الرئيسيةعريقبحث

سوناتا


سوناتا (قالب موسيقي)

سوناتا هي قالب موسيقي يحوي ثلاث أقسام رئيسية: العرض التفاعل المرجع. هنالك فرق بين ما يسمى قالب السوناتا ، وبين السوناتا نفسها التي تعني قطعة موسيقية مكتوبة لآلة ( سوناتا للبيانو المنفرد ) أو آلتين (سوناتا للكمان والبيانو، سوناتا للفلوت والبيانو، سوناتا للكمان والجيتار.... ) من عدة حركات بالترتيب ( سريع، بطيء، متوسط السرعة، سريع) . الكلمة مأخوذة من الكلمة الإيطالية sonare والتي تعني اصدار الصوت من آلة موسيقية. كمقابل لكلمة cantata والتي تعني الغناء بالصوت البشري.

أول قطعة بعنوان السوناتا كتبت في عام 1561 لآلة الفلوت كجزء من مجموعة رقصات. لاحقا في القرن السابع عشر ارتبطت بموسيقا الحجرة الإيطالية ( السوناتا الكنسية وسوناتة الحجرة ) ، تحت تأثير المؤلف العظيم كوريللي الذي كرس هذان النوعان من الأعمال (sonata da chiesa ، sonata da camera) ، السوناتا الكنسية ( كانت تؤدى في الكنيسة خارج أوقات الصلاة والمراسم الدينية) كانت من أربع حركات بالترتيب التالي ( بطيء، سريع، بطيء، سريع) تؤديها غالبا أربع آلات ( كمانين تشيللو والأورچن) الحركة السريعة فيها كانت على الأغلب بقالب الفوچ، الحركة الأخيرة ابسط وأقل كونتربنتية. سوناتة الحجرة كانت تؤدى في الصالونات وقصور الأمراء، بدلا من آلة الأورچن المرتبطة بالكنيسة ترافق الكمانين والتشيللو آلة الكلافيسان، الحركات مرتبطة بالموسيقا الحياتية اليومية رقصاتها وأغانيها، مما يعطيها مزاجا أقل جدية من السوناتا الكنسية. هذه البنية جعلتها قريبة من السويت أو البارتيتا ( عمليا لم يكن هناك فرق في القرن السابع عشر بين كلمة سوناتا و سويت ) . أولى السوناتا المكتوبة للبيانو المنفرد ( في ذلك الوقت كان لا يزال كلافيسان الآلة السابقة للبيانو كما نعرفه الآن ) كانت بدايات القرن الثامن عشر على يد كل من كوهلاو ولاحقا دومينيك سكارلاتي. هذه الأعمال كانت مكتوبة كحركة واحدة من جزئين مبنيين على فكرة واحدة ( ثيمة موسيقية واحدة) . سكارلاتي كتب أكثر من 600 عمل من هذا النوع. تطورت لاحقا في نهاية عصر الباروك وبداية الكلاسيكية على يد الكثيرين من أهمهم كارل فيليب إيمانويل باخ ( وهو أبن المؤلف العظيم يوهان سيباستيان باخ ) ، الذي كتب أكثر من سبعين عملا من هذا النوع لآلة البيانو نجد فيها تطورا و مضمونا دراماتيكيا أكثر من سوناتات سكارلاتي. في العصر اللاحق الكلاسيكي ( 1750 - 1800) تطور القالب بشكل كبير على يد أكبر مؤلفي تلك الفترة ( جوزيف هايدن ) الذي أعطاها شكلها الذي بقي معتمدا حتى العصر الحديث. ليصبح عملا من عدة حركات ( الأولى السريعة بقالب السوناتا ألليچرو، حركة ثانية بطيئة متأملة، الحركة الثالثة مينويت ( رقصة ثلاثية الإيقاع ) أو سكيرتسو ( مزحة ) ، الحركة الأخيرة سريعة مندفعة. الحركة الأولى ( التي بقالب السوناتا ) مبدأ كتابتها هو على الشكل التالي:

