قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي – بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للسكان والإسكوا – بإجراء دراسة حول عدالة النوع الاجتماعي والقانون؛ وتهدف الدراسة إلى تقديم تقييم متكامل للقوانين والسياسات المؤثرة على عدالة النوع الاجتماعي والحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي في منطقة الدول العربية.
تتكون الدراسة من مقدمة تصف الخلفية والمنطق الحاكم وإطار العمل التحليلي والمنهجية، و18 فصلًا للدول. يستعرض كل فصل من فصول الدول خرائط التطورات التشريعية والسياساتية الأساسية في الدولة، فيما يخص عدالة النوع الاجتماعي.
ويستعرض فصل الدولة هذا نتائج الدراسة المتصلة بالجزائر. ويقدم الفصل تحليلًا بما إذا كانت قوانين وسياسات الدولة تعزز أم تعيق المساواة بين النساء والرجال أمام القانون، وما إذا كانت تكفل الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.
ويشتمل فصل الدولة على تحليل للمجالات القانونية التالية:
- الضمانات الدستورية للمساواة بين الجنسين وتدابير الحماية الدستورية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.
- حالة القوانين الجنائية وما إذا كانت قوانين العنف الأسري في الدولة تتصدى للعنف القائم على النوع الاجتماعي.
- حالة قوانين الأحوال الشخصية وكيف تؤثر على المساواة بين الجنسين.
- حالة قوانين الجنسية وما إذا كانت تضمن تمتع النساء والرجال بالمساواة في الحقوق المتصلة بالجنسية.
- حالة قوانين العمل وما إذا كانت تحمي من التمييز ومن العنف القائم على النوع الاجتماعي في أماكن العمل.
نظرة عامة
العنف القائم على النوع الاجتماعي في سياق الأزمة الراهنة
أكد تقييم تم في عام 2018 للاحتياجات المتعلقة بالقضايا الإنسانية في المناطق المتأثرة بالنزاع أن العنف القائم على النوع الاجتماعي، لا سيما العنف الأسري (بما في ذلك العنف ضد النساء والفتيات) والمضايقات اللفظية وزواج الأطفال والخوف من العنف الجنسي (ويشمل التحرش الجنسي)، ما زال قائماً بقوة في حياة النساء والفتيات في بعض المناطق السورية داخل المنزل وخارجه، مما أدى إلى وجود عدد قليل جداً من الأماكن التي تشعر النساء والفتيات فيها بالأمان. ويشكل الخوف من العنف الجنسي، المرتبط بالاختطاف في كثير من الأحيان، مبعث قلق تعرب عنه النساء والفتيات بالمناطق المتأثرة بالنزاع، مما يسهم في حدوث ضغوط نفسية اجتماعية وزيادة تقييد تنقلاتهن.
كما تحول القيود المفروضة على حرية تنقل النساء والفتيات دون حصولهن على الخدمات والمساعدات الإنسانية وحقوق الإنسان الخاصة بهن. ويساهم العار والوصم المُحيطين بالعنف الجنسي في امتناع الناجيات من العنف عن التكلم عندما يحدث العنف. كما تخشى النساء والفتيات من جرائم القتل بدعوى "الشرف" جراء العنف الجنسي. وترتب الأسر الزيجات للفتيات، معتقدة أنها ستحميهن وتخفف العبئ المالي عن الأسرة. وتتزوج فتيات كثيرات في سن صغيرة. إن الوضع الاجتماعي الاقتصادي، والافتقار إلى فرص كسب الرزق، وزيادة الفقر، هي عوامل تؤدي في النهاية إلى زيادة عدد النساء اللواتي يلجأن إلى آليات التكيف الضارة، مثل ممارسة الجنس لكسب العيش.
الإطار القانوني
القانون الدولي
تشكل الاتفاقيات الدولية عنصراً أساسياً في الإطار التشريعي لحقوق الإنسان في سوريا، التي انضمت إلى معظم الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان. وتدخل المعاهدات الدولية التي انضمت إليها سوريا حيز التنفيذ الفوري كجزء من القانون المحلي، مع ضرورة اتساق القوانين المحلية مع أحكام الاتفاقيات الدولية؛ وفي حال حدوث تعارض بين القوانين المحلية ونصوص الاتفاقيات الدولية، يؤخذ بالأخيرة[1].
وتم تشكيل اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني ونُسبت إليها مهمة رعاية وتنسيق العمل الوطني للتوعية المتكاملة بالقانون الدولي الإنساني ومواءمة التشريعات الوطنية ورصد الانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان وتعميق المعرفة بها.
وتشمل الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بعدالة النوع الاجتماعي التي انضمت إليها سوريا ما يلي:
- اتفاقية المساواة في الأجور، 1951 (اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 100).
- الاتفاقية بشأن التمييز (في الاستخدام والمهنة)، 1958 (اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 111).
- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المصادق عليه بتاريخ 21 أبريل/نيسان 1969.
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المصادق عليه بتاريخ 21 أبريل/نيسان 1969.
- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، المصادق عليها بتاريخ 21 أبريل/نيسان 1969.
- اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، المصادق عليها بتاريخ 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1953والبروتوكول الإضافي الأول، المصادق عليه بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1983.
- اتفاقية حقوق الطفل، المصادق عليها بتاريخ 15 يوليو/تموز 1993 والبروتوكولين الاختياريين: البروتوكول الأول المتعلق بإشراك الأطفال في الأعمال القتالية والبروتوكول الثاني المتعلق باستغلال الأطفال في البغاء. وقد تحفظت سوريا على المادة 14 لضمان عدم تمكين الطفل من تغيير دينه دون موافقة الوصي القانوني أو الولي.
- صدقت سوريا على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" في 28 مارس/آذار 2003، رهنا بتحفظات على ما يلي:
- المادة 9(2) المتعلقة بحق المرأة في منح الجنسية لأطفالها.
- المادة 15(4) المتعلقة بحرية التنقل والحرية بالسكن والإقامة.
- المادة 16(1) (ج)، (د)، (و)، (ز) بشأن المساواة في الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وفسخه، وكذلك الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية، والأمانة، والوصاية والتبني للأطفال فضلاً عن الحق في اختيار اسم الأسرة.
- المادة 16 (2) المتعلقة بالأثر القانوني للخطبة والزواج للأطفال (من حيث وبدرجة عدم اتفاق هذا النصّ مع أحكام الشريعة الإسلامية).
