الرئيسيةعريقبحث

عروبة القدس عبر العصور


☰ جدول المحتويات


يعود تاريخ الوجود العربي والإسلامي في القدس إلى سنة 638 م عندما فتحها العرب بقيادة الخليفة عمر بن الخطاب.[1] ظلت القدس تحت السيطرة العربية ثم الإسلامية ما خلا فترات في القرنين الثاني عشر والثالث عشر عندما تمكن الصليبيون من تشكيل مملكة القدس اللاتينية بها.[1] حتى وقوعها بالكامل بيد إسرائيل في حرب 1967.[2]

التاريخ

تعاقبت على المدينة بعد تأسيسها على أيدي اليبوسيين العرب أمم شتى، واحتلها داوود من الكنعانيين حوالي (1000) ق.م، ثم دمرها القائد الروماني تيطس.

فتح العرب المسلمون لأسباب دينية واستراتيجية بعد انتصارهم على الرومان في معركة اليرموك. وطلب أهلها الصلح والأمان على أن يتولى ذلك الخليفة عمر بن الخطاب. ووصل الخليفة عمر إلى القدس، ووقع العهدة العمرية لبطريرك المدينة صفرونيوس. وضمنها شرطاً طلبه البطريرك وهو ألا يسكن اليهود فيها.

حافظت على طابعها العربي الإسلامي حتى إبان الاحتلال الفرنجة لها (1099-1187) واستعادها صلاح الدين الأيوبي سنة 1187م. واستولى عليها العثمانيون عام 1517. وأعاد سليمان القانوني بناء سور المدينة وطوله أربعة كيلو مترات وارتفاعه اثنا عشر متراً وله ثمانية أبواب.

بنى المسلمون العديد من القباب والمآذن والأروقة والأبواب والسبل في صحن الصخرة المشرفة وبجوارها وفي الحرم وحوله. وبنوا في مختلف العهود الإسلامية مساجد بلغت (34) مسجداً معظمها داخل المدينة القديمة وعدداً كبيراً من الزوايا يؤمها الحجاج من مختلف البلدان الإسلامية، كالزاوية النقشبندية للحجاج القادمين من أوزبكستان، وزاوية الهنود للحجاج القادمين من الهند، والزاوية القادرية للحجاج القادمين من أفغانستان، ولكل زاوية أوقاف ومسجد وغرف للنوم.

أنشأ المسلمون مدارس لطلب العلم، بلغ عددها (56) مدرسة للمسلمين من أهل المدينة ومن المشرق والمغرب، وأصبحت المدينة غنية بالأبنية والنقوش والزخارف الإسلامية والقناديل النادرة التي لا مثيل لها على الإطلاق.[3] وبحسب المصادر الإسلامية، فقد أسرى الله بالنبي محمد إليها حيث جاء في القران: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله﴾.

وروي عن محمد قوله: "إن الله خص فلسطين بالتقديس" ،وهي قبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين الشريفين، وأقام الخليفة عمر بن الخطاب مسجده فيها.

وبنى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان مسجد الصخرة، ورصد لبنائه أموال مصر لمدة سبع سنوات. ونقش أسمه على قبة الصخرة المشرفة مع تاريخ البناء سنة 72 هـ. وتعتبر قبة الصخرة والمسجد الأقصى من أهم وأقدم المعالم العربية الإسلامية في المدينة. جزءاً أساسياً من التراث الإسلامي ومن أكثره قدسية. وصلى صلاح الدين في المسجد الأقصى بعد أن تم الفتح على يديه. ونقل إليه المحراب الذي سمي باسمه من الجامع الأموي بحلب وبقي فيه إلى أن أحرقه اليهود في محاولة إحراق الأقصى في 21 آب 1969.

