دخلت أشعة الليزر في العديد من المنتجات التكنولوجية فتجدها عنصرا أساسيا في أجهزة تشغيل الأقراص المدمجة أو في آلات طب الأسنان، أو في معدات قطع ولحام الحديد أو في أدوات القياس وغيرها من المجالات. كل تلك الأجهزة تستخدم الليزر؛ ولكن ما هو الليزر وما الذي يجعل الليزر مميزا عن غيره من المصادر الضوئية؟ في هذه المقالة سوف نقوم بشرح كل ما يتعلق بالليزر بشكل مبسط وواضح.
الليزر
- مقالة مفصلة: الليزر
جاءت تسمية كلمة ليزر (LASER)() من الأحرف الأولية لفكرة عمل الليزر والمتمثلة في الجملة التالية :
(Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation)
وتعني تضخيم الضوء بواسطة الإصدار المحثوث للإشعاع الكهرومغناطيسي. وقد تنبأ بوجود الليزر العالم ألبرت أينشتاين في 1917 حيث وضع الأساس النظري لعملية الإصدار المحثوث وتم تصميم أول جهاز ليزر في 1960 بواسطة العالم تيودور ميمان باستخدام بلورة الياقوت ويعرف بليزر الياقوت.
أساسيات فيزيائية حول الذرة
يوجد في الكون 113 نوعا مختلفا من الذرات، وكل شيء حولنا هو مكون من الـ 113 ذرة تلك، ولكن كيف تتحد وترتبط الذرات مع بعضها البعض لتكون المواد مثل الماء المكون من ذرتين ذرة هيدروجين وذرة أكسجين، أو كيف تكونت قطعة من الحديد أو النحاس؟ إن الذرات في حركة مستمرة حيث تتذبذب حول موضع استقرارها في المادة، كما أن لها حركة دائرية أو حركة انتقالية أيضاً. فالطاولة الخشبية مثلاً وبالرغم من أنها ثابتة في مكانها إلى أن ذرات الخشب المكونة لها في حركة مستمرة.
نتيجة لحركة الذرات التي تكتسبها من الطاقة الحرارية فإنها تتواجد في حالات مختلفة من الإثارة أو بمعنى آخر أن الذرات لها طاقات مختلفة، فلو زودت ذرة ما بكمية من الطاقة فإن الذرة تنتقل من المستوى الأرضي ground state الذي تتواجد فيه إلى مستوى طاقة أعلى يسمى بمستوى الإثارة (excited state). يعتمد مستوى الإثارة على كمية الطاقة التي زودت بها الذرة ومصدر الطاقة إما حرارة أو ضوء أو كهرباء.
في الشكل التالي نموذج توضيحي لمكونات الذرة
نموذج بسيط لتمثيل شكل الذرة يتكون من النواة والالكترونات التي تدور في مدارات حول النواة.
تحتوي الذرة على النواة (المكونة من البروتونات النيوترونات) الإلكترونات التي تدور حول النواة في مدارات مختلفة كل مدار هو عبارة عن مستوى طاقة.
إذا زودت الذرة بطاقة حرارية أو طاقة من مصدر ضوئي أو كهربائي فإن بعض الإلكترونات في الذرة سوف تنتقل من المدار ذو مستوى الطاقة الأدنى إلى مدار طاقته أعلى وأبعد من النواة.
امتصاص الطاقة
تمتص ذرة الطاقة من الحرارة أو الضوء أو الكهرباء. تنتقل الإلكترونات من مستوى الطاقة الأقل إلى مستوى طاقة أعلى.
هذه الفكرة السابقة هي مبسطة عن امتصاص الطاقة في الذرة ولكن تعتبر الأساس في دور الذرة لإنتاج الليزر.
عندما ينتقل الإلكترون إلى المدار ذو مستوى الطاقة الأعلى فإنه ما يلبث أن يعود وينتقل إلى المستوى الطاقة الأدنى، وعندها فإن الإلكترون يحرر طاقة في صورة فوتون (ضوء).
