الدولة الفيدرالية أو الدولة الاتحادية هي كيان سياسي يتمتع باتحاد مقاطعات ذاتية الحكم جزئياً، أو ولايات، أو غيرها من المناطق تحت مظلة حكومة مركزية فيدرالية (انظر الفدرالية). يُنص على ذاتية الحكم بالنسبة للمقاطعات أو الولايات في الدولة الفيدرالية في الدستور، وعلى تقاسم السلطة بين الحكومة المحلية والحكومة المركزية، ولا يمكن تغيير ذلك بقرار فردي لأي طرف من الطرفين: الولايات أو الكيان الفيدرالي. تُعتبر الدولة الفيدرالية شكلاً من الحكومات تنقسم السلطة فيه رسمياً بين السلطة المركزية وعدد من المناطق المكونة للدولة، لتكون لكل منطقة درجة من التحكم الذاتي في شؤونها.
يدور الجدل حول أهلية الولايات الفيدرالية التي تطغى على نفوذها السلطة الفيدرالية المركزية، ويتجلى مثل هذا الطغيان في الحق الدستوري للسلطة المركزية في تعليق حكومة ولاية فيدرالية بإدعاء سوء الإدارة أو التوتر المدني، أو أن تتبنى الدولة المركزية تشريعاً قومياً ينتهك سلطات الولايات المكونة واستدعاء السلطة الدستورية للحكومة الفيدرالية المركزية بالحق في الحفاظ على «السلام والخير» أو بتطبيق إلزامات تعاقدت عليها الحكومة المركزية في معاهدة دولية.
تُشكل البنية الحكومية والدستورية الموجودة في الدولة الفيدرالية مثالاً على الفدرالية. يتناقض هذا النظام مع نظام آخر يُسمى الدولة المركزية. تُعتبر فرنسا أبرز الأمثلة على الدولة المركزية لقرون. كانت النمسا دولة مركزية بتقسيم إداري صار فيدرالياً بإقرار الدستور النمساوي بعد انهيار الإمبراطورية النمساوية المجرية في عام 1918. تُعتبر ألمانيا مثالاً على الدولة الفيدرالية، بتكوينها من 16 ولاية. غالباً ما تكون الدول الفيدرالية عديدة الجماعات الإثنية وتغطي مساحة كبيرة من الأرض (مثل روسيا والولايات المتحدة وكندا والهند والبرازيل)، لكن ذلك ليس ضرورياً في كل الحالات، مثل حالة سانت كيتس ونيفيس.
يمكن وصف العديد من القبائل والممالك العتيقة بالفيدرالية أو الكونفدرالية مثل رابطة كورنث ونوريكوم وأوروبا الوسطى وإيراكوي وشمال أمريكا في العصر قبل الكولومبي. كانت الكونفدرالية السويسرية القديمة مثالاً مبكراً على الدولة اللامركزية.
تكونت العديد من المستعمرات في العالم الجديد من مقاطعات ذاتية الحكم، تحولت إلى ولايات فيدرالية بعد استقلالها، مثل الولايات المتحدة والعديد من دول أمريكا اللاتينية (انظر حروب استقلال أمريكا الإسبانية). فشلت بعض الدول الفيدرالية في العالم الحديث، مثل الجمهورية الفيدرالية لوسط أمريكا، التي انقسمت إلى ولايات مستقلة في أقل من 20 سنة على تكوينها. تحولت بعض الدول الأخرى بين الفيدرالية والمركزية مثل الأرجنتين والمكسيك، قبل الاستقرار مع الفدرالية. أصبحت البرازيل دولة فيدرالية بعد سقوط الإمبراطورية، وأصبحت فنزويلا دولة فيدرالية بعد الحرب الفيدرالية. أستراليا وكندا دول فيدرالية أيضاً.
تُعتبر ألمانيا دولة قومية تحولت بين الكونفيدرالية والفيدرالية والحكم المركزي، منذ تكوين الكونفيدرالية الألمانية في عام 1815. كانت كونفيدرالية شمال ألمانيا -والإمبراطورية الألمانية وجمهورية فايمار أيضًا- دولاً فيدرالية.
