الرئيسيةعريقبحث

قلة رأس المال


☰ جدول المحتويات


تشير قلّة رأس المال إلى أيّ حالة يقصر فيها العمل عن الإيفاء بتمويله اللازم. قد يكون العمل قليل رأس المال عملًا لا يتحمّل مصاريفه الحاليّة لافتقاره إلى رأس المال، وهو ما قد يؤدي إلى الإفلاس، وقد يكون عملًا في عرضة شديدة للخطر، وقد يكون سليمًا ماليَّا، ولكن ليس عنده من المال ما يكفي للوفاء بطلب السوق.

أسباب قلّة رأس المال

تنجم قلّة رأس المال عادةً عن تخطيط ماليٍّ فاسد. ومع هذا، قد تعاني بعض الشركات الفاعلة من صعوبةً في رفع رأس المال الكافي في فترات التراجع الاقتصادي أو في دولة تضع قيودًا على الاستثمار في رأس المال.

ترجع قلة رأس المال إلى أسباب عديدة، منها:[1]

  • زيادة تمويل رأس المال قصير المدى، بدلًا من الطويل المدى
  • الإخفاق في الحصول على قرض بنكيّ في وقت حرج
  • الإخفاق في الحصول على التأمين ضد مخاطر العمل المتوقعة
  • الظروف الصعبة في الاقتصاد الكلّيّ

قد يهيّئ المحاسبون التمويل بشكل يقللون فيه الربح، من ثمّ يقللون الضرائب. مع نموّ العمل، ينتج هذا الأسلوب نتائجَ عكسيّة (فان هورن 2006) كثيرًا ما تطلب الشركات النامية قرضًا بنكيًّا بهدف الحصول على مراجعة لنظامهم الكامل في المحاسبة.

مصادر رأس المال

قرّر دليلٌ لجمع رأس المال كتبه المحاسب القانوني ديفيد ليفينسون أن من طرق الحصول على رأس المال إنشاء خطّ ائتمان، والاستدانة برهنه وإن لم يلزم ذلك، ثمّ دفع هذا الدين. فإذا فُعِل هذا مرارا وتكرارا، ساعدَ صاحب العمل على توسيع رأس ماله إذا أراد زيادة امتيازه الاعتباري أو أرادَ أن يُقرَض قرضًا أكبر (ليفينسون 1998).[2]

قد تحصل الشركة على رأس المال بإعادة الاستثمار في الأرباح، أو بتحمّل الديون عن الشركات الأخرى، أو ببيع الأسهم. وذكر فان هورن أنّ أرخص الطرق لزيادة رأس المال هي التموّيل من تدفق الأرباح، وزيادة تدفق الأرباح بالفوترة المنتظمة، وجمع المستحقّات الحائن وقتها، والمماطلة في دفع المستحقّات المدفوعة، على أن لا يضرّ هذا الربح ولا يجرّ العقوبة، وإعادة التفاوض في القروض من أجل خفض معدلات الأرباح عليها، واستغلال الحسومات والتنزيلات التجارية.

الدَّيْن أغلى. يكون سعر الدين أقلّ ما يكون في القروض المضمونة طويلة المدى، أو استعمال المدّخرات الخاصّة، ويكون أعلى من ذلك في القروض غير المضمونة، وقروض بطاقة الائتمان والسُّلَف النقديّة، وفي بيع الحسابات المستحقّة.

تمويل الأسهم أغلى، وهو يقلل أسهم صاحب العمل الأصلي في الشركة. لكنه قد يكون الخيار الوحيد إذا كانت للشركة إمكانيات واسعة، وقصرت أصولها المالية في ضمان القروض. يمكن زيادة رأس مال الأسهم بالاستثمار مع شركاء موجودين أو مُلّاك أسهم، أو رؤوس أموال التمويل المباشر أو رؤوس أموال المخاطرة، أو باتخاذ شركاء يستثمرون استثمارات مالية أو اسثتمارات «متعوبة الأسهم»، أو بإصدار أسهم جديدة.

قد تنتج قلة رأس المال عن إخفاق الشركة في استغلال موارد رأس المال هذا، أو عن العجز عن استعمال أيٍّ من هذه الموارد.

إفلاس شركة تابعة قليلة رأس المال

إذا سجّلت شركة تابعة إفلاسها، فمن المعقول أن يُظَنّ أنه قد قلّ رأس مالها وأُسيئت إدارتها لمصلحة الشركة الأمّ. قد يرجع الفشل إلى المدفوعات الكبيرة للشركة الأمّ لطلب البضائع والخدمات التي تقدمها، أو عدم كفاية الرسوم المدفوعة للحصول على هذه الخدمات أو البضائع. في الحقيقة، كانت رؤوس الأموال التي يقدّمها مستثمرون آخرون تُحال إلى الشركة الأمّ حتّى تفشل الشركة التابعة. يصعب جدًا إثبات هذه القضايا، لكنّ «عقيدة الصخرة العميقة» تؤكّد أنّ مدّعيات الشركة الأمّ لا تثبت إلّا بعد كلّ المدّعيات الأخرى.

مع هذا، فكما تقرر في قضية ووكوفسكي ضدّ كارلتون، لا تُعَدّ الشركة الأمّ مسؤولة عن إثبات مدّعياتها في المال الزائد من الأصول الباقية بعد فشل الشركة التابعة.

العمل المصرفي

في العمل المصرفي، يدلّ مصطلح قلة رأس المال على امتلاك رأس مال قد لا يكفي لتغطية المخاطر المُسْتَشرَفة.

