مخاطر المصرف Bank Risks [1] بالإضافة إلى الاهتمام بنسبة المردود من حقوق الملكية، فانه لا بد من اهتمام إدارة المصرف بنوعية المردود أي بدرجة تقلبه، وامكانية التنبؤ بذلك التقلب.تعزى تقلبات المردود إلى تقلب كل من المردود من الموجودات والرافعة. ذلك لأن الرافعة (كونها مضاعف) تترجم التغيرات الصغيرة في نسبة المردود من الموجودات إلى تغيرات كبيرة في نسبة المردود من حقوق الملكية. كما أن التغيرات في نسبة العئد من الموجودات هي دالة(Function) من العوامل القابلة للسيطرة وتلك غير القابلة للسيطرة.
مخاطرة السيولة Liquidity Risk
لابد للمصرف من مواجهة الطلب على السيولة الناشئ عن رغبة العملاء في سحب جزء من ودائعهم، أو في حصولهم على القروض. ويقوم النظام المصرفي المعاصر على قاعدة الاحتياطات الجزئية Fractional Reserves حيث يستقطع جزء من الودائع المنسابة للمصرف ويحتفظ به لدى المصرف المركزي كاحتياطي قانوني نقدي. هذا بالإضافة إلى ما يحتفظ به المصرف لنفسه من احتياطي نقدي اختياري (في الصندوق ولدى المصرف المركزي ولدى المصارف الاخرى وبخاصة المراسلة، مقابل الخدمات التي يحصل عليها منها).
يؤلف النقد في الصندوق ولدى المصارف (المصرف المركزي والمصارف الاخرى) والفقرات برسم التحصيل ما يسمى ب "الاحتياطات الأولية" Primary Reserves وهي تؤلف خط الدفاع الأول في سيولة المصرف . أما خط الدفاع الثاني فيتألف من الاحتياطات الثانوية، وهي استثمارات قصيرة الاجل، وتمتاز بالبيعية العالية (السيولة) والمردود المتواضع، وتمتاز عن الاحتياطات الأولية بوجود المردود، فهي تباع عندما تشتد طلبات السحب على المصارف غير أن تصفيتها (أو جزء منها) يفقد المصرف جزءا من ايراداته المستقبلية. أضف إلى ذلك انه إذا كانت أسعار الفائدة مرتفعة (أسعر الاستثمارات منخفضة) فان الاحتياطات الثانوية ستباع بخسارة Trading Loss. أما إذا بيعت لغرض اشباع الزيادة في الطلب على القروض، فان ايرادات المصرف ترتفع إذا كان المردود من القروض هو أعلى من المردود من الاستثمارات.
وعندما يقرض المصرف عملية فانه يسجل القرض في البداية كفقرة دائنة ضمن الودائع (مقابل كون العميل مدينا) وعندما يبدأ العميل بالسحب فان على المصرف تدبير السيولة اللازمة لمواجهته فاذا كانت أرصدته النقدية (بالصندوق ولدى المصارف) غير كافية فان أمامه سبيلان: أولهما الاقتراض بأسعار الفائدة السائدة في السوق، والثاني بيع جزء من الاستثمارات، ويستعمل السبيل الثاني إذا كان النقص في السيولة يتسم بالديمومة.وينشأ عن ازدياد أساسي في الطلب على القروض.
وهكذا فادارة مخاطر السيولة عملية معقدة، إذ أن أمام المصرف مصدران للسيولة هما: الموجودات والمطلوبات. وإذا كان المصرف يمتلك استثمارات قابلة للبيع لمواجهة الطلب على السيولة، فان تلك المخاطر تنخفض غير أن مسك هكذا استثمارات سائلة يؤدي إلى تخفيض المردود لأن المصرف يستطيع تحقيق مردود أعلى من القروض والاستثمارات الأطول أجلا. أما المصدر الثاني للسيولة فهو الاقتراض من الغير، وهذا ما تفعله المصارف الكبيرة عندما تواجه الطلب المتزايد على السيولة، وبالتالي فهي توظف نسبا أعلى من موجوداتها في القروض (ذات الربحية الاعلى).
