وهي المكان الذي يشير فيه التقليد إلى الإهانات التي وجهت ليسوع المصلوب.
"وكان المارّة يشتمونه .. وكذلك كان عظماء الكهنة والكتبة يسخرون فيقول بعضهم لبعض: خلّص غيره من الناس، ولم يقدر أن يخلّص نفسه"(مر 15،29)وعلى بضع خطوات إلى الأمام حجرة فيها لوح زجاجي يسمح لنا بمشاهدة صخرة الجلجلةويظهر فيها شرخ عمودي غير طبيعي يقول التقليد من القرن الرابع أنه حدث من جرّاء الزلزال الذي وقع عند موت المسيح.
في كنيسة القيامة دير للرهبان الفرنسيين نسبة إلى القديس فرنسيس الأسيزي الذي جاء إلى القدس سنة ألف ومائتين وتسع عشرة،ووافق البابا كليمنت السادس ببراءة بابوية سنة ألف وثلاثمئة واثنين وأربعين على وجود الفرنسيين في الكنيسة على أن يكونوا حراس الأراضي المقدسة باسم العالم الكاثوليكي.
رمموا الكنيسة عام 1719وأقاموا فيها بناء جديدا سنة 1967 يقيمون الصلاة فيها إلى جانب طواف يومي في مختلف ربوعه.
وهناك أديار أرثوذكسية أولها دير الروم الأرثوذكس، وأسس بطريرك القدس اليوناني جرمانوس أخوية القبر المقدس بعد الاحتلال العثماني لفلسطين، ويعد أعضاء هذه الأخوية حراس الأراضي المقدسة باسم العالم الأرثوذكسي.
ومنذ أيام جرمانوس عمل الروم الأرثوذكس اليونان على التوسيع في كنيسة القيامة وبعد احتراقها سنة ألف وثمانمئة وثمان توصلوا إلى الانفراد بترميم أكبر قسم منها بموجب مخططاتهم ولهم اليوم أكبر حصة فيها ومنها محور الكنيسة المعروف بنصف الدنيا ،وفي كل يوم يقيمون الصلاة هناك .
وللأرمن الأرثوذكس الحصة الثالثة في كنيسة ومنها قسم الرواق الذي يشرف على القبر المقدس وكنيسة القديسة هيلانة ،و بدأوا التوسع في الكنيسة منذ القرن السابع عشر الميلادي ،وفي كل يوم يقميون الصلاة ، أما الأقباط الأرثوذكس ،فلهم مكانة ثانوية في الكنيسة ،يؤدون صلواتهم في معبد صغير بنوه ملاصقا للقبر المقدس سنة 1540 ،ثم جدد بعد حريق سنة 1808 ،فيما يقيم السريان الأرثوذكس الصلاة كل أحد في معبد للأرمن قرب حنيه القبر المقدس الغربية .
ولا شك في أن أعظم احتفالات كنيسة القيامة عند جميع الطوائف المسيحية هي احتفالات الأسبوع المقدس والفصح التي تتم في أقدس مكان مسيحي قفي الساحة القديمة، حيث بقايا أعمدة كانت تحمل أروقة المساكن والقاعات المخصصة لفرسان "مار يوحنا"، بجنمع الناس من أصقاع الأرض في يومي "خميس الغسل"، و"سبت النور" من "أسبوع الآلام" الذي ينتهي بعيد الفصح.
أضر الغزو الفارسي عام 614 م. كثيرا بالأماكن المقدسة وأعاد موديستو الناسكوالذي صار فيما بعد بطريركا للقدس ترميمها.
لم يمس الفتح العربي عام 637 م القبر المقدس بسوء وتمتع المسيحيون بالحرية الدينية التي كانت تتخللها بعض أعمال العنف، يذكر الحاج أركولفو الذي زار القدس عام 670 م.، أي بعد دخول العرب إلى المدينة، كيف تجطمت أجزاء من الحجر الذي سدّ به باب القبرإثر الغزو الفارسي.
وبنيت فوق الجلجة كنيسة وكرست المغارة تحتها لآدم وراح ، وأمرالحاكم بأمر الله بتدمير كنيسة القيامة عام 1009 م ،ونال الإمبراطور البيزنطي الإذن بإجراء بعض التصليحات فيها عام 1048 م. وفي 15 تموز 1099 دخل الصليبيون فلسطين وأسسوا مملكة لاتينية عاصمتها القدس التي أعملوا السَّيف في سكانها وارتكبوا مجزرة ذهب ضحيتها عدد كبير المقدسيين وبقيت القدس عاصمة مملكة أورشليم الصليبية حتى سنة 1187م، عندما ألحق صلاح الدين الأيوبي الهزيمة بالصليبيين في معركة حطين، وقرر الصليبيون بعد دخولهم إعادة بناء الكنائس القديمة المتهدمة وإنشاء مبنى ضخم يحوي داخله جميع الأبنية الأساسية ومنها الجلجلة والقبر. عام 1808 شبّ حريق ودمّر القبة تماما فأصلحت على الشكل الذي نراه اليوم. هدم زلزال عام 1927م قبة الكنيسة الأرثوذكسية وفي كانون أول (ديسمبر) عام 1994م اتفق رؤساء الطوائف الثلاث على القيام بأعمال الترميم في القبة التي فوق القبر المقدس.
منذ إنشائها وحتى الآن تمتعت كنيسة القيامة ولا تزال بأهمية استثنائية ووصفها الرحالة المسلمون ومنهم ناصر خسروا "للنصارى في بيت المقدس كنيسة لها عندهم مكانة عظيمة ويحج إليها كل سنة كثير من بلاد الروم".