مسجد النظامية أكبر مسجد ومجمع إسلامي بُني على الطراز العثماني بنصف الأرض الجنوبي، يقع في كيب تاون بدولة جنوب أفريقيا.[1]
قصة بناء المسجد
بدأ تشييد مسجد النظامية في 1 أكتوبر 2009 في مدينة جوهانسبرغ في (جنوب إفريقيا)؛ ليَفتتحه رسميًّا رئيس الجمهورية (جاكوب زوما) عام 2012، ويُشاركه في لحظات الاستِعدادات الأخيرة قبل الافتتاح (ظفر تشاغليان) وزير الاقتصاد التركي.
تمَّ افتتاح المسجد العظيم بحضور حشودٍ مِن الأتراك المُقيمين في (جنوب إفريقيا)، والمسلمين المحليِّين ذوي الأصول الهندية، كما جاء أكثر من مائتي شخصٍ من تركيا خصيصًا ليكونوا في حديقة مسجد النظامية في الساعات الأولى من الصباح الباكر في اليوم التالي للافتتاح.
شُيِّد مسجد النظامية ليكون توءمًا مُصغَّرًا بنسبة 80% من مسجد السليمية الواقع في مدينة (أدرنه) التركية، والذي يعدُّ أحد أهم الآثار الفنية للمهندس المعماري المتميز (سنان باشا)، وبُني مسجد النظامية على قطعة أرض مساحتها مائة فدان في منطقة (مدراد)، الواقعة بين العاصمة الإدارية (بريتوريا)، والمدينة التجارية الأولى (جوهانسبرغ)، ولدى المسجد أربع مآذِن يَبلُغ ارتفاع كلٍّ منها 55 مترًا، ويُقدِّم المسجد خِدماته حاليًّا للمسلمين بصحنِه الفسيح وطابقه الأرضي، الذي يَحوي قاعة مؤتَمرات وصالةً للطعام، يتَّسع كل منهما لألف شخصٍ، ويَشعر الفرد في مسجد النظاميَّة وكأنه في أحد المدارس الدينية العثمانية القديمة؛ بما يوجد حول المسجد مِن سوق تركيٍّ، ومدرسة تُركيِّة، وعيادة ذات عشر حجرات تمَّ إضافتها للمَجمع بناءً على رغبة (نيلسون ماندلا)، وبخلاف ذلك هناك تجهيزات تجري في ساحة واسعة خلف المسجد؛ مِن أجل بناء كلية للعلوم الشرعية على الطراز الحديث لتُدرِّس العلوم الإسلامية.
ويَلفت مسجد النظامية الانتباه إليه بكل جوانبه منذ أن بدؤوا في وضع أساساته، والآن صار مزارًا يَقصِده آلاف الناس في عطلات نهاية الأسبوع، فالعائلات من سكان المنطقة الجنوب الإفريقي تزوره في العطلات، ولا يُغادرون دون زيارة السوق التركيِّ الذي لم تُفتَتح كل محلاته بعد؛ حيث إن الديكورات الداخلية للمطعم الذي يُقدِّم أطيب أكلات المطبخ التركيِّ التقليدي على وشك الانتهاء، ومِن المُتنظَر أن يُشكِّل المطعم عامل جذب كبير بقبَّته المزينة بزخارف فنية تُشبه تلك الموجودة في مسجد النظامية.
ويَبدو مسجد النظامية مرتفعًا مِن فوق ربوة عالية تُطل على طريق N1 السريع، وهو واحد مِن أكثر الطرق ازدحامًا في جنوب إفريقيا، وتتلألأ أنوار المسجد في المساء لتَخلب ألباب المارة مِن بعيد فيُعجب به مَن لم يَزرْه مِن قبْل.
قصة المسجد من أمريكا إلى جنوب إفريقيا
إن قصة مسجد النظامية الذي تمَّ تشييده بسرعة في غضون ثلاث سنوات، لهي قصة مُثيرة للاهتمام؛ فهناك رجل أعمال يُقيم في إسطانبول يُدعى (علي قاطيرجي أوغلو)، كان يُفكِّر أن الطراز المعماري لأجداده لم يصل إلى ما أسفل خط الاستواء أو إلى أمريكا، فقرَّر أن يُشيِّد مسجدًا عثمانيًّا ضخمًا فيما وراء المحيط أولاً، فظلَّ يسافر إلى ومِن أمريكا لمدة ثلاث سنوات حتى لُقِّب بالرحّالة، لكنه لم يستطع الحصول على التصريحات اللازمة للبناء، وبالتالي لم يستطع البدء في بناء المسجد في أمريكا، فجاء إلى جنوب إفريقيا بناءً على توصية مِن صديقه المقرَّب الشيخ (فتح الله جولان)، وبحد تعبير (قاطيرجي أوغلو): "ما لم يتمَّ في ثلاث سنوات انقضى في أسبوع واحد"؛ حيث حصل على قطعة أرض بعدما أعطته البلدية كافة التصريحات، وبدأت عمليات الحفر الأولى لهذا المشروع الهائل خلال فترة زمنية قصيرة.
