الرئيسيةعريقبحث

سيكودراما تربوية


☰ جدول المحتويات


السيكودراما التربوية[1] هي مجال تطبيقي من مجالات علم النفس التربوي، تستخدم العلاج النفسي سواء الفردي أو الجماعي بواسطة طرق درامية مثل السيكودراما الكلاسيكية، وهي فعل مواز للفعل التربوي تؤدي إلى علاجات الاختلالات النفسية والعلائقية والفكرية داخل الفضاء التربوي، ولا تشترط حصصها أن تؤدى بالضرورة داخل مستشفيات طبية، أو في مسارح خاصة كما هو الحال مثلا في الطريقة الكلاسيكية لمورينو، بل يمكن أن يكون الفضاء فضاءا تربويا (قاعة دراسية، قاعة محاضرات، قاعة عروض، ساحات المؤسسات)، وتهدف عموما إلى علاج مشاكل ذات طبيعة نفس-تربوية تعيق تحقيق النتائج المرجوة من عملية التربية والتعليم، من خلال تجاوزها لأطروحة اللعب للمرة الثانية، إلى لعب أدوار مستقبلية بطرق خاصة، كما تهدف إلى إكساب الشخص(المتعلم) مناعة نفسية ومعرفية، وهي تختلف عن السيكودراما الكلاسيكية من حيث الأهداف والطرق.

الأهداف

تختلف السيكودراما التربوية عن السيكودراما الكلاسيكية من حيث الأهداف، فلا ينحصر دورها فقط في الوصول إلى التطهير النفسي، بل تتجاوز هذه المرحلة إلى جعل لاعب الدور (البطل)، يستشرف مستقبله المحتمل ويعيشه على المستوى النفسي في جو آمن، وهو الشئ المفتقد في السيكودراما الكلاسيكية، والتي رغم محاولتها تجاوز المنهج التحليلي الفرويدي من خلال إقحامها للفعل الدرامي ردا على التداعي الحر، والعلاج غير النشط، لم تستطع تجاوز نظرية اللاشعور كخبرة ماضية للفرد.

كما تسعي لرفع المردودية التربوية، وذلك من خلال جعل لاعب الدور (سواء كان تلميذا أو طالبا أو نزيلا) يبني استراتيجياته المعرفية بطريقة مستقلة وواعية، من خلال اعتمادها، إضافة إلى الوضعية المعيشة، على الوضعية المرفوضة، والوضعية المأمولة، الأمر الذي يمكن من عملية التفكير الواعي لحل مشاكله الذاتية، وبناء واختيار الاستراتيجيات المناسبة لحل المشاكل، واعتبار البطل-المتعلم المعالج الأول لذاته، والمطور الرئيسي لملكاته، وهذا ما تفتقده السيكودراما الكلاسيكية التي تهدف تحديدا إلى اكتشاف الأسباب المباشرة للاضطرابات، وإعادة استحضار الماضي ولعبه دراميا كحقيقة.

كذلك فإن السيكودراما التربوية تسعي لإكساب لاعب الدور مناعة نفسية تجعله يستجيب بالكيفية المناسبة لوضعيات جديدة، من خلال أدائه لأدوار نفسية، تجعله يتخذ موقفا سليما من مواقف وأحداث ربما تصادفه مستقبلا، كما أنه سيكون مستعدا لخوض غمار الحياة بثقة وعزم وحسن اختيار وتكيف مع مختلف الوضعيات وتجاوزها، مما يمكنه من النجاح في حياته، الشئ الذي تفتقده السيكودراما الكلاسيكية بالرغم من أنها تحاول التنفيس عن لاعب الدور وتطهيره من المشاكل النفسية المسببة لاضطراباته، إلا أنها لا تُعده للحياة القادمة كما أنها لا تضمن عدم وقوع الفرد فريسة لنفس المشكلة التي سبق وأن عايشها وأثرت فيه بشكل سلبي.