- المادة 29(1) المتعلقة بالتحكيم بين الدول الأطراف في حال نشوب نزاع.
وقد أدخلت الحكومة أيضًا تحفظها على المادة 2 من اتفاقية "سيداو"(فيما يتعلق بالتمييز) في عام 2003، ورفعت تحفظها بموجب المرسوم 230 في 16 يوليو/تموز 2017.
القوانين الوطنية
القوانين الوطنية الرئيسية ذات الصلة بعدالة النوع الاجتماعي هي:
- دستور الجمهورية العربية السورية لعام 2012
- قانون العمل لعام 2010
- قانون العقوبات لعام 1949
- قانون الأحوال الشخصية لعام 1953
- قانون منع الإتجار بالأشخاص لعام 2010
- قانون مكافحة البغاء لعام 1961
الدستور
ينص دستور الجمهورية العربية السورية لعام 2012 على مبادئ أساسية تُكرس للاستقلال والسيادة وحكم الشعب القائم على التعددية السياسية والحزبية، وحماية الوحدة الوطنية، والتنوع الثقافي، والحريات العامة، وحقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية، والمساواة، وتكافؤ الفرص، والمواطنة، وسيادة القانون.
وفيما يلي مواد الدستور المتصلة بالحماية من العنف القائم على نوع الاجتماعي:
- لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو بناءً على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون (المادة 8 (4)).
- الأسرة هي نواة المجتمع ويحافظ القانون على كيانها ويقوي أواصرها (المادة 20 (1)).
- تحمي الدولة الزواج وتشجع عليه، وتعمل على إزالة العقبات المادية وا الجتماعية التي تعوقه، وتحمي الأمومة والطفولة، وترعى النشء والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم (المادة 20 (2)).
- توفر الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية، والاجتماعية، والثقافية والاقتصادية. وتعمل الدولة على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع (المادة 23).
- المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. (المادة 33 (3)).
- تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين (المادة 33 (4)).
إطار السياسات
تضمن المحكمة الدستورية العليا والسلطات القضائية على مختلف المستويات الدفاع عن حقوق الإنسان وضمان دخولها حيز التنفيذ تحت الإشراف القضائي.
وتدعم الآليات التالية أيضاً الدفاع عن حقوق الإنسان:
- تقوم اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني بتنسيق الإجراءات الوطنية الرامية إلى زيادة الوعي بالقانون الإنساني الدولي وتعميمه، وتقوم باقتراح خطط العمل والتدريب، واقتراح مواءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.[2]
- أنشئت اللجنة الوطنية القطرية لمتابعة حقوق الطفل في إطار الأزمة في سوريا في عام 2013.[3] وهي مسؤولة عن توثيق الانتهاكات التي ترتكبها الجماعات المسلحة ضد الأطفال وإعداد التقارير الوطنية بشأن الانتهاكات وإنشاء قاعدة بيانات للبحث في حالات تجنيد الأطفال في أعمال القتال.
- وقد أسندت إلى الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان[4] مهمة حماية الأسرة وتعميق تماسكها والحفاظ على هويتها وقيمها، ورصد وتنسيق ومتابعة الجهود الخاصة بتنفيذ أحكام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل واقتراح تعديل التشريعات المتعلقة بالمرأة والطفل وشؤون الأسرة والسكان. وافتتحت الهيئة أول مركز لحماية الأسرة بهدف تقديم الحماية والخدمات العلاجية والقانونية للنساء والأطفال الناجين من العنف الناجم عن الأزمة الحالية بشكل عام والعنف الأسري بشكل خاص.
- أنشئت إدارة مكافحة الإتجار بالأشخاص بموجب القانون رقم 3 لعام 2010 التي تتمثل مهمتها في منع الإتجار بالأشخاص وحماية الضحايا. حيث وضعت خطة وطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص وتوفير الحماية والرعاية للضحايا. وفي أوائل عام 2017، قامت الإدارة بإعادة تأهيل وافتتاح وحدة خاصة باستقبال النساء والأطفال الناجين من الإتجار بالبشر بالتعاون مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان امتثالا للمعايير الدولية. تحتوي الوحدة على غرفة للاستماع مجهزة بشكل خاص بأجهزة تسجيل الفيديو والصوت، بالإضافة إلى حاجز زجاجي عاكس الاتجاه ليتم الاستماع للناجيات لقول قصصهن لفريق من المتخصصين في علم النفس، بينما يجلس المحقق والشرطة في غرفة خارجية لمتابعة الإجراءات. كما تحتوي الإدارة على غرف للمنامة والاستراحة مجهزة بشكل لائق.
- شملت الخطة الوطنية الخمسية (2005-2010) السياسات والبرامج المتعلقة بتطوير المرأة، بما في ذلك تمكين المرأة اجتماعيًا واقتصاديًا. ففي عام 2005، وضع الاتحاد العام النسائي استراتيجية وطنية لتنمية المرأة (2006-2010)، إلى جانب مشروع استراتيجية بشأن العنف ضد المرأة. لم تنفذ خطط العمل منذ بداية الأزمة في عام 2011. مع ذلك، تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بالتعاون مع السلطات المعنية والهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، بوضع برنامج لتطوير دور المرأة، استناداً إلى أحكام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
الخدمات القانونية والاجتماعية
هناك عدد قليل من الخدمات العامة أو خدمات المجتمع المدني المقدمة للناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي. وتقدم بعض خدمات المجتمع المدني في مراكز رعاية تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية ومركز حماية الأسرة التابع للهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان. وفي مراكز الرعاية الخاصة هذه، تتلقى الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي العلاج والخدمات الصحية، ويخضعن لبرامج إعادة تأهيل من أجل إعادة إدماجهن في المجتمع، كما يحصلن على المشورة والدعم القانوني. بالإضافة إلى ذلك، أنشأت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ولجنة الإنقاذ الدولية مراكز إيواء تقدم فيها الخدمات للناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي في مخيمات النازحين قسرياً.
