الرئيسيةعريقبحث

سمير وليم باسيلي


☰ جدول المحتويات


سمير وليم باسيلي (1938), مصري الجنسية، تم تجنيده للموساد في ألمانيا و استطاع أن يجند أباه، تم القبض عليه في القاهرة بالتهمة التجسس لصالح إسرائيل, وحُكم عليه بالإعدام

سمير وليم باسيلي
معلومات شخصية
الميلاد 1938
القاهرة
تاريخ الوفاة 1971 (إعدام)
الجنسية مصري
الحياة العملية
التعلّم ثانوية

حياته

حصل سمير على الثانوية العامة بصعوبة شديدة عام 1960 وتوقف عن إكمال دراسته بأحد المعاهد. فالأب ... كان بخيلاً شديد البخل... شرس الطباع في معاملته لأبنائه... لا يترك قط مساحة ضئيلة من التفاهم تقربهم منه، وكره سمير في أبيه سلوكه فأدمن الخروج من المنزل والسهر مع أصحابه، ولم تنطفئ برغم ذلك حرائق الصدام مع والده. لذلك فكر في السفر إلى ألمانيا بعدما ضاقت به الحياة وعضه الجوع.

وعندما عرض الأمر على أبيه لم يسلم من تهكمه وسخريته اللاذعة، وذكره بالفشل الذي أصبح سمة من سمات شخصيته، رافضاً بشدة إمداده بنفقات السفر رغم توسط بعض أفراد الأسرة.

استدان سمير من أصدقائه ووجد نفسه فجأة على مقعده بالطائرة في طريقه إلى ألمانيا، يتنفس الصعداء ويلعن الفقر، ويسب والده الذي حطم كل الآمال لديه فأشعره باحتقاره لنفسه، ودونيته, وبث بأعماقه شعوراً مخجلاً بالضعف والحقارة.

لقد كان يبخل عليه بأبسط بوادر الحنان والأبوة... وحرمه الحب... فعاش معه مزوياً بلا هدف أو كيان. وأخذ سمير يجتر ذكرياته المرة مع والده البخيل .. الذي دأب على تسميم بدنه ليل نهار بالسباب والحط من شأنه... وتحريض أمه على طرده من المنزل كلما عاد متأخراً وحرمانه من العشاء والهدوء، مما أثار شجن الشاب الممزق، وكثيراً ما كان يسأل نفسه أهو ابن شرعي لهذا الرجل أم لقيط وجدوه على الرصيف.

سفره إلى ميونيخ

تحركت به الطائرة على الممر، وقبل أن ترتفع مقدمتها عن أرض المطار, أخرج سمير منديله وبصق على معاناته وآلامه وحظه، وكأنه يبصق على كل ما يذكره بأيامه الكئيبة. وظل يسرح طوال رحلته في خيال جميل أفاق منه على صراخ عجلات الطائرة وهي تنزلق على أرض مطار ميونيخ. وشرع من فوره في محاولة تحقيق الحلم، فاتصل بمعارفه هناك لمساعدته، وسريعاً حصل على وظيفة معقولة بشركة سيمونز الشهيرة فعاش حياة رائعة لم يكن خياله يقوى على وصفها أو يتخيلها.

مرت الأسابيع والشهور وفتانا منهمك في عمله لا يبغي سوى جمع المال، وبدأ رويداً رويداً في استطلاع الحياة الجديدة، التحرر الصاخب الذي يغش المجتمع من حوله، وساعده المال الذي ادخره على المغامرة، فانغمس في عالم آخر بعدما ضعف أمام إغراء المدينة الساحرة، بحر هائج من اللذات لا ينتهي مد موجه أو يخمد، أفرغ بين ضفتيه حياته السابقة لا يكاد يفيق من نشوته وسكرته إلا ويعود أكثر شراهة وطلباً.

ضمن له مرتبه الكبير التكيف مع حياته الجديدة، ولأنه فقد هويته – أراد أن يرسم لنفسه هوية جديدة ابتدعها هو، وهيأت له الظروف خطوطها لخدمة أحلامه وطموحاته. وتبلورت شخصيته الجديدة على مقهى برنسيس حيث الخمر والرقص والنساء.

وذات مساء وكان الزحام على أشده جلس بجواره رجل أنيق ودار حديث بينهما، وصاح "هاتز مولار" (ضابط المخابرات الإسرائلية) ينادي على صديقته "جينفيف يارد" في ترحاب زائد، وعرفها على سمير باسيلي الذي غاص في الذهول والمفاجأة، أحبها وتعلق بها، وأصبح بينهما علاقة، طلبت منه ترجمة بعض الصحف المصرية والعربية للمخابرات الإسرائلية, لم يتردد سمير واشترط عليها البقاء معه وعدم تركها.

