الشيخ صالح بن علي الحارثي، المحتسب، أمير الشرقية في عمان (سلطنة عمان) عالم مسلم فقيه ينتمي للمدرسة ال إباضية ومصلح اجتماعي وسياسي عماني من أعيان القرن الثالث عشر الهجري التاسع عشر الميلادي.[1] قام بدور مهم في الاحداث السياسية في عصره حيث شارك في ثورة الإمام عزان بن قيس البوسعدي ضد سلاطين مسقط وحلفائهم الانجليز، كما ساهم في النهضة العلمية في عمان في تلك الفترة حيث انشأ مدرسة للعلوم الشرعية في القابل (المنطقة الشرقية من عُمان) والتي أخرجت الكثير من العلماء أبرزهم نور الدين السالمي.
صالح بن علي الحارثي | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | 1250هـ-1834م القابل، عُمان |
الوفاة | 1314 هـ-1896م سمائل، عُمان |
سبب الوفاة | إصابة في معركة |
مكان الدفن | سمائل |
الجنسية | عماني |
اللقب | المحتسب |
الديانة | مسلم |
الحياة العملية | |
المهنة | فقيه عالم، أمير محتسب |
مجال العمل | فقيه |
سبب الشهرة | فقيه، مصلح ، سياسي |
اسمه ونسبه
صالح بن علي بن ناصر بن عيسى بن صالح بن عيسى بن راشد بن سعيد بن رجب السمري الحارثي [2] ينتمي هذا الشيخ لقبيلة الحرث ذات الصيت والشأن في المنطقة الشرقية من القطر العماني وينحدر من أسرة معروفة فيها حازت التصدر والمشيخة فيها كما كانوا أهل علم ودور بارز في الحياة الاجتماعية والسياسية، فصارت لهم قوة بحيث صارت أجزاء كبيرة من شرقية عمان تحت نفوذهم الفعلي التقليدي فيما عرف بإمارة الشرقية أو إمارة الحرث التي تأسست بزعامة عيسى بن راشد بن سعيد بن رجب جد الشيخ صالح ثم تسلسلت في ذريته[3] ومن الأعلام من أجداد الشيخ صالح : 1)عيسى بن راشد بن سعيد بن رجب ، المذكور أعلاه الذي تأسست إمارة الحرث على يديه 2) راشد بن سعيد بن رجب عالم فقيه عاصر الإمامين سلطان بن سيف بن مالك اليعربي وبلعرب بن سلطان بن سيف اليعربي وتولى لهما القضاء في ولاية إبراء وله كتاب ( جامع ابن رجب ) 3) صالح بن عيسى ( الأول ) الجد الثالث أنشأ مدينة القابل و انتقل إليها 4) عيسى بن صالح (الأول ) جد المترجم له الثاني كان قائداً للسيد سعيد بن سلطان شارك في حروبه في اماكن متعددة [4]
مولده ونشأته
ولد رحمه الله في القابل في عام 1250 للهجرة وقد توفي أبوه في ذات السنة ( قبل أن يولد أو بعد ولادته بقليل ) وكذلك جده ناصر بن عيسى أيضا توفي في نفس العام قتيلاً في حملة السيد سعيد بن سلطان على المزاريع في شرق افريقيا .
نشأ في كنف والدته وجد أبيه عيسى بن صالح . طلب العلم لدى معلمي القرآن في بلدته القابل و بلدة أعمامه ( المضيرب ) القريبة منها . ثم لما قارب الحلم رحل لطلب العلم الشرعي عند أكبر علماء عمان في زمانه وهو الشيخ المحقق سعيد بن خلفان الخليلي في بوشر حيث تتلمذ على يديه لسنتين منفصلتين [3].