ويؤكد الدستور السوري على حق المواطنين في اللجوء إلى المحكمة للتقاضي، وسلوك سبل الطعن والمراجعة والدفاع أمام القضاء. ويدعم دستور عام 2012 الإشراف القضائي ويحظر أي إجراء أو قرار إداري من التمتع بالحصانة من الإشراف القضائي. وأكد على أن لكل شخص حُكم عليه بحكم، ونفذت فيه العقوبة وثبت خطأ الحكم، الحق في أن يطالب الدولة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به.[5]
وتوفر الدولة المساعدة القضائية لغير القادرين على تحمل تكاليف محام. ويعفي قانون المعونة القضائية (المعدل بالقانون رقم 29 لعام 2013) المدعين من دفع الرسوم والتأمينات في حال عدم قدرتهم مادياً على تحملها. ومع ذلك تواجه النساء عقبات كبيرة في الحصول على الخدمات القانونية الملائمة وذلك لأسباب متنوعة منها الجهل بالحقوق والقوانين، وبسبب العادات والتقاليد التي تحد من تقدم النساء.
والسلطة القضائية ليست مستقلة، إذ يتم تعيين القضاة من قبل مجلس القضاء الأعلى، الذي يرأسه وزير العدل، مما يؤثر على عدالة القضاء بشكل عام. وينقسم النظام القضائي إلى محاكم مدنية، وجنائية، وشرعية، ويفصل الصنف الأخير في القضايا المتصلة بالأحوال الشخصية مثل الزواج والولادة والإرث.
وقامت الحكومة السورية عام 2012 بوضع خطة للإصلاح القضائي تضمنت إصدار عدد من القوانين الأساسية. والقوانين الجديدة المتعلقة بعدالة النوع الاجتماعي هي كالتالي:
- القانون رقم 7 لعام 2014 المتعلق بإعادة تشكيل المحكمة الدستورية العليا وتنظيم صلاحياتها وفق الدستور.
- القانون رقم 11 لعام 2013 المتضمن حظر تجنيد الأطفال، وتشديد عقوبة جريمة الاغتصاب.
- القانونين رقم 4 والمرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2011 المتعلقين بالأحوال الشخصية للطوائف المسيحية، بحيث يتوافق مع الفقرة 4 من المادة 3 من الدستور (الأحوال الشخصية للمجتمعات الدينية التي يجب حمايتها واحترامها).
- المرسوم التشريعي رقم 2 لعام 2013 المعدل لقانون المعونة القضائية حيث أعفِي المعسرون من دفع تكاليف المحاكم للمعاملات التي تتعلق بتسجيل المواليد وتسجيل واقعات الزواج والطلاق والوفاة.
- المرسوم التشريعي رقم 20 لعام 2013 بجعل عقوبة الخطف لتحقيق مأرب سياسي أو مادي أو ثأري أو انتقامي أو لطلب فدية أو لسبب طائفي الأشغال الشاقة المؤبدة، لتصل إلى الإعدام إذا توفي المخطوف أو تم الاعتداء عليه جنسياً، أو تعرض لعاهة دائمة.
- تشكيل عدد من اللجان لتعديل القوانين بما فيها قانون العقوبات.
- الأمر الإداري رقم 11047/ن المؤرخ 16 أغسطس/آب 2011 يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق عسكرية مشتركة تتألف من وزارة الدفاع ووزارة الداخلية. واللجنة مُكلفة بالتحقيق في الشكاوى المقدمة بحق أفراد الجيش والقوى الأمنية وقوى الأمن الداخلي خلال تنفيذ مهامها. وقد عالجت اللجنة العديد من الشكاوى وأحالت الفاعلين ممن ثبت ارتكابهم لأفعال يجرمها القانون إلى القضاء المختص.
والأسباب التي تعيق الوصول للعدالة يمكن إيجازها في النقاط التالية:
1- ضعف تطبيق القوانين.
2- غياب تشريعات وعقوبات كافية لردع الرجال عن ارتكاب أعمال العنف ضد النساء.
3- تتطلب قوانين الأحوال الشخصية إصلاحًا لتتوافق مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والاتفاقيات الدولية الأخرى التي صدقت عليها سوريا، بما يلبي الاحتياجات الحالية للنساء والفتيات.
4- قانون العقوبات قديم ولا ينسجم مع واقع المرأة الحالي.
5- في بعض القوانين تناقضات وازدواجية معايير. فعلى سبيل المثال، في حين أعطى الدستور والتشريعات المدنية للمرأة الأهلية الكاملة وحق العمل وحق إبرام العقود بدون أي شروط، فإن قوانين الأحوال الشخصية تعامل النساء كقاصرات يفتقرن إلى الأهلية القانونية وللقدرة على ممارسة بعض الحقوق.
الحماية من العنف الأسري والعنف الجنسي
لا تنص التشريعات السورية بشكل صريح على تعاريف للعنف الجنسي أو الأسري. ولا يوجد قانون يحظر العنف الأسري والاغتصاب الزوجي. إلا أنه ووفقاً لأحكام قانون العقوبات، يشمل السلوك الإجرامي الاغتصاب والتحرش والاعتداء غير اللائق (ملامسة الأعضاء) والأعمال التي تستهدف أغراضًا إباحية. وتعاقب كل هذه الأفعال سواء ارتكبت بالقوة أو بالخداع أو مقابل مكاسب مالية.
وقد يتم تخفيض عقوبة مرتكب الاغتصاب وبعض الجرائم الاخرى إذا تزوج من الضحية، بموجب المادة 508 من قانون العقوبات. وتم تعديل المادة 508 بموجب المرسوم التشريعي رقم 1 لعام 2011 فأصبح الحد الأدنى للعقوبة لمرتكب الجريمة في قضية اغتصاب هي السجن سنتين إذا تزوج ضحيته. تنص المادة 508 بصيغتها المعدلة على ما يلي:
إذا عُقد عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجنايات الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها، يستفيد مرتكب الفعل من العذر المخفف وفق أحكام المادة 241، على أن لا تقل العقوبة عن الحبس سنتين.ويعاد إلى محاكمة الفاعل إذا انتهى الزواج إما بطلاق المرأة دون سبب مشروع، أو بالطلاق المحكوم به لمصلحة المعتدى عليها قبل انقضاء خمس سنوات على الزواج، وتحتسب المدة التي نفذها من العقوبة.
إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجنح الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة، وإذا حكم بالقضية علق تنفيذ العقوبة. ويعاد إلى الملاحقة أو تنفيذ العقوبة إذا انتهى الزواج إما بطلاق المرأة دون سبب مشروع، أو بالطلاق المحكوم به لمصلحة المعتدى عليها قبل انقضاء ثلاث سنوات على الزواج. وتحتسب المدة التي نفذها من العقوبة.
