الرئيسيةعريقبحث

علم الانتحار


علي نبيل جبار عبد

يشتمل السُّلُوكُ الانتحاري على ما يلي:

  • الانتحار المكتمل Completed suicide: الفعل المتعمَّد لإيذاء النفس الذي يؤدِّي إلى الموت.
  • محاولة الانتحار Attempted suicide: فعل هدفه إيذاء النفس، ويُقصَد به أن يؤدي إلى الموت، ولكنَّه لم يؤدِّ إلى ذلك. قد تؤدي أو لا تؤدي محاولةُ الانتحار إلى الإصابة أو الأذى.

إصابة الذات غير الانتحاريَّة هي فعل لإيذاء النفس لا يُقصَد به أن يؤدِّي إلى الموت. وتشتمل هذه الأفعالُ على الخدوش على الذراعين، وحرق النفس بالسيجارة، والجرعة الزائدة من الفيتامينات. قد تكون إصابة الذات غير الانتحاريَّة وسيلةً للحدِّ من التوتر، أو تكون نداء للمساعدة من أشخاص لا يزالون يرغبون في العيش. وينبغي عدمُ إهمال هذه الأفعال أو التعامل معها على نحو غير جدِّي.

تأتي المعلوماتُ عن تواتر الانتحار من شهادات الموت وتقارير التحقيق بشكلٍ رئيسي، وربَّما يُقلَّل من شأن المعدَّل الحقيقي. ولكن، فإن السُّلُوك الانتحاري هو مشكلة صحية شائعة جدًّا. يحدُث السُّلُوك الانتحاري عند المَرضَى من جميع الأعمار وفي كلا الجنسين؛

ففي الولايات المتحدة في العام 2014، كان هناك 42773 حالة انتحار كامل. وهناك وفاة واحدة بالانتحار في الولايات المتحدة كلَّ 12.3 دقيقة. وكأحد الأسباب الرئيسيَّة للوفاة، يكون معدَّل الانتحار على النحو التالي:

  • الثالث بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 24 عامًا
  • الثاني بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 34 عامًا
  • الرابع بين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و 64 عامًا
  • العاشر بشكلٍ عام

ويعدُّ معدَّلُ الانتحار هو الأعلى بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و 64 عامًا.

وفي جميع الفئات العمرية، يتجاوز عددُ الرجال الذين ينتحرون النساء بنسبة 4 إلى 1. والأسبابُ غير واضحة، ولكن يمكن أن تشتمل على ما يلي:

  • عندما يكون لدى الرجال مشاكل، يكونون أقلَّ عرضةً لطلب المساعدة - من الأصدقاء أو ممارسين الرعاية الصحية.
  • كما أنَّ تعاطي الكحوليَّات وتعاطي المخدِّرات، والتي يبدو أنها تسهم في السُّلُوك الانتحاري، أكثر شُيُوعًا بين الرجال.
  • والرجالُ أكثر عدوانية، ويستخدمون وسائلَ أكثر فتكًا عندما يحاولون الانتحار.

وفي كلِّ عام، يحاول نَحو مليون شخص الانتحار. ويكون عددُ المحاولات أعلى بنَحو 15 إلى 20 مرَّة من عدد حالات الانتحار المكتملة. ويقوم كثيرٌ من الأشخاص بمحاولاتٍ متكرِّرة. ولكنَّ 5 إلى 10٪ فقط من الناس الذين يحاولون الانتحار يَموتون في نهاية المطاف به. وتعدُّ محاولاتُ الانتحار شائعة بشكل خاص بين المراهقات؛ حيث تحاول الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 19 سنة الانتحارَ 100 مرَّة أكثر من الفتيان في الفئة العمرية نفسها. وفي جميع الفئات العمرية، تحاول النساء الانتحارَ مرَّتين أو ثلاثة أضعاف الرجال، ولكنَّ الرجالَ يكونون أكثرَ عرضة للوفاة في محاولاتهم بنسبة أربع مرَّات. كما يحاول المسنُّون الانتحارَ 4 مرات قبل تحقيق الانتحار المكتمل.

يناقش السُّلُوكُ الانتحاري لدى الأطفال والمراهقين في أماكن أخرى (انظر السُّلُوك الانتحاري عندَ الأطفال والمراهقين).