المقدمة التي تكون غالبا بطيئة. العرض: نسمع فيه اللحن الأساسي بالسلم الأساسي. اللحن الثانوي المتباين والمغاير للحن الأساسي بالمزاج و بالسلم ( غالبا سلم الدومينانت ) . اللحن الختامي. التفاعل: فيه المؤلف يعرض الألحان من دون ترتيب ينقلها بين السلالم يجزئها ويفاعلها مع بعضها إلى أن يصل بها إلى الذروة الموسيقية. المرجع: فيه نسمع ألحان العرض ( الأساسي، الثانوي، الختامي ) بالسلم الأساسي للعمل.

الحركة الثانية والثالثة: غالبا تكتب بقالب ثلاثي. الحركة الرابعة تكتب غالبا بقالب الروندو.

ترتبط السوناتا في أذهان جماهير الموسيقى بالشكل الذي وصلت إليه في مؤلفات عظماء الكلاسيكية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر وعلى رأسهم هايدن وموتسارت وبتهوفن.. فقد كتب كل من هؤلاء العباقرة عددا كبيراًمن روائع التراث الموسيقي في قالب السوناته وأيضا تحت اسم » سوناته « إلا أن هذا القالب العظيم قد مر بتاريخ طويل من التـطـور حـتـى وصل إلى الشكل الذي يرتبط في أذهاننا.

أصل التسمية

كلمة سوناتا Sonataمشتقة من اللاتينية وأصلهـا ( ( Sonareأي (يسمع) أو (ما يعزف ويتغنى )، وقد التصقت التسمية بالمقطوعات التي تعزف بالآلات الموسيقية في مقابل النوعية الثانية من الموسيقـى وهـي الـتـي كـانـت تـغـنـى بالصوت البشري وتسمى »كانتاتا« وهي مشتقة أيضا من اللاتينية وأصلها Contareبمعنى (ما يغنى ) بالصوت البشري.

تطور السوناتا

تطورت السوناته لتصبح أهم القوالب الموسيقية علـى الإطـلاق، فـهـي ذات قـالـب يـشـتـمـل عـلـى الـعـرض والتفاعل وإعادة العرض والختام، و يشتمل على الحوار والدراما ب المقامات وجزئيات الألحان وتفاعلها ودراستها، ولذلك فقد أصبحت الحركة الأولى في كل من السيمفونية والكونشرتو والرباعي الوتري، بل وسـائـر الأعـمـال الموسيقية الكبرى الأخرى مثل الافتتاحية وسائر أشكال موسيقى الحجرة (الثلاثي-الرباعي-الخماسي-السـداسـي.. الـخ) أصـبـحـت تـكـتـب مـن قـالـب السوناته. وهنا يجب علينا أن نفرق ب »قالب السونـاتـه« وبـ الـسـونـاتـه كمقطوعة موسيقية مستقلة تستخدم »قالب السوناته« أيضا في حـركـتـهـا الأولى. فالسيمفونية مثلا وعلى وجه الخصوص »السيمفونية الكلاسيكية« هي عبارة عن سوناته مكتوبة للأوركسترا الكامل، بينـمـا الـسـونـاتـه تـكـتـب بوجه عام لآلة البيانو، وكانت قبل وجود البيانو تكتب للآلات ذات لـوحـات المفاتيح مثل الكلافيكورد-الهاربسيكورد وهي التي تطور عنها البيانـو قـبـل منتصف القرن الثامن عشر.

كتب بتهوفن 23 سوناته شهيرة قال عنها النقاد أنها كانت كافية لتخليد بتهوفن و جيده حتى لو لم يكتب في حياته غيرها. والسوناته تتكـون مـن ثلاثة حركات في أغلب الأحيان، وتوجد بعض الأعمال الشهيرة من أربعـة حركات، وعدد أقل من حركت. وهي تكتب أساسا لآلة البيـانـو ومـنـهـا مـايكتب لآلت يكون البيانو أحدهما. فمثلا توجد سوناتات للبيانو والفيولينة، وأخرى للتشيلو والبيانو وأخرى للكلارينيت والبيانو. و يكون البيانو رئيسيافي السوناته دائما لأنه الآلة الوحيدة التي تتمكن من عزف الموسيقى كاملة بألحانها وهارمونياتها، أو القادرة على عزف ثلاثة خطوط لحنية (بوليفونية) أو أربعة أو أكثر في نفس الوقت بينما تعجز آلات الأوركسترا جميـعـا عـن عـزف أكـثـر مـن صـوت واحـد فـي نـفـس الـوقـت بـاسـتـثـنـاء الآلات الـوتـريـة وبتحفظات كبيرة.