تعريف الاغتصاب في سياق هذه المادة قابل لاختلاف التفاسير، ويحتاج إلى فهم في سياق الضغوط الاجتماعية والدينية المرتبطة بالوصم.
ويمكن التعامل مع حالات العنف الأسري بتطبيق أحكام الاعتداء الواردة في قانون العقوبات إذا كان هناك دليل على وجود عنف تسبب في إصابة جسدية.
ولا ينص قانون العقوبات على قاعدة محددة بشأن الاغتصاب في الزواج، ويجرم العنف الجنسي[6] بعدد من المواد، بما يشمل الجرائم التالية:
- الاغتصاب: تجرم المادة 489 من قانون العقوبات الاغتصاب، باستثناء الزوجة. وقد عدلت المادة 489 من قانون العقوبات لزيادة العقوبات في مواجهة الزيادة في هذا النوع من الجرائم خلال الأزمة الحالية. في الوقت الحالي، فإن الحكم هي الأشغال الشاقة المؤبدة لكل من أكره غير زوجه بالعنف والتهديد على الجماع. وتكون العقوبة الإعدام إذا لم يتم المعتدى عليه الخامسة عشرة من العمر أو وقع الجرم تحت تهديد السلاح. وقبل هذا التعديل، كانت العقوبة للاغتصاب خمس عشرة سنة من الأشغال الشاقة على الأقل، أو إحدى وعشرين سنة من الأشغال الشاقة إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من عمره.
- سفاح القربى: السفاح بين الأصول والفروع، شرعيين كانوا أو غير شرعيين، أو بين الأشقاء والشقيقات والأخوة والأخوات لأب أو لأم أو من هم بمنزلة هؤلاء جميعاً من الأصهرة، يعاقب عليه بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات. وإذا كان أحد الجناة له سلطة قانونية أو فعلية على الضحية، فلا تنقص العقوبة عن سنتين. ويمنع الجاني من حق الولاية. وتتم محاكمة الجاني بناء على شكوى من أحد أقاربه أو صهره حتى الدرجة الرابعة. وتباشر الملاحقة بلا شكوى إذا أدى سفاح القربى إلى فضيحة.
لكل شخص الحق في رفع دعوى أو إخطار بجريمة إلى المدعي العام المختص وتنطبق إجراءات الإبلاغ التالية:
- يتم تحريك الدعوة في حال كان الادعاء شخصياً من المرأة التي تعرضت للعنف أو من قبل ولي أمر الطفلة إلى النيابة العامة.
- أو يمكن أن يتم إرسال إشعار من شخص آخر غير ولي الأمر إلى النيابة العامة. وفي مثل هذه الحالة، يعود قرار حفظ البلاغ أو تحريك الدعوة لتقدير المدعي العام.
وتقوم النيابة بتكليف قسم الشرطة المختص أو الضابطة العدلية لإجراء التحقيقات وتقديم الأوراق اللازمة. ثم يجري إحالة القضية إلى قاضي التحقيق لمتابعة الإجراءات. كما تقوم النيابة العامة بإحالة الناجية إلى الطب الشرعي لتقييم وتوصيف الحالة وتحديد درجة الضرر.
وفي الختام، يمكن تلخيص الفجوات في نظام مكافحة العنف الأسري والعنف ضد الشريك الحميم والعنف الجنسي بوجه عام على النحو التالي:
1- عدم وجود نص تشريعي صريح يحدد ويعرف ويصنف التدابير الواجبة في حالات العنف الجنسي التي يرتكبها الزوج ضد الزوجة.
2- صعوبة رصد حالات العنف الجنسي في إطار الأسرة بسبب ثقافة التكتم على هذا النوع من العنف.
3- قلة عدد المراكز المتخصصة لمعالجة النساء ضحايا العنف الجنسي.
جرائم الشرف
للقضاة هامش واسع من السلطة التقديرية لتخفيف العقوبات عندما يرتكب الجاني جريمته لغرض "استعادة شرف الأسرة." وتنص المادة 192 من قانون العقوبات على تخفيف العقوبة إذا رأى القاضي أن الدافع كان شريفًا.
ويسمح قانون العقوبات بتخفيف العقوبة للرجل الذي يقتل أو يصيب زوجه متلبسة بارتكاب جرم الزنا. وينص قانون العقوبات على أن يستفيد من العذر المخفف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخوته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد وتكون العقوبة الحبس من خمس إلى سبع سنوات في القتل[7]. وتنطبق أحكام حبسية لفترات أطول بكثير على جرائم القتل في ظروف أخرى.
الزنا والجنس خارج إطار الزواج
يجرم قانون العقوبات الزنا وعلى الرغم من أنه يحاكم كلاً من الرجال والنساء بتهمة الزنا إلا أن المرأة أكثر عرضة للمحاكمة من الرجل وبالتالي تتضرر النساء أكثر من القواعد المتعلقة بجريمة الزنا. ويمكن مقاضاة المرأة بتهمة الزنا في أي مكان، في حين أن الرجل لا يقدم للمحاكمة إلا إذا ارتكب الزنا في بيت الزوجية أو أتخذ له خليلة جهاراً في أي مكان كان. وإذا أدين الرجل فإنه يواجه أحكاماً بالحبس تتراوح بين شهر واحد وسنة، في حين تواجه المرأة أحكاماً تتراوح من ثلاثة أشهر إلى سنتين[8].
ولا يجوز ملاحقة فعل الزنا قضائيًا إلا بشكوى الزوج واتخاذه صفة المدعي الشخصي. وفي حال النساء العازبات، تتوقف الملاحقة على شكوى الولي على عمود النسب واتخاذه صفة المدعي الشخصي[9].
ويمكن أن يكون وجود جرم الزنا ضاراً لأنه قد يردع المرأة عن الإبلاغ بحالة الاغتصاب أو الاعتداء الجنسي خوفاً من أن تحاكم السلطات المرأة بتهمة الزنا.
الإجهاض للناجيات من الاغتصاب
يحظر الدستور السوري الإجهاض، وبموجب قانون العقوبات، يُعد الإجهاض غير قانوني بصفة عامة، بما يشمل في حالات الاغتصاب. ولا يمكن إجراء الإجهاض إلا لإنقاذ حياة المرأة الحامل[10].
ويحكم على من يجري عملية الإجهاض بموافقة المرأة بالسجن ثلاث سنوات. وتعاقب المرأة التي تجري الإجهاض بنفسها أو توافق عليه بالسجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وتطبق عقوبات أشد إذا كان الشخص الذي يجري الإجهاض متخصصاً في مجال الصحة.
