتضررة تكون أكبر في الظروف التي تكون فيها الموارد شحيحة، فقد تلجأ النباتات إلى توظيف المزيد من الموارد في آلياتها الدفاعية ضد الحيوانات العاشبة في المناطق التي تعاني قلة في الماء والعناصر المغذية.[6]

الأنواع

يمكن تصنيف الدفاعات النباتية عمومًا إلى دفاعات تكوينية ومستحثة. تكون الدفاعات التكوينية موجودة بشكل دائم في النباتات، بينما تنتَج الدفاعات المستحثة أو تُمثَّل في الموقع عندما يُصاب النبات. يوجد تباين كبير في تكوين وتركيز الدفاعات التكوينية، وتتراوح بين الدفاعات الميكانيكية والمقللة للاستساغة والسموم. العديد من الدفاعات الميكانيكية الخارجية والدفاعات الكمية الكبيرة هي تكوينية، وتتطلب كمية كبيرة من الموارد لإنتاجها ويصعب تمثيلها. تُستخدم العديد من الطرق الجزيئية والبيوكيميائية لتحديد آلية استجابات الدفاعات النباتية التكوينية والمستحثة ضد الحيوانات العاشبة.[7][8][9][10][11]

تتضمن الدفاعات المستحثة نواتج التمثيل الثانوية، بالإضافة إلى التغيرات المورفولوجية والفيزيولوجية. تتميز الدفاعات المستحثة بالمقارنة مع التكوينية بأنها تُنتَج فقط عند الحاجة إليها، وبالتالي قد تكون أقل تكلفة، وخاصة عند يكون تغذي الحيوانات العاشبة عليها متغيرًا. تشمل أنماط الدفاع المستحث المقاومة المكتسبة الجهازية والمقاومة المستحثة الجهازية النباتية.[12][13][14]

الدفاعات الكيميائية

يرتبط تطور الدفاعات الكيميائية عند النباتات بظهور المركبات الكيميائية التي لا تدخل في عمليات التمثيل الضوئي والعمليات الاستقلابية الضرورية. تلك المركبات (نواتج الاستقلاب الثانوية) هي مركبات عضوية لا تدخل بشكل مباشر في النمو الطبيعي وتطور وتكاثر الكائنات، وتُنتج عادة بصفتها نواتج ثانوية أثناء تمثيل النواتج الاستقلابية الأولية. على الرغم من الاعتقاد بأن نواتج الاستقلاب تلك تلعب دورًا رئيسيًا في الدفاع ضد الحيوانات العاشبة، أظهر تحليل استعراضي للدراسات الحديثة ذات الصلة بأن لديها تدخلًا إما أقل في الدفاع (عند مقارنتها بالمستقلبات غير الثانوية، مثل النواتج الأولية الكيميائية والفيزيولوجية) أو تدخلًا أكثر تعقيدًا.[15][16][17][18]

المستقلبات النوعية والكمية

تتميز المستقلبات الثانوية غالبًا بأنها إما نوعية أو كمية. تُعرَّف المستقلبات النوعية بأنها سموم تتدخل في استقلاب الحيوانات العاشبة، وغالبًا عن طريق منع تفاعلات كيميائية محددة. توجد المركبات الكيميائية النوعية في النباتات بتراكيز قليلة نسبيًا (غالبًا أقل من 2% من الوزن الجاف)، ولا تعتمد في تأثيرها على الجرعة. تكون عادة جزئيات صغيرة منحلة في الماء، لذلك يمكن تمثيلها بسرعة، ونقلها وتخزينها باستهلاك طاقة أقل نسبيًا في النبات. تكون الألومونات النوعية عادة فعالة ضد الحيوانات العاشبة العامة غير المتكيفة.

المركبات الكيميائية الكمية هي تلك التي توجد بتراكيز عالية في النباتات (5 - 40% من الوزن الجاف) وتكون فعالة بشكل متساوٍ ضد الحيوانات العاشبة العامة والمتخصصة. العديد من المستقلبات الكمية هي مقللات للاستساغة، تجعل الجدر الخلوية للنبات غير مستساغة بالنسبة للحيوانات. تكون تأثيرات المستقلبات الكمية معتمدة على الجرعة وكلما ازدادت نسبة تلك المواد الكيميائية في طعام الحيوان العاشب، تقل المواد الغذائية التي يمكن للحيوان العاشب أن يحصل عليها من الأنسجة النباتية. نظرًا إلى كونها جزيئات كبيرة نسبيًا، تستهلك تلك الدفاعات طاقة كبيرة لإنتاجها والحفاظ عليها، وغالبًا ما يأخذ تمثيلها ونقلها وقتًا أطول. ينتج نبات اللقلقي (الجيرانيوم) على سبيل المثال مركبًا كيميائيًا فريدًا في بتلات أزهاره للدفاع عن نفسه ضد الخنافس اليابانية. يشل المركب الكيميائي الحشرة بعد 30 دقيقة من تناوله. في حين أنه يزول تأثير هذا المركب عادةً بعد بضع ساعات، غالبًا ما تُلتهم تلك الخنفساء أثناء ذلك من قبل مفترساتها.[19][20]

