التاريخ
نحل العسل معروف منذ القدم حيث عرفه الإغريقيون وتوصلوا إلى أن النحلة تموت عندما تلسع جلدالإنسان، ولعب دوراً هاماً في تاريخ الإنسان، حيث اُكتشفت وثائق قديمة تشير إلى مخطوطات إنجليزية تعود للعصور الوسطىعلى وجود تصميم لآلة قذف تقوم برمي طرود من النحل على قلعة بيزنطية أثناء الحرب توثق كيف اُستخدم النحل في الأهداف العسكرية، ففي عام 1914م وأثناء الحرب العالمية الأولى قامت القوات الإنجليزية البريطانية بالهجوم على مدينة طنجه كان جنود الجيش البريطاني يفوق جنود الأمان في طنجة بثمانية أضعاف إلى جانب الأسلحةوالمدافع البحرية، مع ذلك قام الألمان بهزيمتهم وذلك لأنهم وضعوا الكثير من أعشاش النحل في المكان المخصص للمعركة و بمجرد بدا الهجوم أصاب النحل حالة من الهياج وطار مستهدفا كلا الطرفين باللدغات المؤلمة وفاز أهل طنجةالذين حموها بالنحل وأطلق على هذه المعركة التاريخية "معركة النحل Battle of Tanga ".
سم النحل
سم نحل العسل or honey bee venom وهو عبارة عن سائل شفاف عديم اللون، عطري الرائحة، مر الطعم وزنه النوعي 1.13 ، وهو مركب معقد من البروتينات والأنزيمات والأحماض الأمينية والزيوت الطيارة التي تسبب الألم عند اللسع ويتلف سم النحل بالتسخين ولكنه لا يتأثر بالتبريد ومن الأحماض التي يحتوي عليها سم النحل حمض الخليك والهستامين والكبريت والكولين وفوسفات المغنيسيوم وآثار من النحاس والكالسيوم.
يبدأ تخزين السم في شغالات نحل العسل"شغالات النحل" قبل خروجها من العذراء مباشرة، بعد خروج شغالة نحل العسل من الخلية السداسية في بداية حياتها يكون كيس السم محتوياً على كمية قليلة منه، ثم تتزايد الكمية حتى يصل أقصى معدل له ( 3ر.مللي لتر) بين اليوم العاشر والسادس عشر من العمر . ثم يتوقف إفراز السم كلية حين يبلغ عمرها 20 يوما ولذلك تصبح الشغالات السارحة في الحقول عاجزة عن ملء كيس السم بعد تفريغه (Frazier1968) يلاحظ أن كمية السم تكون كثيرة في الربيع والصيف وتقل في الخريف والشتاء وتزيد كمية السم إذا زادت نسبة المواد البروتينية عن الكربوهيدراتية في غذاء النحل أي يلزم لإفرازه تغذية الطوائف بحبوب اللقاح كمصدر للبروتين .
وتقدر كمية ما تنتجه العاملة من السم خلال فترة حياتها حوالي ٫85 مللي غراماً.
تركيب سم النحل
يعتبر سم النحل من أكثر المركبات تعقيدا حيث من المعروف انه يتكون بشكل أساسي من ثلاثة مكونات :
1- المكونات البروتينية : إنزيم هيالورونيداز Hyaluronidase (انزيم كعامل ناشر في السم) وإنزيم فوسفوليبيز Phospholipase A and B وإنزيم الميليتين Mellitin ذات الوزن الجزيئي الكبير والتي تكسب الجسم مناعة ويكونان فيه أجساماً مضادَة.
2- المكونات البيبتيديه :سيكابين Cycabin بيبتيد تحطيم الخلايا الحلمية (MCD) Mast cell destroying-peptide), تيرتيابين Tertypin,
ابامي Apamin,بروكامين Procamine , بيبتيدات صغيره
3- أمينات نشطة : هستامين Histamine(الذي يشجع على افراز المزيد من الهساتامين من خلال مركب الهستيدين الموجود أصلا في الأنسجة الحيوانية) دوبامين دوبامين نورادرينالين نورإبينفرين حامض الأمينوبيوتيرك Y Aminobutyric acid .