وتخفف العقوبات إذا أجرت المرأة عملية الإجهاض من أجل المحافظة على شرفها أو إذا أجرى شخصاً آخر عملية الإجهاض من أجل المحافظة على شرف إحدى القريبات (حتى الدرجة الثانية)[11].
ومن حيث الشرعية الدينية، التي يستمد منها القانون السوري مواده، فإن الإسلام لا يحظر الإجهاض بشكل مُطلق. إنما هي مسألة خاضعة لفقه المذاهب، وتسمح بعض المذاهب بالإجهاض خلال الأسابيع الأولى من الحمل. ووفقا لهذا التفسير، يجوز الإجهاض أثناء الحمل المبكر وفقا للشروط التالية:
- موافقة الوالدين.
- لا يعرض الإجهاض حياة الأم لخطر جسيم.
- توفير شهادة طبيب ممارس ومتخصص في هذا المجال.
يقيد القانون السوري السماح بالإجهاض في قانون مزاولة المهنة، حيث ينص على أنه "يُحظر على الطبيب أو القابلة الإجهاض بأية وسيلة كانت إلا إذا كان استمرار الحمل خطرا على حياة الحامل. وتسري حينئذ الشروط التالية[12]:
- أن يتم الإجهاض من قبل طبيب مختصّ وبموافقة طبيب آخر.
- أن يحرر محضر بتقرير الحاجة المبررة للإجهاض قبل إجراء العملية.
- أن تنظم منه أربع نسخ أو أكثر حسب اللزوم يوقعها الأطباء والمريضة أو زوجها أو وليها وتحتفظ الأسرة وكل من الأطباء بواحدة منها.
ختان الإناث
لا توجد تشريعات تتعلق بختان الإناث لكون هذه الممارسة غير موجودة في العادات والتقاليد بالمجتمع السوري، غير أنها ربما ظهرت لدى بعض المجتمعات المحلية التي تواجدت فيها جماعات مسلحة، وخصوصاً القادمين من المجتمعات التي تمارس هذه العادة.
شؤون الأسرة
ينظم قانون الأحوال الشخصية الأحكام المتعلقة بحقوق الزواج والطلاق والحضانة والوصاية والميراث لجميع المواطنين السوريين، ويحدد القانون بالنسبة للمسلمين هذه الأحكام وفقا للشريعة الإسلامية.
كما يحدد قانون الأحوال الشخصية الأحكام المنطبقة على الطائفة الدرزية، بما في ذلك حظر تعدد الزوجات والسلطات التقديرية للقضاة الدينيين[13]. ويعطى لكل طائفة مسيحية الحق في اعتماد قانون الأحوال الشخصية الخاص بها.
وباستثناء ما يرد وصفه أدناه، يتمتع الرجل والمرأة بنفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند حله.
الزواج
ينص قانون الأحوال الشخصية على أن موافقة المرأة شرط أساسي للزواج ولا يصح بدونه[14]، وتتمتع المرأة بنفس حقوق الرجل من حيث حرية الاختيار، والعدول عن الخطبة وحرية اشتراط ما تراه في مصلحتها الفضلى في عقد الزواج. ويحد قانون الأحوال الشخصية من دور ولي الأمر الذكر في الزواج، على أنه يجوز للولي أن يطلب من المحكمة إلغاء الزواج إذا رأى أن الزوج غير كفؤ[15].
تكتمل أهلية زواج الفتى بتمام الثامنة عشرة والفتاة بتمام السابعة عشرة من العمر[16]. ويميز هذا الجانب من القانون بين الفتية والفتيات. وتنص المادة 18 من قانون الأحوال الشخصية على ما يلي:
إذا ادعى المراهق البلوغ بعد إكماله الخامسة عشرة أو المراهقة بعد إكمالها الثالثة عشرة وطلبا الزواج يأذن به القاضي إذا تبين له صدق دعواهما واحتمال جسميهما. إذا كان الولي هو الأب أو الجد اشترطت موافقته.
هذه المادة تنتهك حقوق الطفل في إتمام التعليم الأساسي. كما أنها تسمح للأهل بتزويج الفتيات لأزواج أكبر منهن لأسباب غير مُبررة. ويؤدي هذا إلى انتهاكات لحقوق الفتيات كما حدث خلال الأزمة، حيث تزايدت حالات زواج الأطفال و/أو الزواج القسري الناجم عن الاعتقاد بوجوب تزويج البنات من أجل حمايتهن أو لأسباب مادية.
وتنص المادة 20 من قانون الأحوال الشخصية على أن للفتاة التي أتمت السابعة عشرة إذا أرادت الزواج، یطلب القاضي من ولیها بیان رأیه. وإذا لم يعترض ولي الأمر، يأذن القاضي بزواجها بشرط الكفاءة. وهذا لا ينفي وجود حالات من الإكراه ومن تسلط أولياء الأمور.
ولا توجد آلية لرصد زواج الأطفال أو الإبلاغ عنه، أو إلغاء زواج الأطفال. ومن ثم، يسمح القانون بوضعه الحالي بزيجات الفتيات.
ويعد تعدد الزوجات قانونيًا للرجال المسلمين، مع خضوعه لاشتراطات.
وتعطي القوانين السورية مساحة من المرونة لأتباع الديانات والعقائد الأخرى، فيما يخص الأحوال الشخصية. ففي عام 2006 اعتمدت الطائفة الكاثوليكية قانونا للأحوال الشخصية. وفي جميع الطوائف المسيحية يطلب من الزوج بموجب القانون الإنفاق على زوجه، وكذلك الإنفاق على زوجته السابقة لمدة محددة في حال طلاقهما، إلا إذا انفصلا بناء على طلبها.
الطلاق
يوفر قانون الأحوال الشخصية للرجل والمرأة نفس الحقوق في فسخ الزواج. ويستطيع الرجل إنهاء زواجه بإرادته المنفردة ويعتبر طلاقاً تعسفياً له شروطه الخاصة وتحدد بموجبه حقوقاً لصالح المرأة. وبالمثل، يمنح القانون المرأة الحق في فسخ الزواج بناء على طلبها أو بالاتفاق المتبادل.
