تتمثل سياسة الولايات المتحدة الخارجية بتعاملها مع الدول الأجنبية وكيفية تحديدها معايير التفاعل لمؤسساتها وشركاتها ومواطني النظام في الولايات المتحدة.
وفقًا لما ورد في جدول أعمال السياسة الخارجية لوزارة الخارجية،[1] فإنه من شأن الأهداف المُعلنة رسميًا لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية «بناء ودعم عالم أكثر ديمقراطية وأمنًا وازدهارًا لصالح الشعب الأمريكي والمجتمع الدولي»،[2] بما في ذلك جميع الدوائر والمكاتب في وزارة الخارجية الأمريكية. علاوة على ذلك، تعلن لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي عن بعض أهدافها المتعلقة بالولاية القضائية: «ضوابط التصدير، بما في ذلك منع انتشار التكنولوجيا النووية والأجهزة النووية وتدابير تعزيز التفاعل التجاري مع الدول الأجنبية وحماية الأعمال التجارية الأمريكية في الخارج واتفاقيات السلع الدولية والتعليم الدولي وحماية المواطنين الأمريكيين في الخارج والاغتراب».[3] كانت السياسة الخارجية الأمريكية والمعونات الخارجية موضع نقاش وإشادة وانتقادات كثيرة، على الصعيدين الداخلي أو الخارجي.
صلاحيات الرئيس
يحدد الرئيس مسار السياسة الخارجية. تصمم وزارة الخارجية وجميع أعضائها جملة تفاصيل سياسة الرئيس وتنفذها. يوافق الكونغرس على انتقاء الرئيس للسفراء وبإمكانه إعلان الحرب كوظيفة ثانوية. يتفاوض رئيس الولايات المتحدة على المعاهدات مع الدول الأجنبية، ولا تدخل المعاهدات حيز التنفيذ إلا في حال توقيع ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ عليها. يتولى رئيس الولايات المتحدة منصب رئيس أركان القوات المسلحة الأمريكية، وبالتالي فهو يتمتع بسلطة واسعة على القوات المسلحة. يعين الرئيس وزير الخارجية والسفراء على السواء، بناء على مشورة مجلس الشيوخ وموافقته. يعمل وزير خارجية الولايات المتحدة على نحو مماثل لوزير الخارجية وبقيادة الرئيس، وهو القائد الرئيسي للسلك الدبلوماسي بين الدول.
صلاحيات الكونغرس
يُعتبر الكونغرس الفرع الحكومي الوحيد الذي يمتلك صلاحية إعلان الحرب. بالإضافة إلى ذلك، يضع الكونغرس الميزانية المدنية والعسكرية، وبالتالي فإن لديه سلطة واسعة في العمل العسكري والمعونات الخارجية. يتمتع الكونغرس أيضًا بصلاحية تنظيم التجارة مع الدول الأجنبية.[4]
نبذة تاريخية
يتمثل التوجه الرئيسي في تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية منذ الثورة الأمريكية بالتحول من سياسية عدم التدخل قبل الحرب العالمية الأولى وبعدها، إلى نموها لقوة وهيمنة عالمية أثناء الحرب العالمية الثانية ونهاية الحرب الباردة في القرن العشرين.[5] تميزت السياسة الخارجية الأمريكية منذ القرن التاسع عشر بالتحول من مدرسة نظرية الواقعية السياسية إلى المدرسة المثالية أو الويلسونية للعلاقات الدولية.[6]
أعرب جورج واشنطن عن مواضيع السياسة الخارجية بشكل كبير في رسالة وداعه، والتي تناولت، إلى جانب أمور أخرى، إبداء حسن النية والعدالة تجاه جميع الدول، وتشجيع السلام والوئام مع الجميع، واستبعاد «الكراهية المتأصلة تجاه دول معينة، والتعاطف مع الآخرين»، و«الابتعاد عن التحالفات الدائمة مع أي جزء من العالم الخارجي»، والدعوة إلى التجارة مع جميع الدول. أصبحت هذه السياسات أساس الحزب الفيدرالي الأمريكي في تسعينيات القرن الثامن عشر، بيد أن الجيفرسونيين المنافسين كانوا يخشون بريطانيا وفضّلوا فرنسا في تسعينيات القرن الثامن عشر، وأعلنوا الحرب على بريطانيا في عام 1812. بعد تحالف عام 1778 مع فرنسا، لم توقع الولايات المتحدة على اتفاقية دائمة أخرى حتى عام 1949، إذ وقعت على معاهدة شمال الأطلسي. مع مرور الوقت، أعربت السياسيات الرئاسية عن جملة من المواضيع الأخرى، أو الأهداف الرئيسية، أو التصرفات، أو المواقف المختلفة بوسائل شتى. لم تكن أحداثًا شائعة في بداية الأمر، ولكن منذ الحرب العالمية الثانية، اعتمد أغلب الرؤساء هذه الأحداث.
