علم الفلك في مصر القديمة
المصريون ومنذ حوالي ستة آلاف سنة اعتمدوا الحساب الشمسي الذي عوَّل عليه من جاء بعدهم من الأمم والشعوب، وحسبنا أيضاً أن نعلم أنهم حسبوا وقت فيضان النيل فكان السادس عشر من حزيران (يونيو) من كل عام كلما ظهرت الشعرى اليمانية عند الفجر من وراء الأفق الشرقي لمدينة منف إلى الجنوب الغربي من القاهرة اليوم. وكانت سنتهم عبارة عن 365 يوماً مقسمة على 12 شهراً طول كل منها ثلاثون يوماً، والأيام الخمسة الباقية عطلة. والمصريون هم الذين ابتكروا المزولة، أي الساعة الشمسية، كان ذلك حوالي سنة 1500 ق.م. هذه المزولة التي جعلوا المسافات بين خطوطها متفاوتة الأبعاد، فهي طويلة عند الصباح، ثم تأخذ في القصر تدريجياً كلما راحت الشمس ترتفع إلى أن تصير فوق سمت الرأس في كبد السماء، ثم إن المسافات تأخذ في الاتساع كلما اتجهت الشمس نحو الغرب. ولقد عرف المصريون حركة الكواكب التي منها المريخ فبرعوا في تفسير حركته الظاهرية وكشفوا عن سر تراجعه في مساره، ولقد سبق المصريون سواهم إلى تحديد جهة الشمال تحديداً دقيقاً يدل عليه بناؤهم الأهرامات، ما يكشف عن معرفة بالتواقيت وبحركة الشمس، هذا فضلاً عن معرفتهم بحركة الكواكب وعدد الثوابت فيها. وهناك نقطة مهمة وهي أن أحد ممرات هرم خوفو الكبير كانت موجهة نحو القطب الشمالي للسماء كما كان آنذاك. ذلك أن محور الأرض يبادر أو يتحرك تراوحياً مثل دوامة تلف بشكل يجعل القطب الشمالي السماوي (أي النقطة في السماء التي تقع مباشرة فوق القطب الشمالي للأرض) يرسم دائرة في السماء خلال دورة طولها 26000 سنة، وتعرف النجمة التي يتصادف وجودها قريبة جداً من القطب السماوي «بالنجم القطبي» وكان الممر المذكور للهرم الأكبر موجهاً نحو نجم «الثعبان» الواقع في كوكبة التنين. والتي كانت حقيقةً تُمثل النجم القطبي منذ 4500 سنة خلت. إلا أن المصريين خلطوا ـ كغيرهم ـ بين علم الفلك ومظاهره الشاهقة وبين النجامة (التنجيم) وعبادة النجوم التي كانت حافزاً لتقصي أخبار السماء فعبدوا (رع) إله الشمس، وخالق العالم، كما عبدوا (حورس) ممثل الشمس عند الشروق، و(آتوم) مُمثلها عند الغروب، وأقاموا لهذه الآلهة المعابد. ولما جاء كهنة عين شمس استبدلوا بـ(رع) (آتون) قرص الشمس الذي بنوا له تمثالاً على شكل إنسان، لكن رأسه كان رأس باز وعليه تاج الشمس.
رصد المصريين القدماء للنجوم
أما عن رصد المصريين القدماء للنجوم فانها تنقسم إلى نوعين: 1."النجوم التي لا تفنى" 2."النجوم التي لا تتعب".وقد استطاع المصريون تمييز خمسة من هذه الأنواع, وتصويرها كربة تبحر في قوارب عبر السماء, وهذه هي: المريخ, المشتري, عطارد, زحل والزهرة. وقد تم رؤيت العديد من المقابر الملكية في "وادي الملوك" مزينة بمناظر سماوية, ففي مقابر "الرعامسة" التي تعود إلى النصف الثاني من القرن الثاني عشر قبل الميلاد توجد مجموعة وهي عبارة عن أربعة عشر كائناً جالسين وهم يمثلون نجوماً تسمح بمرور الزمن من خلال النجوم عبر السماء.
وسائل قياس الزمن
لقد عرف المصريون القدماء عن وسائل قياس الزمن ومنها ساعات الليل مثل الساعة المائية وأخرى للنهار, وقد قيست ساعات النهار بأنواع أخرى من من الساعات التي تعتمد أساساً على الظلال بتحديد اتجاهها أو طولها أثناء النهار, حيث لاحظ المصري القديم أن طول الظلال "أثناء ساعات النهار" يختلف حسب فصول السنة. ومنذ الدولة الحديثة شغلت المناظر الفلكية مساحات كبيرة من أسقف العديد من المعابد ومقابر الملوك والأفراد , وهي مناظر تمثل المجموعات النجمية, والنجوم , والكواكب, والأجرام السماوية, والأشهر القمرية , وساعات الليل والنهار، ولعل أشهرها تلك التي تضمها مقبرة "سيتي الأول" في "وادي الملوك" , ومعبد "رعمسيس الثاني" في غرب "طيبة" ومقبرة "سننموت" مهندس الملكة "حتشبسوت", وغير ذلك من المواقع.
النصوص والمناظر الفلكية والتنجيم
وهنا لا بد للإشارة إلى علم التنجيم الذي يتعامل مع النصوص الفلكية التي تعتمد أساساً على الاعتقاد بأن أحداث العالم التي تحصل بشكل يومي تعكس أحداثاً مماثلةً مرت بها الأرباب والمعبودات في عالمها, وأن هذه الأحداث تحدد مصائر البشر. وإذا كانت الحضارة اليونانية وكذلك الرومانية تدينان بالكثير من الفضل للحضارة المصرية, فإن الفضل واضح في مجال علم الفلك فهؤلاء يذكرون صراحةً مدى استفادتهم من تجارب المصريين في مجال الفلك, إذ جاءوا إلى مصر إلى "عين شمس" و "منف" وغيرها من المدن الهامة, لينهلوا من علم علمائها وكهنتها, ومن أشهر هؤلاء "فيثاغورس", و "أرخميدس".
المراجع
Eco, U. (2003). Bibliotheca Alexandrina. Al-Ahram Weekly On-Line, (665). https://doi.org/10.1016/0020-7837(91)90034-W http://astronomyscience.net/file.php?f=2#