وينظم قانون الأحوال الشخصية حالات الطلاق؛ بموجب المادة 85 وما بعدها، ومنها ما تتناول الطلاق التعسفي (المخالعة) والمادة 112 تسمح للزوجة بطلب الطلاق على أساس العنف وهو ما يسمى الطلاق لعلة الشقاق.
ينص قانون أصول المحاكمات المدنية على إجراءات قانونية عاجلة لحل النزاعات الزوجية[17].
الوصاية وحضانة الأطفال
يجوز للأم أن تحدد عدد الأطفال والفترات الفاصلة بين الحمل والحمل. وللأمهات نفس حقوق الآباء فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال، حيث تكون الحضانة للأم وللأب.
وتشمل الوصاية توفير العلاج الطبي، والتعليم والتدريب المهني والحق في الموافقة على الزواج. وعادة ما تمنح الوصاية للعصبة من ذكور العائلة وقد تكون للأم بموافقة القاضي. أما القوامة فهي في غالب الأحيان تكون للأم لأنها معنية برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.
وللنساء والرجال نفس الحقوق والواجبات فيما يتعلق بدورهم كأبوين. وتنظم المواد 137 و138 و139 و140 و714 حقوق المرأة المتعلقة بالحضانة.
ويحق للأم الاحتفاظ بأطفالها حتى يبلغ الذكور سن الثالثة عشرة وتبلغ الفتيات سن الخامسة عشرة سنة شريطة ألا تتزوج الأم ثانية من شخص غير محرم (شخص غريب لا تربطه بالأطفال صلة قربى). بعد أن يبلغ الابن الثالثة عشرة سنة وتصل الابنة إلى الخامسة عشرة سنة، يتم نقل الحضانة إلى الأب أو للجدة من جانب الأم أو الأب.
الميراث
إن أحكام الشريعة الإسلامية هي الأساس في تحديد الميراث لجميع المواطنين السوريين، عدا المسيحيين. ويحدد قانون الأحوال الشخصية 48 مادة لتنظيم الإرث للمسلمين[18]. وبموجب هذه القواعد، ترث المرأة نصف ما يرثه أخيها. إلا أن الوضع يختلف في حالات أخرى. على سبيل المثال، تتمتع النساء بالمساواة في الميراث في بعض الحالات الخاصة، مثل وراثة الأراضي الزراعية. وفي حالات أخرى، تتمتع المرأة بالحق في نصيب أكبر من الميراث مقارنة بالرجل، ولكن عادة لا تكون النساء على علم بهذه الحقوق. وقد تحرم النساء الأرامل بدون أطفال من أي ميراث على الإطلاق.
الجنسية
ينص قانون الجنسية على أن الطفل المولود لأب يحمل الجنسية السورية يكتسب تلقائياً الجنسية بغض النظر عما إذا كان مولوداً داخل سوريا أو خارجها[19]. ومع ذلك، لا يمكن للمرأة السورية أن تمنح جنسيتها لأطفالها بنفس الطريقة كالرجل، إلا في حالة الأشخاص المولودين في سوريا لأم سورية ولكنهم غير قادرين على تحديد من هو والدهم. وإذا تزوجت امرأة سورية من أجنبي، لا يحق لأطفالها المطالبة بالجنسية السورية حتى لو ولدوا ونشأوا في سوريا[20].
وينص قانون الجنسية على أن الأشخاص التاليين سوريون[21]:
1. من ولد في القطر أو خارجه من والد عربي سوري.
2. من ولد في القطر من أم عربية سورية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانوناً.
3. من ولد في القطر من والدين مجهولين أو مجهولي الجنسية أو لا جنسية لهما ويعتبر اللقيط في القطر مولوداً فيه وفي المكان الذي عثر عليه فيه، ما لم يثبت العكس.
4. من ولد في القطر ولم يحق له عند ولادته أن يكتسب بصلة البنوة جنسية أجنبية.
5. من ينتمي بأصله للجمهورية العربية السورية ولم يكتسب جنسية أخرى ولم يتقدم لاختيار الجنسية السورية في المهل المحددة بموجب القرارات والقوانين السابقة.
وينص دستور عام 2012 على المساواة بين المواطنين دون تمييز وكذلك على ضرورة تعديل جميع القوانين التي لا تنسجم مع للدستور خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات. وهذا يفتح آفاقا جديدة لتعديل قانون الجنسية ومنح المرأة حقوق متساوية في هذا المجال.
قوانين العمل
تكافؤ الفرص والحماية من التمييز
تلتزم الحكومة السورية بتهيئة تكافؤ فرص العمل لجميع المواطنين بدون تمييز وفقا لقانون العمل[22].
وينص قانون العمل على أنه يحظر مخالفة أو تجاوز مبدأ تكافؤ الفرص أو المساواة في المعاملة أياً كان السبب، ولا سيما التمييز بين العمال من حيث العرق، أو اللون، أو الجنس، أو الحالة الزوجية، أو العقيدة، أو الرأي السياسي، أو الانتماء النقابي، أو الجنسية، أو الأصل الاجتماعي، أو الزي أو أسلوب اللباس، بما لا يتعارض مع الحرية الشخصية في كل ما يتعلق بالعمل، أو تنظيم العمل، أو بالتأهيل والتدريب المهني، أو بالأجر، أو بالترفيع، أو بالاستفادة من الامتيازات الاجتماعية، أو بالإجراءات والتدابير التأديبية، أو بالتسريح من العمل[23]. ويحق للعامل المتضرر الادعاء أمام المحكمة المختصة للمطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي تعرض لها[24].
وللنساء الحق في الأجر المتساوي عن العمل ذي القيمة المتساوية. وفيما يتعلق بالمساواة في الأجر، ينص قانون العمل على ما يلي[25]:
(أ) يلتزم صاحب العمل بتطبيق مبدأ الأجر المتساوي عن الأعمال ذات القيمة المتساوية على جميع العاملين لديه دون تمييز قائم على العرق أو اللون أو الجنس أو الحالة الزوجية أو العقيدة أو الرأي السياسي أو الانتماء النقابي أو الجنسية أو الأصل الاجتماعي.
(ب) يقصد بالأعمال ذات القيمة المتساوية الأعمال التي تتطلب من العاملين قدرًا موازيًا من المؤهلات العلمية والمعارف المهنية تثبتها وثيقة أو شهادة خبرة في العمل.
