النسبية العامة هي نظرية للجاذبية طورت على يد ألبرت أينشتاين بين عامي 1907 م و1915 م.[1][2][3] وفقاً للنسبية العامة، فإن التجاذب الملاحظ بين الكتل ينتج من انحناء الزمكان الذي تحدثه هذه الكتل.
مع بداية القرن العشرين، تم قبول قانون الجذب العام لنيوتن كوصف صحيح لقوة الجاذبية بين الكتل لأكثر من 200 عام. في نموذج نيوتن، الجاذبية هي نتيجة قوة تجاذب بين الكتل. بالرغم من ارتباك نيوتن بالطبيعة الغير معروفة لهذه القوة، فإن الإطار الأساسي كان ناجحاً للغاية في وصف الحركة.
تظهر التجارب والملاحظات أن وصف أينشتاين للجاذبية يعلل تأثيرات عديدة غير مبررة بقانون نيوتن، كالشذوذ المداري لعطارد والكواكب الأخرى. تنبأت النسبية العامة أيضاً بتأثيرات جديدة وغير مألوفة للجاذبية، كالأمواج الثقالية وعدسة الجاذبية وتأثير الجاذبية على الزمن المعروف بالتأخير الزمني الجذبوي. أكدت العديد من هذه التنبؤات بواسطة التجارب، بينما لا تزال التنبؤات الأخرى موضوع بحث قائم. كمثال بالرغم من وجود دليل غير مباشر على وجود الأمواج الثقالية، فإن الدليل المباشر على وجودها لايزال مطلب عدة فرق من العلماء في تجارب كمشروع ليغو ومشروع جيو 600.
طورت النسبية العامة كأداة أساسية في الفيزياء الفلكية الحديثة. انها تقدم أساس المفهوم الحالي للثقوب السوداء، مناطق من الفضاء ذات جاذبية قوية جداً لايمكن حتى للضوء الهروب منها. يعتقد أن جاذبيتهم القوية مسؤولة عن الإشعاع الكثيف المنبعث من أنواع معينة من الأجسام الفلكية (مثل نواة مجرة نشطة والنجم الزائف الصغري). النسبية العامة هي أيضاً جزء من الإطار للنموذج القياسي للانفجار العظيم في علم الكون.
بالرغم من عدم كون النسبية العامة النظرية النسبية الوحيدة للجاذبية، فإنها الأبسط بين هذه النظريات والتي تتفق مع البيانات التجريبية. ومع ذلك يبقى عدد من الأسئلة المفتوحة، أكثرها أهمية هو كيف يمكن التوفيق بين النسبية العامة وقوانين ميكانيكا الكم لإنتاج نظرية كاملة ومتناسقة للجاذبية الكمية.
من النسبية الخاصة إلى العامة
في سبتمبر عام 1905 م، نشر ألبرت أينشتاين نظريته للنسبية الخاصة، التي وحدت قوانين نيوتن للحركة مع الكهرومغناطيسية التقليدية (التفاعل بين الجسيمات المشحونة كهربائياً). قدمت النسبية الخاصة إطاراً جديداً للفيزياء باقتراحها مفاهيم جديدة للمكان والزمان. بعض النظريات المقبولة كانت متعارضة مع ذلك الإطار، مثال مهم على ذلك، نظرية نيوتن للجاذبية، التي تصف الجذب المتبادل بين الأجسام تبعاً لكتلتها.
العديد من الفيزيائيين، ومن ضمنهم أينشتاين، بحثو في نظرية توحد بين قانون نيوتن للجاذبية والنسبية الخاصة. أثبتت نظرية أينشتاين فقط لتكون متوافقة مع التجارب والملاحظات. لفهم الأفكار الأساسية للنظرية، فإنه من المفيد اتباع تفكير أينشتاين بين عامي 1907 م و1915 م، من تجاربه الفكرية البسيطة المتضمنة ملاحظته للسقوط الحر وصولاً إلى نظريته الهندسية الكاملة للجاذبية.
مبدأ التكافؤ
- مقالة مفصلة: مبدأ التكافؤ
يعاني شخص والأجسام (طافية بدون حركة أو متحركة بسرعة ثابتة) في مصعد في حالة سقوط حر من انعدام الوزن. بما أن كل شيء داخل المصعد يسقط بتزامن (مع بعض)، فإنه لايمكن ملاحظة أي أثر للجاذبية. في هذه الحالة، فإن مشاهدات المراقب في حالة سقوط حر لايمكن تمييزها من مشاهدات المراقبين في الفضاء البعيد، بعيداً عن أي مصدر كبير للجاذبية. مثل هولاء هم المراقبون العطاليون الذين وصفهم أينشتاين في نظريته للنسبية الخاصة بأنهم: المراقبون الذين يسافر الضوء نسبة لهم في خطوط مستقيمة وبسرعة ثابتة.
افترض أينشتاين أن المشاهدات المشابهة للمراقبين معدومي الوزن والعطاليين في النسبية الخاصة مثلت خاصية أساسية للجاذبية، جاعلاً تلك الخاصية حجر الزاوية لنظريته للنسبية العامة، بشكل رسمي في مبدأه للتكافؤ. بحديث مبسط، ينص المبدأ على أن شخص في مصعد في حالة سقوط حر لايمكنه الأخبار أنه في حالة سقوط حر. كل تجرية مماثلة في بيئة ذات سقوط حر ستحصد نفس النتائج للمراقبين في حالة الراحة (السكون) أو المتحركين بسرعة منتظمة في الفضاء البعيد، بعيداً عن كل مصادر الجاذبية.
