محمد يحيى بن الشيخ الحسين ابن آد الرمضاني الجكني المعروف بلقبه الشائع (يحي لنا) .
ولد رحمه الله في منطقة آفطوط عند وادي أمًّردة سنة 1388هــ الموافق 1920م لأبيه الشيخ الحسين ولأمه آمنة بنت خطار بن الطالب اعلي.
محمد يحيى ولد الشيخ الحسين | |
---|---|
معلومات شخصية | |
تاريخ الميلاد | سنة 1920 |
تاريخ الوفاة | سبتمبر 3, 1987 |
الحياة العملية | |
المهنة | كاتب |
البيئة التي ولد فيها
ولد الشيخ محمد يحيى رحمه الله في وسط عشيرته بني رمضان إحدى بطون قبيلة تجكانت وقد عرف هذا البطن نوعا من الاستقرار ما بين منطقة آفطوط وتكانت الغنيتين بالزراعة وتنمية المواشي بأنواعها المختلفة، مما جعل المنطقة في ظروفها السلمية العادية من أكثر البلاد الموريتانية ازدهارا اقتصاديا لجودة تربتها وغزارة مياهها الموسمية والجوفية وتنوع نشاط سكانها الذين يمثلون قبائل مختلفة آنذاك مثل قبيلة "تجكانت" وقبيلة "إدوعيش" و "إدوعلي" و "لمتونة" و "مسومة" ... و إذا كانت هذه الأسباب الطبيعية وغيرها مؤثرة في حالة المال جمعا وتوزيعا حتى شاع في هذه المنطقة أغنياء وأجاويد فإن ذلك لم يحول أنظار سكان المنطقة عن أهمية العلم والتدريس فكانت المزرعة إلى جانب المحظرة وظلت الناقة والجمل وسيلة طبيعية لنشر العلم واحتكاك الكلبة بالعلماء. وهكذا فقد ساعد ذلك في مسيرة الثقافة الإسلامية العربية من خلال مدارس عريقة ضاربة بجذورها في تاريخ البلاد مثل مدرسة أهل آدو التي أنجبت الشيخ محمد يحيى وغيرها من المدارس العلمية ذات الفنون المتنوعة...
نشأته العلمية
نشأ الشيخ محمد يحيى على يد والده الشيخ الحسين الذي اهتم بتريته وتعليمه وأحاطه منذ اللحظة الأولى بعناية فائقة مما يدل على أن الفراسة الأولى تدل على أن محمد يحيى سيكون له شأن في أسرته وبين أقرانه ولذلك باشر الشيخ الحسين تعليمه القرآن الكريم بنفسه وقد أرسله في بعض الأحيان إلى أحد تلامذته مثل الأمين بن الطالب محمد أو محمد المختار بن السالم ولكن الشيخ الحسين في هذا الحال لا يصبر على غياب محمد يحيى عته ولو إلى عريش التلاميذ فتارة يرسل إليه من يأخذه من معلمه وتارة يذهب هو بنفسه وتارة يستبطئه فإذا بشر بقدومه قال كلمته المألوفة "الدنيا كملت". و إذا كان معلموا محمد يحيى الولد الصغير يرون أن ذكاء بن شيخهم محدود وأنه يمثل شذوذا على قاعدة أسرته المميزة فإن محمد يحيى وهو صغير يفكر بعقل كبير يدل على خلفية الذكاء ولذلك لا حظ خطورة التدليل على مستقبل حياته العلمية ففكر في الخروج إلى المحاضر القصوى لتعلم فيها القرآن وعلومه وهنا يقف محمد يحيى على صغر سنه وقفة تأمل ليختار من بين معلميه الذين تخرجوا وأسسوا لأنفسهم محاضر أو خلايل مدرسة جديدة ولعله لا حظ في طبيعة اختياره أمرين: أولهما البعد عن الأهل وثانيهما جدية المعلم في معاملته وبعده عن المجاملة والتدليل ولهذا السبب فقد قرر أن يذهب إلى محمد المختار بن السالم القاطن بأرض "الرقيبة" التابعة لمدينة كيفه ومن أجل أن يؤمن محمد يحى خروجه من بين أبوين لا يصبران على غيابه لحظة فقد أقنع كلا منهما بأن الأخر عزم على إرساله إلى معلمه فلان وهكذا نجحت حيل الولد المفكر فاستقبله معلمه بحفاوة بالغة وباشر معه مسؤوليته با عتباره ولد شيخ حازم أرسله إليه وقرة عين أم حنون آثرت غربته ليتعلم على يده وعليه فقد فهم الشيخ محمد المختار بن السالم أن واجبه أن يكون لذلك الولد الصغير صديقا مونسا ومعلما ومؤدبا ومربيا حكيما وكان يقول: "ما أرسلك أبوك إلي إلا لأعلمك طباع الرجال وأدربك على مختلف أعمالهم". و هكذا تلتقي ممارسة محمد المختار بن السالم مع اختيار محمد يحيى فكانت هذه المرحلة من حياة محمد يحى رمزا على مستقبل حياة العلم والرجولة.
