سورة النازعات هي سورة مكية، من المفصل، آياتها 46، وترتيبها في المصحف 79، في الجزء الثلاثين، بدأت بأسلوب قسم ﴿ وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا ﴾، نزلت بعد سورة النبأ.[1]
| |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
الترتيب في القرآن | 79 | ||||||
عدد الآيات | 46 | ||||||
عدد الكلمات | 179 | ||||||
عدد الحروف | 762 | ||||||
النزول | مكية | ||||||
|
|||||||
نص سورة النازعات في ويكي مصدر | |||||||
السورة بالرسم العثماني | |||||||
موسوعة القرآن |
موضوع السورة
هذه السورة نموذج من نماذج هذا الجزء لإشعار القلب البشري حقيقة الآخرة، بهولها وضخامتها، وجديتها، وأصالتها في التقدير الإلهي لنشأة هذا العالم الإنساني، والتدبير العلوي لمراحل هذة النشأة وخطواتها على ظهر الأرض وفي جوفها، ثم في الدار الآخرة، التي تمثل نهاية هذه النشأة وعقباها
وفي الطريق إلى إشعار القلب البشري حقيقة الآخرة الهائلة الضخمة العظيمة الكبيرة يوقع السباق إيقاعات منوعة على أوتار القلب، ويلمسه لمسات شتى حول تلك الحقيقة الكبرى. وهي إيقاعات ولمسات تمت إليها بصلة. فتلك الحقيقة تمهد لها في الحس وتهيئه لاستقبالها في يقظة وفي حساسية.
يمهد لها بمطلع غامض لكنه يثير بغموضه شيئاً من الحدس والرهبة والتوجس. يسوقه في إيقاع موسيقي راجف لاهت، كأنما تنقطع به الأنفاس من الذعر والارتجاف والمفاجأة والانهيار:
﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا1وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا2وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا3فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا4فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا5﴾ [79:1—5]
وعقب هذا المطلع الغامض الراجف يجيء المشهد الأول من مشاهد ذلك اليوم. ظله من ظل ذلك المطلع وطابعه من طابعه، كأنما المطلع له إطار وغلاف يدل عليه :
﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ6تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ7قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ8أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ9يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ10﴾ [79:6—10] ﴿أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً11قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ12فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ13فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ14﴾ [79:11—14]
ومن هنالك..من هذا الجو الواجف المبهور المذعور،.بأخد في عرض مصرع من مصارع المكذبين العتاة في حلقة موسى مع فرعون. فيبدأ الإيقاع الموسيقي ويسترخي شيئاً ما، ليناسب جو الحكاية والعرض:
﴿هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى15إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى16اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى17فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى18وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى19فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى20﴾ [79:15—20] ﴿وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى19فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى20فَكَذَّبَ وَعَصَى21ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى22فَحَشَرَ فَنَادَى23فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى24﴾ [79:19—24] ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى40فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى41يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا42فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا43إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا44إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا45﴾ [79:40—45]
وبهذا يلتقي ويمهد لتلك الحقيقة الكبرى.
ثم ينتقل من ساحة التاريخ إلى كتاب الكون المفتوح، ومشاهد الكون الهائلة، الشاهدة بالقوة والتدبير والتقدير للألوهية المنشئة للكون، المهيمنة على مصائره، في الدنيا والآخرة. فيعرضها في تعبيرات قوية الأسر، قوية الإيقاع، تتسق مع مطلع السورة وإيقاعها العام :
﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا27رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا28وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا29وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا30أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا31وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا32﴾ [79:27—32] ﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾ [79:33]
وهنا – بعد هذه التمهيدات المقربة وهذه اللمسات الموحية – يجيء مشهد الطامة الكبرى، وما يصاحبها من جزاء على ما كان في الحياة الدنيا. جزاء يتحقق هو الآخر في مشاهد تتناسق صورها وظلالها مع الطامة الكبرى:
﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى34يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى35وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى36فَأَمَّا مَنْ طَغَى37وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا38فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى39﴾ [79:34—39] ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى40فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى41﴾ [79:40—41]
وفي اللحظة التي يغمر الوجدان فيها ذلك الشعور المنبعث من مشاهد الطامة الكبرى، والجحيم المبرزة لمن يرى، وعاقبة من طغى وآثر الحياة الدنيا، ومن خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى.. في هذه الحظة يرتد السياق إلى المكذبين بهذه الساعة، الذين يسألون الرسول عن موعدها. يرتد إليهم بإيقاع يزيذ من روعة الساعة وهولها وضخامتها:
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا42فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا43إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا44إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا45كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا46﴾ [79:42—46]
والهاء الممدودة ذات الإيقاع الضخم الطويل، تشارك في تشخيص الضخامة وتجسيم التهويل !
المصدر
- المصحف الإلكتروني، سورة النازعات، التعريف بالسورة نسخة محفوظة 31 يناير 2019 على موقع واي باك مشين.
في ظلال القرآن – سيد قطب
وصلات خارجية
- سورة النازعات: تجويد-تفسير - موقع Altafsir.com