ويحق للمرأة الحصول على إجازة الأمومة التي يدفع أجرها أصحاب العمل[26]. ويكون الاستحقاق 120 يوماً للولادة الأولى، و90 يوما للولادة الثانية، و75 يوما للولادة الثالثة. ويجوز منح إجازة أمومة إضافية لمدة شهر دون أجر للعاملات عند الطلب.
وينص قانون العمل على عدم منح إخطارات الفصل للمرأة العاملة خلال إجازة الأمومة[27]. كما يوجب قانون العمل على صاحب العمل في حالة تشغيله خمس عاملات أو أكثر أن يعلن بشكل ظاهر في مكان العمل أو تجمع العاملات نسخة من نظام تشغيل النساء[28].
ويتضمن قانون العمل الأحكام التالية المتعلقة برعاية الأطفال:
- على صاحب العمل الذي يستخدم مئة عاملة فأكثر في مكان واحد أن يوفر داراً للحضانة أو يعهد إلى دار للحضانة برعاية أطفال العاملات، على ألا يقل عدد هؤلاء الأطفال عن خمسة وعشرين طفلاً ولا تزيد أعمارهم على خمس سنوات ويحدد الوزير بقرار منه أحكام ترخيص وشروط عمل هذه الدور. ويجوز للمنشآت العائدة إلى أصحاب عمل مختلفين والتي تستخدم كل منها أقل من مئة عاملة في منطقة واحدة أن تشترك فيما بينها في تنفيذ الالتزام المنصوص عليه في هذه المادة.[29]
- في حال عدم توافر الشروط الواردة في الفقرة السابقة على صاحب العمل الذي يستخدم ما لا يقل عن عشرين عاملة متزوجة تهيئة مكان مناسب يكون في عهدة مربية مؤهلة لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات فيما إذا كان عددهم لا يقل عن عشرة أطفال[30].
التحرش الجنسي في أماكن العمل
يجوز للعامل ترك العمل قبل نهاية العقد وبدون إخطار صاحب العمل إذا ارتكب صاحب العمل أو من يمثله أمراً مخلاً بالآداب نحو العامل أو أحد أفراد أسرته أو إذا وقع من صاحب العمل أو من يمثله اعتداءً على العامل. ويحق للعامل الذي ترك العمل قبل نهاية عقده لأي سبب من الأسباب السابقة أن يرفع دعوى تسريح غير مبرر أمام القضاء[31].
وتتولى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومديرياتها في المحافظات مسؤولية رصد حالات التحرش في العمل والإبلاغ عنها. ويتم ذلك إما عن طريق الجولات التفتيشية على المنشآت والمعامل أو من خلال الشكاوى التي تقدم إلى الوزارة.
الثغرات في حماية المرأة
تتلخص الثغرات في حماية المرأة في أماكن العمل فيما يلي:
- ضعف كفاءة مفتشي العمل في الكشف عن حالات التحرش ضد المرأة في أماكن العمل التي تتنافى مع قانون العمل.
- عدم وعي ومعرفة العديد من العاملات بحقوقهن في بيئة العمل.
عاملات المنازل
- تستثني المادة 5 من قانون العمل عاملات المنازل. توفر سلسلة من القرارات الصادرة عن وزارة الداخلية بعض الحماية الأساسية لعاملات المنازل، مثل العقوبات المفروضة على انتهاكات العقود. حدد القانون رقم 61 لعام 2007 الأجور والمزايا والمعاشات للمربيات الأجنبيات العاملات في سوريا.
العمل بالجنس وقوانين مكافحة البغاء
يعد الاشتراك في العمل بالجنس (البغاء) عملاً محظوراً بموجب قانون العقوبات وقانون مكافحة البغاء.
قانون العقوبات
يجرم قانون العقوبات الزنا وممارسة الجنس خارج إطار الزواج وتتناول المواد 509-516 من قانون العقوبات تحديداً العمل بالجنس. وتُعد جريمة أن تشارك المرأة في العمل بالجنس من أجل كسب العيش ويعاقب على ذلك بالسجن من ستة أشهر إلى سنتين[32]. ومن حرض شخصاً لم يتجاوز الحادية والعشرين من العمر على الاشتغال بالجنس أو عمل غير أخلاقي عوقب بالسجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات[33].
قانون مكافحة الدعارة
يُعد الاشتغال بالجنس جريمة بموجب قانون مكافحة الدعارة ويعاقب القانون "اعتياد ممارسة الدعارة" بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات[34]، حيث يعاقب كل شخص يشتغل أو يقيم في محل للفجور أو الدعارة مع علمه بذلك بالسجن لمدة لا تزيد عن سنة واحدة[35].
ويجرم القانون كل من حرض شخصاً على ارتكاب الفجور أو الدعارة ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث سنوات، وبغرامة من ألف إلى ثلاثة آلاف ليرة سورية.[36]
كذلك يعاقب القانون كل من فتح، أو أجر، أو أدار محلاً للفجور بالحبس مدة لا تقل عن السنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ليرة سورية ولا تزيد على ثلاثة آلاف ليرة سورية.[37]
الإتجار بالبشر
يعرف قانون مكافحة الإتجار بالأشخاص جريمة الإتجار بالأشخاص على النحو التالي[38]:
1. يعد إتجاراً بالأشخاص استدراج أشخاص أو نقلهم أو اختطافهم أو ترحيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم لاستخدامهم في أعمال أو لغايات غير مشروعة مقابل كسب مادي أو معنوي أو وعد به أو بمنح مزايا أو سعياً لتحقيق أي من ذلك أو غيره.
2. لا يتغير الوصف الجرمي للأفعال المذكورة آنفا سواء كانت باستعمال القوة أو بالتهديد باستعمالها أو باللجوء إلى العنف أو الإقناع أو استغلال الجهل أو الضعف أو بالاحتيال أو الخداع أو باستغلال المركز الوظيفي أو بالتواطؤ أو تقديم المساعدة ممن له سلطة على الشخص الضحية.
3. في جميع الحالات لا يعتد بموافقة الضحية.
كما أن الاستغلال الجنسي للأطفال يقع ضمن تعريف الإتجار[39].
ولتنفيذ قانون مكافحة الإتجار بالأشخاص، اتخذت الحكومة التدابير التالية:
- تشكيل لجنة وطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص وحماية الضحايا بمشاركة المجتمع المدني.
- وضع خطة عمل وطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص تشمل أربعة محاور أساسية: الوقاية، إجراءات الحماية، الملاحقة القضائية، بناء الشراكات والتعاون المحلي والإقليمي والدولي.
