كوماراجيفا، ((بالصينية: )) (344–413 قبل الميلاد) هو راهب كوتشي بوذي، وعالم ومترجم. وقد درس تعاليم مدارس سارفاستيفادا (Sarvastivada)لأول مرة، ثم تعلم على يد الراهب بوذاسفانمين (Buddhasvāmin)، ثم أصبح أخيرًا تابع لماهايانا (Mahāyāna)، حيث درس مذهب مادهياماكا (Madhyamaka) الخاص بالفيلسوف ناجارجونا (Nagarjuna). استقر كوماراجيفا في تشانغان، التي كانت العاصمة الإمبراطورية للصين. وأكثر ما يُعرف به هو ترجمته الرائعة لنصوص البوذية التي كتبت باللغة السنسكريتية إلى الصينية التي قام بها في أواخر حياته.
كوماراجيفا | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | 343 كشمير |
الوفاة | 413 تشانغآن |
الديانة | بوذية |
الحياة العملية | |
المهنة | مترجم، وكاتب |
التيار | مادهياماكا |
حياته
الأسرة والبيئة الاجتماعية
ترجع أصول والد كوماراجيفا كومارايانا (وكذلك كو-مو-ين) إلى الأسرة النبيلة الكشميرية براهمين،[1] بينما كانت والدته أميرة كوتشية أثرت كثيرًا في دراساته الأولى. ويقال إن سمعة جده الأكبر تا-تو قد فاقت الآفاق. وقد أصبح والده راهبًا، وترك الهند، عابرًا جبال بامير إلى أن وصل كوتشا حيث أصبح الراهب الملكي. وتزوّج من أخت الملك، جيفا (Jīva)، ومن ثَم أنجب كوماراجيفا. وقد انضمت جيفا إلى دير راهبات تسيو لي، شمالي كوتشا، عندما كان كوماراجيفا في السابعة من عمره.
الطفولة والتعليم
وعندما انضمت والدته جيفا إلى دير راهبات تسيو لي، كان كوماراجيفا في السابعة من عمره لكن يُقال أنه حفظ وقتئذٍ العديد من النصوص والتعاليم. وتابع تعليمه للأبهيدهاماراوبعد ذلك بعامين، عندما أتم التاسعة من عمره، انتقل إلى كشمير مع والدته ليتمتع بمستوى تعليمي أفضل على يد باندهوداتا (Bandhudatta). وهناك درس النصوص المقدسة: ديرغها آغاما (Dīrgha Āgama)، ومادهياما آغاما (Madhyama Āgama)، وكسودراكا (Kṣudraka)، وبعد ذلك عاد مع والدته بعد ثلاث سنوات. وفور عودة عبر أراضي طخارستان، وكشغر, توقع له أحد الممارسين الروحيين بمستقبل باهر وأنه سيدعو الكثير من الناس إلى البوذية ويستجيبون له. ظل كوماراجيفا في كشغر لمدة عام، حيث نصّب الأميرين، ولدا تسان كيون (Tsan-kiun) (وهو نفسه ابن ملك ياركاند)، ودرس الأبهيدهارما بيتاكا، وهي النصوص الخاصة بمدرسة سارفاستيفادا على يد رجل الدين الكشميري Buddhayaśa)، فضلاً عن نصوص الفيدي (Vedas)، والعلوم الخمسة، والنصوص المقدسة البراهمانية فضلاً عن علوم الفلك. وفي الغالب درس طوال هذه الفترة الآغاما (Āgama) وتعاليم سارفاستيفادا.
وبعد ذلك ترك سارفاستيفادا كوماراجيفا مع جيفا وهو في الثانية عشرة من عمره، وبعد ذلك سافر إلى توربان، في شمالي شرق حدود مملكة كوتشا، التي كانت موطنًا لما يزيد عن 10 آلاف راهب. وفي فترة زمنية قريبة لهذه الفترة، قابل السيد سورياسوما (Suryasoma)، الذي تعلم على يديه نصوص ماهايانا (Mahayana) القديمة. تحوّل كوماراجيفا عندئذٍ إلى دراسة نصوص مادهياماكا، كأعمال ناجارجونا، على سبيل المثال.
