الرئيسيةعريقبحث

كتيبة التليغراف العسكرية الأمريكية


☰ جدول المحتويات


تأسست كتيبة التليغراف العسكرية الأمريكية في العام 1861 بعد اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية. أرسلت شركة الخطوط الحديدية في بنسيلفانيا موظفي الكتيبة الأوائل إلى العاصمة واشنطن، وهم: ديفيد ستروس، صموئيل م. براون، ريتشارد أوبراين، وديفيد ه. بيتس. في أكتوبر من نفس العام، عُيّن آنسن ستيجر رئيساً للمكتب.[1] خلال الحرب، تم إيكال موظفي الكتيبة بمهمة المحافظة على استمرارية الاتصال بين الحكومة الفيدرالية في واشنطن وقادة القطع العسكرية في الوحدات البعيدة للجيش الاتحادي.

خدمات التليجراف قبل الحرب الأهلية

قبل اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية، وجدت ثلاث شركات عاملة للتليجراف. الشركة الأمريكية للتليجراف، وشركة ويستيرن يونيون للتليجراف، وشركة ساوثويستيرن للتليجراف. غطّت خطوط الشركة الأمريكية للتليجراف كامل المساحة شرق نهر الهدسون وامتدت على طول ساحل المحيط الأطلسي وصولاً إلى خليج المكسيك،[2] رابطةً بذلك المدن في نيوفاوندلند بالمدن في نيوأورليانز. ومن هذه الخطوط الرئيسية تفرّعت خطوط الشركة غرباً إلى مدن مثل بيتسبيرج، فيلاديلفيا، وسينسيناتي.[3] وفي كل من هذه النقاط التقت خطوط الشركة الأمريكية بخطوط شركة ويستيرن يونيون التي امتدت خطوطها إلى سان فرانسيسكو في أقصى الغرب في العام 1861. في الولايات الجنوبية، التقت خطوط الشركة الأمريكية بخطوط شركة ساوثويستيرن في شاتانوجا، موبيل، ونيوأورليانز. ومن هذه المدن غطت خطوط شركة ساوثويستيرن باقي الجنوب وجنوب الغرب الأمريكي، بما في ذلك تيكساس وآركانساس.[4]

تشكيل كتيبة التليجراف العسكرية

بعد الهجوم الكونفيدرالي لجيش الجنوب على قلعة سومتر في الثاني من أبريل 1861، أصدر الرئيس آبراهام لينكولن الأمر لـ75 ألف جندي بالتجمع في العاصمة واشنطن. في 9 أبريل 1861، سيطرت قوات الكونفيدرالية على مدينة هاربس فيري في فيرجينيا، والتي كانت على ممر خط حديد بولتيمور-أوهايو. وهكذا خسرت واشنطن إحدى أهم السكك الحديدية وطرق اتصالات التليجراف مع الشمال. الخط الحديدي وطريق التليجراف الذي يربط الولايات الشمالية بواشنطن كان في ميريلاند، الولاية التي حامت الشكوك حول ولائها للاتحاد.[5]

نظراً لفداحة الموقف بخصوص الخطوط الحديدية وطرق اتصالات التليجراف في واشنطن، استولت الحكومة على خطوط التليجراف التجارية المحيطة بالمدينة، وأرسل وزير الحرب سايمون كاميرون أمراً إلى رئيس شركة بينسلفانيا للخطوط الحديدية بأن يبتعث العقيد توماس سكوت لإدارة خدمات التليجراف التابع للخطوط الحديدية في واشنطن. كلّف توماس سكوت، آندرو كارنيجي بمساعدة الحكومة على تشغيل السكك الحديدية حول العاصمة.[6] وكانت أولى مهام كارنيجي هي تشغيل خط بولتيمور أوهايو ومدّه من واشنطن عبر نهر بوتوماك إلى فيرجينيا، وخلال ذلك تُمدّ خطوط التليجراف لفتح الاتصال مع محطات مثل آليكساندريا، بورك، وفيرفاكس.[7]