يعدُّ الأشخاص المنفصلون أو المطلَّقون أو الأرامل أكثرَ عرضةً للانتحار؛ حيث إنَّ معدَّلات محاولات الانتحار والانتحار الكامل هي أعلى بين أولئك الذين يعيشون بمفردهم. وقد يزيد وجودُ أحد أفراد العائلة، الذي حاول الانتحار أو انتحر، من الخطر أيضًا.

كما يزيد احتمالُ الانتحار الكامل لدى البيض على المجموعات العرقيَّة الأخرى. والنساءُ السُّود يحاولن الانتحارَ بقدر النساء البيض تقريبًا، ولكن يكنَّ أقلَّ عرضةً للموت في محاولاتهن.

يعدُّ الانتحارُ أقلَّ شُيُوعًا بين الأشخاص الذين هم في علاقة آمنة بالمقارنة مع الذين يعيشون بمفردهم، وبين أعضاء معظم الجماعات الدينية. ولكن، يموت الناس من جميع الأجناس والمعتقدات والمَداخيل والمستويات التعليمية بالانتحار. ولا يوجد شاكلة انتحاريَّة نموذجيَّة.

هل تعلم؟

  • الانتحارُ هو السبب الرئيسي الثالث للوفاة بين الشباب، ولكن معدَّل الانتحار المكتمل هو الأعلى في الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و 64 سنة.
  • الناس الذين يعيشون بمفردهم هم أكثر عرضةً لمحاولة أو الانتحار الكامل.

الأسباب

إنَّ حوالى واحد من كل ستة أشخاص يقتلون أنفسهم يترك ملاحظة انتحارية، والتي توفِّر في بعض الأحيان أدلةً على السبب.

وتنتج السُّلُوكياتُ الانتحارية عن تفاعل عدَّة عوامل عادة؛ وأكثرها شُيُوعًا هو

  • الاكتئاب

يسهم الاكتئاب في أكثر من 50٪ من محاولات الانتحار. قد تؤدِّي المشاكلُ الزوجية، أو الاعتقال أو المشاكل القانونيَّة في الآونة الأخيرة، أو حالات الحبّ غير السعيدة أو المنتهية، أو النزاعات مع الوالدين (بين المراهقين)، أو فقدان أحد أفراد الأسرة مؤخَّرًا (وخاصَّة بين كبار السن) إلى الاكتئاب. وفي كثير من الأحيان، يكون عاملٌ واحد، مثل انفكاك علاقة مهمَّة، هو القشَّة الأخيرة في سلسلة من الظروف المزعجة. ولكن، يمكن أن يحدثَ الاكتئاب "فجأة"، خاصَّة إذا كان هناك تاريخٌ عائلي لاضطراب في المزاج أو للانتحار. ويكون خطرُ الانتحار أعلى إذا كان لدى الأشخاص، الذين يعانون من الاكتئاب، قلقٌ كبير أيضًا.

قد يصاب الأشخاصُ الذين يعانون من اضطرابات طبية عامَّة معيَّنة بالاكتئاب، ويحاولون الانتحارَ أو ينتحرون بالفِعل. وتؤثِّر معظمُ الاضطرابات المرتبطة بزيادة معدَّلات الانتحار في الجهاز العصبي والدماغ، إمَّا بشكل مباشر (مثل الإيدز، والتصلُّب المتعدِّد، أو صرع الفصِّ الصدغي) أو تنطوي على المُعالجَات التي يمكن أن تسبِّب الاكتئاب (مثل بعض الأدوية المستخدَمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم).

في كبار السن، قد يكون نَحو 20٪ من حالات الانتحار استجابة (جزئيًا على الأقلّ) للاضطرابات الجسدية المزمنة والمؤلمة الخطيرة.

يكُون الأشخاص الذين تعرضوا إلى تجارب صادِمَة في الطفولة، بما في ذلك إساءة المُعاملة، أكثر ميلاً لمُحاوَلة الانتحار، وربَّما يعود هذا إلى أنَّهم يُواجِهُون زيادةً في خطر الإصابة بالاكتئاب.

