الرئيسيةعريقبحث

عادات الصين


☰ جدول المحتويات


تقف الصين وحدها وسط حضارات العالم .. فقط تطورت في عزلة تامة عن بقية الحضارات ولهذا كانت إنجازاتها فريدة.. وهذه الخاصية الفريدة جعلتها ممتعة لمن يشاهدها , محيرة لمن يفهمها ! .. أجل !.. فقد تطورت الصين بنفسها وساعدتها على ذلك وحدتها الجغرافية.. عند نهاية الشرقية الوسطى (في الطرف الشرقي الأقصى) من العالم الأوروبي الآسيوي القديم , تحيط بها جبال وصحراء لاتمر بها أي طرق تجارية .. أما الأديان الرئيسية المعترف بها خمسة : ( البوذيةالإسلامالمسيحية الكاثوليكيةالداوية " نسبة إلى داو " – الطاوية أو التاوية ). ويتكلم الصينيون لغة لا يربطها صلة بأي جماعة لغوية أخرى , وتَكتب بخط اخترعوه لا يشبه غيره لكن لهذا الخط ميزة كبرى , إذ تُعبر رموزه في الكتابة عن الأفكار لا الأصوات ! ولذا يمكن قراءتها في جميع أنحاء الصين بغض النظر عن لهجة المتكلم .. بل إن الكتب التي كتبت بهذا الخط قبل ألفي سنة يمكن قراءتها اليوم بكل سهولة .

الدين في العصر السابق للإمبراطورية واعتقاداته

كان التراث الديني فيما قبل عمر الإمبراطورية ( أي قبل القرن الثاني قبل الميلاد ) يتألف من عنصرين متميزين تمامًا .. الأول : عبادة السماء والأسلاف المقدسين . حيث كانوا الأمراء والطبقات الأرستقراطية يقومون في هذه العبادة باسترضاء السماء والأسلاف ويلتمسون عون الموتى الأقوياء الذين حكموا ,وهذه العبادة كان الهدف منها أن تظل السماء على وفاق مع الموجودات البشرية عن طريق الطقوس السحرية أما العنصر الثاني الذي كان يتألف منه التراث الصيني فهو ( عالم السحر والعرافة ) الذي يمثل فيه الروح الوسيط حلقة وصل بين البشر والأرواح . ولقد بقيت هذه العقيدة حية بين الناس محتفظة بعناصر ديانة أكثر بدائية أدت فيها التعاويذ والتنبؤ بالبخت وماشابه ذلك بالنسبة لطبقة الفلاحين .

إبان عصر الفلاسفة

لقد ادّعى المشعوذون والكهنة والسحرة أنهم قادرون على استحضار أرواح الميت الهائمة , كما زعموا أنهم بوسائل تقنية مختلفة وعقاقير معينة قادرون على ضمان خلود الجسد وهكذا يمكن أن تتكامل الأرواح المبعثرة من جديد في جسد خالد ويمكن تجنب مايحدثه الموت من فناء . على إثر هذه الادعاءات انشغل الإمبراطور الأول بالبحث في جميع أنحاء الدولة عن مثل هذا الخلود عند أصحاب الوصفات الطبية أيّ عند أولئك الكهنة الشعبيين القادرين على تلبية هذا العزاء .. لكنه أبى أن يجد محققًا لطلبه المستحيل حدوثه ..

خرافات هسون تسو

هسون تسو هو العضو الثالث في ثالوث الآباء المؤسسين للـ(كونفوشية). عاش قرب نهاية عصر الفلاسفة .. في اعتقاده أن البشر ولدوا أشرارًا لكنه في الوقت نفسه يؤكد بقوة عن اعتقاده بأنه في استطاعتهم أن يصبحوا أخيارًا بالتربية والتهذيب, وأدان بعض الممارسات الدينية واعتبرها من الخرافات ! ومن ذلك : الصلاة استجلابًا للمطر , وطرد المرضى بالرقى والتعاويذ , وقراءة حظ المرء من ملامح وجهه . لكنه أباح غير ذلك من أمور كالتنبؤ بالغيب , كما أنكر وجود الأرواح الشريرة والأشباح الضارة .. وهكذا أصبح "هسون تسو" أعظم الفلاسفة العقليين في الكونفوشية .. والكونفوشية هي مجموعة من المعتقدات والمبادئ في الفلسفة الصينية تتمحور في مجملها حول الآداب والأخلاق , انطلاقا من الصين انتشرت هذه المدرسة إلى كوريا ثم اليابان ثم إلى فيتنام , وأصبحت ركيزة ثابتة في ثقافة شعوب شرق آسيا ورغم أن الكونفوشية أصبحت المذهب الرسمي للدولة الصينية إلا أنها لم تشق طريقها لتصبح ديانة , كان يعوزها وجود هياكل أساسية وطبقة من الكهنوتية "رجال الدين" .