آلة اللسع
توجد آلة اللسع في الملكة والشغالة بينما لا يمتلكها الذكور لأنها عبارة عن تحور من آلة وضع البيض وتتواجد هذه الآلة في الأجزاء الخلفية من جسم النحلة في تجويف الحلقة البطنية السابعة و إنما هي زوائد تناسليه للحلقة الثامنة والتاسعة مبتدئة بكيس السم وتنتهي بالإبرة الصغيرة. أما التركيب الدقيق لها فهي عبارة عن رمحان مسننان ومن الناحية الظهرية لهما يوجد غمد له فرعين عند نهايته وتحتوي كيس السم الذي يلتصق به غدتان الحمضية والقلوية وهذه الأجزاء هي المسئولة عن ردة فعل اللسع بثقب الجلد ودفع السم. والنحلة الشغالة أكثر استخداماً للسع وذلك لأنها من تقوم بحماية وحراسة الخلية، والتي تتميز فيها آلة اللسع عند شغالة نحل العسل بأنها قصيرة و مستقيمة ومسننة (9- 19 سن) تسنيناً عكسياً بينما آلة اللسع عند الملكة فهي طويلة و مقوسة وأقل تسنيناً لذلك لا تفقد آلة اللسع عند استعمالها بخلاف الشغالة التي تفقدها عند اللسع .
يتكون جهاز اللسع من أجزاء ميكانيكية وهي أجزاء متحورة من استرنا و ترجا الحلقات الثامنة والتاسعة وتتكون من ثلاث أزواج من الصفائح (الصفيحة المثلثة – والصفيحة المربعة – والصفيحة المستطيلة) و ملماس اللسع، ويعمل هذا الجهاز على تحريك الرمحين عن طريق مجموعة من العضلات تتصل بها بحيث تعمل على إحداث ثقب عن طريق دفع الرمحين داخل جسم الفريسة ثم انزال السم في الجرح، و يتم تخزين سم النحل في كيس السم وتحقن سمها عن طريق قناة السم المتكونة من تراكب الرمحان حيث تقوم بغرس آلة اللسع في الجلد وعند ابتعادها عن الجسم ينفصل كيس السم عن جسم الشغالة فتفقد آلة اللسع و ثلث بطنها وتموت الشغالة بعد اللسع بفترة وجيزة يلجأ النحل إلى اللسع عندما يقوم بالدفاع عن الخلية حيث تتم حراسة الخلية من قبل شغالات نحل العسل الحارسة والتي تتراوح أعمارها مابين 18-21 يوم و تزداد أعداد الشغالات الحارسات المتواجدة في مدخل الخلية بحسب الموسم، حيث انه في موسم فيض الرحيق يكون عددها قليل لانشغال معظم نحل الخلية في جمع الرحيق، أما في المواسم التي فيها تقل مصادر الرحيق فإن عددها يكون كبير وتعمل على حراسة مدخل الخلية لمنع دخول أي غريب إلى الخلية، وتقوم بالتناوب على الحراسة وتتعرف على النحل الداخل إلى الخلية بفحصه عن طريق الرائحة و يستغرق فحص كل نحلة من ثانية إلى ثلاث ثواني، وعند احتمال وجود خطر أو هجوم على الخلية فإن النحل الحارس يقف على أرجله الخلفية الأربعة ويرفع أرجله الأمامية لأعلى مع إبقاء قرون الاستشعار للأمام.
أعراض اللسع
تظهر العديد من الأعراض بعد اللسع، وتتفاوت حسب :
1-نوع الحشرة فلدغات الحشرات الاجتماعية أقوى من لدغات الحشرات الانفرادية .
2-عدد اللدغات وكمية السم وموضع اللدغ، فاللدغات في موضع الفم والبلعوم تكون خطيرة وقد تؤدي إلى الاختناق والموت، وللدغات في منطقة الشرايين والأوردة يصبح معدل امتصاص السم فيها أسرع .
3-درجة حساسية الشخص
4- العامل الشخصي : صغار السن أكثر تأثرا من الكبار وخفيفُ الوزن أكثر تأثرا من الثقال، والمرضى أكثر من الأصحاء .
في الوقت الذي قد لا يتجاوز رد الفعل للسعة الواحدة الشعور بعد الارتياح، ولكنها في الأشخاص شديدي الحساسية قد تؤدي بحياتهم، قده تبقى أعراض اللسع عدة دقائق وقد تستمر لعدة أيام.
يشعر الفرد بعملية الوخز وقت اختراق آلة اللسع للجلد ثم يشعر بالألم الذي يستمر لعد دقائق ثم تظهر في موضع اللسع منطقة حمراء اللون تحاط تدريجيا بمنطقة بيضاء ثم تتوهج المنطقة كاملا بالاحمرار وبعد أن تخف ال
حالة بعد عدة ساعات يشعر المصاب بالتهاب وإحساس بالسخونة وميل لحك الجلد ثم تبدأ الأعراض بالانحسار .
