،.
سعادة الشيخ عبد الله بن محمد الغانم رئيس الاتحاد العالمي لشؤون المكفوفين. ولد في مدينة جلاجل عام 1352 هـ / 1931م. توفي عام 1432 هـ / 2011م عن عمر يناهز 80 سنة.
نشأته وبداية حياته
ولد الشيخ عبد الله بن محمد الغانم عام 1352 ه. 1931 م. في مدينة جلاجل بمنطقة الرياض, حيث كانت بداية تعليمه في الكتاتيب في مدينة جلاجل بالسعودية, ثم انتقل إلى الرياض ليتتلمذ على يد الشيخ محمد بن أبراهيم والشيخ عبد اللطيف بن أبراهيم رحمهما الله. بعد ذلك واصل دراسته في المعهد العلمي بالرياض ومن ثم كلية الشريعة والتي هي الآن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, حيث تخرج منها عام 1380 هـ/ 1960 م.
مناصبه التي تقلدها في حياته
تقلد سعادة الشيخ عبد الله بن محمد الغانم العديد من المناصب البارزة التي تختص بخدمة المكفوفين في المملكة العربية السعودية خاصة وفي الشرق الأوسط عامة, حيث كان من أبرزها مرئاسة المكتب الأقليمي للجنة الشرق الأوسط لشؤون المكفوفين, ورئاسة الاتحاد العالمي لشؤون المكفوفين, وأيضا كان مديرا عاما لبرامج التعليم الخاص بالمملكة العربية السعودية. وهو أول مدير لمعهد النور بالرياض
بداية الخط البارز [برايل العربي] في المملكة العربية السعودية
كانت نشأة الخط البارز البرايل العربية في المملكة على يد أحمد باحسين وذلك عندما قدم من العراق عام 1377 هـ ليقيم أول نواة لتعليم هذه الطريقة الحديثة في المملكة لستة طلاب. حيث كان من أبرز هؤلاء الطلبة سعادة الشيخ عبد الله الغانم والذي فيما بعد أخذ زمام الأمور ليواصل تدريس هذه الطريقة العصرية للطلاب والطالبات المكفوفين في السعودية. فبدأ الغانم التوسع في تعليم طريقة برايل للمكفوفين وذلك بالاستفادة من جهود المؤسسات الأقليمية والعالمية ذات الصلة بالاختصاص, حيث خاطب الشيخ مركز النموذجي الزيتون في القاهرة والمعهد القومي للمكفوفين بلندن ليحصل منهم على المشورة والإعانة في نشر هذه الرسالة الإنسانية. بعد ذلك قام الشيخ عبد الله الغانم بافتتاح فصول مسائية لتعليم المكفوفين طريقة برايل. على إثر تلك الخطوة الإيجابية, قامت وزارة المعارف في ذلك الوقت, بمنح الشيخ الغانم مدرسة جبرة لتعليم المكفوفين. وفي عام 1380 ه. 1960 م. افتتحت وزارة المعارف معهد النور بالرياض, في منطقة منفوحة وذلك بمساندة من الشيخ عبد العزيز بن حسن والشيخ حسن آل الشيخ "رحمهما الله" وآخرون. وفي عام 1382 ه. 1962 م. توالت النجاحات والإنجازات للشيخ عبد الله الغانم ليساهم بافتتاح معاهد نور للمكفوفين في مناطق أخرى بالمملكة كمنطقة مكة المكرمة وفي مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وفي المدينة المنورة وفي القطيف وآخر في الأحساء بالمنطقة الشرقية.
نشأة المكتب الأقليمي والخدمات المقدمة للمكفوفين العرب
في عام 1389 هـ/ 1969 م. اجتمعت الجمعية العمومية للمجلس العالمي لشؤون المكفوفين في مدينة دلهي الهندية, والذي تمخض من ذلك إصدار قرار لإنشاء مكتبا للجنة الشرق الأوسط لشؤون المكفوفين وتم انتخاب الشيخ عبد الله الغانم رئيسا له. الجدير بالذكر إن مهمة هذا المكتب هي دراسة حالة المكفوفين في المنطقة العربية بهدف توفير وتذليل السبل التي تساهم في تسهيل التحصيل العلمي لدى الكفيف العربي. بعدما عاد الشيخ الغانم إلى أرض الوطن ظافرا برئاسة اللجنة الشرق أوسطية لشؤون المكفوفين, قام الشيخ بمخاطبة ولي الأمر في ذاك الوقت, والذي كان جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز " تعالى", راجيا منه الموافقة على دعوة الدول العربية لحضور اجتماع اللجنة الأول في مدينة الرياض. وذلك عام 1391 ه. 1971 م. حيث تم حضور إحدى عشر دولة دول الخليج الست, ومصر وسوريا ولبنان والأردن وأيران. فكان من محصلة هذا الاجتماع إصدار 61 توصية جميعها تعالج شؤون المكفوفين في الشرق الأوسط. فمن هذه التوصيات إنشاء المكتب الأقليمي للجنة الشرق الأوسط لشؤون المكفوفين. والذي تم دعم إنشائه بالكامل من قبل جلالة الملك فيصل آل سعود . فبدأ نشاط المكتب الأقليمي عام 1973, وكانت من أبرز ثماره افتتاح معهد النور للمكفوفين في البحرين والذي يخدم جميع المكفوفين في دول الخليج العربي في ذلك الوقت. بعد ذلك بعام, تم افتتاح مركز النور للكفيفات في الأردن. من خدمات المكتب الأقليمي أيضا إصدار مجلة الفجر بطريقة برايل العربي والتي لا تزال تصدر مقروؤة ومسموعة بشكل شهري وتوزع مجانا داخل المملكة وخارجها حتى الآن. ومنها أيضا طباعة وتسجيل أمهات الكتب للمكفوفين, وبالطبع كتب المقررات الدراسية. قبل هذا كله, كان للمكتب الأقليمي السبق في طباعة القرآن الكريم بطريقة برايل والذي يتم توزيعه مجانا داخل المملكة وخارجها.