تصدر الإلكترونات الفوتونات عند إثارتها، وعلى سبيل المثال عند تسخين معدن مثل سلك السخان الكهربائي فإن لونه يتحول من اللون المعتم إلى اللون المتوهج، وهذا التوهج ناتج من الفوتونات التي انطلقت بعد إثارة ذرات مادة سلك السخان الكهربائي. كذلك لو فكرنا في فكرة عمل شاشة التلفزيون فهي تعطي الصورة من خلال الفوتونات التي تنتجها مادة الشاشة (الفوسفور) عند إثارتها بشعاع إلكتروني.
يستنتج من ذلك أن الضوء ينتج من الفوتونات المنبعثة من إثارة إلكترونات الذرة وتعتمد لون الفوتون (لون الضوء) على طاقة الفوتون.
علاقة الذرة بالليزر المغولي
لتعريف مبسط لليزر يمكن الاعتماد على الشرح السابق بأنه جهاز يقوم بالتحكم في كيفية تحرير الذرات للفوتونات.
وكما ذكر فإن كلمة ليزر هي اختصار للجملة Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation والتي معناها يشرح بالتفصيل فكرة عمل الليزر، والذي يعتمد على كون الليزر ضوء مكبر بواسطة عملية تسمى الانبعاث الاستحثاثي للإشعاع، وهذا ما يقصد به التحكم بكيفية تحرير الذرة للفوتون.
بالرغم من وجود عدة أنواع من الليزر إلا أنها تشترك جميعها في نفس الخصائص. ففي الليزر توجد المادة التي تنتج الليزر تتم إثارتها بواسطة عملية ضخ pumping للإلكترونات من المستوى الأرضي إلى مستوى الإثارة. يستخدم للضخ الإلكتروني ضوء فلاش قوي أو بواسطة التفريغ الكهربائي، ويساعد هذا الضخ على تزويد أكبر قدر ممكن من الإلكترونات لتنتقل إلى مستويات الطاقة الأعلى فتصبح مادة الليزر مكونة من ذرات ذات إلكترونات مثارة ونسميها بالذرة المثارة. والجدير بالذكر أنه من الضروري جداً إثارة عدد كبير من الذرات للحصول على ليزر وتسمى هذه العملية بانقلاب التعداد أي جعل عدد الذرات المثارة في مادة الليزر أكبر من عدد الذرات الغير مثارة.
قلب التعداد أو ما يعرف باسم الإسكان المعكوس هو الذي يجعل الضوء الذي تنتجه المادة ليزراً وإذا لم تصل إلى مرحلة انقلاب التعداد يتم الحصول على ضوء عادي.
وكما امتصت الإلكترونات طاقة كبيرة من خلال عملية الضخ، فإن الإلكترونات هذه تطلق الطاقة التي امتصتها في صورة فوتونات أي ضوء بعد قضاء فترة العمر life time التي تقدر بنحو 10 أس -8 ثانية في المستوايات العليا والعودة إلى المستويات الأرضية وهذا ما يعرف باسم الانبعاث التلقائي، حيث تنتج فوتونات مختلفة الأطوال الموجية تنتشر في جميع الاتجاهات باختلاف الطور وتعتمد مصادر الضوء العادية على هذا النوع من الانبعاث.
في حالة الانبعاث المستحث التي تنبأ بها أينشتاين، تسقط الفوتونات الأولى الناتجة من عملية الانبعاث التلقائي أثناء وجود الوسط الفعال في حالة قلب التعداد أو الإسكان المعكوس على الإلكترونات المثارة بالفعل -أثناء قضاء فترة lifetime - وتقوم بحثها لتهبط الإلكترونات إلى مستوياتها الأرضية -بشرط أن تكون طاقة الفوتونات الساقطة مساوية للفرق بين مستويات الطاقة العليا والأخرى الأرضية - لتتولد أزواج من الفوتونات المنبعثة -الفوتونات الساقطة والفوتونات الناتجة عن الانبعاث المستحث - لها طول موجي محدد (ضوء بلون محدد) يعتمد على فرق مستويات الطاقة التي انتقلت بينها الإلكترونات المثارة. وإذا كان الانتقال لكافة الإلكترونات بين مستويي طاقة محددين كما هو موضح في الشكل أدناه، فإن كل الفوتونات المنبعثة سيكون لها نفس الطول الموجي.
الإلكترون باللون الأحمر مثار ينتقل إلى مستوى طاقة أدنى (الإلكترون باللون الأزرق) ويفقد طاقته في صورة فوتون.