في الحالات التي يتعرض فيها الإنسان للعديد من اللسعات كما في حالة إزعاج النحل فإن كمية السم التي تحقن في جسمه تكون كبيرة وقد تسبب تسمما جهازيا و تظهر علية أعراض : منها القيء وشحوب في اللون وفقدان جزئي للوعي و انخفاض ضغط الدم وصداع وحمى وتقلصات في العضلات اللاإرادية وتشنج وعدم القدرة على السيطرة على التنفس قد تنتهي بعد عدة أيام وقد تفضي إلى الموت، فالتعرض لخمس مئة لسعة من النحل خلال وقت قصير يمكن أن تؤدي للموت و إن كانت هناك حالات امتدت فيها حياة مصاب تعرض ل 1000 لسعة.
من الأعراض التي تظهر على الأفراد شديدي الحساسية نتيجة اللسع : اختناق، صعوبة في التنفس، هبوط ضغط الدم، سعال , تبول وتبرز لا إرادي، قشعريرة , حمى، انقباضات في عضلات البطن، فقدان الوعي، خروج رغوة مدممه من الفم .
قدرة عدد الوفيات جراء التعرض للسع نحل العسل وغشائية الأجنحة الأخرى بما لا يزيد عن 25% في الولايات المتحدة الأمريكية، وإن كان العدد الحقيقي يزيد عن ذلك بسبب إفال الناس للسع كسبب مباشر للموت، وقد ثبت أن النحل سببا لموت الناس بنسبة تفوق ما تسبب السموم الحيوانية الأخرى بما فيها الثعابين .
ويكتسب المشتغلون بتربية النحل بعض المناعة ضد سم النحل بتركيزات منخفضة نتيجة تعرضهم المستمر للسع، وتزداد المناعة تدريجيا مع تكرار التعرض للسع.
تاريخ الحساسية لسم النحل
يعد الباحثان Portier و Anaphylaxis في العام 1902 هما أول من اكتشف الموت الناتج عن فرط الحساسية، حدث هذا عندما قاما في أحد تجاربهما بجرح كلب ومحاولة تحصينه بكميات قليله من سم شقائق النعمان البحري ثم تلا ذلك اختباره بجرعة من سم النحل فمات سريعاً .
وفي عام 1925 ولأول مرة استخدم مركب Braun أدرينالين كعلاج اختياري لإيقاف تفاعلات فرط الحساسية الناتج من لسع الحشرة ووضع البروتوكول لإزالة الحساسية من المريض حيث يبدأ الحقن بكميات ضئيلة لمدة عدة أيام تزداد هذه الكمية مع الأيام إلى أن تختفي الحساسية. وحتى العام 1980 استخدم الباحثون وغيرهم سم النحل من النحلة مباشرة بما يحويه السم من بروتينات، حتى جاءت الدكتورة Mary Loveless أوضحت انه يجب استخدام السم نفسه وليس بروتينات جسم النحلة، ونجحت في علاج الحساسية بالسم النقي و من ثم بدأ إنتاج السم على نطاق تجاري، ومنذ العام 1980 وحتى الآن يستخدم سم النحل في العلاج المناعي علاج مناعي .
الإسعاف والعلاج عند التعرض للسع
تزال آلة اللسع من الجلد فورا حيث أن جدار كيس السم يستمر في الانقباض حتى بعد انفصال آلة اللسع عن جسم الحشرة، ويؤدي ذلك إلى حقن كمية أكبر من السم داخل الجسم، وتستعمل أظافر اليد أو نصل سكين أو الملقط لتخليص آلة اللسع من الجلد، ويتجنب رفعها بأصابع اليد حيث يؤدي الضغط على كيس السم إلى زيادة الكمية التي تخرج من بالجسم.
يغسل الجرح بعد إزالة آلة اللسع بالماء والصابون أو أي محلول مطهر، إن وضع أكياس من الثلج في وقت مبكر من حدوث الإصابة على مكان اللسع يقلل من شدة الورم ومدته .
قد يفيد تناول المواد المضادة للهستامين (مثل داي فينيل هيدرامين D-Phenylhydramine) عن طريق الفم في حالة وجود ارتكاريا إذ أنها تسكن الألم وتزيل التورم، كما أن استعمال الستيرويدات يقلل من حدة الالتهابات والأكزيما، أن استعمال جلوكونات الكالسيوم غلوكونات الكالسيوم عن طريق الفم يفسد التأثير السام للسم .