الولايات المتحدة الأمريكية

تصنّف مؤسسة تأمين الودائع الفدرالية البنوك بحسب معدّل الخطر على رأس المال:[3]

  • مُرَسملةٌ جيدًا: 10% أو أعلى.
  • مُرَسملةٌ بشكل كافي: 8% أو أعلى.
  • قليلة رأس المال: أقل من 8%.
  • شحيحة رأس المال: أقل من 6%.
  • حرِجةُ رأس المال: أقل من 2%.

إذا قلّ رأس مال بنك، تصدر مؤسسة تأمين الودائع الفدرالية تنبيهًا له. إذا قلّت النسبة عن 6%، فإنّ لمؤسسة تأمين الودائع الفدرالية أن تغيّر إدارة البنك وتجبره على اتخاذ إجراءات تصحيحية أخرى. فإذا صار البنك قليل رأس المال حرِج رأس المال، أعلنت مؤسسة تأمين الودائع الفدرالية إفلاسَه، وكان لها أن تتسلّم إدارته.

أظهرت أزمة الرهون العقارية أن البنوك والشركات المرتهنة الأخرى في الولايات المتحدة كانت قليلة رأس المال، بعد فشلها في إثبات امتلاكها رأس مال كافيًا أو تأمينًا لتغطية خطر إهمال الرهون العقارية، في حادثة من حوادث انفجار أسعار السكن غلاءً. سبب هذا أزمة مالية عالمية في 2007- 2008، لأن المؤسسات المتأثرة كانت مصادر مهمة لرؤوس المال في صناعات أخرى.

الاقتصاد العام

قد يُصاب بلد أو قطّاع اقتصادي بقلة رأس المال بمعنى أن الشركات التي في هذا البلد أو هذا القطّاع يعوقها فقدان التمويل الاستثماري الكافي. قد يرجع هذا إلى اضطرابات سياسية، بفقدان الطُّمأنينة إلى حكم القانون، أو بوضع الحكومة قيودًا على الاستثمار الأجنبي المباشر، أو بتثبيطها للاستثمار في مجالات صناعية محددة. أمثلة:

في مجال الكهرباء في الأرجنتين، وضعت الحكومة قيودًا على أسعار الكهرباء في 2002، فقلّلت الأرباح، من ثَمّ ثبّطت الاستثمار فيها. زاد من هذا التثبيط التضخّم الكبير، الذي أدّى إلى انخفاضات في الإيرادات الحقيقية، حدث هذا في حين سبب انخفاض قيمة البيزو (عملة الأرجنتين) زيادةً في ثمن ترميم الديون الكبيرة بالعملة الأجنبية. كانت النتيجة قلّة شديدة في رأس المال، قادت إلى عدم الوفاء بالطلب المتزايد، وأسهم كلّ ذلك في أزمة الكهرباء الأرجنتينية عام 2004.

في باكستان، أصابت قلة رأس المال صناعة الغزل والنسيج عقودًا. كان من أسباب ذلك الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الدول المتطورة التي كان يفترض أنها الأسواق الطبيعية لمنتجات هذه الصناعة. يشمل هذا شركات المواد الخام المصنّعة وطنيًا (كالقظن في الولايات المتحدة الأمريكية)، وشركات الغزل والنسيج الوطنية، والرسوم الجمركية العالية لاستيراد البضائع المصنعة في باكستان ومنتجي الألبسة الرخيصة الآخرين.

استخراج الموارد في جمهورية الكونغو الديمقراطية (كالتعدين مثلًا) أصيب كذلك بقلة رأس المال لمدة سنينَ، نتيجة العنف المنتشر والنهب، وحقوق الملكية غير المحفوظة، ومشكلات تتعلق بالفساد. ومع أن الإمكانيات كبيرة، فإن المخاطر كبيرة كذلك. فلا يستثمر في هذه البيئة إلا المستثمر الأشجع.

أشار جفري فريدن إلى أنه في فترة الاستعمار الأوروبي شجّعت القوى الاستعمارية الاستثمار في المواد الخام في حين ثبّطت الاستثمار في الصناعات التي يمكن أن تستخدم هذه المواد لمنافسة الصناعات الوطنية للقوى الاستعمارية. في خلال الفترة نفسها، كانت الدول المستقلة النامية في أمريكا اللاتينية ومناطق أخرى تتبع سياسة استيراد بدائل التصنيع التي حوّلت رؤوس الأموال من الشركات الأخرى حيث يكون لهذه البلدان امتياز نسبي. وإن كانت النية عكس ذلك، فإنّ كلتا السياستين تؤدّي إلى كثرة رؤوس المال في بعض المجالات، وقلّته في مجالات أخرى.[4]

يقدّم عالم الاقتصاد روبرت سولو -الحاصل على جائزة نوبل في عمله عن الطرق التي يسهم فيها العمل ورأس المال والتطور التقاني في النمو الاقتصادي الكلّيّ- رؤية مخالفة. أظهر سولو فيها أنّ قلّة رأس المال لها تأثير في النمو الاقتصاد الكلّيّ أصغر مما كانت تتوقعه النظريات السابقة.

المراجع

  1. Levinson, David (1998). Increase Your Cash Flow. San Francisco: T.B.G. Publishers
  2. Van Horn, Mike (2002). How To Grow Your Business without Driving Yourself Crazy. San Rafael: The Business Group.
  3. [1] - تصفح: نسخة محفوظة 10 يناير 2019 على موقع واي باك مشين.
  4. Jeffry A. Frieden: Global Capitalism - Its Fall and Rise in the Twentieth Century. Norton 2006

موسوعات ذات صلة :