فالدمشقيون الأمويون أقاموا قبة الصخرة المثمَّنة والمذهبة ومسجد الأقصى، واستخدمت أموال سبع سنوات من خراج مصر لإقامة قبة الصخرة. ومداخل المسجد الأقصى وأبوابه وقبته. أما تخطيط المسجد الأقصى الذي نراه اليوم فهو هندسة عباسية بغدادية.

والأيوبيون هم أيضاً من رمم جدران الحرم. والأتراك العثمانيون هم من جهزوا الكسوة بالقاشاني الملون على أرضية زرقاء كان قبلها مزيناً بالفسيفساء التي اشتهرت بها المدرسة السورية. والأتراك أيضًا هم الذين بنى سور المدينة القديمة، مما جسّد مساهمة الأمة الإسلامية بأسرها في بنائه والمحافظة عليه وعلى تاريخ القدس العريق وطابعها العربي الإسلامي.

إن تاريخ القدس يثبت أنها مدينة عربية أسسها العرب، ويذكر المؤرخ هنري بريستيد H. Breasted «أن الكنعانيين من القبائل العربية التي استوطنت فلسطين منذ عام 2500 ق. م». وهذا سبب تسمية فلسطين بـ"أرض كنعان"، وهي التسمية التي ذكرتها التوارة[4]. وبعد تأسيسها احتلها داوود، ودمرها الرومان ثم شيدوها، وازدهرت في العهد الإسلامي، فهي بحكم التأسيس والبناء والتاريخ مدينة عربية إسلامية فالعرب هم الذين بنوها وعمروها، وانطلاقاً من حق الملكية فإن العرب والمسلمين هم الذين أسسوها وامتلكوها إلى أن جاء الاحتلال الإسرائيلي للقدس الغربية عام 1948 والاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية عام 1967.

إن تاريخ القدس لا ينفصل عن تاريخ فلسطين وعروبتها والأطماع الاستعمارية واليهودية في أهميتها الدينية والاستراتيجية والسياسية والتجارية منذ القدم.وكانت القدس جزءاً لا يتجزأ من سورية والوطن العربي شاركت في صنع أحداثه وتراثه وحضارته فالتحالف بين الاستعمار والصهيونية في غزو البلاد المقدسة لم يكن مسالة دينية وإنما مصلحة استعمارية لاستغلال ثورات المنطقة والهيمنة عليها ومحاربة العروبة والإسلام، بالرغم من أن المسلمين قد حافظوا على حقوق الطوائف المختلفة وتراث المدينة الحضاري.كانت فلسطين عبر التاريخ إلى أن جاءت اتفاقية سايكس بيكو، جزءاً لا يتجزأ من سورية وبلاد الشام.

اعتبر المؤرخ الإغريقي هيرودوتس فلسطين جزءاً من ديار الشام. وأجمع مؤرخو الفرنجة إبان الحروب الصليبية أن فلسطين ديار شامية.[5] وذكر مجير الدين الحنبلي صاحب كتاب "الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل"، أن الأوائل قد قسموا الشام خمسة أقسام: الشام الأولى فلسطين وأوسط بلدها الرملة، والشام الثانية حوران، ومدينتها العظمى طبرية، والشام الثالثة الغوطة ومدينتها العظمى دمشق، والشام الرابعة حمص، والشام الخامسة قنسرين ومدينتها العظمى حلب.

وبعكس توصيات لجنة كينغ كرين الأمريكية لتقصي الحقائق وسبر رغبات السكان المحليين، سلخت الدولتان الاستعماريتان بريطانيا وفرنسا "فلسطين" عن الوطن الأم سوريا كمقدمة لتحقيق المشروع الصهيوني في الديار المقدسة.[6]