اذن فالمصارف لا تستطيع تعظيم عوائدها بسبب قيود السيولة على عملياتها، ولابد ان يكون المصرف ساهرا على سيولته. فالسيولة المرتفعة تعني التضحية بالعائد في حين أن السيولة المنخفضة تجبره على الاقتراض، وقد يفعل ذلك في ظروف غير مواتية تتسم بارتفاع أسعار الفائدة في الوق مما يعني الرتفاع مصروفاته وتقليل الدخل الصافي.
مخاطر سعر الفائدة Interest Rate Risk
هي المخاطر التي يتحملها المصرف بسبب تقديمه قرضا بسعر الفائدة السائد الآن مغطى بتمويل حصل عليه بسعلر فائدة معروف ثم اضطراره خلال أجل القرض إلى اعادة تمويله بسعر فائدة أعلى. فاذا كان سعر الفائدة الذي يفرضه المصرف على القرض ثابتا، ويرتفع سعر اعادة التمويل فان المردود الصافي الذي يحققه المصرف سوف ينخفض. ذلك لأن "توقيت" تقديم القروض لا يتوافق مع "توقيت" فرص حصول المصرف على الودائع. وهكذا يتعرض المصرف إلى درجة من التقلبات في أرباحه بسبب تقلبات أسعار الفائدة.
يمكن ضمن حدود معينة أن تستطيع إدارة المصرف ممارسة السيطرة على مخاطر سعر الفائدة من خلال:
- المقابلة أو التطابق Matching: بين الموجودات والمطلوبات أي توظيف مصادر التمويل الحساسة لسعر الفائدة Interest-Sensitive في موجودات حساسة لسعر الفائدة أيضا. فالاثنان يتغيران سوية بحسب أسعار الفائدة السائد في الأسواق.
- تكييف محفظتي موجوداته ومطلوباته Adjustment: خلال التقلبات في أسعار الفائدة، فلو انخفضت أسعار الفائدة فان القروض التي سبق أن قدمها المصرف بأسعار فائدة ثابتة، والممولة بمصادر حساسة لأسعار الفائدة، ستحقق أرباحا أعلى للمصرف بسبب الفارق Spread في أسعار الفائدة لصالح المصرف. هذا قياسا بتمويل القروض المذكورة بمصادر ذات أسعار فائدة ثابتة.
- استخدام أدوات الوقاء من مخاطرة سعر الفائدة وهي المشتقات Derivatives: هو المؤشر الذي يدل على قدرة المصارف المعاصرة على تقليل الآثار السلبية لتقلبات أسعار الفائدة هو نسبة (الموجودات الحساسة لسع الفائدة/المطلوبات الحساسة لسعر الفائدة). فالحساسية لسعر الفائدة لسعر الفائدة هي بالتعريف درجة تقلب أسعار في السوق أي بم ينسجم والانجاهات السائدة. ولذلك فلو تم تحليل الموجودات والمطلوبات في أية نقطة زمنية فان إدارة المصرف تستطيع تحديد دلرجة "عدم التوازن" Imbalance في مجال المقابلة بين الموجودات "الحساسة سعر الفائدة" مع المطلوبات "الحساسة لها" ويتطلب الأمر هنا حساب النسبة أعلاه أولا ثم تحديد وضع المصرف بشأنها في ضوء الأسعار السائدة والمرتقبة.
المخاطرة الائتمانية Credit Risk
تتضمن المخاطر الائتمانية درجة التقلب في الأرباح التي يمكن أن تنشأ نتيجة لخسائر القروض والاستثمارات المتمثلة بالديون المعدومة والنكولز ويمكن لإدارة المصرف التقليل من هذه المخاطر من خلال انتهاج سياسة إقراضية متحفظة غير أن ذلك يؤدي بالمقابل إلى عدم تقديم بعض القروض المربحة، ومن الصعب تقديم المخاطرة الائتمانية بدون الفحص الدقيق لمكونات محفظة القروض. و من بين أهم العوامل المؤثرة في هذه المخطرة: تنويع القروض حسب شرائحها، وتنويعها قطاعيا وجغرافيا، ووجود الضمانات (بما في ذلك هامش الضمانة الذي يجعل قيمتها تفوق قيمة القرض) وتطبيق المعايير الائتمانية السليمة.. ونظراً إلى أن القروض تقدم في أسواق تنافسية، فإن المردود الأعلى يتحقق بوجه عام، مقابل تحمل المصرف للمخاطرة العلى اي أن المصرف يستطيع زيادة العئد المتوقع وذلك بتقديم القروض للعملاء الأعلى مخاطرة مع فرض أسعار الفائدة الأعلى عليهم تعويضا ً له عنها، وللتخفيف من آثار المخاطرة الائتمانية الأعلى فإن بإمكان المصرف طلب الضمان الكافية التي يعمل عليها كوسيلة لاستعادة القرض عند عجز المقترض عن الوفاء بالتسديدات عليها.
