فجر الإسلام هو كتاب للكاتب والمؤرخ المصري أحمد أمين. صدر في طبعته الأولى سنة 1929، ويتناول ظهور الإسلام والفترة التي سبقته[1]، وهو جزء من سلسلة تأريخية شملت "فجر الإسلام" و"ضحى الإسلام" و"ظهر الإسلام" أرخ بها أحمد أمين حياة العرب المسلمين الفكرية منذ أن شرع النزوع العقلي بالتكوّن حتى علا نجمه، وسطع ضوؤه، ثم حار إلى خفوت[2].
مولد فكرة الكتاب
يقول أحمد أمين عن الدافع إلى تفكيره في تأليف سلسلة "فجر الإسلام" و"ضحى الإسلام" و"ظهر الإسلام":
إلا أن طه حسين والعبادي لم يستكملا كتابة نصيبهما من هذا المشروع البحثي. يقول أحمد أمين:
طبعات الكتاب
صدر الكتاب في طبعته الأولى سنة 1929، وكتب مقدمته الدكتور طه حسين، ثم قامت دار الشروق سنة 1999 بإصدار طبعة ثانية من الكتاب[1].
أبواب الكتاب
يضم الكتاب سبعة أبواب[1]:
- الباب الأول بعنوان "العرب في الجاهلية"، وفيه يتحدث الكاتب عن جزيرة العرب وموقعها الجغرافي وأجزائها ومناخها وسكانها وأنسابهم وحالاتهم الاجتماعية، وملامح التجارة في الجزيرة وإنشاء المدن والإمارات العربية هناك. كما تناول المؤلف طبيعة العقلية العربية ووصفها وأثر الطبيعة الاجتماعية في تكوينها، ومظاهر الحياة العقلية التي تجلت في دلالة اللغة العربية والأمثال والقصص.
- الباب الثاني: يتناول ظهور الإسلام وتعاليمه وأثر هذه التعاليم في العرب، وفي نفس الباب تناول الفتح الإسلامي وعملية المزج بين الأمم والمفاهيم والتعاملات التي ظهرت في هذه الفترة مثل الرق والولاء.
- الباب الثالث: يتحدث عن الفرس مستعرضا أثرهم على الإسلام وتأثيرهم على الأدب العربي والحكم والأخلاق العربية والغناء واللغة.
- الباب الرابع: يتناول تأثير الأدبين اليوناني والروماني على الإسلام.
- الباب الخامس: يتناول الحركة العلمية في القرن الأول الهجري.
- الباب السادس: يتناول الحركة الدينية في القرن الأول الهجري.
- الباب السابع: يتناول الفرق الدينية.
سعي أحمد أمين للحصول على الدكتوراه بهذا الكتاب
قدم أحمد أمين طلبًا لنيل درجة الدكتوراة بالدخول في الامتحان بنفس الطريقة المتبعة مع سائر المتقدمين للحصول عليها، وقدم لذلك كتابيه فجر الإسلام وضحى الإسلام كرسالة للمناقشة، لكن مجلس الجامعة اعترض، مبررًا ذلك بأن الأساتذة بالكلية قد يحابونه لأنه واحد منهم، فاقترح أحمد أمين عليهم أن يكون أكثر الممتحنين من الأساتذة الأجانب المستشرقين، لكن وزير المعارف في ذلك الوقت صمم على رفض طلبه، وهو ما اعتبر تدخلاً في شؤون الجامعة لا مبرر له. وعليه فلم يتم امتحانه[3].
وشعر بعض أساتذة الجامعة وأعضاء لجنة التأليف بعدم عدالة هذا التصرف، فأقاموا سنة 1935 حفلة تكريم لأحمد أمين، ثم تم تأليف لجنة لبحث مؤلفات أحمد أمين، واختارت اللجنة المستشرقين الدكتور شاده والأستاذ برجستراسر، اللذين قدما تقريراً باستحقاق الأستاذية لأحمد أمين على كتابيه المذكورين، وقالا في تقريرهما: "إن عيب أحمد أمين الوحيد في تأليف هذين الكتابين هو أن هناك بحوثاً في بعض موضوعات الكتابين عرض لها بعض الأساتذة الألمان، ولو أطلع عليها المؤلف لبنى عليها ولم يتعب نفسه في بحث أساسها". لكن وزارة المعارف أخفت هذا التقرير، فطلب أحمد أمين من عميد الكلية الحصول على التقرير من الوزارة، فماطلت الوزارة أولا، ثم بعثته وعطلت أثره في مجلس الجامعة، وبالتالى لم يحصل أحمد أمين على الأستاذية إلا بعد عناء[3].
