عبد القادر بن العربي بن علي بن محمد بن عبد الله بن سعيد...وينتهي النسب إلى عمران، ثم يرتفع إلى عامر الملقب أبي السباع، دفين جبل (أضاض ميدني) بسوس[1] (...).
عبد القادر بن العربي السعيدي السباعي | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | سنة 1888 (العمر 131–132 سنة) |
شيخنا الهمام، سيد أقرانه، والدرة اليتيمة في عقد أهله، ممن تنشرح الصدور بأخبارهم، وتمتلئ القلوب توا بمحبتهم، ولد 1306هـ/1888م في حجر والده العلامة سيدي العربي السباعي، وأمه اسمها المؤمنة بنت أحمد بن مبارك الرسموكي البوعنفيري المتوفاة نحو 1328هـ، فإنه معم مخول، أسبل الله عليه نعمه في الطرفين، ثم أخذ القرآن عن الأستاذين: علي بن أحمد، والحسين التيزنيتي، وهما من طلبة مدرسة السعيدات، ثم لازم والده ملازمة تامة، فنجب وحصل، ثم لم يقتصر على والده بل أخذ أيضا عن تلميذ والده سيدي إبراهيم الـگدميوي أفضل نجباء أقرانه المشاركين، فقد أخذ عنه اللغة والأدب وبعض علوم أخرى، فبه تفتح ذهن سيدي عبد القادر، فلم يكن جامدا فيتعالى إلى كل الفنون، ويجب أن يجتهد وأن يختار لنفسه قولا من الأقوال المختلفة ولهذا يخالف بيئة أهله المتزمتة المنكمشة على نفسها، فيحب المناظر الجميلة، والشارة الحسنة، والمركب الفاره، والأواني اللامعة، والفرش الممتازة. وقد دخلت مدرستهم قبل وفاة والده سيدي العربي بستة أيام، فأدركت ما كان عليه سيدي العربي من الإقلال، وخشونة العيش، وتزجية الأيام بما تيسر من الفرش الوضيعة، والأواني الساذجة، والأطعمة المبتذلة، فلم يكن المترجم يتسلم زمام الأمر بعد والده حتى تبدلت الحالة غير الحالة، فكأنما يد الساحر مرت على (الساعدات) فإذا بها تكتسي من الحضارة والرونق ما قرت به أعين الزوار الذين صاروا يتكاثرون لما آنسوه من كرم الأستاذ. كنت أحضر دروس شيخنا هذا والصلاة وراءه، ولم يكن يتخلف عن أي صلاة، وكانت له همة وإقدام ونال بهما مقاما رفيعا من كل جهة، فنفعني الله بدروسه وبدروس أخيه. وكنت إذ ذاك متحفظا لا أخالط أحدا ترفعا بنفسي أن يشار إلي بما لا ينبغي. وقد كانت المدرسة مكتظة بالطلبة بنحو مائة يلازمون، ولطلبة تلك المدارس منافسة محمودة في التحصيل، وفي المحافظة على حسن السمعة، فكان شيخنا هذا قطب الجميع في كل المحامد. وهكذا عرفت هذه المدرسة التي لازمتها سنة تامة مباركة. ثم غادرتها إلى (مراكش) وقد كان الفقيهان سيدي الحنفي المزوضي وسيدي الحسن الرسموكي هما القطبان لعلماء تلك الجهة إذ ذاك، فاستطاع شيخنا الشاب أن يشاركهما بما له من مكانة موروثة تليدة، ومكانة محدثة طريفة، فيكون له مع الحكومة ومع القائد عبد الملك اتصال وثيق، حتى أنه اختير في وفد ذهب إلى (باريز) بين مغاربة في وفد ملكي. ثم لما ظهرت قضية الدفاع عن أرض القبيلة، كان أحد البارزين في ذلك، وكان أكرم الناس بما يملك، وأكثر الناس اعتمادا على ما في الغيب، قبل أن يعتمد على ما في الجيب، وهذه الصفة مما تشربه من التصوف الذي حبب إليه.
ملاقاته للشيخ الإلغي
كان من عادة الشيخ الإلغي أن يزور العلماء، فلذلك يقصد بطائفته هؤلاء العلماء السباعيين، فيلاقونه ملاقاة احترام وإجلال وإكبار، فمتى علموا أنه مقبل عليهم يخرج الأستاذ وطلبته فيتلقون الشيخ خارج البلد بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والشيخ وأصحابه بذكرهم المعلوم ثم يبيت الجميع على الذكر. ففي بحبوحة هذا الحال اختطف المترجم، والشيخ وأصحابه نازلون عندهم، فكاد ينخرط فيهم لولا والده الذي أخذ بحجزته، ولكن سيدي عبد القادر إن لم يكن معهم بقالبه فهو معهم بقلبه، فيستدعي أصحاب الشيخ المجاورين لـ (الساعدات) ويذكر معهم ويعتريه حالهم، ويكاتب الشيخ كتابة مريد مستسلم إلى شيخه المربي. وكان هذا الاتصال في أخريات أيام الشيخ، ثم دام على هذا الحال مدة عمره. وقد زار مرة الزاوية (الإلغية) ويتمنى لو دام له الاتصال بأهل الله، وهو الوحيد الذي أخذ عن الشيخ كمريد من العلماء السباعيين.