ويمكن أن يتعزَّز الاكتئاب عن طريق استخدام الكحول، والذي بدوره، يجعل السُّلُوكَ الانتحاري أكثر احتمالاً. كما يقلِّل الكحول من ضبط النفس أيضًا؛ فحوالى 30٪ من المَرضَى الذين يحاولون الانتحارَ يشربون الكحول قبلَ المحاولة. وبما أنَّ إدمان الكحول، وخاصة الشرب بنهم، غالبًا ما يسبِّب مشاعر عميقة من الندم خلال فترات الابتعاد عنه؛ لذلك، يكون المدمنون على الكحول عرضةً للانتحار حتى في فترات الاتِّزان.

كما أنَّ اضطراباتِ الصحَّة النفسيَّة الأخرى، إلى جانب الاكتئاب، تجعل المَرضَى عرضةً لخطر الانتحار أيضًا؛ فالأشخاصُ المصابون بانفصام الشخصية أو اضطرابات ذهانية أخرى قد يكون لديهم أوهام (معتقدات كاذبة ثابتة) بأنَّهم يجدون من المستحيل التكيٌّف معها، أو أنهم قد يسمعون أصواتًا (الهلوسة السمعية) تقودهم إلى قتل أنفسهم. وكذلك فإنَّ المصابين باضطراب الشخصية الحدِّي أو اضطراب الشخصية المعادي للمجتمع، وخاصَّة أولئك الذين لديهم تاريخ من السُّلُوك العنيف، هم أكثر عرضة للانتحار أيضًا.




تأثيرُ الانتحار

للموت بسبب الانتحار تأثيرٌ نفسي ملحوظ في جميع المعنيِّين؛ فقد تشعر العائلة والأصدقاء والأطبَّاء بالذنب والعار والندم لعدم منعهم الانتحار؛ كما قد يشعرون بالغضب تجاه الشخص. وفي نهاية المطاف، قد يدركون أنَّهم لم يتمكَّنوا من منع الانتحار.

وفي بعض الأحيان، يمكن لمرشد التفجُّع أو مجموعة المساعدة الذاتية مساعدة العائلة والأصدقاء على التعامل مع مشاعر الشعور بالذنب والحزن. يمكن لطبيب الرعاية الأوَّلية أو خدمات الصحَّة النفسيَّة المحلِّية (على سبيل المثال، على مستوى المقاطعة أو الولاية) أن يساعدا في كثير من الأحيان على تحديد هذه الموارد. وبالإضافة إلى ذلك، تحافظ المنظماتُ الوطنية، مثل المؤسَّسة الأمريكيَّة للوقاية من الانتحار American Foundation for Suicide Prevention، على دلائل مجموعات الدعم المحلِّية. وهناك مَصادرُ متاحةٌ على شبكة الإنترنت أيضًا.

ويعدُّ تأثيرُ محاولة الانتحار مماثلاً للانتحار نفسه. ولكنَّ أفرادَ العائلة والأصدقاء يكون لديهم الفرصة لحلِّ مشاعرهم من خلال الاستجابة بشكل مناسب لصرخة الشخص للحصول على المساعدة.


كل 40 ثانية ينهي شخص ما، في مكان ما في العالم، حياته.

يموت ما يقرب من 800 ألف شخص منتحرا كل عام، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، وهو السبب الثاني للوفاة في الفئة العمرية ما بين 15 إلى 29 عاما، وذلك بعد حوادث الطرق.

وتعد تلك الإحصاءات صادمة، لكن الموضوع لم يحظ بالمناقشة الكافية، حسبما تقول منظمة الصحة العالمية.

وكما يبدو هذا الفعل متطرفا للغاية، فإنه يؤثر بشكل متفرد على الأبناء والآباء، بالإضافة إلى أزواج، وأصدقاء وزملاء الضحايا.

حتى إن إحدى الدراسات الأمريكية، التي نشرت العام الماضي، خلصت إلى إنه بالنسبة لكل شخص يقتل نفسه، فإنه يمكن أن يكون لذلك تأثير مباشر على ما يصل إلى 135 شخصا آخرين.

كما خلصت الدكتورة جولي سيريل، من جامعة كنتاكي، إلى أن التأثير النفسي على الأشخاص المقربين، يزيد كلما كانوا أكثر قربا من الضحايا، بصرف النظر عن الروابط العائلية.

ولكن قد تكون هناك أوقات، نواجه فيها تحدي التحدث عن هذا الموضوع الصعب مع أشخاص يفكرون في الانتحار.