موقف الشيعة من الكتاب
أبرز بعض كتّاب الشيعة موقفاً سلبيّاً من كتاب فجر الإسلام، فحرّروا انتقادات عليه، فكتب عبد الله السبيتي كتاباً كاملاً في الردّ عليه مع الردّ على بعض ما في كتابه الآخر ضحى الإسلام أسماه تحت راية الحق،[4] وحرّر محمد حسين آل كاشف الغطاء كتاباً سمّاه أصل الشيعة وأصولها وعدّ في مقدّمته من بواعث التأليف كتاب فجر الإسلام هذا، وقال: «وقع في يدي في تلك الآونة كتاب الكاتب الشهير أحمد أمين الذي سمّاه فجر الإسلام، فسبرته حتّى بلغت منه إلى ذكر الشيعة، فوجدته يكتب عنهم كخابط عشواء أو حاطب ليل، ولو أنّ رجلاً من أقاصي الصين كتب عنهم في هذا العصر تلك الكتابة لم ينفسح له العذر ولم ترتفع عنه اللائمة»، وقال أيضاً: «ومن غريب الاتّفاق أنّ أحمد أمين في العام الماضي (1349 هـ) بعد انتشار كتابه ووقوف العديد من علماء النجف عليه، زار مدينة العلم وحظي بالتشرّف بأعتاب تلك المدينة في الوفد المصري المؤلّف من زهاء ثلاثين بين مدرّس وتلميذ، وزارنا بجماعته، ومكثوا هزيعاً من ليلة من ليالي رمضان في نادينا في محفل حاشد، فعاتباه على تلك الهفوات عتاباً خفيفاً، وصفحنا عنه صفحاً جميلاً، وكان أقصى ما عنده من الاعتذار عدم الاطّلاع وقلّة المصادر».
وقد علّق أحمد أمين نفسه على ردّة الفعل الشيعيّة، وقال: «ولما أخرجت كتاب فجر الإسلام كان له أثر سيء في نفوس كثير من رجال الشيعة، وما كنت أقدر ذلك، لأني كنت أظن أن البحث العلمي التاريخي شيء والحياة العملية الحاضرة شيء آخر، ولكن شيعة العراق والشام غضبوا منه وألفوا في الرد عليه كتباً ومقالات شديدة اللهجة لم أغضب منها، ولما لقيت شيخ الشيعة في العراق الأستاذ آل كاشف الغطاء عاتبني على ما كتبت عن الشيعة في فجر الإسلام.»
ويراجع أحمد أمين نفسه قائلاً: « لقد استندت فيما كتبت على الخصوم، وكان الواجب أن أستند إلى كتب القوم أنفسهم، وقد يكون ذلك صحيحاً في بعض المواقف، لكني في ضحى الإسلام نقدت بعض آرائهم نقدًا عقليًا نزيهًا مستندًا على كتبهم فغضبوا أيضًا. والحق أني لا أحمل تعصباً لسنية ولا شيعة، ولقد نقدت من مذاهب أهل السُنة ما لا يقل عن نقدي لمذهب الشيعة وأعليت من شأن المعتزلة بعد أن وضعهم السنيون في الدرك الأسفل إحقاقاً لما اعتقدت أنه الحق.»
المراجع
- مصرس: فجر الإسلام.. طبعة ثانية بعد ثمانين عامًا نقلًا عن موقع محيط نسخة محفوظة 29 نوفمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
- سعيد عدنان: أحمد أمين ـ موقع الحوار المتمدن نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
- حسين علي محمد حسنين: أحمد أمين.. أحد أهم رموز الأدب الإسلامي التنويري ـ رابطة أدباء الشام نسخة محفوظة 26 أبريل 2015 على موقع واي باك مشين.
- الطهراني, آغا بزرگ. الذريعة إلى تصانيف الشيعة - ج3. صفحة 375. مؤرشف من الأصل في 17 ديسمبر 2019.