كان الاتحاد السوفيتي فيدرالية بعد تأسيسه في 1922، تكونت تلك الفيدرالية من الجمهوريات السوفيتية والجمهوريات ذاتية الحكم وغيرها من الكيانات الفيدرالية. كان الاتحاد السوفيتي فيدرالياً بصورة رسمية، ولكنه كان شديد المركزية على أرض الواقع، تحت مظلة حكومة الاتحاد السوفيتي. ورثت الفيدرالية الروسية نظاماً مثيلاً.
أصبحت كل من نيجيريا وباكستان والهند وماليزيا (اتحاد مالايا فيما بعد)، دولاً فيدرالية بعد نيلها الاستقلال من الإمبراطورية البريطانية.
تكونت الدول الفيدرالية في بعض الحالات كإجراء للتحكم في الصراع الإثني خلال الدولة، مثل حالة البوسنة والهرسك والعراق منذ 2005.
بعد تفعيل الدستور الأمريكي في 4 مارس عام 1789، أصبحت الولايات المتحدة أقدم فيدرالية ناجية حتى الآن. وعلى النهاية الأخرى توجد نيبال، لتكون أحدث فيدرالية بعد تكوين دستورها في 29 سبتمبر عام 2015.
الفيدراليات وأشكال الحكم الأخرى للدولة
الفيدراليات
تتمتع الولايات المكونة للدولة الفيدرالية بالحكم الذاتي إلى حد ما، إذ تحتفظ تلك الدول بقدر من السلطة لا يمكن للحكومة المركزية ممارسته. تمثل الدولة الفيدرالية مفهوماً أوسع من مجرد الرابطة الضعيفة بين مجموعة ولايات مستقلة. لا تمتلك الولايات المكونة للدولة الفيدرالية أي صلاحيات بالنسبة للسياسة الخارجية؛ وبالتالي لا تتمتع بأي سلطة فيما يخص القانون الدولي.[1] لكن الولايات الألمانية لها هذا الحق وبدأت ممارسته على المستوى الأوروبي.
تُسمى بعض الدول الفيدرالية باسم فيدراليات لاتناظرية؛ لأن بعض الولايات تتمتع بالمزيد من الحكم الذاتي عن غيرها من الولايات. تُعتبر الفيدرالية الماليزية من الأمثلة على ذلك، إذ وافقت فيها سرواق وصباح على تشكيل الفيدرالية بشروط مختلفة عن شبه الجزيرة الماليزية.
تنشأ الدولة الفيدرالية غالباً باتفاق مبدئي بين عدد من الدول أو الولايات المنفصلة. سيكون الهدف من تكوين الفيدرالية حل المشاكل المشتركة وتوفير الدفاع المشترك وإقامة دولة قومية لمجموعة إثنية منتشرة في تلك الولايات. كانت تلك الحالة في الولايات المتحدة وسويسرا. تختلف التواريخ بين الأمم والدول، إذ يختلف النظام الفيدرالي للدولة عن هذه النماذج. تُعتبر أستراليا، على سبيل المثال، فريدة من نوعها، إذ ظهرت للوجود بصورة أمة عن طريق التصويت الديمقراطي لمواطنيها الذين صوتوا بـ«نعم» في الاستفتاء على الدستور الأسترالي. أما البرازيل فقد جربت النظامين الفيدرالي والمركزي خلال تاريخها. تحتفظ بعض الولايات البرازيلية الحالية بحدود تكونت أثناء الاستعمار البرتغالي (قبل وجود الدولة البرازيلية)، بينما تكونت آخر الولايات، توكانتينس، بدستور عام 1988 لعدد من الأسباب الإدارية.
تُحكم سبع دول من أصل ثماني دول من الكبرى مساحةً بحكومات فيدرالية.
