كانت أسرة سونغ (الصينية: 宋朝؛ سونغ تشاو) أسرة حاكمة في الصين ما بين 960 و1279، نجحت في أن تصمد في مرحلة الخمس أسر، والممالك العشر، فتلتها اسرة يوان.[1][2][3] وكانت هذه أول حكومة في تاريخ العالم لإصدار الأوراق النقدية أو النقود الورقية، وأول حكومة الصينية لإنشاء قوة بحرية دائمة. كما شهدت هذه الأسرة أول استخدام معروف من البارود، وكذلك التمييز الأولى من الشمال الحقيقي باستخدام البوصلة.
سلالة سونغ الحاكمة | |
---|---|
الأرض والسكان | |
الحكم | |
نظام الحكم | ملكية |
التأسيس والسيادة | |
التاريخ | |
تاريخ التأسيس | 960 |
بسبب ما عرف بحروب جين سونغ انقسمت تاريج مملكة أسرة سونغ إلى فترتين متميزتين هما سونغ الشمالية وسونغ الجنوبية.
خلال فترة سونغ الشمالية (الصينية : 北宋، 960-1127)، كانت عاصمة الدولة في شمال مدينة بيناجين (كايفنغ الآن)، وسلالة تسيطر على غالبية داخل الصين. أما سونغ الجنوبية (الصينية : 南宋، 1127-1279) تشير إلى فترة ما بعد فقدان الدولة السيطرة على شمال الصين إلى عهد أسرة جين. خلال هذا الوقت، تراجعتسلطو المملكة إلى جنوب نهر اليانغتسي، وأنشأ في رؤوس أموالها ينآن (الآن هانغتشو). وعلى الرغم من اسرة سونغ قد فقد السيطرة على مسقط رأسها التقليدي، لكن الحضارة الصينية على طول النهر الأصفر ،لم تكن في حالة خراب، كما أن إمبراطورية سونغ الجنوبية حازت على 60 في المئة من سكان الصين وغالبية الأراضي الزراعية الأكثر إنتاجا. واسرة سونغ الجنوبية عززت بشكل كبير قوتها البحرية للدفاع عن مياهها الإقليمية والحدود البرية والبحرية للقيام بمهمات في الخارج.
شهدت الحضارة الصينية في عهد سلالة سونغ تطوراً مذهلاً، فقد كان للثورة الزراعية والصناعية المعتمدة على التطورات التقنية أثر مهم في النمو الاقتصادي، وتطورت التجارة تطوراً واسعاً، فشهدت البلاد تنظيماً جيداً لنقابات التجار والصناع، واتسع استخدام العملة الورقية، وازدهرت عدة مدن على طول الأنهار الرئيسة والساحل الجنوبي الشرقي، كما أن تقنيات بناء السفن الجديدة واستخدام البوصلة ساعدت على تنشيط التجارة الخارجية.
وكان أبرز ما شهده عهد سلالة سونغ ظهور الكونفوشيوسية الحديثة Neo - Confucianism فلسفةً أخلاقيةً سادت بلاد الصين حتى القرن العشرين. وكانت إنجازات عصر سونغ في الشعر ورسم المناظر الطبيعية والخزف إنجازات فائقة، واتسمت الكتب بروعة طباعتها، وكان لطباعة الأعمال الكونفوشيوسية الحديثة أثر واضح في نشر الأدب والتعليم بين الناس، كما كان لازدهار الأكاديميات الخاصة والمدارس الحكومية فضل في تخريج أعداد متزايدة من المتنافسين في امتحانات الخدمة المدنية (كانت تجري امتحانات الخدمة المدنية لانتقاء الأفضل في تولي وظائف الدولة). وطورت إدارة الدولة سياسة الخدمة الاجتماعية الشاملة التي جعلت تلك المرحلة واحدة من أفضل المراحل الإنسانية في تاريخ الصين.
