الرئيسيةعريقبحث

معركة ملاذكرد


☰ جدول المحتويات


معركة ملاذكرد (بالتركية: Malazgirt Meydan Muharebesi) هي معركة دارت بين الإمبراطورية البيزنطية والسلاجقة الأتراك في 26 أغسطس 1071 بالقرب من ملاذكرد (ملازغرد حاليا في محافظة موش، تركيا). لعبت الخسارة الحاسمة للجيش البيزنطي وأسر الإمبراطور رومانوس الرابع ديوجينيس[10] دورا مهما في ضعضعة الحكم البيزنطي في الأناضول وأرمينيا،[11] وسمحت بالتتريك التدريجي للأناضول.

معركة ملاذكرد
نبرد ملازگرد
جزء من الحروب السلجوقية–البيزنطية
131 Bataille de Malazgirt.jpg
منمنمة فرنسية تعود إلى منتصف القرن الخامس عشر تصور معركة ملاذكرد، يرتدي المقاتلون الدرع الأوروبي الغربي الحديث.
معلومات عامة
التاريخ 26 أغسطس 1071/الجمعة 28 ذي القعدة 463 هـ
البلد Flag of Turkey.svg تركيا 
الموقع بالقرب من ملاذكرد، ثيمة إيبيريا[1][2] / أرمينيا البيزنطية[3][4]
(ملازغرد، تركيا حاليا)
39°08′41″N 42°32′21″E / 39.144722222222°N 42.539166666667°E / 39.144722222222; 42.539166666667 
النتيجة
  • انتصار سلجوقي حاسم
  • تتريك الأناضول
المتحاربون
الإمبراطورية البيزنطية الدولة السلجوقية
القادة
رومانوس الرابع ديوجينيس  (أ.ح)
نيكفوروس برينوس
ثيودور ألياتس
أندرونيكوس دوكاس
ألب أرسلان
أفشين بيه
أرتق بيه
سليمان بن قتلمش
الوحدات
مرتزقة فرنسيون، إنجليز، نورمان، جورجيون، أرمن، بلغار، وأتراك بجناكيون وكومانيون بجناكيون وكومانيون
القوة
150.000[5] إلى 200000[6] 20.000[7] إلى 30.000[8]
الخسائر
قتلى: 2.000[9] إلى 8.000[7]
  • كل الحرس المسيحي تقريبا (المرتزقة الاسكندنافيين والأنجلو ساكسونيين)
  • 2.000 من المرتزقة الأتراك الذين ظلوا موالين للإمبراطورية البيزنطية

أسرى: 4.000[9]
هاربين: 20.000 إلى 35.000

  • خصوصا المرتزقة الفرنسيين والنورمان الذين تجنبوا الدخول في المعركة
غير معروف

الاستعداد للمعركة

جهّز الإمبراطور البيزنطي رومانوس جيشًا ضخمًا يتكون من مائتي ألف مقاتل من الروم والروس والكرج والأرمن والخزر والفرنجة والبلغاريين[12]، وتحرك بهم من القسطنطينية عاصمة دولته واتجه إلى ملاذكرد حيث يعسكر الجيش السلجوقي.

أدرك ألب أرسلان حرج موقفه؛ فهو أمام جيش بالغ الضخامة كثير العتاد، في حين أن قواته لا تتجاوز عشرين ألفًا[12]، فبادر بالهجوم على مقدمة جيش الروم، ونجح في تحقيق نصر خاطف يحقق له التفاوض العادل مع إمبراطور الروم؛ لأنه كان يدرك صعوبة أن يدخل معركة ضد جيش الروم؛ فقواته الصغيرة لا قبل لها بمواجهة غير مضمونة العواقب، فأرسل إلى الإمبراطور مبعوثًا من قبله ليعرض عليه الصلح والهدنة؛ فأساء الإمبراطور استقبال المبعوث ورفض عرض السلطان، وطالبه أن يبلغه بأن الصلح لن يتم إلا في مدينة الري عاصمة السلاجقة.

الاستعداد للقاء

أيقن السلطان ألاَّ مفر من القتال بعد أن فشل الصلح والمهادنة في دفع شبح الحرب؛ فعمد إلى جنوده يشعل في نفوسهم روح الجهاد وحب الاستشهاد، وأوقد في قلوبهم جذوة الصبر والثبات، ووقف فقيه السلطان وإمامه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري يقول للسلطان مقوِّيًا من عزمه: إنك تقاتل عن دينٍ وعد الله بنصره وإظهاره على سائر الأديان، وأرجو أن يكون الله قد كتب باسمك هذا الفتح، فالقِهم يوم الجمعة بعد الزوال، في الساعة التي يكون الخطباء على المنابر، فإنهم يدعون للمجاهدين بالنصر، والدعاء مقرون بالإجابة.