يرقات خنفساء بطاطس كولورادو تلتهم ورقة نبات

اقرأ أيضاً

المراجع

  1. Boyd, Jade (2012). "A bit touchy: Plants' insect defenses activated by touch". Rice University. http://news.rice.edu/2012/04/09/a-bit-touchy-plants-insect-defenses-activated-by-touch-2/
  2. Venturi, S.; Donati, F.M.; Venturi, A.; Venturi, M. (2000). "Environmental Iodine Deficiency: A Challenge to the Evolution of Terrestrial Life?". Thyroid. 10 (8): 727–9. doi:10.1089/10507250050137851. PMID 11014322.
  3. Venturi, Sebastiano (2011). "Evolutionary Significance of Iodine". Current Chemical Biology. 5 (3): 155–162. doi:10.2174/187231311796765012.
  4. Ehrlich, Paul R.; Peter H. Raven (December 1964). "Butterflies and plants: a study of coevolution". Evolution. 18 (4): 586–608. doi:10.2307/2406212. JSTOR 2406212.
  5. Labandeira, C.C.; D.L. Dilcher, D.R. Davis, D.L. Wagner; Davis, D. R.; Wagner, D. L. (1994). "Ninety-seven million years of angiosperm-insect association: paleobiological insights into the meaning of coevolution" ( كتاب إلكتروني PDF ). Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America. 91 (25): 12278–82. Bibcode:1994PNAS...9112278L. doi:10.1073/pnas.91.25.12278. PMC . PMID 11607501. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 01 أكتوبر 2007.
  6. Keddy, P.A. 2007. Plants and Vegetation: Origins, Processes, Consequences. Cambridge University Press, Cambridge, UK. 666 p. Chapter 7. نسخة محفوظة 11 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  7. Walling, L.L. (2000). "The myriad plant responses to herbivores". J. Plant Growth Regul. 19 (2): 195–216. doi:10.1007/s003440000026. PMID 11038228.
  8. Wu, J.; Baldwin, I.T. (2009). "Herbivory-induced signalling in plants: Perception and action". Plant Cell Environ. 32 (9): 1161–1174. doi:10.1111/j.1365-3040.2009.01943.x. PMID 19183291.
  9. Sarmento, R.A.; Lemos, F.; Dias, C.R.; Kikuchi, W.T.; Rodrigues, J.C.P.; Pallini, A.; Sabelis, M.W.; Janssen, A. "A herbivorous mite down-regulates plant defence and produces web to exclude competitors. PLoS One 2011; 6, doi:10.1371/journal.pone.0023757
  10. Sangha, J.S.; Yolanda; Chen, H.; Kaur, Jatinder; Khan, Wajahatullah; Abduljaleel, Zainularifeen; Alanazi, Mohammed S.; Mills, Aaron; Adalla, Candida B.; Bennett, John; Prithiviraj, Balakrishnan; Jahn, Gary C.; Leung, Hei (2013). "Proteome Analysis of Rice (Oryza sativa L.) Mutants Reveals Differentially Induced Proteins during Brown Planthopper (Nilaparvata lugens) Infestation". International Journal of Molecular Sciences. 14 (2): 3921–3945. doi:10.3390/ijms14023921. PMC . PMID 23434671.
  11. Traw, Brian M.; Todd E. Dawson (May 2002). "Differential induction of trichomes by three herbivores of black mustard" ( كتاب إلكتروني PDF ). Oecologia. 131 (4): 526–532. Bibcode:2002Oecol.131..526T. doi:10.1007/s00442-002-0924-6. PMID 28547547. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 27 سبتمبر 2007.
  12. Karban, Richard; Anurag A. Agrawal; Marc Mangel (July 1997). "The benefits of induced defenses against herbivores". Ecology. 78 (5): 1351–1355. doi:10.2307/2266130. hdl:1813/66776. JSTOR 2266130. مؤرشف من الأصل في 21 مارس 200627 مايو 2007.
  13. Choudhary, Devendra K.; Prakash, Anil; Johri, B. N. (December 2007). "Induced systemic resistance (ISR) in plants: mechanism of action". Indian Journal of Microbiology. 47 (4): 289–297. doi:10.1007/s12088-007-0054-2. PMC . PMID 23100680.
  14. Conrath, Uwe (2006). "Systemic Acquired Resistance". Plant Signaling & Behavior. 1 (4): 179–184. doi:10.4161/psb.1.4.3221. PMC . PMID 19521483.
  15. Fraenkel, G. (1959). "The raison d'être of secondary plant substances". Science. 129 (3361): 1466–70. Bibcode:1959Sci...129.1466F. doi:10.1126/science.129.3361.1466. PMID 13658975.
  16. Whittaker, Robert H. (1975). Communities and ecosystems. New York: Macmillan.  . مؤرشف من الأصل في 24 يناير 2020.
  17. Carmona, Diego; Marc J. Lajeunesse; Marc T.J. Johnson (April 2011). "Plant traits that predict resistance to herbivores" ( كتاب إلكتروني PDF ). Functional Ecology. 25 (2): 358–367. doi:10.1111/j.1365-2435.2010.01794.x. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 12 فبراير 202026 يونيو 2011.
  18. Whittaker, Robert H. (1970). "The biochemical ecology of higher plants". In Ernest Sondheimer; John B. Simeone (المحررون). Chemical ecology. Boston: Academic Press. صفحات 43–70.  .
  19. Theis, Nina; Manuel Lerdau (2003). "The evolution of function in plant secondary metabolites" ( كتاب إلكتروني PDF ). International Journal of Plant Sciences. 164 (3 Suppl): S93–S102. doi:10.1086/374190. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 18 أبريل 2007.
  20. "Geraniums and Begonias". مؤرشف من الأصل في 27 مارس 201515 يناير 2014.


موسوعات ذات صلة :