الديانة التاوية

ترجع فلسفة التاو الصينية إلى فترة مابين القرنين الرابع والسادس قبل الميلاد ويعتقد آخرون أن هذه الفلسفة قد نشأت قبل هذا التاريخ . حيث يقصد بكلمة تاو : (الطريقة أو المنهج) الذي يُستدل به على الوحدة الكلية المطلقة للوجود . تؤمن فلسفة التاوية بمبدأ دورية الزمن وتعني أن كل شيء في الوجود يمر بدورة كاملة تبدأ بالنشوء ثم الميلاد ثم الطفولة والشباب حتى تصل مرحلة النضج والقوة القصوى ثم تبدأ بالانحلال إلى أن تصل مرحلة الموت . هذه الدورات تمت ملاحظتها من قِبل الفلاسفة الصينيون القدماء في دورة اليوم الواحد ودورة المواسم السنوية . وتؤمن الفلسفة التاوية بوجود خمس عناصر أساسية يتكون منها أي شيء في الوجود وهي(الماء , الحديد , النار , الأرض , الخشب). وهذه العناصر توجد مجتمعة أو متفرقة في كل شيء.

طقوس الكنيسة التاوية طورت الكنيسة التاوية أو الطاوية ضروبًا من الطقوس والخدمات الدينية التي تقام للتكفير عن الخطيئة وكفارة المرض ( الذي يُعتقد أنه حدث بسبب الخطيئة ) يقوم الكاهن بتلاوة بعض التعاويذ على الماء ثم يقدمه إلى التائب ليشربه , فإذا فشلت هذه العملية في تحقيق الشفاء يعزي الفشل إلى نقص الإيمان . وفي الكنيسة الغربية يدفع المؤمن خمسة ميكالات من الأرز فدية مالية وتدون الخطايا و تسجل الاعترافات و تُعد ثلاث نسخ من الخطايا المدونة توجه واحدة إلى السماء وواحدة إلى الأرض والأخرى إلى الماء , توضع واحدة على قمة الجبل بينما تدفن الثانية في باطن الأرض وتغطس الثالثة في الماء , أما الخطايا التي يُكفر عنها بهذه الطريقة فهي : السُـكر , الفسق , السرقة .

الأبخرة التسعة

لقد قيل أن الأبخرة التسعة كانت مندمجة في العماء مع بداية الخلق ثم انفصلت فتكونت السماء من أنقاها , وتكونت الأرض من أغلظها , وتكوّن الجسم البشري من العناصر الغليظة ثم مُنح الحياة عندما دخله البخار الأصلي لحظة الميلاد , ويتصل هذا البخار بـ"الجوهر" فتتشكل الروح وهي : مبدأ الحياة . وعند الموت ينفصل البخار عن الجوهر , والجسم تحكمه الأرواح التي تحكم الكون وإذا أُريد للجسم أن لا يتحلل فإن هذه الأرواح لابد أيضًا أن تظل موجودة لتمنع مغادرة الروح والجوهر وبذلك يبلغ مرحلة الخلود .. وقد ذهبوا إلى أن أحد أسباب الموت هو الإسراف في تناول الحبوب , لأن أبخرتها تغذي الأرواح الشريرة في المعدة وثم تستقر هذه الأرواح في القلب والمخ والمعدة وعن طريق الانتظام في الغذاء الصحي واستخدام العقاقير وتمرينات التنفس يمكن كبت هذه الأبخرة فيظل البخار الأصلي وهو أزلي خالد , وحين يتم امتصاص الزنجفار "كبريت الزئبق" تتحول العظام إلى ذهب كما يتحول اللحم إلى حجر اليشم "وهو نوع من الأحجار الكريمة"

المراجع

[1]

  1. كتاب المعتقدات الدينية لدى الشعوب , ترجمة : د. إمام عبدالفتاح إمام