وحين دانت ساعة اللقاء في (آخر ذي القعدة 463 هـ/ أغسطس 1071 م) صلّى بهم الإمام أبو نصر البخاري، وبكى السلطان، فبكى الناس لبكائه، ودعا ودعوا معه، ولبس البياض وتحنط، وقال: إن قتلت فهذا كفني.

أحداث المعركة

أحسن السلطان ألب أرسلان خطة المعركة، وأوقد الحماسة والحمية في نفوس جنوده، حتى إذا بدأت المعركة أقدموا كالأسود الضواري تفتك بما يقابلها، وهاجموا أعداءهم في جرأة وشجاعة، وأمعنوا فيهم قتلاً وتجريحًا، وما هي إلا ساعة من نهار حتى تحقق النصر، وانقشع غبار المعركة عن جثث الروم تملأ ساحة القتال.

رسم يُظهر معركة ملاذكرد

في المعركة خطب السلطان في جنوده قائلاً:

" إنني أقاتل محتسباً صابراً. فإن سلمت فنعمة من الله عز وجل وإن كانت الشهادة فهذا كفني..، أكملوا معركتكم تحت قيادة ابني ملكشاه "

ولما تقارب الجيشان طلب السلطان من امبراطور الروم الهدنة فرفض، فخطب السلطان في جنوده قائلاً:

" من أراد الإنصراف فلينصرف. ما ها هنا سلطان يأمر وينهي "

ثم ربط ذيل فرسه بيده وفعل العسكر مثله ولبس البياض وقال :

" إن قتلت فهذا كفني "

[13]

ووقع الإمبراطور البيزنطي أسيرًا في أيدي السلاجقة، وسيق إلى معسكر السلطان ألب أرسلان الذي قال له: ما عزمت أن تفعل بي إن أسرتني؟ فقال: أفعل القبيح. فقال له السلطان: فما تظن أنني أفعل بك؟ قال: إما أن تقتلني وإما أن تشهر بي في بلاد الشام، والأخرى بعيدة وهي العفو وقبول الأموال واصطناعي نائبًا عنك. فقال السلطان: ما عزمت على غير هذا.

إطلاق سراح الإمبراطور البيزنطي

أطلق السلطان ألب أرسلان سراح الإمبراطور البيزنطي بعد أن تعهد بدفع فدية كبيرة قدرها مليون ونصف دينار، وأن يطلق كل أسير مسلم في أرض الروم، وأن تعقد معاهدة صلح مدتها خمسون عامًا، يلتزم الروم خلالها بدفع الجزية السنوية، وأن يعترف الروم بسيطرة السلاجقة على المناطق التي فتحوها من بلادهم، وأن يتعهدوا بعدم الاعتداء على ممتلكات السلاجقة.

ثم أعاد السلطان غريمه وأسيره الإمبراطور البيزنطي إلى بلاده، وخلع عليه خلعة جليلة، وخصص له سرادقًا كبيرًا، وأعطاه قدرًا كبيرًا من المال لينفق منه في سفره، ثم أفرج عن عدد من ضباطه ليقوموا بخدمته، وأمر عددًا من رجاله بصحبته حتى يصل إلى دياره سالمًا.

ولم تكد تصل أخبار الهزيمة إلى القسطنطينية حتى أزال رعاياه "اسمه من سجلات الملك"، وقالوا: إنه سقط من عداد الملوك، وعُيِّن ميخائيل السابع إمبراطورًا؛ فألقى القبض على رومانوس الرابع الإمبراطور السابق، وسمل عينيه.

نتائج المعركة

سلطان العالم

بعد انتصار المسلمين في هذه المعركة تغيّرت صورة الحياة والحضارة في هذه المنطقة؛ فاصطبغت بالصبغة الإسلامية بعد انحسار النفوذ البيزنطي تدريجيًا عن هذه المنطقة، ودخول سكانها في الإسلام، والتزامهم به في حياتهم وسلوكهم.

وواصل الأتراك السلاجقة غزوهم لمناطق أخرى بعد ملاذكرد، حتى توغلوا في قلب آسيا الصغرى، ففتحوا قونية وآق، ووصلوا إلى كوتاهية، وأسسوا فرعًا لدولة السلاجقة في هذه المنطقة عرف باسم سلاجقة الروم، ظل حكامه يتناوبون الحكم أكثر من قرنين من الزمان بعد انتصار السلاجقة في ملاذكرد، وأصبحت هذه المنطقة جزءًا من بلاد المسلمين إلى يومنا هذا.

