عائلة زغموت من العائلات الفلسطينية العريقة، من قرية الصفصاف في قضاء صفد على سفح جبل الجرمق في الجليل الأعلى، (وهناك تواجد لهم في بيت جالا)، هجرت العائلة بأكملها اثر اغتصاب فلسطين سنة 1948 من قبل عصابات الهاجانا الصهيونية. ومورس بحقهم أقسى أنواع الإجرام والتطهير العرقي من قتل وتعذيب. غادرت العائلة مع باقي عائلات الصفصاف باتجاه الشمال إلى لبنان وسوريا هرباً من آلة البطش والإرهاب وعدم تكافؤ القوى. القسم الأكبر من عائلة زغموت توجه إلى سوريا، وتحديدا إلى مخيم اليرموك بدمشق.
القرية قبل الاغتصاب (اقتباس من كتاب كي لا ننسى للدكتور وليد الخالدي) كانت القرية قائمة على تل غير مرتفع ومائل قليلاً نحو الجنوب الغربي، وكانت وصلة تربطها بالطريق العام المؤدي إلى صفد. وكانت تسمى سفسوفا (Safsofa) أيام الرومان. في سنة 1596، كانت صفصاف قرية في ناحية جيرة (لواء صفد)، وعدد سكانها 138 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والزيتون والفاكهة، بالإضافة إلى عناصر أخرى من الإنتاج كالماعز وخلايا النحل. في أواخر القرن التاسع عشر، ذكر الرحالة أن صفصاف كانت قرية صغيرة قائمة في سهل، وعدد سكانها 100 نسمة تقريباً. وأشاروا إلى أن بعض (0الحجارة المزخرفة التي كانت أجزاء من بناء حكومي فيما مضى))، قد استُعمل في بناء مدخل المسجد؛ وربما دل ذلك على أن الموقع هُجر مدة من الزمن ثم أُهل ثانية. وكان سكانها يزرعون التين والزيتون والكرمة. في الأزمنة الحديثة، كانت القرية تقع في الجهة الشرقية لطريق صفد-ترشيحا العام، وتمتد على محور شمالي شرقي- جنوبي غربي. وكان سكانها كلهم من المسلمين، لهم مسجد وسطها، وبضعة دكاكين، ومدرسة ابتدائية أُنشئت أيام الانتداب. وكانت الزراعة، التي اعتُبرت عماد اقتصاد القرية، بعلية ومروية بمياه بعض الينابيع. وكان شجر الزيتون وغيره من الأشجار المثمرة يُستنبت في الأراضي الواقعة شمالي القرية. في 1944/1945، كان ما مجموعه 2586 دونماً مخصصاً للحبوب، و769 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين. احتلال القرية وتطهيرها عرقيا (اقتباس من كتاب كي لا ننسى للدكتور وليد الخالدي) كانت صفصاف أولى القرى التي احتلّت في إطار عملية حيرام. واستناداً إلى المؤرخ الفلسطيني عارف العارف، كانت القرية في الأشهر الأولى من الحرب مقر قيادة فوج اليرموك الثاني- من أفواج جيش الإنقاذ العربي- الذي كان يقوده المقدم أديب الشيشكلي (أصبح رئيساً للجمهورية السورية فيما بعد). وقد سقطت قبيل فجر يوم 29 تشرين الأول أكتوبر 1948، وشهدت مجزرة من عدة مجازر ارتكبت في أثناء العملية. ويذكر ((تاريخ حرب الاستقلال))، باختصار أن فصيلتي مصفحات وسرية مجنزرات من اللواء شيفع (السابع) هاجمت القرية ((واحتلتها بعد معركة قصيرة.)) إلا أن رئيس أركان الهاغانها سابقاً، يسرائيل غاليلي، وضع قائمة بالجرائم التي ارتكبها الجنود الإسرائيليون: ((52 رجلاً رُبطوا بحبل وطُرحوا في بئر وأُطلق الرصاص عليهم. قُتل عشرة. النسوة بكين مسترحمات. 3 حالات اغتصاب... فتاة في الرابعة عشرة من عمرها اغتُصبت. أربع نساء أُخريين قُتلن)). روى شهود عيان رواية أوفى تفصيلاً؛ إذ قالوا أنه لمّا بدأ الهجوم على القرية كان المجاهدون المدافعون عنها متأهبين، لكنهم فوجئوا بهجوم مثلث الجبهات. وقال أحد المجاهدين لاحقاً: ((لم نكن نتوقع مقاتلتهم على ثلاث جبهات. ولما لم ينضم إلى المعركة أي من الجيوش العربية، انسحبنا مع متطوعي جيش الإنقاذ العربي إلى لبنان. وقد تركنا في القرية معظم سكانها، وكثيرين من القتلى والجرحى...)). وروى أولئك الذين بقوا كيف دخل الجنود الإسرائيليون صفصاف عند الفجر تقريباً، وأمروا سكان القرية بالاصطفاف في رقعة تقع شمالي القرية. وخبّر أحد السكان المؤرخ الفلسطيني نافذ نزال قائلاً: ((وبينما كنا نصطف، أمر بعض الجنود اليهود أربع فتيات بمرافقتهم لجلب المياه إلى الجنود. لكنهم أخذوهن، بدلاً من ذلك، إلى منازلنا الخالية واغتصبوهن. وقد عُصبت أعين نحو سبعين رجلاً منا وقتلوا رمياً بالرصاص، الواحد تلو الآخر، أمام أعيننا. ثم أخذ الجنود جثثهم وطرحوها على الغطاء الأسمنتي القائم فوق عين القرية، وجرفوا التراب ورموه فوقها)). في الأيام التالية، زار الجنود الإسرائيليون القرية وقالوا للسكان إن عليهم نسيان ما حدث، وإن في وسعهم المكوث في منازلهم. لكن الأهالي راحوا يغادرون القرية تحت جنح الظلام، أربعة أربعة حتى خلت صفصاف من منازلها. القرية اليوم يغلب على الموقع الحشائش والأشجار المبعثرة، التي يشاهد بينها بقايا بعض المصاطب وركام الحجارة من المنازل المدمرة. ويسكن الإسرائيليون في بعض المنازل. ويزرع سكان المستعمرتين المجاورتين جزءاً من الأرض، أما الباقي فتحول إلى غابات. المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية في سنة 1949، أنشأت إسرائيل مستعمرة هشاحر، التي سُميت لاحقاً سفسوفاه، على أراضي القرية. وقد أُنشئت مستعمرة أخرى، هي بار يوحاي، في سنة 1979 على أراضي القرية أيضاً. وكلتا المستعمرتين قريبة من موقع القرية، إن لم تكن فيه.