بداية شهرته في كوتشا
وقد ذاعت شهرته في توربان بعد تفوقه على أحد معلمي التيرثيكا (Tirthika) في مناظرة، وقد حضر الملك بو شوي (Po-Shui)، ملك كوتشا، إلى توربان ليطلب من كوماراجيفا شخصيًا أن يعود معه إلى مدينة كوتشا. وافق كوماراجيفا على مضض وعاد ليعلّم ابنة الملك "إيه كي يي مو تي" (A-Kie-ye-mo-ti)، التي أصبحت راهبة في تعاليم ماهاسانيباتا ( Mahāsannipāta) وماهافيابوليا (Mahāvaipulya) "ماهايانا".
وحينما أتم العشرين عامًا، تم تنصيبه بالكامل في قصر الملك، وعاش في دير جديد بناه الملك بو شون (Po-Shun). ومن الجدير بالملاحظة مقابلته مع فيمالاكسا (Vimalākṣa) الذي كان معلمه، وهو راهب سارفاستيفادي من كشمير وقد تعلّم على يديه كذلك نصوص فينايا (Vinaya) بيتاكا السارفاستيفادية. تابع كوماراجيفا دراستهلتعاليم بانكافيمساتيسا هاسريكا براجناباراميتا (Pañcaviṁśatisāhasrikā Prajñāpāramitā)، وهي أحد نصوص براجناباراميتا (Prajñāpāramitā) المطولة. ومن المعروف عنه كذلك اشتراكه في المناظرات المختلفة، وقد امتلأ خطابه مع الرهبان الأجانب بالحماسة. ويقال أن جيفا قد انتقلت إلى كشمير.
الأسر والسجن والتحرر
وفي عام 379 قبل الميلاد، وصلت شهرة كوماراجيفا إلى الصين عندما زار راهبًا بوذيًا صينيًا اسمه سينج جون (Seng Jun) كوتشا وأثنى على إمكانيات كوماراجيفا. وعندئذٍ، بذل الإمبراطور فو جيان (Fu Jian) (苻堅)، من أسرة فورمر كين (Former Qin) جهودًا كبيرة لإحضار كوماراجيفا إلى عاصمة كين؛ تشانغان.[2] وللقيام بذلك، أرسل قائده لو غوانج (Lu Guang) مع جيشٍ لغزو كوتشا وإحضار وكوماراجيفا. وقد دُوّن أن فو جيان أمر قائده بإرسال "كوماراجيفا بمجرد غزو كوتشا."[3] ومع ذلك، عندما هُزم جيش فو جيان الرئيسي على مشارف العاصمة، أعلن لو غوانج استقلاله عن الإمبراطور ونصب نفسه قائدًا عسكريًا عام 386 قبل الميلاد، ثم أسر كوماراجيفا عندما كان في الأربعين من عمره.[4] وقد سجن لو غوانج كوماراجيفا، كونه لا يؤمن بالبوذية، لسنواتٍ عديدة، كأسير حرب في المقام الأول. وطوال تلك الفترة، يُقال أن كوماراجيفا قد أصبح على دراية باللغة الصينية. وقد أرغم لو كوماراجيفا على الزواج من ابنة ملك كوتشا، الأمر الذي أدى به إلى التخلي عن عهد العفة الذي أخذه على نفسه.[5]
وبعد أن أطاحت عائلة ياو "Yao" التي انحدرت من عائلة "فورمر كين" بالحاكم السابق فو جيان، أرسل الإمبراطور ياو زينج (Yao Xing) مناشدات متكررة للقادة العسكريين من عائلة لو "Lu" لتحرير كوماراجيفا وإرساله شرقًا إلى تشانغان.[6] وعندما رفضت عائلة لو تحرير كوماراجيفا من أسره، أرسل ياو زينج الغاضب جيوشه إلى ليانجزو لهزيمة القادة العسكريين من عائلة لو وإحضار كوماراجيفا مرة أخرى.[6] وأخيرًا نجحت جيوش الإمبراطور ياو في هزيمة عائلة لو، وتم إحضار كوماراجيفا شرقًا إلى العاصمة تشانغان عام 401 قبل الميلاد.[6]
في تشانغان
في تشانغان، قابل كوماراجيفا الإمبراطور ياو زينج وحاشيته وكبار القادة البوذيين على الفور. وقد تمت الإشادة به كونه أستاذًا عظيمًا من المناطق الغربية، وتولى فور ذلك منصبًا رفيعًا للغاية في الدوائر البوذية الصينية في ذلك الوقت، حيث تم منحه لقب المعلم الوطني. وقد أولاه ياو زينج هو ومعلمه عنايةً خاصة، وتدفق عليه البوذيون الصينيون كبارًا وصغارًا ليتعلموا منه ويأخذوا عنه تعاليمه مباشرةً أو من خلال أنشطة الترجمة بمكتبه.