الطرق

تختلف السيكودراما التربوية عن السيكودراما الكلاسيكية في الطرق، فبالرغم من أن كلا من السيكودراما الكلاسيكية والسيكودراما التربوية تشتركان في اعتمادهما على الارتجال، إلا أن السيكودراما التربوية تعتمد على تحرير الجسد أكثر من خلال ألعاب حركية ارتجالية، إضافة إلى اعتماد السيكودراما التربوية على أدوات العلاج النصي، ككتابة مشاكل الشخص في مرحلة الإعداد مع التقييم الذاتي الذي يقدمه البطل بخصوص تحسن صحته، واندماجه، وتوافقه من عدمه، وهذا ما تفتقر إليه السيكودراما الكلاسيكية، إذ لا تحاول جعل الفرد مشاركا، ومواكبا لعلاجه، وواعيا بتطور حالته، وكيفية تجاوز مشاكله، إذ تبقى هذه الأمور خاصة بين المعالج وبعض الأنوات المساعدة إذا كانت تضم أخصائيين.

ولزيادة توضيح شكل السيكودراما التربوية، يمكن أن يعترض البعض بالقول أن هذه الطريقة ما هي إلا انعكاس للسلوكية من خلال عقد مقارنة بين عمليتي العقاب والتحفيز، ودورهما في تشكيل سلوك الفرد وبين الوضعية المرفوضة والوضعية المأمولة، من حيث أن العقاب يؤدي إلى إخماد سلوك غير مرغوب فيه، في حين أن التحفيز يؤدي إلى تعزيز السلوك وترسيخه، واعتبار ذلك هو ما تقوم به الوضعيات المرفوضة والمؤمولة، ويجيب أنصار السيكودراما التربوية على هذه الملاحظة بأن هناك اختلافا كبيرا بين العقاب والتحفيز كعمليتين سلوكيتين تعتمدان أساسا على المثير المادي والاستجابة اللحظية بطريقة إشراطية وبين الأداء الدرامي للوضعية المرفوضة والوضعية المأمولة كوضعيات معرفية، تؤدي بالبطل إلى إعادة تشكيل البناءات المعرفية والسيرورات الذهنية بشكل واعٍ ومستقل، إضافة إلى تطوير وبناء الاستراتجيات الميطامعرفية، عبر تنشيط خطاطته الذهنية، مما يجعل الفرد قادراً على مواجهة مواقف مماثلة في الواقع، وبالتالي اكتساب مناعة نفسية، تكون للذات النشيطة الدور الأساسي والأهم في عملية التكيف مع العالم الخارجي.

أما فيما يخص القول بعدم إحداث قطيعة مع السيكودراما الكلاسيكية، فيمكن القول أن أي مهتم بهذا النوع من العلاج النفسي الدرامي الذي ظهر مع مورينو، لابد وأن يجد اختلافاً، سواء على المستوى النظري أو التطبيقي، بين السيكودراما التربوية والسيكودراما الكلاسيكية. وإذا كان السؤال حول مدى إمكانية تطبيقها في المجال التربوي فيمكن القول: "إننا كمربيين أولا، كان هدفنا جعل تلك الممارسة أكثر مرونة وتكيفاً مع مؤسسات التربية والتكوين، ولربما كان ذلك شغلنا الشاغل، بعد أن طبقناها بصيغتها المورينية بمستشفى الطب العقلي والنفسي "ابن الحسن بفاس...، ثم تبين لنا خلال عدة تجارب وورشات همت مدارس عمومية وخصوصية تكلفة الطريقة الكلاسيكية، مقارنة مع المردودية المستخلصة من تطبيقها، علما بأنها تتطلب إضافة إلى السيكودرامي (المدير أو مخرج اللعب) إلى أنوات مساعدة متخصصة، وركح سيكودرامي حسب مواصفات خاصة بالإضافة إلى إضاءة خاصة وجمهور وهو الذي يتعذر توفره داخل المؤسسات التربوية إذا ما أردنا تطبيقها، وهكذا تكتفي السيكودراما التربوية بسيكودرامي واحد متمرس، بإمكانه التنقل بين المؤسسات، ليطبق هذه الطريقة في قسم أو مكتبة أو حتى ساحة، وهي فضاءات متوفرا أصلا، ولا يحتاج الأمر أكثر من توفر مجموعة كراسي للجلوس فقط"[2].

مراجع

  1. الدكتور مصطفى مرزوكي، السيكودراما التربوية، فاس بريس، الطبعة الاولى، اكتوبر 2015، فاس، المملكة المغربية، ص: 11 ـ 14
  2. الدكتور مصطفى مرزوكي، السيكودراما التربوية، فاس بريس، الطبعة الاولى، اكتوبر 2015، فاس، المملكة المغربية

مقالات ذات صلة

موسوعات ذات صلة :