الرئيسيةعريقبحث

رسالة هاستنجز إلى إبراهيم باشا في 2 يناير 1819


بينما كانت قوات إبراهيم باشا تسيطر على الدرعية وتزحف صوب الأحساء، كانت حكومة الهند البريطانية تناقش تغير الخريطة السياسية والاستراتيجية لحوض الخليج العربي على ضوء تلك النطورات. كما كانت حكومة الهند البريطانية تدبر أمر حملة جديدة إلى الخليج للقضاء على قدرات البحرية لقواسم، التي كانت تنقض على السفن التابعة لشركة الهند الشرقية البريطانية وتستولي على محتوياتها. وكانت مثل تلك العمليات قد تزايدت بشكل كبير خلال العقدين الأولين من القرن التاسع عشر.

وطرأت على ذهن حاكم عام الهند، وارِن هـَستِنجز، فكرة تعاون عسكري بين حكومة الهند البريطانية ومصر (محمد علي باشا) ضد القواسم بالذات على اعتبار أنهم يمثلون عدواً مشتركاً للطرفين.

ولكن كلاً من الحكومتين كان لها سياستها الخاصة بها والمختلفة اختلافاً جوهرياً عن الأخرى.

  • كانت عين حكومة الهند البريطانية على الخليج بينما كانت عين محمد علي على البحر الأحمر.
  • كان كل منهما أقل اهتماماً بقلب الجزيرة العربية حينذاك.

ولكن كانت حكومة الهند البريطانية ترى أن تعاون حكومة إسلامية مثل مصر محمد علي معها لتوجيه ضربة قاضية للقواسم هو الأكثر صواباً حيث أن ذلك يحول مصر في شرق الجزيرة إلى حليف لبريطانيا، ونظراً لأن قدرات مصر حينذاك كانت برية وليست بحرية، بإن محصلة هذا التعاون ستكون لصالح بريطانيا في منطقة الخليج.

وفعلاً دبجت حكومة الهند البريطانية خطاباً من هستنجز إلى محمد علي باشا يغريه بالتعاون العسكري المشترك ضد القواسم، ولكن حامل هذه الرسالة وصل إلى شرق الجزيرة العربية في الوقت الذي كان فيه إبراهيم باشا قد غادر الأحساء، وعبر بمعظم قواته الجزيرة العربية إلى الحجاز. ومنها غادر إبراهيم باشا الحجاز دون أن يعطي جواباً لدعوة حكومة الهند البريطانية لمشاركتها في حملتها ضد القواسم. فكان أن تحركت الحملة الإنجليزية إلى الخليج، وقد شاركت فيها سلطنة عمان، لتوجيه ضربة قاضية للقدرات البحرية للقواسم عام 1819 م.

أما محمد علي فقد وجد نفسه محط آمال السلطان العثماني لتوجيه الضربات العسكرية ضد المتمردين على الحكم العثماني في كريت وفي اليونان (المورة) وفي البلقان. بل وكانت مصر محمد علي أمل السلطان في أن يبعث محمد علي باشا بقواته لإنقاذ بغداد من الحصار الذي ضربه الفرس عليها. ونلاحظ في رسالة محمد علي باشا إلى ابنه إبراهيم باشا، الذي كان يقود جيشاً لفتح السودان، أن محمد علي ذكر لابنه تكليفات السلطان لمحمد علي بالقيام بتلك المهام الإنقاذية للدولة العثمانية دون أن يذكر من بينها مسئولية الدولة أو مسئوليته في إنقاذ الخليج ومشيخاته من التسلط البريطاني في الخليج، حتى يمكننا القول إما:

  1. أن الخليج كان يمثل حينذاك أحد الأطراف الأقل أهمية عن بقاع الدولة الأخرى الأمر الذي أعطى الفرص الواسعة للسيطرة البريطانية على تلك المنطقة.
  2. محمد علي، الذي خُبّر بأس بريطانيا في حملتي النيل (على نابليون) وفريزر، قد أعلم منها مباشرة عن اهتمامها بالخليج، لذلك فقد أراد محمد علي تفادي أي فرصة للاحتكاك مع بريطانيا.

وفي الحقيقة ان محمد علي قد تعرض لمحاولات عديدة لاستغلال قوته سواء من قبل فرنسا التي أرادت منه التعاون معها لاحتلال الجزائر أو من قبل الدولة العثمانية التي كلفته بالحروب التالية:في شبه الجزيرة العربية، في اليونان.


موسوعات ذات صلة :