لِصد أسرة جين، ومن بعدها إمبراطورية المغول، لجأت أسرة سونغ إلى استحداث تقنيات عسكرية ثورية قوية، وعززتها بقوة البارود. في عام 1234 هزمت إمبراطورية المغول أسرة جين، واستحوذت على شمال الصين، وظلت على علاقات يشوبها التوتر مع مملكة سونغ الشمالية. في عام 1259 مات مونكو خان، الخاقان (الخان الأعظم) الرابع للإمبراطورية المغول، في أثناء حصار قلعة دياويو الجبلية القائمة في مدينة تشونغتشينغ. خلفه أخوه الأصغر قوبلاي خان، فتنصّب خاقانًا جديدًا للإمبراطورية، لكن أحقيته في العرش لم يعترف بها إلا المغول الذين كانوا في الغرب، واعترفوا بها جزئيًّا. في عام 1271 أعلن قوبلاي خان نفسه إمبراطورًا على الصين، وأسس أسرة يوان.[4] بعد عقدين نشبت فيهما حروب متفرقة، تغلبت قوات قوبلاي خان على قوات أسرة سونغ في عام 1279، بعد أن لحقت الهزيمة بمملكة سونغ الجنوبية في معركة يامن. في نهاية المطاف أدى غزو المغول إلى أن يتحد الصينيون تحت قيادة أسرة يوان. [5]
أخذ عدد سكان الصين يتضاعف في أثناء القرن التاسع والعاشر والحادي عشر. كانت هذه الزيادة ممكنة بسبب التوسع في زراعة الأرز في مملكة سونغ الجنوبي والوسطى، وبسبب استعمال الأرز المبكر النضج الوارد من آسيا الجنوبية والجنوبية الشرقية،[6][7] وبسبب فيض الإنتاج الغذائي على نطاق واسع. سجّل تعداد مملكة سونغ الشمالية 20 مليون أسرة، وهذا كان ضعف تعداد مملكتي هان وتانغ. من المقدَّر أن مملكة سونغ الشمالية كانت تضم نحو 90 مليون إنسان، وأن هذا العدد زاد حتى بلغ 200 مليون بحلول زمان أسرة مينغ. أدت هذه الزيادة الهائلة في عدد السكان إلى ثورة اقتصادية في صين ما قبل العصر الحديث.[8][9] من أجل هذه الزيادة الهائلة في التعداد السكاني ونمو المدن وازدهار الاقتصاد الوطني، أخذت الحكومة المركزية تنسحب شيئًا فشيئًا من المشاركة المباشرة في الشؤون الاقتصادية. كان لطبقة النبلاء الدنيا دور أكبر في إدارة الأساسيات والشؤون المحلية. اعتمد المسؤولون المنتخبون في مراكز الأقاليم والمقاطعات على علماء طبقة النبلاء، من حيث الخدمات والرعاية والإشراف المحلي.
كانت الحياة الاجتماعية في عصر أسرة سونغ مفعمة بالنشاط. كان المواطنون يجتمعون لاستعراض الأعمال الفنية القيّمة والاتجار بها، وأخذ العوام يندمجون في الاحتفاليات العامة والنوادي الخاصة، وكان في المدن أماكن ترفيهية نابضة بالحياة. أخذت الطباعة الخشبية تتوسع وتنمو، وفي القرن الحادي عشر ابتُكرت تقنية الطباعة بالحروف المتحركة، وكل هذا أدى إلى تسريع انتشار الأدب والمعرفة. على مدى عهد أسرة سونغ أيضًا ازدهرت التقنيات والعلوم والفلسفة والرياضيات والهندسة. ساهم فلاسفة من قبيل تشينغ يي وتشو تشي في إحياء الكونفوشية وتجديدها بتفسير جديد امتلأ بالمثل والقيم البوذية، واعتنوا جدًّا بإعادة تنظيم النصوص الكلاسيكية تنظيمًا وضّح التعاليم الأساسية للكونفوشية الجديدة. كانت مؤسسات اختبارات الخدمة المدينة موجودة هناك منذ عهد أسرة سوي، لكن على الرغم من هذا زادت شهرتها وأهميتها في عهد أسرة سونغ. لعب المسؤولون الذين اكتسبوا سلطة ونفوذًا باجتياز تلك الاختبارات الإمبراطورية دورًا رئيسيًّا في التحول عن النخبة الأرستقراطية العسكرية إلى النخبة البيروقراطية العلمية.