طلب الكولونيل سكوت من أربع عمّال في شركة الخطوط الحديدية في بينسلفانيا الحضور إلى واشنطن، هم: ديفيد ستروس (الذي أصبح قائد الكتيبة لاحقاً)، ديفيد ه. بيتس، صموئيل م. براون، وريتشارد أوبراين؛ الذين وصلوا إلى واشنطن في 27 أبريل 1861. فُرِز ستروس وبيتس إلى وزارة الحرب، بينما براون إلى البحرية، وأوبراين إلى مستودع الخط الحديدي بولتيمور- أوهايو.[8]

وكان هؤلاء هم الطاقم التأسيسي لكتيبة التليجراف العسكرية التي توسعت فيما بعد لتضم 1500 عنصراً.[9]

الوضعية الخاصة للكتيبة

رغم أن الكتيبة أدت دوراً بارزاً في نقل الرسائل من القادة في ميدان المعركة، إلا أنها عملت بشكل مستقل عن القيادة العسكرية. وكما ذكر أعلاه، فالكتيبة شغّلت عمالاً مدنيين في ميدان المعركة وفي وزارة الحرب. جميع الأوامر التي تلقاها عاملو التليجراف جاءت مباشرةً من وزير الحرب.[10] إضافة لذلك، وبسبب غياب منظمة حكومية للتليجراف قبل الحرب الأهلية، لم تكن ثمة مخصصات مالية من الكونجرس لتغطي نفقات إنشاء العواميد، ومدّ الكابلات، أو لدفع رواتب الموظفين. نتيجةً لذلك، تولّى رئيس الشركة الأمريكية للتليجراف، إيدوار س. سانفورد، دفع جميع تكاليف كتيبة التليجراف العسكرية في الستّة أشهر الأولى من عملها. قام الكونجرس بتعويض سانفورد لاحقاً على ما أنفق.[11]

بناء خطوط التليجراف

كان من المهمات الخطيرة الموكلة إلى كتيبة بناء التليجراف هو مدّ خطوط التليجراف في الميدان خلال المعارك. وأدت هذه الكتيبة المؤلفة من 150 عنصراً أعمالها باستخدام قافلة عربات لمدّ خطوط مؤقتة. خلال المعركة، تتموضع عربة في نقطة بداية المعركة، لتعمل كمحطة استقبال، وتنطلق عربة أخرى إلى الميدان كمحطة إرسال. وذلك لكي يتمّ تبادل الرسائل بين القيادة العامة وأرض الميدان، ولكي تصل المعلومات عن سير المعارك إلى مقر كتيبة التليجراف العسكرية في واشنطن. نظراً لاستخدامها الأسلاك النحاسية الهشة المكشوفة في البداية، كانت هذه الخطوط تُمدّ للاستعمال المؤقت، ولكن بعد استخدام الأسلاك المغطاة، تحولت إلى الاستعمال الدائم.[12] وطريقة عمل كتيبة البناء كانت على الشكل التالي: يحمّل العمال ربطة الأسلاك على ظهر بغل ويقودونه للأمام خلال مدّهم الأسلاك، وعند تقدّم البغل، يقوم العمال بتعليق السلك على أماكن مثل السور أو الشجيرات لكيلا يُداس عليه، ريثما يجهزون لرفعه على عمود. ولأن هذه الأسلاك كانت عرضة للاختراق والتنصت أو حتى القطع من قبل جيش الكونفيدرالية، عُيّنت حامية خيّالة للخطوط خلال بنائها في مناطق لا يوجد بها جنود جيش الاتحاد. وخلال الحرب، قامت كتيبة بناء التليجراف بمدّ 15.389 ميلاً من خطوط التليجراف في الميدان، وعلى الأرض، وتحت الماء.[13]

المشغّلون

الخدمة كعاملٍ في كتيبة التليجراف العسكرية الأمريكية، سواءً في الميدان أو في وزارة الحرب، كانت عملاً شاقاً وغير مجزٍ. كانت وظيفة العمال في الميدان أكثر خطورةً، فقد واجهوا مخاطر الاعتقال، تلقي النيران، أو القتل على يد جنود جيش الكونفيدرالية، سواء خلال عملهم بالاتصالات في الجبهات، أو إرسالهم الرسائل خلال الانسحاب، أو مغامرتهم لإصلاح خط معطوب. واجه عاملو التليجراف معدّل إصابات يقدر بـ10%، وهي نفس النسبة التي واجهها جنود القوات البرية التي خدموا معهم. أضف إلى ذلك كله العلاقة غير المريحة بين عاملي التليجراف والضباط العاملين معهم، والذين كنّوا لهم شعوراً بالكراهية والارتياب كونهم غير عسكريين.[14]

