علي بن الجهم (188 هـ - 249 هـ / 803 - 863م) هو علي بن الجهم بن بدر بن مسعود بن أسيد بن أذينة بن كرار بن بكعب ببن مالك بن عتبة بن جابر بن الحارث بن عبد البيت بن الحارث بن سامة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وكنيته أبو الحسن وأصله من خراسان، المولود في 188 للهجرة في بغداد،[1] سليلاً لأسرة عربية متحدرة من قريش أكسبته فصاحة لسان وأحاطت موهبته الشعرية بالرازنة والقوة، وحمتها من تأثير مدينة بغداد التي كانت تعج بالوافدين من أعاجم البلاد المحيطة بها.
علي بن الجهم | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | 188 هـ / 803م بغداد |
تاريخ الوفاة | 249 هـ / 863م |
الحياة العملية | |
المهنة | شاعر |
📖 مؤلف:علي بن الجهم |
نشأته
نشأ علي بن الجهم في أسرة جمعت بين العلم والأدب والوجاهة والثراء، فقد كان أخوة الأكبر محمد بن الجهم مولعا بالكتب وقراءتها، يروى عنه الجاحظ أنه كان معدوداً من كبار المتكلمين جمع بين ثقافتى العرب واليونان وكان يجادل الزنادقة في مجالس المأمون، في هذه البيئة نشأ على ولكنه أهتم بالثقافة العربية دون اليونانية ووهب نفسه للشعر وأعرض عن مذهب المعتزلة ومال إلى مذهب أهل الحديث وفي ظل الدولة العباسية في فترة كانت مليئة بالاختلافات المذهبية والسياسية تحت شعار الإسلام. وقد عاصر ثلاثة خلفاء عباسيين هم المأمون، والمعتصم والواثق.
لم يقرب من أي خليفة عباسى، ولكن كان يوثق علاقاته الفكرية والشعرية مع رموز ذلك العصر ممن يتفقون معه في أفكاره، فربطته علاقة فكرية جميلة مع الإمام أحمد بن حنبل، وعلاقة شعرية أجمل مع الشاعر أبو تمام. ولم يقبل على باب الحكم إلا عندما تولى الحكم الخليفة المتوكل الذي اشتهر بانتصاره لمذهب أهل الحديث الذي آمن به ابن الجهم. وكان الخلفاء الثلاثة السابق ذكرهم كان يتبعون فكر المعتزلة.
حياته
نبوغه
كان علي حسن الوجه ذكئ الفؤاد كثير النشاط ظهرت عليه النجابة منذ طفولته فكان يملئ البيت وثباً ولعباً وجلبة حتى أقلق والده بضوضائه، فطلب والده من معلمه في الكُتَّاب بأن يحبسه في الكتاب، فحينما رأى علي أصحابه ينصرفون إلى بيوتهم وهو محبوس ضاق صدره وأخذ لوحه وكتب عليها لأمه:[2]
يا أمتا أفديك من أم | أشكو إليك فظاظة الجهم | |
قد سرح الصبيان كلهم | وبقيت محسوراً بلا جرم |
وأرسلها مع صديق له إلى أمه قال على وهو أول شعر قولته.
- ومن طرائفه في الكتاب كتب على لوح إلى بنت صغيرة :
ماذا تقولين فيمن شفة سهر | من جهد حبك حتى سار حيرانا |
علاقته بخلفاء الدولة العباسية
- في خلافة المأمون (198- 218 هـ). أخد اسم علي بن الجهم يشتهر بالشعر وروى الناس شعره حتى وصل إلى المأمون وروى أخاه محمد بن الجهم أن المأمون دعاه فقال له "لقد نبغ لك أخ يقول الشعر فأنشدني له" فقال محمد تلك الأبيات التي قالها في الكلب:
أوصيك خيراً به فإن له سجيه | لا أزال أحمدها | |
يدل ضيفي علي في غسف الليل | إذا النار نام موقدها |
أستحسن المأمون أيضاً أبيات الشعر التي قالها في الشطرنج:
أرض مربعة حمراء من أدم | ما بين إلفين معرفين بالكرم |
- في خلافة المعتصم بالله (218 - 227 هـ). تولى علي ديوان مظالم حلوان (مدينة في العراق) ولعلي قصيدة يهنئ فيها المعتصم بفتح عموريه.