وبعد فتره، فجاءته بأوراق وكتب بخطه سيرة حياته، ومعلومات عن معارفه وأقاربه ووظائفهم وعناوينهم في مصر. وطلبت منه بتدلل أن يمدها بأخبار مصر من خلال المصريين الوافدين إلى ميونخ، فلم يعترض، تعرف على مندوب الموساد. تركته جين لتبحث عن غيره، وانشغل هو باصطياد المصريين والتقاط الأخبار، وقبع في مطار ميونيخ ينتظر الطائرات القادمة من مصر عارضاً خدماته على الوافدين للمرة الأولى، الذين يسعدون بوجود مصري مثلهم يرافقهم إلى حيث جاءوا، ويقوم بتسهيل أعمالهم في المدينة.

عمله مع الموساد و تجنيده لأبيه

أشهر قليلة، واستطاع أن يقيم شبكة واسعة من العلاقات، خاصة مع بعض موظفي مصر للطيران وبعض المضيفين والمضيفات... ويعود إلى مسكنه في المساء ليكتب تقريره اليومي المفصل، الذي يتسلمه منه مندوب من الموساد كل صباح، ويقبض آلاف الماركات مكافأة له.

وبعد أن استقرت أموره المالية كثيراً عرف أبوه طريقه، فزاره في ميونيخ عدة مرات زاعماً أن المشاكل الاقتصادية في مصر تضخمت، وأنه يطلب مساعدته في الإنفاق على أسرته.

كان سمير يتلذذ كثيراً بتوسلات والده. بل يرسل في طلبه خصيصاً ليستمع إلى كلمات الرجاء تتردد على لسانه، وليرى نظرات التودد تملأ وجهه. وتضخم الإحساس بالشماتة عند الابن تجاه أبيه حتى وصل إلى درجة الانتقام، وكان الانتقام بشعاً ويفوق كثيراً حجم الترسبات التي قبعت برأس الابن تجاه أبيه.

لقد دبر سمير كميناً محكماً لأبيه أوقعه في شراكه عندما صحبه إلى مكتب هانز مولار ضابط المخابرات الإسرائيلية في ميونيخ، والذي يبدو في ظاهره مكتباً للمقاولات.

ولأن وليم فريد باسيلي يعشق النقود، أوضح له هانز أنه سبب الرفاهية التي يعيش فيها ابنه سمير. وأنه على استعداد أيضاً لبدء علاقة عمل بينهما وتأسيس شركة تجارية كبرى في القاهرة تدر عليهما ربحاً وفيراً, عندها . تخيل وليم شركته الجديدة والأموال التي ستغدق عليه، تخيل أيضاً مقعده الوثير ومكتبه الفخم وسكرتيرته الجميلة وسيارته الحديثة، وسافر بخياله يجوب شوارع القاهرة يختار موقع المكتب. فأيقظه هانز قائلاً إنه بحاجة إلى معلومات اقتصادية عن السوق المصرية، يستطيع من خلالها أن يحدد خطوطاً عريضة لنشاط الشركة. ولبى وليم الدعوة وجلس عدة ساعات يكتب تقريراً مفصلاً عن احتياجات السوق، وأحوال الاقتصاد في مصر.

دهش هانز لدقة المعلومات التي سردها وليم ومنحه فوراً 1000 مارك، ووعده بمبلغ أكبر مقابل كل تقرير يرسله من القاهرة.

نشط الجاسوس الجديد في كتابة التقارير وإرسالها إلى ألمانيا. وفي الزيارة التالية لميونيخ فوجئ وليم بثورة هانز بسبب سطحية تقاريره المرسلة إليه. وقال له إن المكتب الرئيسي على استعداد لدفع خمسة آلاف مارك للتقارير المهمة وأنه على استعداد لتدريبه على كيفية جمع المعلومات وكتابتها بعد تصنيفها. وعندما سأله وليم عن المكتب الرئيسي أجابه بأنه في تل أبيب، وهو مكتب مختص بالشؤون الاقتصادية في دول العالم الثالث. ارتبك وليم فناوله هانز خمسة آلاف مارك في مظروف مغلق قائلاً إنه هدية من إسرائيل من أجل التعاون المخلص. أما التقارير فلها مقابل أيضاً, وتسلم وليم خمسة آلاف أخرى فانكمش في مقعهده بعدما أدرك حقيقة موقفه ووضعه.

طمأنه هانز بأن علاقتهما لن تكشفها المخابرات المصرية، لأن هذه التقارير ليست مادة سرية فهي موجودة في الصحف القاهرية. وشيئاً فشيئاً, تطورت العلاقة بين هانز ووليم، تحددت بدورات تدريبية خاضها الأب على يد ضباط فنيين، وانتفخت جيوبه بآلاف من الماركات بعدما كثرت تقاريره التي كان يجيد كتابتها بعد تحليلها، وتعمده مصادقة ضباط القوات المسلحة والعسكريين المسرحين من المحيطين به.

وفي كل زيارة لميونيخ كان هانز يحذره من قراءة قضايا التجسس في الصحف المصرية حتى لا يرتبك ويقع في قبضة المخابرات المصرية التي لا ترحم الخونة. وطمأنه على أسلوب عملهم الذي لا تستطيع المخابرات العربية كشفه. وحتى وإن حدث، فهم سيتولون رعاية أبنائه والإنفاق عليهم من بعده ".