ويبدو أن تأثير كوماراجيفا كان كبيرًا على الإجراءات التي اتخذها الإمبراطور يان زينج لاحقًا، إذ تجنب الإجراءات التي قد تودي بحياة الكثيرين، بينما حاول أن يبدي قدرًا أكبر من اللطف تجاه أعدائه. وبناءً على طلبه، ترجم كوماراجيفا العديد من التعاليم إلى الصينية. كما بنى ياو زيج العديد من الأبراج والمعابد. ونظرًا لتأثير كوماراجيفا المتزايد على ياو زينج، اعتنق ما يقرب إلى 90% من الشعب الديانة البوذية.
وقد بدأ عهد الترجمة الثاني عام 400 بعد الميلاد على يد كومارادجيفا الكشميري. ومما لا شك فيه أنه استخدم حرفي "ش" و"س" كحرفين منفصلين إذ لم يخلط بينهما في اختياراته للأحرف الصينية أبدًا. وقد استخدم أسلافه الكلمات الصينية التي لم يبدلها بالفعل، وحينما أدخل مصطلحات جديدة في ترجمته لأدب ماهايانا،大乘 تاشينج (Tasheng) أو التطور الكبير"، استخدم حرف "ش" ليعبر عن صوت "ش" بينما استخدم "ب" ليشير إلى "ف". ومن ثَم، كان في بالي سافاتي، التي تكتب بالصينية "شا با تي". وربما كان كومارادجيفا نفسه يتحدث باللهجة الكشميرية للغة السنسكريتية التي تسمي "شاباتي".[7]
أسلوبه في الترجمة
أحدث كوماراجيفا ثورةً في البوذية الصينية، من حيث الوضوح والتغلب مشكلة "ge-yi" (أي تطابق المصطلحات)system of translation ، وهو نظام ترجمة يستخدم مصطلحات الطاوية والكونفوشيوسية. وقد كان أسلوبه في الترجمة مميزًا، حيث امتاز بالسلاسة التي أثرت على تحديد أولويات توضيح المعنى بما يتوافق مع الفهم الحرفي الدقيق.[8] ونظرًا لهذه الميزة، ظلت تقديماته للنصوص المهايانية المنوية الأكثر شعبيةً، والترجمة الأكثر دقةً لها عن سابقاتها، مثل تلك الخاصة بـ زوانزانج (Xuanzang).[9] وقد كان لـ僧叡 سينغروي (Sengrui) بعض التأثير على أسلوبه النهائي المنقح، كونه المحرر النهائي لأعماله المترجمة.