أما حالات صدمة الحساسية فتحتاج إلى معالجة سريريه تحت إشراف طبي.
العلاج بسم النحل
عندما تقوم النحلة باللسع و نتيجة لانغراس آلة اللسع في الجلد فإنه يحدث ثقب صغير جداً مسبباً الألم والحكة الجلدية ويقتصر العلاج الموضعي على إزالة آلة اللسع واستخدام بعض المسكنات للمساحة التي لُسعت مثل كمادات الثلج أو المياه الباردة، الخل، تدليك المنطقة ببصل، عسل، آمونيا، عجينة مصنوعة من حبوب الأسبرين، ولعلاج الاحمرار يمكن استخدام مستحضر الكالامين (سيليكات الزنك المائية أو كربونات الزنك) أو المستحضرات الخاصة بالعض وسم الحشرات أو الماء الساخن . أما في حالة التفاعل الجهازي حيث يصاب بعض الأشخاص بطفح جلدي أو يعانون من صعوبة في التنفس بعد اللسع هؤلاء يحتمل أن يكون عندهم حساسية لتفاعل سم النحل فإنه يوصى بشدة إعطائهم إسعاف أولي فوري كمضاد الهستامين، الأدرينالين ويجب استشارة الطبيب في ذلك، وفي حال عدم القدرة على التنفس يجب استخدام الايروسول (بخاخ في الشعب الهوائية) .
العلاج بسم النحل تمت ممارسته منذ قديم الزمن حيث اُستخدم في علاج التهاب المفاصل وأمراض الالتهاب الأخرى، ويحتوي سم النحل على مواد عديدة نشطه منها الميللتين والذي يعتبر احد العوامل القوية ضد الالتهاب وكذلك مادة Adolapin الذي يعتبر مادة قوية أخرى كما انه يقوم بتثبيط إنزيم الأكسدة الحلقي لذلك فهو يمتلك نشاط مسكن للألم وبناء على ذلك تمكن الباحثون من علاج الحمى الروماتيزمية وعلاج التهاب وآلام الأعصاب والمفاصل وعلاج الآلام المزمنة في الظهر والرقبة وعلاج التهاب الكبد الوبائي وعلاج ضغط الدم وعلاج الصداع المزمن والأرق وغيرها من الأمراض الأخرى
تأتي ايجابيات العلاج بلسع النحل انه لا يوجد مريض من المرضى الذين عولجوا بسم النحل قد تعرض للموت بينما تُسجل سنوياً العديد من حالات الوفاة بسبب الأدوية المستخدمة في علاج الحمى الروماتيزمية مثلاً، كما أن المنطقة المتأثرة من الجسم بلسع النحل تحاول أن تشفي نفسها بسرعة بطريقة تفعيل سريان الدم فيها كما يمتلك سم النحل خاصية قوية للتعقيم من الجراثيم والفيروسات، ويمكن اعتباره أفضل مضاد حيوي لمعادلته 1000 مرة قدرة البنسلين، ومما يجدر بنا ذكره أن الإنسان العادي يتحمل أكثر من ألف لسعة نحل.
إنتاج وجمع سم النحل
استخلاص سم النحل أصبح سهلاً بفضل اكتشاف الصدمة الكهربائية التي تسبب بروز آلة اللسع واستجابتها لإفراز السم، حيث ظهرت عدة تصاميم تعمل على هذا المبدأ منها آلة Benton المكونة من لوح خشبي مثبت فوقه أسلاك على مسافات قريبة من بعضها يوضع هذا اللوح في قاعدة صندوق الحضنة في خلية نحل العسل الأمر الذي يؤدي إلى تلامس أكبر كمية من النحل مع هذه الآلة وبتعرض النحل للتيار الكهربائي الضعيف الذي لا يزيد على 3 فولت تقوم النحلة بلسع قطعة النايلون المثبته تحت الأسلاك فيستقر السم على لوح زجاجي موضوع خلف قطعة النايلون مباشرة وبعد جفاف السم يُكشط بموس حاد وقد عُدّل على هذا التصميم وجاءت تصاميم أخرى كثيرة لجمع السم جافاً وغيرها لجمع السم السائل.
المراجع
· مفصليات الأرجل ذات الأهمية الطبية والبيطرية في المملكة العربية السعودية تأليف الدكتور:علي إبراهيم بدوي
· الجديد في العلاج بلدغ النحل - الأستاذ الدكتور أسامة الأنصاري
· مملكة نحل العسل ومنتجاتها - علي المصري
· (The Hive and the Honey Bee (DADDANT
· https://www.ent.iastate.edu