وكان من ثمار دخول هذه المنطقة في حوزة السلاجقة انتشار اللغتين العربية والفارسية، وهو ما كان له أثره في مظاهر الحضارة منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا، غير أن هزيمة الروم في موقعة ملاذكرد جعلتهم ينصرفون عن هذا الجزء من آسيا الصغرى، ثم عجزوا عن الاحتفاظ ببقية الأجزاء الأخرى أمام غزوات المسلمين الأتراك من السلاجقة والعثمانيين، وقد توالت هذه الغزوات في القرون الثلاثة التالية لموقعة ملاذكرد، وانتهت بالإطاحة بدولة الروم، والاستيلاء على القسطنطينية عاصمتها، واتخاذها عاصمة للدولة العثمانية، وتسميتها بإسلامبول أو إستانبول.[14][15][16][17][18]

شخصيات المعركة

ألب أرسلان

تولى ألب أرسلان حكم دولة السلاجقة سنة (455 هـ/ 1063 م) خلفًا لعمه طغرل بك الذي أسس الدولة ومدَّ سلطانها تحت بصره حتى غدت أكبر قوة في العالم الإسلامي، وقضى ألب أرسلان السنوات الأولى من حكمه في المحافظة على ممتلكات دولته وتوسيع رقعتها، وتأمين حدودها من غارات الروم.

ثم تطلع إلى ضم المناطق المسيحية المجاورة لدولته؛ فاتجه صوب الغرب لفتح بلاد الأرمن وجورجيا والأجزاء المجاورة لها من بلاد الروم، وكان أهل هذه البلاد يكثرون من الإغارة على إقليم أذربيجان حتى صاروا مصدر إزعاج وقلق لسكانه، وهو ما دفع بالسلطان السلجوقي إلى ضرورة كبح جماح هؤلاء الغزاة.

وأزعج ذلك إمبراطور الروم رومانوس ديوجينس، وأدرك أن التوسع السلجوقي لا يقف عند هذا الحد، وأن خطره سيهدد بلاده، فعزم على تحويل أنظار السلاجقة عن بلاده بالإغارة على بلاد الشام الشمالية، فهاجم مدينة "منبج" ونهبها وقتل أهلها، غير أن ذلك لم يكن كافيًا لدفع خطر السلاجقة على بلاده، فأعد جيشًا كبيرًا لضرب السلاجقة، وتحجيم قوتها وإضعافها.[19]

المراجع

  1. Nesbitt, John and Eric McGeer. Catalogue Of Byzantine Seals At Dumbarton Oaks And In The Fogg Museum Of Art. 1st ed. Washington, DC: N.p., 2001. Print.
  2. Church, Kenneth. From Dynastic Principality To Imperial District. 1st ed. 2001. Print.
  3. The Cambridge Medieval History. — Cambridge University Press, 1986. — vol. 6. — p. 791: "In 1071, five years after Hastings, the Byzantine army, the oldest and best trained military force in Europe, was destroyed in battle with the Seljuq Turks at Manzikert in Armenia."
  4. Steven Runciman. A History of the Crusades. — Cambridge University Press, 1987. — vol. 1. — p. 62-63: "With this large but untrustworthy army Romanus set out in the spring of 1071 to reconquer Armenia. As he was leaving the capital the news came through from Italy that Bary, the last Byzantine possession in the peninsula, had fallen to the Normans. The chroniclers tell in tragic detail of the Emperor's march eastward along the great Byzantine military road. His intention was to capture and garrison the Armenian fortresses before the Turkish army should come up from the south. Alp Arslan was in Syria, near Aleppo, when he heard of the Byzantine advance. He realized how vital was the challenge; and he hurried northward to meet the Emperor. Romanus entered Armenia along the southern branch of the upper Euphrates. Near Manzikert he divided his forces."
  5. Haldon 2001, p. 173
  6. Norwich 1991, p. 238.
  7. Markham, Paul. "Battle of Manzikert: Military Disaster or Political Failure?". نسخة محفوظة 04 فبراير 2012 على موقع واي باك مشين.
  8. Haldon 2001, p. 172
  9. Haldon 2001, p. 180.
  10. Grant, R.G. (2005). Battle a Visual Journey Through 5000 Years of Combat. London: Dorling Kindersley. p. 77. .
  11. Holt, Peter Malcolm; Lambton, Ann Katharine Swynford & Lewis, Bernard (1977). "The Cambridge History of Islam": 231–232.
  12. موسوعة التاريخ الإسلامي، لمحمود شاكر، المجلد السادس، الدولة العباسية -الجزء الثاني-، الناشر: المكتب الإسلامي، الطبعة السادسة 1421 هـ-2000 م، ص 214
  13. كتاب عظماء الإسلام - صـ 217.
  14. ملاذكرد - قصة الإسلام - تصفح: نسخة محفوظة 6 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
  15. ابن الأثير: الكامل في التاريخ - دار صادر - بيروت.
  16. حسن إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام الديني والسياسي والثقافي - دار الجيل - بيروت - 1991 م.
  17. عبد النعيم محمد حسنين: إيران والعراق في العصر السلجوقي - دار الكتب الإسلامية - القاهرة - (1402 هـ/ 1982 م).
  18. عصام عبد الرءوف الفقي: الدول الإسلامية المستقلة في الشرق - دار الفكر العربي - القاهرة - 1987 م.
  19. ألب أرسلان - قصة الإسلام - تصفح: نسخة محفوظة 24 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.

إنظر أيضاً

موسوعات ذات صلة :