الرئيسيةعريقبحث

طحالب بحر البلطيق


طحالب بحر البلطيق: للطحالب البحرية مزايا عدة. فهي شهية المذاق، وغنية بالمواد المغذية، وتستخدم أيضاً في كثير من مواد التجميل. ويقول باحثون من جامعة كيل أن الطحالب البحرية المستنبتة في بحر البلطيق تصلح حتى لمعالجة السرطان. يحصل علماء الأحياء في مدينة كيل الألمانية على المواد التي يجرون عليها أبحاثهم من بحر البلطيق، حيث يبحرون في قارب خاص بقطف المحاصيل البحرية إلى مزارع الطحالب ويجلبون معهم نماذج من الطحالب البنية ذات الاسم اللاتيني Saccharina latissima. "يمكن أن يبلغ طول هذه الطحالب بضعة أمتار وعرضها نصف متر "، كما تقول عالمة الأحياء البحرية فيرينا ساندو، وتتابع "الوضع المثالي تصله هذه الطحالب عندما يصبح لونها بنياً ذهبياً لامعاً وعندما لا تبدأ طحالب غريبة أو حيوانات بحرية أخرى بالنمو عليها." تنمو هذه الطحالب على عمق مترين من سطح البحر، وقد قام العلماء في كيل بنسج شبكة كثيفة من الحبال في مزرعة الطحالب، كي تتخذها الطحالب كمرسى وتبدأ في النضج على هذه الشبكة، كما هو الحال في كل عام. وتشرح العامة ساندو: "في فصل الشتاء لا يحدث هنا شيء يُذكر، ولكن اعتباراً من شهر آذار مارس تبدأ الطحالب بالنمو بسرعة فائقة". وعندما ترتفع درجة الحرارة لتتعدى خمس عشرة درجة مئوية بانتظام، حينها يأتي وقت حصاد الطحالب. بعد الحصاد تُنقل الطحالب بواسطة القارب في صناديق كبيرة بيضاء إلى المختبر، حيث يتم هناك تجميدها ومن ثم تقطيعها بواسطة جهاز خاص لقطع صغيرة. "نستطيع استخلاص المواد المفيدة والمهمة بالنسبة لنا من الطحالب من خلال وضع مواد محلِلة خاصة عليها"، كما تقول عالمة التكنولوجيا الحيوية ماريون تسنتهوفر. وتحتوي الطحالب على مواد متعددة وخاصة البوليفينول والكاروتينوئيد وعديد السكاريد المكبرَت والأحماض الدهنية أوميغا 3 والأنتوسيانين. وتتابع تسنتهوفر: "عندما نحصل على هذه المواد، نأخذها ونذهب بها إلى المختبر". وفي المختبر تجري الباحثة اختباراتها على مفعول مستخلصات الطحالب تحت ظروف معقمة. وتبدأ التجارب بزرع خلايا سرطانية من البنكرياس تم استنباتها خصيصاً لهذا الغرض على صفيحة خاصة، وبعد يوم يتم رش سائل مغذّ عليها، وهو سائل يحتوي على المواد المستخلصة من الطحالب البنية. بعد 72 ساعة يمكن للعالمة ماريون تسنتهوفر أن ترى إن توقف نمو الخلايا السرطانية أم لا.

اختفاء الخلايا السرطانية بفعل الطحالب

الفحص الأولي لهذه الخلايا تحت المجهر يُظهر أنه "إذا نمت الخلايا بشكل طبيعي، فإنها تنتشر كلياً على سطح صفيحة الاستنبات. أما إذا ظهرت ثقوب في هذه الطبقة من الخلايا، فهذا يدل على أن مستخلصات الطحالب قد أبدت مفعولها." وهذا الشيء يحصل بكثرة في هذه التجارب، وهو أمر يسر الباحثة ماريون تسنتهوفر. وللتعمق في نتائج التجارب هذه، يُجرى فحص ثان من خلال استخدام مطياف للأشعة فوق البنفسجية. وعن هذه الطريقة تشرح باحثة التكنولوجيا الحيوية: "الخلايا السرطانية الحية تتلون باللون البرتقالي عندما يتم تغذيتها بالمواد المستخلصة من الطحالب"، حيث يتم قياس امتصاص لطول موجات معينة من الضوء، أي الكثافة البصرية: إذا كانت القيمة المستنتجة تصل إلى 0,2 بالمائة، فهذا يدل على أن الخلايا السرطانية ميتة، أما إذا كانت القيمة 2,0 بالمائة، عندها تكون الخلايا لا تزال حية".

القدرات الخاصة لطحالب بحر البلطيق

وتشدد الباحثة في التكنولوجيا الحيوية على أن النتائج الأولية تبعث على التفاؤل، غير أنه لا زال من غير المعروف أي من المواد هي التي تعمل على توقف نمو السرطان. ولكن هذا ما سيحاول الباحثون اكتشافه في المراحل القادمة. والنسبة لعالم الأحياء البحرية ليفنت بيكر فإن هذه النتائج هي ثمرة البحث العلمي الدؤوب، ولكن في نظره فإن الشيء المميز هو أن الأبحاث قد نجحت باستخدام الطحالب البنية من بحر الشمال، ويقول بيكر: "حتى الآن كنا نبحث عن أنواع الطحالب الموجودة في أماكن غير مألوفة مثل المياه العميقة أو الينابيع الساخنة. ولكننا نعرف الآن أن الطحالب الألمانية في مياه بحر البلطيق تملك القدرات ذاتها." وتدعم الوزارة الاتحادية الألمانية للتعليم والأبحاث مشروع "الطحالب ضد السرطان"، وبجانب جهات خاصة تشارك مجموعتان من الباحثين في جامعة كيل في هذا المشروع.