ضوء الليزر
يختلف ضوء الليزر عن الضوء العادي حيث تكون له الخصائص التالية:
الضوء المنبعث أحادي اللون أي أن له طول موجي واحد. يحدد الطول الموجي لون الضوء الناتج وكذلك طاقته.
الضوء المنبعث من الليزر يكون متزامنا (أومترابط) أي أن الفوتونات كلها في نفس الطور مما يجعل شدة الضوء كبيرة فلا تلاشي الفوتونات الضوئية بعضها البعض نتيجة لاختلاف الطور بينها.
الضوء المنبعث له اتجاه واحد directional حيث يكون شعاع الليزر عبارة عن حزمة من الفوتونات في مسار مستقيم بينما الضوء العادي يكون مشتتا وينتشر في أنحاء الفراغ.
المسؤول عن هذه الخصائص هو عملية الانبعاث الاستحثاثي stimulated emission، بينما في الضوء العادي يكون الانبعاث تلقائياً حيث يخرج كل فوتون بصورة عشوائية لا علاقة له بالفوتون الآخر.
عملية الانبعاث التلقائي عملية الانبعاث المستحث
العامل المهم في إنتاج الليزر هو المرايا المثبتة على جانبي مادة إنتاج الليزر. تساعد المرايا على عكس بعض الفوتونات إلى داخل مادة الليزر عدة مرات لتعمل هذه الفوتونات على استحثاث الكترونات مثارة أخرى لتطلق مزيدا من الفوتونات بنفس الطول الموجي ونفس الطور، وهذه هي عملية التكبير للضوء light amplification. تصمم إحدى هاتين المرآتين لتكون عاكسيتها أقل من 100% لتسمح لبعض الفوتونات من الخروج عبرها وهو شعاع الليزر الذي نحصل عليه منها. مرآة عاكسة معامل انعكاسها 99.5% والأخرى مرآة شبه منفذة معامل انعكاسها 98.5%
في الشرح التالي سنرى مكونات الليزر من خلال شرح عمل ليزر الياقوتruby laser.
ليزر الياقوت Ruby Laser
مكونات ليزر الياقوت عبارة عن مصدر ضوء فلاش وساق من الياقوت ومرآتين مثبتتين على طرفي الساق. إحدى هاتين المرآتين لها مقدار انعكاس 90%. يعتبر المصدر الضوئي مسؤولاً عن عملية الضخ وساق الياقوت هو مادة إنتاج الليزر.
- مكونات ليزر الياقوت
- فرق جهد عالي يعمل على تزويد الفلاش بالطاقة الكافية لتوليد ضوء ذو شدة عالية ولفترة زمنية قصيرة. هذا الضوء يعمل على إثارة الذرات في بلورة الياقوت إلى مستويات الطاقة الأعلى.
- تطلق بعض الذرات فوتونات.
- تنطلق الفوتونات بموازاة محور ساق الياقوت لتصطدم بالمرآة وتنعكس إلى داخل الياقوت عدة مرات لتستحث إلكترونات أخرى لتطلق فوتونات.
- فوتونات بطول موجي واحد وفي تفس الطور ومتجمعة في حزمة تعبر من المرآة لتعطي ضوء الليزر.
نظام ليزر ثلاثي المستويات.
الشكل التالي يوضح تفاصيل عملية إنتاج الليزر من خلال نظام ذو ثلاث مستويات للطاقة.
تسلسل مراحل إنتاج شعاع ليزر
أنواع الليزر
يأتي الليزر بأنواع مختلفة حسب الاستخدامات وتنوع الليزر يأتي من تنوع المادة المستخدمة لإنتاجه. فهناك من المواد الصلبة والسائلة والغازية، ويعتبر نوع المادة الأساس الأكثر استخداماً للتمييز بين الأنواع المختلفة. ويسمى الليزر من خلال نوع المادة المستخدمة فمثلاً ليزر الهيليوم نيون He-Ne يعني أن المادة المستخدمة هي خليط من الهيليوم والنيون. وليزر الياقوت يعني أن المادة المنتجة لليزر هي الياقوت وهكذا بالنسبة لباقي الأنواع الأخرى. وهذه بعض الأمثلة لأنواع مختلفة لليزر:
ليزر الحالة الصلبة solid-state laser هو الليزر الذي ينتج بواسطة مادة أو خليط من مواد صلبة مثل الياقوت ruby أو خليط الألومنيوم واليتريم والنيودينيم neodymium:yttrium-aluminum ويسمى بليزر الـ TAG اختصاراً ويكون طوله الموجي في منطقة الأشعة تحت الحمراء.