حياته الاجتماعية والسياسية
تميزت شخصية الشيخ صالح بمميزات جعلته أهلاً للقيادة واجتمعت فيه صفات قلما تجتمع لأحد فقد جمع العلم الشرعي مع الوجاهة الاجتماعية و لذلك سمي بذي الجناحين كما كان عصامياً أبي النفس حازماً شجاعاً مقداماً ومع ذك شديد العطف علي الضعفاء ومتواضعاً لعامة الناس . بوجود هذه الخصائص اجتمع الناس حوله وتنامت سلطة رئاسته حتى غدا من أهم الشخصيات المؤثرة في زمانه .[3]
1-هاجر الشيخ في مقتبل شبابه إلى زنجبار طلباً لسعة الرزق وهناك كانت أول المواقف التي أظهرت شخصيته السياسية حيث وقف مؤيداً للسيد برغش بن سعيد في محاولته الانقلابية على أخيه ماجد بن سعيد والتي فشلت وادت بالشيخ صالح للفرار إلى الصومال حيث مكث سنتين استزاد فيها من العلوم خصوصا علوم العربية ثم رجع لزنجبار حيث طلب العفو من السلطان ماجد الذي عفا عنه فعلاً .
2- جهوده لطرد السعوديين من الشرقية : عاد الشيخ من زنجبار إلى بلاده حيث وجد السعوديين قد احتلوا صور بتشجيع من بعض اعيانها فذهب إلى مسقط و شجع السلطان ثويني للعمل على طردهم منها مبدياً استعداده للتعاون فوافق ثويني على ذلك ورجع الشيخ صالح إلى القابل وأخذ يجمع الرجال والعدة لمحاربة السعوديين ولكن هؤلاء لما رأوا استعدادات العمانيين لحربهم خرجوا منها إلى البريمي .[3]
3-تنصيبه شيخاً على قبيلة الحرث : الاحداث السابقة رفعت منزلة الشيخ صالح عند قومه فطلبوا منه ان يكون شيخاً لهم بديلاً عن أخيه الأكبر ناصر بن علي، فقام الشيخ حميد بن عبد الله الحارثي (وهو الذي كان مرجعاً للحرث عندما كان ناصر وصالح صغاراً) فعزل ناصراً عن المشيخة وأعلن الشيخ صالح شيخاً للحرث. وذلك في حوالي سنة 1282 هـ/1866 م[2]
4- ثورة الإمام عزان بن قيس : قام سالم بن ثويني باغتيال والده ثويني سنة 1866 م وأعلن نفسه سلطاناً على مسقط واستباقاً لردة الفعل المتوقعة من أعيان البلاد قام سالم هذا بمراسلة العلماء والأعيان واعداً إياهم بإصلاح البلاد وقام ببعض الاصلاحات في مطرح ومسقط ولكنه لم يتسمر و خوفاً من تحركات الشيخ صالح المناؤة له حاول ان يتخلص منه ولكنه فشل في القبض عليه .عندئذ اجتمع الشيخ صالح و الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي والشيخ محمد بن راشد الغاربي و أعلنوا ثورة على سالم بن ثويني و تنصيب الإمام عزان بن قيس إماماً على عموم عُمان سنة 1285هـ /1868م و نجحوا في دخول مسقط وطرد سالم منها و توحدت البلاد بعد فترة من التشتت واستمرت إمامة عزان أكثر من سنتين حتى قام الانجليز بمساعدة تركي بن سعيد بن سلطان للاطاحة بها سنة 1871م واستشهد في اثناء ذلك الامام عزان والشيخ سعيد الخليلي و الشيخ الغاربي وبقي الشيخ صالح بعدهم حيث لم تتمكن قوات السيد تركي من اختراق مقاومته في الشرقية.[3]
5- محاولات اسقاط حكومة مسقط: أثر سقوط إمامة عزان بن قيس بشدة على الشيخ صالح فقد حزن لذلك بشدة كما يظهر ذلك في ما دون من فتاويه ويبدو أنه قد عاهد نفسه على إتمام مشروع القضاء على حكومة مسقط فقد شن على مسقط خمسة حملات في الفترة بين1290هـ/ 1873 م حتى وفاته عام1314هـ/ 1896 م ولكن لم تنجح أي منها في القضاء على حكومة مسقط ولعل أهمها الحملة التي قام بها في ذي القعدة 1290هـ / يناير 1874م والتي أدت لتوقيع اتفاقية سلام بين الطرفين ما لبث السلطان ان تراخى عن تنفيذ بنودها مما أدى بالشيخ صالح لشن حملات أخرى على سلطنة مسقط كان اخررها بقيادة ابنه عبد الله في 1413 هـ [3][5]