الدول المركزية
الدولة المركزية هي دولة واحدة لها حكومة مركزية. ربما تتكون الدولة المركزية من مناطق ذاتية الحكم أيضاً. يكمن الاختلاف بين هذا النوع من الدول المركزية والدول الفيدرالية في أن هذا الحكم الذاتي نالته المنطقة على مضض من الحكومة المركزية، ويمكن إنهائه من طرف واحد. تقوم الدولة الفيدرالية بالاتفاق بين الولايات المكونة لها، ينشأ الحكم الذاتي لمنطقة خاضعة لدولة مركزية بالتنازل، إذ توافق الحكومة المركزية على ضمان ذاتية منطقة كانت خاضعة لها من قبل. لذلك فإن الفيدراليات تتكون «طوعاً» من «الأسفل» بينما يحدث التنازل في الدولة المركزية «كرهاً» من «الأعلى».
تُبنى فلسفة الدولة المركزية على الحكم الكلي لكيان واحد أو للدولة القومية، بغض النظر عن المكانة الفعلية لأجزاء الدولة، وتنطلق الدولة المركزية أيضاً من مبدأ ممارستها للسلطة على كامل المنطقة الخاضعة لها باعتبار أنه «حق» لها. أما الدولة الفيدرالية، فيكون الحكم بين الولايات المكونة لها بالمشاركة مع الحكومة المركزية.
الكونفيدرالية
تُعتبر الكونفيدرالية حسب المصطلحات السياسية الحديثة اتحاداً دائماً بين مجموعة من الدول من أجل الأفعال المشتركة مع الدول الأخرى.[2] يُعتبر الاتحاد الأوروبي أقرب الأمثلة على الكونفيدرالية. استُخدم مصطلح «الكونفيدرالية» رسمياً عند تأسيس النظام الفيدرالي الكندي الحالي في عام 1868، يشير المصطلح إلى العملية وليس شكل الدولة الناتجة، إذ أن المقاطعات الكندية لا تدعي أنها ذات سيادة. تُعتبر سويسرا كونفيدرالية، ولكن هذا المصطلح مضلل حالياً؛ لأن المقاطعات السويسرية فقدت السيادة منذ 1848.[3]
في بلجيكا، تسير الحركة في عكس الاتجاه. إذ تأسست بلجيكا على نمط الدولة الفرنسية لتكون دولة مركزية،[4] ولكنها عُدِّلت تدريجياً لتصير دولة فيدرالية بعدد من الإصلاحات الدستورية منذ سبعينيات القرن الماضي. ينطوي هيكل الدولة بالفعل على سمات كونفيدرالية (صلاحيات حصرية للمستوى الفيدرالي أو على مستوى الولايات، سلطة إبرام المعاهدات للولايات دون حق الاعتراض للحكومة الفيدرالية) بالرغم من تسميتها دولة فيدرالية. يتنامى توجه بتحويل الدولة الفيدرالية الحالية إلى كونفيدرالية مكونة من دولتين أو ثلاث دول و/أو منطقتين خاصتين.[5]
تتميز الكونفيدرالية بثلاثة اختلافات عند مقارنتها بالفيدرالية: الأول غياب السلطة المباشرة الحقيقية: تُتخذ العديد من القرارات الكونفيدرالية بتشريعات الدول الأعضاء، والثاني أن القرارات في الشؤون اليومية لا تتخذها الأغلبية البسيطة ولكن بأغلبيات خاصة أو بالتوافق أو الإجماع (حق الفيتو لكل عضو)، والثالث أن تعديل الدستور وإبرام المعاهدات يتطلب الإجماع.
مقالات ذات صلة
مراجع
- Leonardy, U. (1992). "Federation and Länder in German foreign relations: Power‐sharing in treaty‐making and European affairs". German Politics. 1 (3): 119–135. doi:10.1080/09644009208404305.
- Oxford English Dictionary
- CH: Confoederatio Helvetica - Switzerland - Information - تصفح: نسخة محفوظة 30 March 2015 على موقع واي باك مشين.. Swissworld.org. Retrieved on 2013-07-12.
- One of the most important recent books about the Belgian institutions, written by one of the leading French-speaking jurists concludes: Vers le confédéralisme (Toward a Confederation). See: Charles-Etienne Lagasse, Les Nouvelles institutions politiques de la Belgique et de l'Europe, Erasme, نامور 2003, p. 603 (ردمك )
- Many Flemings would prefer two states, Flanders and Wallonia, and two special regions, Brussels and the German-speaking region. In Wallonia, there is wider support for three states: Flanders, Wallonia and Brussels.