- في خلافة الواثق بالله (227 - 232 هـ). نسمع لعلي القليل من الشعر أشبه بالأناشيد بعدد أبيات قليلة قصيرة الأوزان تدل على عدم ارتياح نفسى من على بن الجهم فقد كان الواثق يعامل أهل الحديث بشدة. وفي هذه المدة قد أعلن على بن الجهم كرهه لوزير الواثق محمد بن عبد الملك الزيات، فهجاه أقبح هجاء ولم يخف من جبروته.
- في خلافة المتوكل على الله (232 - 247 هـ). بعد أن تمت مبايعة المتوكل علي الله للخلافة أنشده على بن الجهم بقصيدة أشبه ما يكون بخطاب العرش الآن أولها:
وقائل أيهما أنور | الشمس أم سيدنا جعفر |
وقد اتخذه المتوكل على الله خليل ونديم وكان يفيض له بأسراره ويأنس بمجالسته منفرداً. ولكن ندماء المتوكل الآخرين وكان منهم البحتري ومروان بن أبى الجنوب كادوا له لدى المتوكل، وزعموا أنه ينظر إلى نساء القصر. فغضب عليه قلب المتوكل وألزمه بأن لا يترك بيته فأنقطع عن القصر. ولم يتوقف الندماء عند هذا الحد. ولكن أخبروا المتوكل علي الله بأنه شديد الطعن له ويعيب بأخلاقه فأمر المتوكل على الله بحبسه، وكان أول ما قاله في السجن قصيدة بعث بها مع أخيه إلى المتوكل على الله:
توكلنا على رب السماء | وسلمنا لأسباب القضاء | |
أنا المتوكلى هوى ورأيا | وما بالوثيقة من خفاء | |
وما حبس الخليفة لي بغار | وليس بمؤيسى منة التنائي |
فكاد المتوكل علي الله أن يطلق صراحه ولكن ندمائه أبلغوا المتوكل علي الله بأنه هجاه فأمر بنفيه إلى خرسان وأمر المتوكل علي الله طاهر بن عبد الله أمير خرسان بأن يجلده نهاراً ويحبسه ليلا وقال على بن الجهم في ذلك:
لم ينصبوا بالشاذياخ صبيحة الأ | ثنين مغموراً ولا مجهولا |
فيما بعد أمر المتوكل الأمير طاهر بأن يطلق سراحه ومن أقواله حينئذ:
يشتاق كل غريب عند غربته | ويذكر الأهل والجيران والوطنا |
مقتله
- كان على بن الجهم يستعد للجهاد في سبيل الله ودين الإسلام أمام جحافل الروم التي كانت تهدد الدولة الإسلامية. فانتقل إلى حلب ثم خرج منها بجماعة للجهاد، فاعترضه جمع من أعدائه من الأعراب الكلبيين، وأعداء أفكاره الدينية، فقاتلهم حتى مات بين أيديهم عام 249 للهجرة.