أما الابن سمير فقد اتسعت دائرة نشاطه في التعرف على المصريين الوافدين وتصيد الأخبار منهم من خلال الدردشة العادية، وهؤلاء الذين فشلوا في الحصول على عمل. وشرع بالفعل في تجنيد ثلاثة من المصريين. لكنهم استطاعوا الرجوع إلى مصر وأخبروا جهاز المخابرات المصرية بتصرفات سمير، ودوره في محاولات الإيقاع بهم لصالح المخابرات الإسرائيلية.

لقد جاءت البلاغات الثلاثة في فترة قصيرة ومن أشخاص لا يعرفون بعضهم، وكانت خطة المخابرات المصرية لاصطياد سمير وأبيه محسوبة بدقة بالغة وإحكام.

القبض على الأب وإستدراج الابن إلى القاهرة

كان وليم قد افتتح مكتباً كبيراً للمقاولات في القاهرة استطاع من خلاله أن يمارس عمله في التجسس، وجعل منه مقراً للقاءاته بالأشخاص الذين يستمد منهم معلوماته، خاصة من العسكريين الذين أنهوا خدمتهم . حيث إنهم في الغالب يتفاخرون دائماً بدورهم وبعملهم السابق بصراحة مطلقة، أمام الأشخاص الذين يبدون انبهاراً بما يقولونه ويسردونه من أسرار عسكرية وتفاصيل دقيقة.

وفي أحد الأيام، فوجئ وليم برجل مصري ثري عائد من الخليج، يريد الاستفسار عن إمكانية فتح مشاريع استثمارية وعمرانية كبيرة.

كان الرجل قد أمضى في الخليج سنوات طويلة ويجهل حاجة السوق المصرية للمشروعات، وتباهى وليم في سرد خبراته مستعيناً بإحصائيات تؤكد صدق حديثه، واستطاع إقناع المصري الثري بقدرته على اكتشاف حاجات السوق وإدارة المشاريع. وبدا أن الرجل قد استشعر ذلك بالفعل إلا أن حجم ثروته ورغبته في عمل مشاريع عملاقة مما استدعى من وليم الاستعانة بخبرة سمير فكتب له يطلب مجيئه وألح عليه في ذلك، وجاءه الرد من ابنه يخبره بميعاد قدومه.

بمجرد ما أرسل في طلب إبنه إلى القاهرة، تم القبض عليه، واكتشف وليم أن المصري الثري القادم من الخليج ما هو إلا ضابط من المخابرات المصرية، واكتشف أيضاً أن تقاريره التي كان يرسلها إلى الخارج تملأ ملفاً كبيراً.

لحظة القبض على الإبن

وما هي إلا أيام حتى جاء الابن إلى القاهرة، بصحبته شاب ألماني وصديقته أرادا التعرف على الآثار الفرعونية، فصحبهما سمير إلى الأقصر حيث نزلوا بفندق سافوي الشهير على النيل، ثم مكثوا يومين في أسوان وعادوا إلى القاهرة.

كان سمير طوال رحلته مع صديقيه يقوم باستعمال كاميرا حديثة ذات عدسة زووم في تصوير المصانع والمنشآت العسكرية طوال رحلة الذهاب والعودة، وفي محطة باب الحديد حيث الزحام وامتزاج البشر من جميع الجنسيات، وقف سمير امام كشك الصحف واشترى عدة جرائد. وبعدما هموا بالانصراف، استوقفه شاب انيق يرتدي نظارة سوداء برفقته أربعة آخرين وطلب منه أن يسير بجانبه في هدوء.

ارتسمت على وجه سمير علامات الرعب، وحاول أن يغلفها ببعض علامات الدهشة والاستفهام لكنه كان بالفعل يرتجف.

اعتذر الرجل الأنيق للضيف الألماني وصديقته، وودعهما سمير بلطف ومشى باتجاه البوابة إلى ميدان رمسيس يجر ساقيه جراً محاولاً أن يتماسك، لكن الموقف كان صعب وعسير.

وعندما ركب إلى داخل السيارة سأله الرجل الأنيق ذو النظارة:

أتريد أن تعرف إلى أين تذهب؟

أجاب بصوت مخنوق:

أعرف !!

وعندما فكر في مصيره المحتوم، أجهش بالبكاء، ثم أغمى عليه بعدما تملكه الرعب وأصابه الهلع، وحملوه منهاراً إلى مبنى المخابرات العامة ليجد والده هناك، نظراته أكثر هلعاً وصراخه لا يتوقف وهو يردد: سمير هو السبب !!

محاكمتهم

ولم يستغرق الأمر كثيراً. فالأدلة دامغة والاعتراف صريح. وكان الحكم في مايو 1971 بالإعدام للإبن و15 عاماً أشغال شاقة للأب.

مصادر

سمير وليم باسيلي ـ أول جاسوس يجند أباه للموساد

موسوعات ذات صلة :