يتمكن البيانو أيضا وحده من عزف نغمات متعددة في مساحة صوتية كبيرة جدا تشتمل على مساحة جمـيـع الآلات المـوسـيـقـيـة الحـادة الـطـبـقـة والغليظة الطبقة على السواء. ولقد حافظت السوناته حتى ما بعد منتصف القرن التاسع عشر على القيم العلمية للتأليف الموسيقي في هـذا الـقـالـب الرصين ولم يتطرف مؤلفوها في التحرر من قيودها العلمية إلا قليلا، وهي لذلك لم تستعرض في نماذج كثيرة الإمكانيات الرومنتيكية التي تقدم براعة العزف المـهـولـة »فـيـريـتـوز و «Virtuosityعـلـى الـبـنـاء المـوسـيـقـي الـرصين. واستعراض الأداء هو البراعة التي كانت تخرج بالصنعة الموسيقية من قيود القوالب إلى مظاهر الاستعراض الفردي في الأداء. لذلك ظل هـذا الـنـوع من المؤلفات أكثر من غيره محتفظا بقيم الكلاسيكية في صنعـة الـتـألـيـف دون صنعة الأداء وبوضوح أكثر، لم تضح السوناته بالمؤلف من أجل العازف، بل أصبح العازف دائما في خدمة الكتابة المـوسـيـقـيـة الـتـي تـسـجـل تـاريـخ الفكر والخيال والإلهام الموسيقي. سمي قالب السوناته باسم »قالب الحركة الأولى« خاصة عند استعماله في الحركة الأولى للمؤلفات الاوركسترالية، وسمي أيضا »قالب السونـاتـهالسريع« نظرا لأن الحركة الأولـى تـكـون سـريـعـة Allegroفي حركتـهـا (فـي الزمن)، أما الحركة الثانية في السوناته فهي (كما هو الحال في السيمفونية والكونشرتو وأغلب المؤلفات الكبرى التي تـشـتـمـل عـلـى حـركـتـين أو أكثر)بطيئة وغنائية الطابع وكثيرا ما تكون في قالب الأغنية الرفيعة ) Liedالليد)، أما الحركة الثالثة والأخيرة فتكون عادة سريعة وبراقة وذات صيغة تعرف بالروندو Rondoوبالتحديد »الروندو سوناته«، نسبة إلى استخـدام صـيـغـة الروندو في أعمال السوناتة.

لا تخلو مناهج لآلة موسيقية على الإطلاق مـن أعـمـال الـسـونـاتـه، أما البيانو فإنه الآلة التي لا يستمتـع بـهـا أحـد دون أن يـعـزف أو يـسـتـمـع إلـى مؤلفات السوناته، تلك ا ؤلفات التي احتفظت بقيمـهـا اكـثـر مـن أي قـالـب موسيقي آخر، ففي الموسيقى المعاصرة نجـد أيـضـا الـسـونـاتـات فـي صـور جديدة تختلف كثيرا عن السوناته الكلاسيكية المجيدة، ولكنها تحتفظ مع ذلك ببصمات التراث العظيم في الوقت الذي نجد فيـه الـقـوالـب الأخـرى مثل الافتتاحية والسيمفونية والكونشرتو قد اتخذت مسارات تجريبية شديدة البعد عن جذورها العريقة.[1]

مصادر

  1. يوسف السيسي، دعوة إلى الموسيقى، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، أكتوبر .1984

موسوعات ذات صلة :