عارض الجيفرسونيون بشدة تشكيل جيش نظامي كبير وقوة بحرية إلى أن دفعت هجمات الجهاد البحري على السفن الأمريكية البلاد إلى تطوير قدرات القذف لدى القوة البحرية، ما أدى إلى اندلاع حرب طرابلس عام 1801.[7]
رغم اندلاع حربين مع الدول الأوروبية –حرب 1812 والحرب الأميركية الإسبانية في عام 1898– كانت السياسة الخارجية الأمريكية سلمية في أغلب الأوقات واتسمت بالتوسع المطرد في تجارتها الخارجية خلال القرن التاسع عشر. ضاعفت صفقة لويزيانا في عام 1803 مساحة المنطقة الجغرافية للبلاد، وتنازلت إسبانيا عن أراضي فلوريدا في عام 1819، وضُمّت جمهورية تكساس المستقلة في عام 1845، وأسفرت الحرب المكسيكية الأمريكية عن ضم كاليفورنيا وأريزونا ويوتا ونيفادا ونيو مكسيكو في عام 1848. اشترت الولايات المتحدة ألاسكا من الإمبراطورية الروسية في عام 1867، وضمت جمهورية هاواي المستقلة في عام 1898. كان الانتصار على إسبانيا في عام 1898 سببًا في جلب الفلبين وبورتوريكو، فضلًا عن الإشراف على كوبا. انتهت تجربة الإمبريالية القصيرة في عام 1908، حيث توجه اهتمام الولايات المتحدة إلى قناة بنما وترسيخ استقرار المناطق في جنوبها، بما في ذلك المكسيك.
الحرب العالمية الأولى
شهد القرن العشرين حربين عالميتين هزمت فيهما القوى المتحالفة مع الولايات المتحدة أعدائها، وزادت الولايات المتحدة من شهرتها الدولية بفعل هذه المشاركة. كان دخول الحرب العالمية الأولى مسألة جرى نقاشها بشكل محتدم في انتخابات عام 1916 الرئاسية.[8]
طُوّرت مبادئ ويلسون الاربعة عشر من برنامجه الويلسوني المثالي لنشر الديمقراطية ومكافحة النزعة العسكرية للحد من الحروب في المستقبل. أصبحت هذه المبادئ أساس الهدنة الألمانية (التي وصلت حد الاستسلام العسكري) ومؤتمر باريس للسلام في عام 1919. أظهرت معاهدة فرساي الناجمة عن ذلك عدم توافق هذه المبادئ، بسبب المخططات الجزائية والإقليمية للحلفاء الأوروبيين، فوقعت الولايات المتحدة على معاهدات منفصلة مع جميع خصومها، ولم تنضم الولايات المتحدة أبدًا إلى عصبة الأمم التي انبثقت من مبادرة ويلسون بسبب اعتراضات مجلس الشيوخ على ذلك. في عشرينيات القرن العشرين، سلكت الولايات المتحدة مسارًا مستقلًا، ونجحت في تطوير برنامج لنزع السلاح البحري، ثم أعادت تمويل الاقتصاد الألماني. أصبحت الولايات المتحدة لاعبًا مهيمنًا في الشؤون الدبلوماسية يعمل بمنأى عن العصبة. أصبحت نيويورك العاصمة المالية للعالم،[9] بيد أن انهيار بورصة وول ستريت في عام 1929 ألقى العالم الغربي الصناعي في الكساد الكبير. عوّلت السياسة التجارية الأميركية على الرسوم الجمركية المرتفعة في ظل الجمهوريين، وعلى الاتفاقيات التجارية المتبادلة في ظل الديمقراطيين، إلا أن مستويات الصادرات كانت منخفضة للغاية على أية حال في ثلاثينيات القرن العشرين.