نتف من أخباره
له مواقف تشبه مواقف والده، فقد واقف القائد إبراهيم بن عبد الملك المتوكي في قضية أرض القبيلة، وصارحه في الكفاح المحقق عن ذلك. وفي سنة 1361هـ جرف سيل عرم قرية (الساعدات) فأصيب كل ما في القرية، فتهدمت دار الأستاذ، فاضطر إلى أن يصلح دار القائد ولد بلعيد، فأعانه كل محب لجانبه، فسكن فيها، وحين كان المؤمن يصاب لم تكن هذه أول مصيبة أصابته، بل دب إليه مرض (الروماتيزم) من نحو 1353 هـ، فلم يزل يتكاثر حتى اشتد نحو 1360هـ، فكان لا يقدر أن يسير على رجليه بل كان يرفع بكرسي. وقد يرد علينا بـ (مراكش) بعد 1365هـ، فيحمل إلى دارنا في حالة تذيب النفوس، ووجهه مع ذلك وضئ مستنير، يقطر بشاشة، وعلى هذه الحالة زار (إلغ) ويختلف إلى الحواضر وهو في السيارة جالس وفي غيرها محمول. كان كثير الإنشاد، يستحضر الأدبيات، رقيق القلب في مجالس الذكر، سائل الدمعة، خاشعا أواها، مع علو نفس، وعزوف عن السفاسف، ملازما للبزة البيضاء، فيكون فيها كالبدر في عليائه ليلة الصحو، ولم في هذا المرض الذي يسافر معه كما رأيت إلى أن توفي في الخامسة عشية يوم الاثنين 25 ذي القعدة 1368 هـ/1948م.
أولاده
وله من الأولاد الذكور الفقيه سيدي محمد العربي المولود 1337هـ وله معلومات لا بأس بها ولكنها دون معلومات أهله، ولا يزال حيا، وهو الآن عمارة دار والده وبركتها. والسيد المختار المواود 1345هـ، وقد قرأ القرآن وبعض المعارف في مدرستهم، وقد حبب إليه أهل الخير ويحضر مجالسهم، ومعه معارف لا بأس بها، ويتولى دروس الإرشاد في الرباط منذ سكنها، ويميل إلى التصوف، وفيه سلامة الصدر، والنية الحسنة. والسيد محمد الحبيب المولود 1363هـ، وهو الآن يتتبع في الكلية اليوسفية.
الآخذون عنه
الآخذون عن سيدي عبد القادر السباعي ـ ومنهم الآخذون عن أخيه (الضوء)[2]:
- محمد المختار السوسي الجامع لهذا المجموع.
- عبد الرحمن الأخ الشهيد في زلزال أكادير.
- المختار ابن القائد العربي بن الكوش استتم في (فاس) توفي 1365 هـ.
- العربي المسكيني المتوفى منذ سنوات.
- محمد المسكيني أخوه الحي الآن 1379 هـ.
- الحسن بن إبراهيم الكدميوي الساكن الآن في (بني ملال) وهو ابن ذلك الأستاذ المذكور.
- العربي الحراثي الشياظمي الكاتب في (الصويرة) ولا يزال حيا.
- عبد القادر الشياظمي المتوفى قبل سنين.
- مولود الشياظمي الكاتب الآن في (الدار البيضاء).
- عبد الكبير الشياظمي عدل في (بوجعد) لا يزال حيا.
- الحاج أحمد الحمري الحاكم المسدد في (الصويرة) الآن.
- عمر الشياظمي عدل في (الصويرة) حي.
- حماد الشياظمي المتوفى قبل سنين.
- عمر الحاحي مدرس في مدرسة ببلده.
- الحسن الملالي قاضي (جمعة سحيم).
- محمد فاضل بن الطاهر السباعي قاضي (تاغجيجت) اليوم الرسمي.
- الحسين التويجري السباعي عدل في (شيشاوة).
- عبد المجيد السباعي نزيل (ابن رشيد).
- عبد العزيز المزوكي السباعي لا زال حيا.
- الراضي البكاري السباعي نائي قاضي (شيشاوة).
- الحسن الناصري الشيشاوي عدل في (شيشاوة).
- مبارك المخلوفي السباعي عدل في (شيشاوة).
- بلخير المطاعي مدرس في مدرسة (أولاد مطاع) حي.
هؤلاء من تيسر ذكرهم وإلا فهم أكثر من ضعف هؤلاء.
ما قيل فيه
- ترجم له الأستاذ الحبيب أرسموك فقال عنه: " هو العلامة المتمكن الأديب الحائز المتميز في فنون العلم والأدب، فريد عصره ووحيد زمانه، أوصافه في الزهد والورع في العلم والكرم لا تصفها الألسنة ولا تعد ولا تحصى، ولا يشق له الغبار في الأدب والبلاغة والبيان ذا شهرة طنانة في الأوساط العلمية، وكان متواضعا لين الجانب، حسن السريرة، طيب الأخلاق، رقيق العاطفة، كثير العطاء، سخيا كريما تلازمه الحقيقة والوفاء (...)
وكان له ارتباط كلي بالعلامة الشيخ شعيب الدكالي الصديقي رحمه الله.
المصادر
- محمد المختار السوسي، المعسول، ج.15، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، 1962، ص.284-287.
- الحبيب أرسموك، إزاحة الغشاوة عن تاريخ الحركة العلمية بإقليم شيشاوة، ص.211.