وقد قال عندما كان يفارق الحياة:
أزيد في الليل ليل | أم سال بالصبح سيل | |
يا إخوتا بدجيل | وأين منى دجيل |
وفي رواية ذكرت أهل دجيل وأين مني دجيل
ووجدت معه رقعة بعد موته مكتوب عليها:
وارحمتا على الغريبة في البلد النازح | ماذا بنفسه صانعا | |
فارق أحبابه فما انتفعوا | بالعيش من بعده ولا انتفعا |
مذهبه في الدين
كان ينتمى إلى أهل الحديث الذين يقفون عند ظاهر الكتاب والسنة، متدين فخور بتدينه ويمدح به قال:
أَهلاً وَسَهلاً بِكَ مِن رَسولِ | جِئتَ بِما يَشفي مِنَ الغَليل | |
بِجُملَةٍ تُغني عَن التَفصيلِ | بِرَأسِ إِسحقَ بنِ إِسمعيلِ | |
قَهراً بِلا خَتلٍ وَلا تَطويلِ | جاوَزَ نَهرَ الكُرِّ بِالخُيولِ | |
تَردي بِفِتيانٍ كَأُسدِ الغيلِ | مُعَوَّداتٍ طَلَبَ الذُحولِ | |
خُزرِ العُيونِ طَيِّبي النُصولِ | شُعثٌ عَلى شُعثٍ مِن الفُحولِ | |
جَيشٌ يَلُفُّ الحَزنَ بِالسُهولِ | كَأَنَّهُ مُعتَلِجُ السُيولِ | |
يَسوسُهُ كَهلٌ مِن الكُهولِ | لا يَنثَني لِلصَعبِ وَالذَلولِ |
شعره
أَبلِغ أَخانا تَوَلّى اللَهُ صُحبَتَهُ | أَنّي وَإِن كُنتُ لا أَلقاهُ أَلقاهُ | |
وَأَنَّ طَرفِيَ مَوصولٌ بِرُؤيَتِهِ | وَإِن تَباعَدَ عَن مَثوايَ مَثواهُ | |
اللَهُ يَعلَمُ أَنّي لَستُ أَذكُرُهُ | وَكَيفَ أَذكُرُهُ إِذ لَستُ أَنساهُ |
قصته مع المتوكل
هي تلك القصة التي تروى إن الشاعر كان بدوياً صحراوياً، وعندما قدم إلى بغداد لأول مرة آثر أن يبدأ عهده بمدح خليفتها المتوكل على عادة الشعراء فأنشده قصيدة منها:
أَنتَ كَالكَلبِ في حِفاظِكَ لِلوُدْ | وَكَالتَيسِ في قِراعِ الخُطوبِ | |
أَنتَ كَالدَلوِ لا عَدِمناكَ دَلواً | مِن كِبارِ الدِلا كَثيرَ الذَنوبِ |
- الذنوب: معناها كثير السيلان بسبب امتلائه
فعرف المتوكل كما تقول القصة حرفياً، حسن مقصده وخشونة لفظه، وأنه ما رأى سوى ما شبهه به، لعدم المخالطة وملازمة البادية، فأمر له بدار حسنة على شاطئ دجلة، فيها بستان حسن، والجسر قريب منه وأمر بالغذاء اللطيف أن يتعاهد به فكان - أى بن الجهم - يرى حركة الناس ولطافة الحضر، فأقام ستة أشهر على ذلك، والأدباء يتعاهدون مجالسته، ثم استدعاه الخليفة بعد مدة لينشده، فحضر وأنشد:
عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ | جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري | |
أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن | سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ | |
سَلِمنَ وَأَسلَمنَ القُلوبَ كَأَنَّما | تُشَكُّ بِأَطرافِ المُثَقَّفَةِ السُمرِ | |
وَقُلنَ لَنا نَحنُ الأَهِلَّةُ إِنَّما | تُضيءُ لِمَن يَسري بِلَيلٍ وَلا تَقري | |
فَلا بَذلَ إِلّا ما تَزَوَّدَ ناظِرٌ | وَلا وَصلَ إِلّا بِالخَيالِ الَّذي يَسري |
- للقصيدة كاملة موقع أدب دوت كوم
فقال له المتوكل فيها (لقد خشيت عليه أن يذوب رقة ولطافة).
كتب ودراسات عنه
- علي بن الجهم: حياته وشعره، عبد الرحمن رأفت الباشا.
المصادر
- مقدمة ديوان على بن الجهم، طبعة وزارة المعارف السعودية.
- معجم الشعراء.
- كتاب الأغانى للأصفهاني.
المراجع
- معجم الشعراء.المرزباني ص.92
- مقدمة ديوان على بن الجهم ص.7.