التفاصيل اللافتة للنظر في مسجد النظامية
استهلك بناء مجمَع النظامية 13 ألف متر مكعب مِن الخرسانة، ويدخل مسجد النظامية ضمن أكبر المساجد التي تمَّ بناؤها منذ عهد الدولة العثمانية بقبابه الكبيرة التي ترتفع عن الأرض بـ 34 مترًا، ويَبلغ قطرها 24 مترًا، ويَنبهِر الزائرون بما يَحويه المسجد مِن أجمل نماذج الخط العربي والزخارف الفنية، وكذلك الأواني الصينية والسجاجيد، كما تَبرُز أعمال الرخام في المجمَع بأسرِه، وللمسجد ثلاثة أبواب كبيرة، وأكثر مِن 200 نافذة، ويُمكن للزائرين أن يُشاهِدوا بعضًا مِن مُتعلقات الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - وكذلك لوحات لأكبر الآثار الإسلامية حول العالم؛ مثل: مدينة إسطانبول، وتاج محل، وذلك في معرض الفنون الإسلامية بصحن المسجد، ويَستضيف مجمع النظامية مِن الآن تنظيمات كبيرة بقاعاته وحجراته الهائلة التي تتَّسع لألف شخص والموجودة في الطابق الأرضي، وهذا ما لم يكن موجودًا في المخطوط الأصلي لمسجد السليمية، ووفقًا لما صرح به المسؤولون: يُمكن للمسلمين أن يُقيموا مأدبات الزفاف في الطابق السُّفليِّ، حتى إنه بدأ حجز القاعات مِن أجل مؤتَمرات كبيرة للعلم والدين.
الملايين تُشاهِد مسجد النظامية
طبقًا لما قاله مسؤولو ولاية (جوتنج)؛ حيث يقع مسجد النظامية، يُعدُّ طريق N1 الذي يَمرُّ أمام المسجد واحدًا مِن أكثر الطرُق السريعة حيويَّةً على مستوى العالَم، ويرى مسجد النظامية مئات الآلاف من المسافرين ممَّن يُقيمون في العاصمة الإدارية (بريتوريا) ويَتردَّدون على المدينة التجارية (جوهانسبرغ)، وعلاوةً على ذلك يَمرُّ مسار أول مترو أنفاق في جنوب إفريقيا أمام مسجد النظامية مِن فوق الأرض، فيستطيع جميع الركاب مشاهَدة المسجد بكامل عظمته.
ورود النظامية
لقد تكفَّل (علي قاطيرجي أوغلو) وحده ببناء مسجد النظامية، وهو معروف في جنوب إفريقيا باسم (العمّ علي)، وبدأ العمُّ علي في تربية الحَمام منذ وضع أساسات المسجد، والآن وصل عدد الحمام إلى 300 حمامة، وبخلاف ذلك يُعدُّ (قاطيرجي أوغلو) مِن المُعجَبين بالورود، فزرَع في حديقة المسجد أكثر مِن ألفي وردة، كما زرع 500 شجرة ونخلة بدأت في الارتفاع مِن حول المسجد.
إن مسجد النظامية ليس أكبر مسجد في جنوب إفريقيا فحسب؛ وإنما في جميع الدول الواقعة جنوب الصحراء الكُبرى أيضًا، وهو يَجذب إليه عددًا كبيرًا مِن الزائرين، لا سيَّما في شهر رمضان المبارك؛ حيث يُقدِّم المسجد في رمضان إفطارًا خفيفًا مثل التمر والحساء؛ ليَتناسب مع الطراز العثماني، كما تُقام صلاة التراويح ويُختَتم القرآن الكريم فيها خلال الشهر الكريم، ويوفِّر المسجد كذلك للسيدات إمكانات واسِعة في الطابق العُلويِّ المُخصَّص لهن.
وخُصِّص مكان لمقبَرة في الأيام الأولى لعمليات حفر مسجد النظامية؛ لتكتمل هذه المقبرة مع انتهاء المسجد، وتمَّ نقل جثمان أول دبلوماسي تابع للدولة العثمانية استُشهد في جنوب إفريقيا، ويُدعى (محمد رمزي أفندي) إلى النظامية بعد حوالي مائة عام مِن استشهاده[2].
مراجع
- مسجد النظامية معلم عمراني هام في جنوب أفريقيا على يوتيوب - قناة الجزيرة
- مسجد النظامية - شبكة الألوكة 19/12/2012 ميلادي - 6/2/1434 هجري. نسخة محفوظة 25 فبراير 2013 على موقع واي باك مشين.