إمارة الشرقية ( العمانية )
أصبح لقبيلة بني حارث شأن في المنطقة الشرقية من عمان حتي أصبحوا بمثابة أمراء لها وبدأت المشيخة في التبلور في حوالي عام 1100 هـ بزعامة الشيخ عيسى بن راشد بن سعيد الحارثي وتسلسلت في عقبه [3] ، قام صالح بن عيسى الأول بتأسيس مدينة القابل حيث شق فلجاً فيها وانتقل باسرته إليها وصارت حاضرة الحرث بعد ذلك وبمثابة العاصمة السياسية . كانت الامارة تحت السيطرة التامة لشيوخ الحرث و تتعامل مع الكيانات السياسية الرسمية في القطر العماني مثل سلاطين مسقط أو الأئمة في نزوى باستقلال شبه تام ولكنه ليس معلناً ولم يكن لها علم معروف و لم تصدر وثائق رسمية للمنضوين في ظلها . شملت هذه الامارة في أوجها كل من بلدان ( ولايات ) القابل وابراء و بدية ووادي بني خالد وووادي دما ووادي الطايين والمضيرب و أجزاء من جعلان و قرى الرحبيين في سمائل[6] وذلك في عهد الشيخ صالح بن علي الحارثي. امتاز شيوخ الحرث بالحنكة الادراية و حب العلم والحرص على مصلحة رعاياهم . كانت الامارة تدار بالتقاليد القبلية المتعارف عليها عند العمانيين في ذلك الزمان و حرص الشيخ صالح على تطبيق ما أمكن من الأحكام الاسلامية وحمل الناس على اتباعها ولذلك سمي بالمحتسب . مع بسط السلطان سعيد بن تيمور على كامل عمان على إثر حرب الجبل الاخضر التي حسمت في عام 1959 م بدأت السيطرة الفعلية لشيوخ الحرث تتضاءل تدريجيا على المنطقة وتذوب في الادراة الرسمية للدولة ويمكن اعتبار عام 1970 م نهاية هذه الامارة القبلية التقليدية وبذلك تكون قد امتدت زهاء ثلاثة قرون
آثاره العلمية
لم يكن الشيخ متفرغاً للعلم والتعليم بل كان كثيراً ما يشكو شدة انشغاله بأمور الناس العامة حيث عاش الشيخ في فترة زمنية كثرت فيها النزاعات القبلية مع عدم وجود سلطة سياسية قادرة على ضبط شؤون الناس العامة فسلاطين مسقط لم يكن لديهم اهتمام بتلك النواحي لكونها ليست ذات قيمة بالنسبة لهم اقتصادياً أو جغرافياً . هذا الوضع جعل الشيخ يتخذ دور المحتسب في تلك النواحي والذي جعله الشيخ نور الدين السالمي ( تلميذ الشيخ صالح الأبرز ) بمثابة إمام شرعي غير معلن . مع هذا كله ترك الشيخ انتاجين علميين مهمين وهما :
1- عين المصالح في أجوبة الشيخ صالح : وهو مجموعة كبيرة من فتاوى الشيخ صالح تناولت معظم الأبواب الشرعية بدءاً من العقيدة وانتهاء بالسياسة الشرعية . جمع هذه الفتاوى الشيخ أبو الوليد سعود بن حميد آل خليفين ( 1309هـ/1891م - 1373هـ/1953 م) وقد طبع الكتاب من قبل مكتبة الجيل الواعد.[7]
2- عين الرشاد في تفصيل الجهاد : وهذه رسالة في أحكام الجهاد وقد أملاها الشيخ بنفسه فيما يبدو وقد طبعت ملحقة في أخر كتاب عين المصالح المذكور آنفاً .[7]
وفاته
كان الشيخ قد أدخل قبيلتي الندابيين والرحبيين من سكان سمائل في حمايته بعد أن طلبوا منه ذلك فذهب إلى بلدانهم وأعلنها ( قطعة من بلاد الحرث، فمن تعد علها أو على أحد من أهلها فكأنما تعدى علينا ) . وفي ربيع الأول من عام 1314 هـ خرج مناصراً لهم بسبب اعتداء وقع عليهم من بني جابر في قرية الجيلة من سمائل وفي يوم السادس من ذلك الشهر قام بحملة ضدهم أصيب فيها بطلقة بندقية في فخذه لبث بها ساعات وتوفي عصر ذلك يوم و دفن في قرية الابراهيمية من وادي سمائل[7] .يوافق ذلك 21 من شهر أغسطس 1896 م .
