قارئ واقعيّ Lecteur réel هو كائن تاريخيّ من لحم ودم شأنه شأن المؤلّف الواقعيّ. وهو لا ينتمي إلى الأثر الأدبيّ وإنّما مكانه دنيا الناس. وإنّ صورته لمُتغيّرة بتغيّر الأحوال التي تُنجز فيها القراءةُ. ولولا القارئ الواقعيّ هذا لما تجلّى معنى الأثر (Lintvelt, 1981). وقد ازدادت العناية بالقارئ الواقعيّ في العهود الأخيرة بفضل "ميشال بيكار" (Michel Picard, 1986,1989) الذي آخذ سابقيه من الباحثين على اهتمامهم المفرط القارئ المجرّد/ Abstract Reader Lecteur abstrait وإهمالهم القارئ الواقعيّ. وأكّد أنّ القارئ الواقعيّ ـ خلافا للقارئ المجرّد الذي هو افتراض محض ـ قارئ حقيقيّ له جسد به يقرأ. وله وعي ولا وعي وميول وثقافة ومواقف اجتماعيّة وتاريخيّة بواسطتها جميعا يفهم النصّ. واقترح عند تدبّر القارئ الواقعيّ معاينة أعوان ثلاثة أساسيّين. وهم: المُتصفّح (Liseur) والمُنقرئ (Lu) والقَرّاء (Lectant). وإذا كان المُتصفّح، في نظر "بيكار"، هو ذاك الطرف المُمسك الكتابَ بيديْه والذي هو همزة وصل بين الأثر والعالم الخارجيّ فإنّ الطرف المُنقرئ لا يعدو أن يكون لاوعي القارئ/ Reader Lecteur وهو بصدد التفاعل مع بنية النصّ التخييليّة. أمّا القَرّاء فهو ذاك العون الحريص على سبر أغوار سمات النصّ القصصيّة والساعي إلى كشف معنى الأثر العامّ، بل هو المتابعُ عن كثب كلَّ ما خُصّص للأثر من نقد. وهكذا تغدو القراءة لعبا معقّدا يتمّ من خلال مستويات ثلاثة وفي إطار علاقة القارئ بالنصّ. ولئن اتّسم ثالوث الأعوان هذا بالطرافة فإنّه لم يسلم من النقد. فقد عدّه "جوف" (Jouve, 1993) غامضا محدود الفاعليّة في تحليل النصوص. وذهب إلى أنّه يفتقر إلى مزيد التدقيق ولا سيّما بالنسبة إلى المُنقرئ والقرّاء.