كما يمكن تقليل المخاطرة الغئتمانية من خلال التنويع حسب شرائح القروض وكذلك قطاعيا وجغرافيا، ذلك لأن التنويع يحمي المصرف من تكدس المخاطرة risk congestion or concentration. فلو قام المصرف بتركيز قروضة في قطاع معين، فإن أي خلل في ذلك القطاع، (مرتبط بخصوصياته) يؤدي إلى آثار ملحوظة أو مهمة على أرباح المصرف.
مخاطر سعر الصرف Foreign Exchange Risk
وهي مخاطرة تقلب أسعار بيع وشراء (تبادل) العملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية في حالة امتلاك المصرف لموجودات مقومة بالعملات الأجنبية، هذا خاصة وأن أسواق العملات الأجنبية أخذت تشهد تقلبات حادة في الآونة الأخيرة ز
مخاطرة رأس المال Capital Risk
تعكس مخاطرة رأس المال رجة الرافعة المالية التي يستخدمها المصرف. أسمال المصرف (أو حقوق الملكية) يستعمل لحماية الدائنين (المودعين بالدرجة الأولى) ضد الخسائر العاملة التي قد يتعرض لها، ولذلك فمقدار رأس المال اللازم لحماية الدائنين يرتبط بنوعية أو درجة المخاطرة التي يتضمنها توظيف الأوال في الموجودات.
يمكن بهذا الخصوص تبويب موجودات المصرف في مجموعتين هما: الموجودات الخالية من المخاطرة Risk Free Assets (أو غير الخطرة) و الموجودات ذات المخاطرة Risk Assets (أو الخطرة) و تتضمن الموجودات الخالية من المخاطرة التزامات الدولة (الحكومة المركزية) و التزامات الحكومات المحلية والبلديات و منشآت القطاع العام، بشرط أن تكون الأخيرة مضمونة من قبل الدولة هذا إلى جانب الموجودات النقدية. أما الموجودات ذات المخاطرة فتشمل القروض والإستثمارات و الاحتياطيات الثانوية (غير المضمونة من قبل الدولة) و المباني والمعدات (ذات مخاطرة السيولة). و عند تقدير مخاطرة رأس المال فإنه لابد من الربط بين حجم رأس المال من جهة، ونوعية الموجودات ذات المخاطرة. إذ ينبغي أن يتم توفير حماية أكبر مقابل تلك الموجودات، متمثلة بحجم أكبر من رأس المال وذلك لمواجهة الخسائر المحتملة منها. كما أن رأس المال يرتبط بمخاطرتي السيولة وسعر الفائدة المشار إليها أعلاه.
المخاطرة الأخرى Other Risks
بالإضافة إلى الأنواع الخمسة الأساسية من المخاطرة المشار إليها سابقاً فإن هناك مخاطر أخرى يتعرض لها المصرف وهي في الغالب قابلة للتأمين عليها كلياً أو جزئياً، ومن بين أهم أنواع هذه المخاطر التزوير والاختلاسات التي يتورط بها الأفراد العاملون في المصرف وأعمال السطو (النهب) واختراق أمن الحاسوب وغيرها (و هي حوادث تستقطب في الغالب واهتمامات الجمهور). و لابد لإدارة المصارف من إتخاذ إجراءات الحيطة والحذر من هذه المخاطر.
المراجع
- كتاب ادارة العمليات المصرفية (المحلية والدولية)