ليزر الغاز Gas laser وهو يعتمد على مادة غازية مثل الهيليوم والنيون وغاز ثاني اكسيد الكربون وتكون اطوالها الموجية في مدى الأشعة تحت الحمراء وتستخدم في قطع المواد الصلبة لطاقتها العالية.
ليزر الإكسيمر Excimer laser وتطلق على أنواع الليزر التي تستخدم الغازات الخاملة(هذه معلومه خاطئة)مثل غاز الكلور أو الفلور(لأن الكلور والفلور ليست خاملة)أو الكربتون أو الأرجون. وتنتج هذه الغازات أشعة ليزر ذات أطوال موجية في مدى الأشعة فوق البنفسجية.
ليزر الأصباغ Dye laser، وهي عبارة عن مواد عضوية معقدة مثل الرودامين rhodamine 6G مذابة في محلول كحولي وتنتج ليزر يمكن التحكم في الطول الموجي الصادر عنه.
ليزر أشباه الموصلات Semiconductor laser، ويطلق عليه أحياناً بليزر الديود ويعتمد على المواد شبه الموصلة ويمتاز بحجم ليزر صغير ويستهلك طاقة قليلة ولذلك يستخدم في الأجهزة الدقيقة مثل أجهزة السي دي وطابعات الليزر.
يتميز الليزر بطوله الموجي فمثلا الطول الموجي لليزر الياقوت هو 694 nm، ويتم اختيار مادة الليزر بناء على الطول الموجي المطلوب كما في الجدول التوضيحي أدناه، فمثلاً يستخدم ليزر غاز ثاني أكسيد الكربون في قطع المعادن الصلبة لأن طوله الموجي في مدى الأشعة تحت الحمراء وهي أشعة حرارية إذا سقطت بتركيز على سطح معدن تذيبه.
نوع الليزر الطول الموجي لليزر (nm)
Argon fluoride (UV) 193
Krypton fluoride (UV) 248
Xenon chloride (UV) 308
Nitrogen (UV) 337
Argon (blue) 488
Argon (green) 514
Helium neon (green) 543
Helium neon (red) 633
Rhodamine 6G dye (tunable) 570-650
Ruby (CrAlO3) (red) 694
Nd:Yag (NIR) 1064
Carbon dioxide (FIR) 10600
تصنيفات الليزر
يصنف الليزر بأربعة تصنيفات تعتمد على خطورتها على الخلايا الحية. فعند التعامل مع الليزر يجب الانتباه إلى الإشارة التي توضح تصنيفه.
إشارة تحذير بوجود ليزر
التصنيف الأول Class I هذا يعني أن شعاع الليزر ذو طاقة منخفضة ولا يشكل درجة من الخطورة.
التصنيف الأول Class IA هذا التصنيف يشير إلى أن الليزر يضر العين إذا نظرنا في اتجاه الشعاع ويستخدم في السوبرماركت كماسح ضوئي وتبلغ طاقة الليزر الذي يندرج تحت هذا التصنيف 4 mW.
التصنيف الثاني Class II هذا يشير إلى ليزر ضوئه مرئي وطاقته لا تتعدى 1 mW.
التصنيف الثالث Class IIIA طاقة الليزر متوسطة وتبلغ 1-5 mW وخطورته على العين إذا دخل الشعاع المباشر في العين. ومعظم الأقلام المؤشرة تقع في هذا التصنيف.
التصنيف الثالث Class IIIB طاقة هذا الليزر أكثر من المتوسط.
التصنيف الرابع Class IV وهي أنواع الليزر ذات الطاقة العالية وتصل من 10 mW إلى 500 mW للشعاع المتصل بينما لليزر النبضات فتقدر طاقته بـ 10 J/cm2 ويشكل خطورة على العين وعلى الجلد واستخدام هذا الليزر يتطلب العديد من التجهيزات وإجراءات الوقاية.