مدى قبول الشيخ للخدمات المقدمة حاليا للمكفوفين
في لقاء أجراه سعود السبيعي مع الشيخ الغانم, حيث سؤل الغانم عن مدى رضاه عن الخدمات المقدمة للمكفوفين في المملكة في الوقت الراهن, فعبر سعادة الشيخ عن رضاه عن تلك الخدمات, ولكنه لم يخفي رغبته بمطالبته بالمزيد من الخدمات التي تتغير بتغير الزمان والمكان. ومن ناحية أخرى, أثنى سعادة الشيخ على مشروع برامج دمج المكفوفين مع أقرانهم المبصرين في التعليم العام بالمملكة وعلى إنشاء جمعيات خيرية تساهم في خدمة المكفوفين بالمملكة. ومن تعليقات سعادة الشيخ على برامج الدمج: "إنما إجابياتها أكثر بكثير من سلبياتها."
أبرز جهوده
قام بنشر طريقة برايل في المملكة. أسس معهد النور بالرياض. وأيضا ساهم في افتتاح العديد من معاهد النور للمكفوفين بالمملكة وخارجها. وكما قام بتأسيس المكتب الأقليمي للجنة الشرق الأوسط. وهو أول كفيف عربي يقف على منصة الأمم المتحدة. ومنها أيضا تأسيس معهد النور للمكفوفين بالبحرين, وآخر للكفيفات بالأردن. وهو أول من يطالب بقبول المكفوفين للدراسة في الجامعات في المملكة. والفضل يعود إليه بعد الله تعالى ومن ثم ولاة الأمر بالمملكة في توظيف المكفوفين في التعليم العام. وأيضا من جهوده المطالبة بإصدار تخفيض 50 في المائة من رسوم الطيران والقطار وخدمات النقل الجماعي. ومن إنجازاته أقامة دورات على البدالة (السنترال) من أجل توظيف المكفوفين الكبار الذين لم يتسنى لهم مواصلة تعليمهم.
من أقوال سعادة الشيخ الغانم
"إذا الكفيف لم يلفت نظر المجتمع, ولم يثبت وجوده بنفسه فيه, فالمجتمع سوف لن يعمل له شيء." "الكفيف لا بد يقتنع بنفسه, ويغير نظرته لنفسه حتى يغير نظرة المجتمع له, فهذه مهمة الكفيف وهذه رسالة المؤسسة لهم." "الكفيف قادر على أن يشق طريقه في الحياة... لكن ينبغي أن يفتح لهم الطريق, لكي يستغلوا الفرص المهيءة لهم." من أقواله عن الإدارة: "إدارة الناس فن! فالرجل الذي يعرف كيف يدير الناس بتقدير ظروفهم والصعوبات التي تواجههم ويحسن كيف يتعامل معهم ويساعدهم ولا يعاتبهم بأي زلة هو الرجل الإداري الناجح.." رأيه في مكفوفي الأمس ومكفوفي اليوم: "الفرق بين كفيف اليوم وكفيف الأمس, أن كفيف الأمس كان عصاميا حيث شق طريقه بنفسه, ومن دون مساعدة, فكثير من مكفوفي الأمس أصبحوا قضاة ومدرسين ومرشدين... أي شقوا طريقهم بالحياة بأنفسهم... أما مكفوفي اليوم فالسبل مذللة ومسهلة لتعليمهم...."
وصيته لأبنائه المكفوفين
"إن الطريق ليس مفروشا بالورود, وفيه مصاعب, فأوصيكم بأن تصبروا عليها, ولا تخافوا, ولا تستعجلوا, فإذا فشلتم مرة, فستنجحوا مرة أخرى, فلقد فشلنا مرة ومرة حتى نجحنا مرة ومرات. وكما أوصيكم بأن تشقوا طريقكم في الحياة, وعليكم بصفاء النية, واجعلوا أملكم بالله سبحانه وتعالى متين, فإن الله تعالى سيساعدكم بإذنه تعالى, وحاولوا أن تساعدوا الضعيف, حاولوا بأن تتكاتفوا وتشاوروا فيما بينكم, وتساعدوا بالأشياء المادية, والنصيحة الحسنة, وأن تكونوا كالجسد الواحد, إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى, وشكرا لكم جميعا."
وفاته
توفي الشيخ عبد الله بن محمد الغانم في يوم الثلاثاء الرابع من شهر شعبان لعام 1432 هـ الموافق لشهر يوليو من عام 2011م عن عمر يناهز الثمانين عاما, بعد صراع طويل من المرض, حيث صلي عليه صلاة الميت بعد صلاة العصر بجامع الشيخ سليمان الراجحي بحي الجزيرة ودفن بمقابر الشيخ محمد بن أبراهيم شرق مدينة الرياض.