تاريخها
مملكة سونغ الشمالية 960–1127
بعد أن استحوذ الإمبراطور تايزو (من أباطرة أسرة سونغ، حكم من عام 960 إلى عام 976) على العرش من سلالة زو المتأخرة، أنفق 16 عامًا على غزو بقية الصين، فوحّد من جديد أغلب المناطق التي كانت قبل ذلك تنتمي إلى إمبراطورية هان وإمبراطورية تانغ، ووضع حدًّا لاضطرابات فترة الأسر الخمس والممالك العشر.[10] أسس هذا الإمبراطور في كايفنغ حكومة مركزية قوية لتولي شؤون إمبراطوريته. كان تأسيس تلك العاصمة بداية لعصر مملكة سونغ الشمالية. ضمن هذا الإمبراطور الاستقرار الحكومي بأن عزز نظام اختبارات الخدمة المدنية، من أجل اختيار بيروقراطيِّي الدولة بناء على المهارة والجدارة (بدلًا من الوضع الأرستقراطي أو العسكري)، وبترويج مشاريع تضمن الكفاءة في الاتصال عبر الإمبراطورية كلها. في أحد تلك المشاريع أنشأ رسّامو الخرائط خرائط تفصيلية لكل إقليم ومدينة، قبل أن تُجمع كل تلك الخرائط في أطلس كبير شامل.[11] شجع الإمبراطور تايزو أيضًا على الابتكار العلمي والإبداع التقني، إذ دعم أعمالًا من قبيل تشييد برج الساعة الفلكية على يد المهندس تشانغ سيشون.[12]
حافظ بلاط أسرة سونغ على العلاقات الدبلوماسية التي كانت بينه وبين: سلالة تشولا الحاكمة في جنوب الهند، والخلافة الفاطمية في مصر، ومملكة سريفيجايا، وآل خاقان في أسيا الوسطى، ومملكة غوريو في كوريا، وغير ذلك من الدول التي كانت شريكة تجارية لدولة اليابان أيضًا.[13][14][15][16][17] بل إن السجلات الصينية مرت على ذكر سفارة من مايكل دوكاس السابع حاكم «فو لين» (باللغة الصينية: 拂菻، أي الإمبراطورية البيزنطية)، ووصولها في عام 1081. ومع ذلك فإن أقرب الدول المجاورة للصين كان لها أكبر أثر في سياستها الداخلية والخارجية.[18]
اقرأ أيضاً
- سونغ هويتسونغ الإمبراطور الثامن في سلالة سونغ
- سونغ ليتسونغ الإمبراطور الرابع عشر في سلالة سونغ
- أسطورة أبطال الكوندور
مراجع
- "Book Review: The Soochow Astronomical Chart". Nature. Macmillan Publishers Limited, Springer Nature. 160: 279–279. 30 August 1947. doi:10.1038/160279b0. ISSN 0028-0836. مؤرشف من الأصل في 05 فبراير 201704 فبراير 2017.
- Durand, John (1960). "The Population Statistics of China, A.D. 2-1953". Population Studies. Vol 3.
- Paul Halsall (2000) [1998]. Jerome S. Arkenberg (المحرر). "East Asian History Sourcebook: Chinese Accounts of Rome, Byzantium and the Middle East, c. 91 B.C.E. - 1643 C.E." Fordham.edu. جامعة فوردهام. مؤرشف من الأصل في 10 سبتمبر 201414 سبتمبر 2016.
- Rossabi 1988، صفحة 115.
- Rossabi 1988، صفحة 76.
- Ebrey, Walthall & Palais 2006، صفحة 156.
- Brook 1998، صفحة 96.
- Veeck et al. 2007، صفحات 103–104.
- Durand, John (1960). "The Population Statistics of China, A.D. 2-1953". Population Studies. 13 (3): 209–256. doi:10.2307/2172247. JSTOR 2172247.
- Lorge 2015، صفحات 4–5.
- Needham 1986b، صفحة 518.
- Needham 1986c، صفحات 469–471.
- Ebrey 1999، صفحة 138.
- Hall 1985، صفحة 23.
- Sastri 1984، صفحات 173, 316.
- Shen 1996، صفحة 158.
- Brose 2008، صفحة 258.
- Mote 1999، صفحة 69.