وفي بعض الأحيان، اعتبر الباحثون الصينيون والغربيون ترجمات كوماراجيفا بمثابة أعمال مختزلة، بينما اعتبرها المترجمون الآخرون كزوازانج بأنها الأكثر "دقة". ووفقًا لجان ناتير، تعتبر وجهة النظر هذه خاطئة وغير منصفة، فالاختلاف الأساسي يرجع إلى النسخ الأولى من نصوص كوماراجيفا الأصلية.:[10]
الإرث
ومن بين النصوص الأكثر أهمية التي ترجمها كوماراجيفا: تعاليم الألماس (Diamond Sutra)، وتعاليم أميتابها (Amitabha Sutra)، وتعاليم اللوتس (Lotus Sutra)، وتعاليم فيمالاكيرتي نيرديسا (imalakirti Nirdesa Sutra)، فضلاً عن مالومادهيا ماكاكاريكا (Mūlamadhyamakakārikā)، وتعاليم أستاساهاريكا براجناباراميتا (Aṣṭasāhasrikā Prajñāpāramitā Sūtra)، ومهابراجناباراميتا أوباديسا (hāprajñāpāramitā Upadeśa) والتي كانت عبارة عن تعليق (يرجع إلى ناجارجونا) على تعاليم بانكافيمساتيسا هاسريكا براجناباراميتا (Pañcaviṃśatisāhasrikā Prajñāpāramitā Sūtra).
ولكوماراجيفا أربعة مريدين آخرون هما: : 道生 داوشينغ (Daosheng)، و僧肇 سينغزهاو (Sengzhao)، و道融 داورونغ (Daorong)، و僧叡 سينغروي (Sengrui)
أقوال مأثورة
أينما يوجد الشكل، يوجد الخواء. أينما يوجد الخواء، يوجد الشكل. --كوماراجيفا
ملاحظات
- P. 115 Chinese religions By David Howard Smith
- Kumar, Yukteshwar. A History of Sino-Indian Relations. 2005. p. 107
- Duan, Wenjie. Dunhuang Art: Through the Eyes of Duan Wenjie. 1995. p. 94
- Nan, Huai-Chin. Basic Buddhism: Exploring Buddhism and Zen. 1997. p. 84
- Sun Yat-sen Institute for Advancement of Culture and Education, Nanking (1938). Ching-hsiung Wu (المحرر). T'ien hsia monthly, Volume 7. Kelly and Walsh, ltd. صفحة 45529 مايو 2011. (Original from the University of Michigan)
- Kumar, Yukteshwar. A History of Sino-Indian Relations. 2005. p. 108
- <fe+*M+^+Sha-ba-ti.+Probably+Kumaradjiva+himself+speaking+in+the+Cashmere+dialect+of+Sanscrit+called+it+Shabati.#v=onepage&q=The%20second%20era%20of%20translators%20A.%20D.%20400%20was%20that%20of%20Kumaradjiva%20of%20Cashmere.%20There%20can%20be%20no%20doubt%20that%20he%20made%20use%20of%20SH%20and%20S%20as%20separate%20letters%20for%20he%20never%20confounds%20them%20in%20his%20choice%20of%20Chinese%20characters.%20The%20Chinese%20words%20already%20introduced%20by%20his%20predecessors%20he%20did%20not%20alter,%20and%20in%20introducing%20new%20terms%20required%20in%20the%20translation%20of%20the%20Mahayana%20literature,%20the%20-fc%20^£%20Tasheng%20or%20greater%20development,%20he%20uses%20SH%20for%20SH%20and%20usually%20B%20for%20V.%20Thus%20the%20city%20Shravasti%20was%20in%20Pali%20Savatthi%20and%20in%20Chinese%20<fe%20*M%20^%20Sha-ba-ti.%20Probably%20Kumaradjiva%20himself%20speaking%20in%20the%20Cashmere%20dialect%20of%20Sanscrit%20called%20it%20Shabati.&f=false The Chinese recorder and missionary journal, Volume 3. FOOCHOW.: American Presbyterian Mission Press. 1871. صفحة 21728 يونيو 2010. (Original from Harvard University)
- Nattier 1992, pg. 186
- Nattier 1992, pg. 188
- Nattier, Jan (2003), A few good men: the Bodhisattva path according to the Inquiry of Ugra: p. 60
المراجع
- Nattier, Jan. The Heart Sutra: A Chinese Apocryphal Text?. Journal of the International Association of Buddhist Studies Vol. 15 Nbr. 2 (1992)
- Puri, B. N. Buddhism in Central Asia, Motilal Banarsidass Publishers Private Limited, Delhi, 1987. (2000 reprint)