ترك الشيخ من الذرية ثلاثة أبناء ذكور وهم :
1- الشيخ عيسى بن صالح الحارثي وهو أكبر أبنائه وتزعم القبيلة بعده
2- أحمد بن صالح الحارثي
3- علي بن صالح الحارثي
بالاضافة إلى الثاني من ابنائه عبد الله بن صالح الذي توفي في حياة والده سنة 1312 هـ
رسائل ودراسات حوله
1- الحق الجلي من سيرة الشيخ صالح بن علي ( نور الحق الجلي من سيرة شيخنا الولي صالح بن علي ) وهو رسالة كتبها الإمام نور الدين السالمي ( وهو أبرز تلامذة الشيخ صالح ) وفيها يرد على الانتقادات التي وجهت إلى الشيخ علي في تعامله مع بعض الاحداث التي وقعت في عهده، كما يبين مكانة الشيخ العلمية والاجتماعية و يحث الناس على تأييده والالتفاف حوله . طبعت هذا الرسالة بواسطة مكتبة الضامري ضمن كتاب "عين المصالح" المذكور أعلأه في أوله في الصفحات الأربعين الأولى منه. ( يذكر أن مكتبة الضامري توقفت عن طباعة الكتاب و الطبعة المتوفرة حاليا هو الثانية وتاريخها عام 1993 م ثم قامت مكتبة الجيل الواعد بطباعة الأجوبة فقط مع رسالة عين الرشاد بطبعة منقحة محققة ولم تدرج رسالة الحق الجلي فيها ) [8]
2- الشيخ صالح بن علي الحارثي ( 1250هـ /1834م - 1314هـ/1896 م ) ودوره الاجتماعي والسياسي : بحث قصير للدكتور سعيد بن محمد الهاشمي نشر في مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية في العدد 125 . استعرض حياته وأدواره السياسية و الاجتماعية بشيْ من الاختصار . هذا البحث متاح في ارشيف جامعة السلطان قابوس و موقع "دار المنظومة"[9]
- "...:::تادّارت:::..." مؤرشف من الأصل في 28 مارس 201927 مارس 2019.
- الحارثي, عبدالله; سالم (1994). أضواء على بعض أعلام عُمان قديما وحديثاً. مسقط.
- الهاشمي, سعيد (2007). "الشيخ صالح بن علي الحارثي و دوره الاجتماعي والسياسي". جامعة الكويت. مؤرشف من الأصل في 28 مارس 20192019.
- ابن زريق, حميد بن محمد (1983). الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيدسن. مسقط ، سلطنة عمان: وزاة التراث و الثقافة ( سلطنة عمان ).
- السالمي, عبدالله; بن حميد (1928). تحفة الأعيان بتاريخ أهل عمان. القاهرة ، مصر: المكتبة السلفية ، القاهرة.
- "مناطق نفوذ الشيخ عيسى بن صالح" [و٣٠] (٢/١)". مكتبة قطر الرقمية. 2017-05-23. مؤرشف من الأصل في 09 ديسمبر 201908 أبريل 2019.
- آل خليفين, يعود; بن حميد (2017). عين المصالح في أجوبة الشيخ صالح. مكتبة الجيل الواعد.
- آل خليفين, سعود; بن حميد (1993). عين المصالح من أجوبة الشيخ صالح (الطبعة الطبعة الثانية). سلطنة عمان ، مسقط: مكتبة الضامري. صفحة 1- 40.
- "دار المنظومة". مؤرشف من الأصل في 27 فبراير 2019.