الحرب العالمية الثانية
تبنت الولايات المتحدة سياسة خارجية تتمثل بعدم التدخل في الفترة من عام 1932 إلى 1938، إلا أن الرئيس فرانكلين روزفلت توجه صوب دعم قوي من جانب الحلفاء في حروبهم ضد ألمانيا واليابان. نتيجة للنقاش الداخلي الحاد، كان من شأن السياسة الوطنية التحول إلى ترسانة ديمقراطية تمول جيوش الحلفاء وتجهزها دون إرسال جنود أمريكيين للقتال. أشار روزفلت إلى أربع حريات أساسية ينبغي أن يتمتع بها الناس «في جميع بقاع العالم»، وهي حرية التعبير والدين، فضلًا عن التحرر من الحاجة والخوف. ساهم روزفلت في إرساء أحكام عالم ما بعد الحرب بين الحلفاء المحتملين في مؤتمر الميثاق الأطلسي، وأُدرجت نقاط محددة لتصحيح الإخفاقات السابقة، والتي أصبحت خطوة نحو تشكيل الأمم المتحدة. تلخصت السياسة الأمريكية بتهديد اليابان، وإرغامها على الخروج من الصين، ومنع هجومها على الاتحاد السوفيتي. ردت اليابان بشن هجوم على بيرل هاربر في ديسمبر 1941، وكانت الولايات المتحدة في حرب مع اليابان وألمانيا وإيطاليا. فبدلًا من تقديم القروض للحلفاء في الحرب العالمية الأولى، وفرت الولايات المتحدة مِنح إعارة وتأجير بقيمة 50 مليار دولار. بالتعاون الوثيق مع ونستون تشرشل من بريطانيا، وجوزيف ستالين من الاتحاد السوفيتي، أرسل روزفلت قواته إلى منطقة المحيط الهادئ ضد اليابان، ثم إلى شمال أفريقيا ضد إيطاليا وألمانيا، وأخيرًا إلى أوروبا بدءًا بفرنسا وإيطاليا في عام 1944 ضد الألمان. ازدهر الاقتصاد الأميركي، بمضاعفة الإنتاج الصناعي، وبناء الكثير من الطائرات والسفن والدبابات والذخائر والقنبلة الذرية أخيرًا. تركزت أغلب جهود الحرب الأميركية على القاذفات الاستراتيجية، التي دمرت مدن اليابان وألمانيا.
المراجع
- "Alphabetical List of Bureaus and Offices". U.S. Department of State. مؤرشف من الأصل في 10 يناير 202020 أبريل 2016.
- "Bureau of Budget and Planning". State.gov. مؤرشف من الأصل في 13 مايو 202018 فبراير 2015.
- "About the Committee". مؤرشف من الأصل في 15 أبريل 201218 فبراير 2015.
- James M. McCormick, American Foreign Policy and Process (2009) ch. 7–8
- George C. Herring, From Colony to Superpower: U.S. Foreign Relations Since 1776 (2008)
- Richard Russell, "American Diplomatic Realism: A Tradition Practised and Preached by George F. Kennan," Diplomacy and Statecraft, Nov 2000, Vol. 11 Issue 3, pp. 159–83
- Oren, Michael B. (2005-11-03). "The Middle East and the Making of the United States, 1776 to 1815". مؤرشف من الأصل في 15 يوليو 2019.
- Arthur S. Link and William M. Leary Jr. "Election of 1916: 'He Kept Us out of War'." in Arthur M, Schlesinger, Jr., ed., The Coming to Power: Critical Elections in American History (1971): 296-321.
- Donald L. Miller (2015). Supreme City: How Jazz Age Manhattan Gave Birth to Modern America. Simon and Schuster. صفحات 44–45. . مؤرشف من الأصل في 13 مايو 2020.