حكم المسلمون مدينة القدس ثلاثة عشر قرناً وكانت اللغة العربية، لغة القرآن الكريم هي السائدة، حتى إبان الحكم العثماني. فالحضارة التي عرفتها القدس ترجع إلى فترة الحكم الإسلامي فيها. كان سكان المدينة عرباً لساناً وحضارةً. واليهود طارئون على المدينة، استوطنوا خارجها. وتعتبر الآثار المسيحية ذات أهمية بالغة لأنها آثار السيد المسيح والحواريين والشهداء، ولا مثيل لها في أي بقعة من بقاع العالم ومنها: كنيسة القيامة التي تضم قبر السيد المسيح، وطريق الآلام وما شيدت فيه من كنائس. فالمدينة القديمة مليئة بالمساجد والكنائس والمدارس والزوايا والمقابر، وأسندت حراسة كنيسة القيامة، وهي أعظم المقدسات المسيحية في العالم إلى أسرتين مسلمتين مقدسيتين ومعهما مفاتيح الكنيسة.

التاريخ المعاصر

كان رؤساء بلدية القدس خلال المئة سنة الأخيرة قبل احتلال اليهود لها عرباً حتى إبان الانتداب البريطاني على فلسطين منهم: حسين الحسيني، موسى كاظم الحسيني، راغب النشاشيبي، مصطفى الخالدي وحسين فخري الخالدي. وظلت القدس عربية، الشرقية منها والغربية، أي القدس القديمة والجديدة عربية بعدد سكانها وملكيتها ورئاستها، وما يحيط بها من قرى. لقد ثبت إن الحفاظ على المدينة المقدسة والأماكن الدينية فيها كان بسبب حكم العرب والمسلمين لها. فلقد أثبت التاريخ أن وجود المدينة في أيدي العرب، من مسلمين ومسيحيين قد حافظ عليها وعلى المقدسات والأمن والسلام فيها، ولم تعرف في عهد اليهود إلا الخراب والدمار. تدخلت بريطانيا في فلسطين باسم حماية اليهود واستيطانهم فيها، لحماية قناة السويس وخدمة مصالحها في المنطقة. وأنشأ اللورد بالمرستون قنصلية بريطانية في القدس عام 1838 لتأييد أماني اليهود في فلسطين وإقامة وطن لليهود فيها بحماية بريطانيا.ووضعت بريطانيا عام 1905 تقرير كامبل لتجزئة الوطن العربي وعرقلة تقدمه والمحافظة على تخلفه وإقامة إسرائيل لمنع الوحدة العربية والمحافظة على المصالح الاستعمارية، وأصدرت عام 1916 وعد بلفور واحتل الجنرال اللنبي القدس في كانون أول 1917.

ووضع الحلفاء في مؤتمر سان ريمو فلسطين تحت الانتداب البريطاني، والذي التزم بتحقيق وعد بلفور وبفتح أبواب فلسطين على مصراعيها للهجرة اليهودية.

رفضت بريطانيا رغبة الفاتيكان عام 1917 وضع الأماكن المقدسة تحت إشراف إدارة دولية، لأن الفاتيكان لم يكن يرغب في وضع المصالح الكاثوليكية تحت رعاية بريطانيا البروتستانتية وإخضاع أماكن الحج المسيحية تحت السيطرة اليهودية عند إقامة الوطن القومي اليهودي تنفيذاً لوعد بلفور.

مقالات ذات صلة

Nuvola Palestinian flag.svg

المصادر

المراجع

  1. Cattan 1981، صفحة 26
  2. Cattan 1981، صفحة 69
  3. الأصالة الإسلامية في عمارة القدس وزخارفها - دراسة للباحث عفيف البهنسي، ضمن أعمال ندوة "هوية القدس العربية والإسلامية" والتي عُقدت بعمّان عام 1995.
  4. تاريخ فلسطين القديم، ظفر الإسلام خان، ص 27-26.
  5. القدس تاريخياً ودينياً ـــ أحلام الترك - جريدة الاسبوع الأدبي - العدد 750 تاريخ 17/3/2001 - من موقع اتحاد الكتاب العرب نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  6. مصلح، محمد. 1989. جذور الوطنية الفلسطينية (بالإنكليزية). مطبعة جامعة كولومبيا.