رغم أن العمل في وزارة الحرب لم يكن بنفس خطورة العمل الميداني، ولكنه كان كثير المطالب. كان على عاملي التليجراف هنا التحلي بالذكاء وسرعة البديهة في تلقي الرسائل، التي كانت تصل مشفرة لأهميتها. وكانت مسؤولية عاملي التليجراف أن يفكوا تشفير هذه الرسائل لاستخراج المعلومات ذات الأهمية وتمريرها إلى الضباط ذوي الرتب الأعلى، بل وإلى الرئيس لينكولن نفسه أحياناً، والذي زار مكتب التليجراف في وزارة الحرب غير ذات مرة. وفوق ذلك كله، توجب على عاملي التليجراف العمل على فك شيفرة رسائل جيش الكونفيدرالية، الأمر الذي ساعد على إحباط مؤامرات تعلقت بإضرام النيران في بعض فنادق مدينة نيويورك.[15]

رغم شجاعة وتفاني عاملي التليجراف العسكري، فإنهم لم يتسلموا راتباً تقاعدياً أو مكافئاتٍ أو تقديراً عن خدمتهم خلال الحرب، كونهم من غير العسكريين. هذا ما اضطر عائلات الموتى منهم للاعتماد على إحسان الآخرين في معيشتهم. تغير هذا الأمر نسبياً في العام 1897، عندما أمر الرئيس كليفلاند وزارة الحرب بإصدار شهادات تقدير خدمة للعاملين في التليجراف العسكري، أحياء وموتى. ولكن هذا لم يتضمن راتباً تقاعدياً[14].

تسريح الكتيبة

بعد انتهاء الحرب الأهلية، جاء وقت إعادة بناء خطوط التليجراف في مناطق الكونفيدرالية (في الجنوب). أمرت الحكومة الأمريكية كتيبة التليجراف العسكرية بإصلاح وإدارة جميع خطوط الاتصال الرئيسية. نظراً لنقص الدعم المالي، كانت خطوط التليجراف الجنوبية في أسوأ حالاتها، الأمر الذي صعّب مهام عمال كتيبة التليجراف العسكرية، الذين هبوا للعمل رغم ذلك. في 27 فبراير 1865 أصدر قائد الأركان أمراً بنقل ملكية خطوط التليجراف في الجنوب إلى شركات خاصة تحت إشراف رؤساء كتيبة التليجراف العسكرية. بعد إسناد إدارة خطوط التليجراف إلى الشركات الخاصة،[16] بدأ تسريح عمال الكتيبة العسكرية واحداً بعد الآخر. المكتب الوحيد الذي بقي كان المقر الرئيسي للكتيبة في وزارة الحرب.[17]

المراجع

  1. "Archived copy". مؤرشف من الأصل في 27 أغسطس 201107 أكتوبر 2008.
  2. William Rattle Plum, The Military Telegraph During the Civil War in the United States, ed. Christopher H. Sterling(New York: Arno Press, 1974),vol.1:63.
  3. Plum, vol. 1:63.
  4. Plum, vol.1:63.
  5. Plum, vol.1:63-64.
  6. Bates, 20-21.
  7. David Homer Bates, Lincoln in the Telegraph Office: Recollections of the United States Military Telegraph Corps during the Civil War(New York: D. Appleton-Century Company Inc., 1907), 20; Plum, vol.1:68
  8. Bates, 25.
  9. Plum, vol.1:68.
  10. Rebecca Robins Raines, Getting the Message Through: A Branch History of the U.S. Army Signal Corps(Washington D.C.: Center of Military History, 1996), 16-17.
  11. Bates, 27.
  12. Raines, 18.
  13. Eric Ethier, "The Operators," Civil War Times 45, no.10 (January 2007): 17-18.
  14. A.W. Greely, "The Military Telegraph Service."
  15. Ethier, 18.
  16. Plum, vol.2:348.
  17. Plum, vol.2:346.

موسوعات ذات صلة :