- بناء قدرات العاملين في هذا المجال من خلال ورشة عمل متكاملة.
- صدور القانون رقم 56 لعام 2013 بشأن تنظيم واستخدام العاملات في المنازل من غير السوريات.
- إعادة تأهيل القسم الخاص باستقبال النساء والأطفال في إدارة مكافحة الإتجار بالأشخاص.
- إصدار دليل دعم نفسي/اجتماعي للتعامل مع النساء والأطفال الناجين من جرائم الإتجار بالأشخاص.
ويمكن لأي شخص يعلم بجريمة الإتجار أن يقدم بياناً إلى النيابة العامة المختصة، ويصبح من واجب النيابة أن تكلف إدارة مكافحة الإتجار بالأشخاص بالتحقيق الأولي وضبط وإحضار المرتكب. كما خصصت إدارة مكافحة الإتجار خطاً ساخناً خاصاً للإبلاغ عن حالات الإتجار بالأشخاص ضمن سرية كاملة.
ونظراً لحداثة التشريع فإنه يعتبر الأكثر تكاملاً من حيث التدابير التي ينص عليها والآليات، ولكن على أرض الواقع فما زال عدد من المحاكم يتعامل مع الحالات ذات الصلة وفق أحكام قانون العقوبات العام دون تفعيل قانون مكافحة الإتجار بالأشخاص.
وتُعد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل هي الجهة المعنية بحماية الناجين من الإتجار بشكل رئيسي، فقد قامت الوزارة بافتتاح مأويين لضحايا الإتجار بالأشخاص في دمشق وحلب. ومع ذلك، فقد توقف عمل هذين المأويين لأسباب إدارية تتعلق بالأزمة، على الرغم من ازدياد الحاجة لخدمات المركزين.
وقد لعبت الإدارة التابعة لوزارة الداخلية لمكافحة الإتجار بالأشخاص دوراً محورياً في التصدي لهذه الجرائم من خلال التقصي والتحري. فتقوم الإدارة المذكورة بإجراء تحريات في حال تلقيها البلاغ مباشرة وليس عن طريق النيابة، وتتعاون مع فرع الأمن الجنائي في حال كان الجرم في محافظة أخرى لا يوجد فيها فرع لإدارة مكافحة الإتجار. وبناء على ذلك، يتم الحصول على إذن النيابة العامة لإحضار الضحية ومرتكب جريمة الإتجار، لإجراء التحقيقات في الإدارة خلال مدة 24 ساعة، ومن ثم يتم إحالتهم مجدداً للنيابة العامة لتحريك الدعوى بحق الجاني وتسليم الضحية لأسرتها أو إيداعها في دور الإيواء المخصصة إن وجدت، وقد خصصت الإدارة خطاً ساخناً لهذه الغاية.
وفي الختام، تتلخص الفجوات في مكافحة الإتجار بالنساء فيما يلي:
- عدم تفعيل قانون مكافحة الإتجار بالأشخاص من قبل المحاكم في الحالات كافة، وهي المحاكم التي تعتمد في أحيان كثيرة على قانون العقوبات بدلًا من القانون المذكور.
- عدم تدريس قانون مكافحة الإتجار بالأشخاص ضمن مقررات منهج كلية الحقوق أو في المعهد العالي للقضاء.
- عدم وجود مراكز متخصصة للنساء ضحايا الإتجار بالأشخاص، مع توقف عمل المراكز التي كانت مُتاحة.
- مركزية إدارة مكافحة الإتجار بالأشخاص تعني عدم إمكانية انتشارها بالقدر المناسب بالمحافظات.
المراجع
مراجع
- القانون المدني، 1949 (رقم 84)، المادة، 25. قانون الإجراءات الجنائية، 1950 (رقم 112)، المادة 311؛ الغرفة المدنية لمحكمة النقض، القرار 1905/366 المؤرخ 21 ديسمبر/كانون الأول 1980.
- أنشئت الهيئة بموجب قرار رئيس الوزراء رقم 2989 المؤرخ 2 يناير/كانون الثاني 2004 وأعيد تنشيطه بقرار رئيس الوزراء رقم 2072 المؤرخ 21 يوليو/تموز 2015.
- قرار رئيس الوزراء رقم 2310 المؤرخ 20 أغسطس/آب 2013.
- أنشئت بموجب القانون رقم 42 المؤرخ 20 ديسمبر/كانون الأول 2003 والمعدل بالقانون رقم 6 لعام 2014.
- دستور الجمهورية العربية السورية 2012، المادة 53.
- قانون العقوبات، المواد 489- 506.
- المرجع السابق، المادة 548، بصيغتها المعدلة في عام 2011. وقبل عام 2011، كان الحد الأدنى لمدة السجن سنتين.
- المرجع السابق، المواد 473- 474.
- المرجع السابق، المادة 475.
- المرجع السابق، المواد 525-532.
- المرجع السابق، المادة 531.
- قانون مزاولة المهنة، المرسوم التشريعي رقم 12 لعام 1970، مادة 47 (ب).
- قانون الأحوال الشخصية، المادة 307.
- المرجع السابق، المواد 21ـ26.
- المرجع السابق، المادة 27.
- المرجع السابق، المادة 16.
- قانون أصول المحاكمات المدنية، المواد 535-546.
- قانون الأحوال الشخصية، المواد 260-.308.
- قانون الجنسية، المرسوم التشريعي 276 لعام 1969، المادة 3.
- "الحق في الحصول على الجنسية السورية،" مجلة القانون السورية (2016)، http://www.syrianlawjournal.com/index.php/right-syrian-nationality/
- قانون الجنسية، المادة 3.
- سوريا، قانون العمل، رقم 17 لعام 2010.
- المرجع السابق، المادة 2.
- المرجع السابق.
- المرجع السابق، المادة 75.
- المرجع السابق، المواد 121-122.
- المرجع السابق، المادة 57.
- المرجع السابق، المادة 125.
- المرجع السابق، المادة 126.
- المرجع السابق، المادة 127.
- المرجع السابق، المادة 66.
- قانون العقوبات، المادة 513.
- المرجع السابق، المادة 509.
- قانون مكافحة الدعارة لعام 1961، المادة 9.
- المرجع السابق، المادة 13.
- المرجع السابق، المادة 1.
- المرجع السابق، المادة 8.
- قانون مكافحة الإتجار بالأشخاص، المادة 4.
- المرجع السابق، المادة 5.