الرئيسيةعريقبحث

قدوة (إسلام)


☰ جدول المحتويات


القدوة من المصطلحات التي وردت في القرآن الكريم ،وقد ساق الله تعالى الكثير من سير الأنبياء والصالحين وأمر بالاقتداء بهم ، كما قال تعالى : ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ ؛لأن للقدوة أثرًا عظيمًا في بناء المقتدي ، وصياغة شخصيته ، وتنمية قدراته ؛ ولهذا فإن الله - عز وجل - بعث الرسل إلى أُممهم لتبليغ دعوته قولاً وعملاً ؛ ليرى الخلق الدعوة تتجسد في واحدٍ منهم ، يأكل كما يأكلون ، ويشرب كما يشربون ؛ فيتأثروا به ، ويقتدوا به ؛ فيعملون بعمله ، ويأتسون بخلقه .

تعريف القدوة

لغة :

قال ابن فارس - رحمه الله - :

(( ( قدو ) القاف والدال والحرف المعتل : أصل صحيح يدلُّ على اقتباس بالشيء واهتداء ، ومُقادَرة في الشيء حتى يأتي به مساريًا لغيره . من ذلك قولهم : فلان قُدوةٌ ( بضم القاف وكسرها ) : يقتدى به . ويقولون : إن القَدْوَ : الأَصل الذي يتشعب منه الفروع ))[1]. وقال ابن منظور - رحمه الله - : (( والقُدْوَةُ والقِدْوةُ : الأُسوةُ . يقال : فلانٌ قُدوة يُقتدَى به ))[2]. اصطلاحًا :

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسير قوله تعالى : ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ …﴾(( الأسوة كالقُدوة ، وهي اتباع الغير على الحالة التي يكون عليها حسنةً أو قبيحة ))[3]

المصطلحات المقاربة :

  • الأسوة

قال ابن منظور - رحمه الله - : (( الأُسوةُ والإسوةُ : القدوة ، ويقال : ائتسي به ، أي : اقتدِ به ، وكن مثله . قال الليث - رحمه الله - : فلان يأتسي بفلانٍ أي يرضى لنفسه ما رضيهُ ويقتدي به ))[4]. فالأسوة هي القدوة سواء بسواء .

أنواع القدوة

القدوة الحسنة

رسول الله هو القدوة العظمى ، والأسوة الكبرى ، صاحب الخلق الأكمل والمنهج الأعظم ،وفيه يقول الله تعالى : ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ …﴾ . قال القرطبي - رحمه الله - : (( واختلف في هذه الأسوة بالرسول عليه السلام : هل هي على الإيجاب ، أو على الاستحباب . على قولين : أحدهما : على الإيجاب حتى يقوم دليل على الاستحباب ، والثاني : على الاستحباب حتى يقوم دليل على الإيجاب . ويحتمل أن يحمل على الإيجاب في أمور الدين ، وعلى الاستحباب في أمور الدنيا ))[5] ويمكن أن يقال ما دلَّ الدليل على إيجابه ، فيجب الائتساء به ، وما دلَّ الدليل على استحبابه فيستحب ، وما دلَّ على الإباحة فهو مباح . .وكذلك الاقتداء يكون بعباد الله الصالحين ممن هم دون الأنبياء : قال الله تعالى : ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ . قال القرطبي في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ مَعَهُ): (( يعني أصحاب إبراهيم من المؤمنين )) .

القدوة السيئة

القدوة السيئة : وهي الأسوة المرفوضة ، والاتباع المنهي عنه ؛ لما يشتمل من مفاسد العقائد والأهواء والبدع والضلالات .. وقد حذّر منها القرآن الكريم والرسول الأمين ؛ وذلك عبر صور عديدة ، منها : النهي عن اتباع الفاسد من عقائد الآباء ، قال الله تعالى : ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾، وقال عز وجل : ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾.

نماذج من الاقتداء

عن النعمان بن سالم ، عن عمرو بن أوس قال : حدثني عنبسةُ بنُ أبي سفيان في مرضه الذي مات فيه ، قال : سمعت أمَّ حبيبة تقول : سمعت رسولَ الله يقول : (( من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بُني له بهن بيتٌ في الجنة )) . قالت أم حبيبة : فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله . وقال عنبسةُ : فما تركتهن منذ سمعتهن من أم حبيبة . وقال عمرو بن أوس : ما تركتهن منذ سمعتهن من عنبسة . وقال النعمان بن سالم : ما تركتهن منذ سمعتهن من عمرو بن أوس.[6] .

مقالات ذات صلة

مراجع

  1. معجم مقاييس اللغة : 5 / 66 - 67 باختصار
  2. لسان العرب : 5 / 3556 .
  3. أضواء البيان : 8 / 135 ، عن موسوعة نضرة النعيم : 2 / 349 .
  4. لسان العرب : 14 / 35 ، نقلاً عن موسوعة نضرة النعيم : 1 / 349 .
  5. الجامع لأحكام القرآن : 14 / 159
  6. ( ) رواه مسلم ، كتاب صلاة المسافرين ، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن ، وبيان عددهن ، برقم : 728 .

وصلات خارجية

موسوعات ذات صلة :