يحيانا في المعهد العالي
في سنة 1979 جاء إلى انواكشوط لمعالجة إببنته وصادف ذلك افتتاح المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية وكانت وزارو العدل والتوجيه الإسلامي تبحث له عن أساتذة من العيار الثقيل لأنها أرادته صرحا نوعيا يخرج القضاة والأساتذة الأكفاء فعلم الأمين العام للوزارة أحمد ولد عبد الله بوجود الشيخ " يحيانا " فوجدها فرصة ذهبية لرفد المعهد بطاقة من حجمه فزاره مع مدير المعهد الأستاذ اسلمو ولد سيد المصطف وبعض الوجهاء وبعد جهد جهيد وأخذ ورد أقنعوه بضرورة التدريس فاستقر بانواكشوط وبدأ رحلة العطاء وابتكر طريقة تربوية تسير في ظلال المتون وتأتي بزبدة الفنون كان يعطي لكل قسم ما يناسبه ولم يكن يحضر الدروس ولا يفتح كتابا وإنما يبدأ الدرس بعبارته المعهودة " بسم الله " فيتقاطر العلم سلسلا من سلسل وكان يحفظ بالضبط أين انتهي في درسه السابق في كل قسم وفصل دون أي خلل ولو طال الزمان، ولكم اشتاق الطلبة لعبارته تلك " بسم الله " . كان بالإضافة للمعهد العالي يقدم دروسا في معهد رابطة العالم الإسلامي والمعهد العلمي السعودي، وعمل في لجنة صياغة القانون الموريتاني وفق الشريعة الإسلامية - الفقه المالكي – كما كان عضوا في لجنة مراقبة الأهلة ولجنة تكوين عمال وموظفى بنك البركة . ذهب سنة 1983 إلى السعودية رئيسا للجنة المشرفة على الإفتاء للحجاج الموريتانيين وزار دولة الإمارات العربية المتحدة سنة 1984 في بعثة العلماء لإحياء شهر رمضان ضيفا لدى رئيسها الشيخ زايد فقدم عدة محاضرات، وسافر إلى السينغال وفرنسا للعلاج تخرج على يديه الكثير من العلماء والقضاة والأساتذة من أبرزهم ابن عمه الشيح محمدالعاقب ولد ءادو شيخ محظرة أهل آدّو من بعده وابن أخته القاضي محمد الأمين ولد محمد بيب العلوي ومحمد المختار ولد امباله وأبوبكر ولد أحمد وأحمدو ولد الراضي وسعدنا ولد اعل سالم والفالي ولد المزروف ومحمد فاضل ولد محمد الأمين ومحمد يسلم ولد الدمين وغيرهم ..
نهاية علم
مساء يوم الخميس التاسع من محرم 1408 هـ الموافق 3 سبتمبر 1987 م توفي الشيخ محمد يحيى ولد الشيخ الحسين ودفن في انواكشوط بعد عمر حافل بالعبادة والعطاء، له من زوجته الفاضلة أمّتو بت سيدي عالي ثلاثة أبناء وست بنات، خلف رحمه الله الكثير من المحاضرات والفتاوى جمعها تلميذه القاضي يسلم ولد ديدي، خلف علما غزيرا بثه في قلوب الرجال لن ينقطع عمله منه إن شاء الله، كتب عنه محمد المصطفى ولد الندى رحمه الله وكتب عنه القاضي محمد يحظيه ولد المختار الحسن وكُتب عنه في مجلة الشعاع الصادرة عن المعهد العالي وجريدة الشعب، إلا أن هذه المبادرات الشخصية لاتكفي . ذلك رجل ..من علماء البلد الكبار لم ينل حظه من التكريم أعطى في تواضع جم ونكران كبير للذات ورحل في صمت كما رحل يرحل جل العظماء ..