الجاذبية والتسارع
تختفي معظم تأثيرات الجاذبية في حالة السقوط الحر، ولكن تنتج جملة مرجعية متسارعة تأثيرات تبدو مشابهة لتلك الخاصة بالجاذبية. لا يستطيع مراقب في غرفة مغلقة إخبار أي من الأمرين التاليين هو الصحيح:
- الأجسام تسقط على الأرض بسبب أن الغرفة تستند إلى الأرض وأن الأجسام تسحب نحو الأسفل بفعل الجاذبية.
- الأجسام تسقط على الأرض بسبب أن الغرفة على متن صاروخ في الفضاء، متسارع ب 9.81 م/ث2 وبعيد عن أي مصدر للجاذبية. الأجسام تسحب نحو الأسفل (أرض الغرفة) بنفس قوة العطالة (قوة القصور الذاتي) التي تدفع بالسائق المتواجد في سيارة متسارعة إلى مقعده.
وبالعكس، أي أثر ملاحظ في نظام مرجعي متسارع يجب ملاحظته في حقل جاذبية له نفس التسارع. سمح هذا المبدأ لأينشتاين بالتنبؤ بعدة تأثيرات جديدة وغير مألوفة للجاذبية عام 1907 م، كما سيتم شرحه تالياً.
يجب على مراقب في اطار مرجعي متسارع ادخال مايطلق عليه الفيزيائيون القوى الزائفة (التخيلية) في الحساب من أجل التسارع الذي يعيشه هو والأجسام من حوله. مثال على ذلك تم ذكره سابقاً القوة التي تدفع بالسائق إلى ظهر مقعده، مثال آخر القوة التي تدفع بأيدينا نحو الخارج والأعلى عند محاولتنا الدوران حول أنفسنا. الثابت حسب بصيرة أينشتاين، أن السحب المألوف لحقل الجاذبية الأرضي هو بشكل أساسي نفس هذه القوى الزائفة. يتناسب المقدار الظاهر للقوى الزائفة بشكل دائم مع كتلة أي جسم تطبق عليه هذه القوى على سبيل المثال يمارس مقعد السائق قوة بالمقدار الكافي لتسريع السائق بنفس معدل تسارع السيارة. اقترح أينشتاين أن جسم واقع في حقل جاذبية يجب أن يشعر بقوة جاذبية متناسبه مع كتلته، على النحو المنصوص عليه في قانون الجذب العام لنيوتن.
العواقب الفيزيائية
في عام 1907 م، كان أينشتاين لايزال يبعد 8 سنوات عن إكماله النظرية العامة للنسبية. مع ذلك كان أينشتاين قادراً على تقديم عدد من الروايات، القابلة للاختبار مبنية على نقطة البداية لأينشتاين المتمثلة في مبدأ التكافؤ لتطوير نظريته الجديدة.
الأثر الجديد الأول هو الانزياح الأحمر الجذبوي للضوء.بالأخذ بالاعتبار مراقبين على متن مركبة صاروخية متسارعة. في مركبة مماثلة هناك مفهوم طبيعي ل "الأعلى" ول "الأسفل" حيث أن المركبة تتسارع باتجاه "الأعلى" والأجسام الحرة داخل المركبة تتسارع بالاتجاه المعاكس (تسقط نحو "الأسفل"). بفرض أحد المراقبين أعلى من الآخر. عنما يرسل المراقب في الأسفل إشارة ضوئية إلى المراقب في الأعلى، يتسبب التسارع في انزياح الضوء نحو الأحمر، وفق ما يمكن حسابه من النسبية الخاصة وبالتالي سيقيس المراقب الثاني تردد أدنى للضوء من المراقب الأول. وبالعكس ينزاح الضوء المرسل من المراقب الأعلى إلى المراقب الأسفل نحو الأزرق أي ينزاح نحو ترددات أعلى. قال أينشتاين أنه مثل هذه الانزياحات في التردد يجب ملاحظتها في حقل للجاذبية. هذه الظاهرة موضحة في الشكل على اليسار، الذي يظهر انزياح موجة الضوء بشل تدريجي نحو الأحمر بينما تكمل مسارها نحو الأعلى بعكس تسارع الجاذبية. تم تأكيد هذا التأثير تجريباً كما هو موضح أدناه.
هذا الانزياح الجذبوي للتردد يناظر الابطاء الزمني بالجاذبية: بما أن المراقب الأعلى يقيس نفس موجة الضوء ولكن بتردد أخفض من المراقب في الأسفل، فإن الوقت يجب أن يمر بشكل أسرع للمراقب الأعلى. وبالتالي، يمر الوقت بشكل أبطأ للمراقبين الأخفض في حقل للجاذبية.
من المهم التأكيد لكل المراقبين على عدم وجود تغييرات ملحوظة في جريات الوقت للأحداث والعمليات التي تحدث في إطارهم المرجعي. تملك الخمس دقائق كما قيست باستخدام كل ساعات المراقبين التركيب نفسه أي أنه بمرور سنة واحدة باستخدام كل ساعة فإن كل مراقب سيشيخ بمقدار سنة واحدة، وباختصار فإن كل ساعة هي في توافق تام مع كافة العمليات التي تحدث بجوارها المباشر. فقط عند مقارنة الساعات لمراقبين منفصلين يمكن ملاحظة أن الوقت يمر أبطأ للمراقبين في الأسفل مقارنة للمراقبين في الأعلى. هذا التأثير صغير ولكنه أكد تجريبياً في عدة تجارب، كما في الشرح أدناه.
تنبأ أينشتاين بأسلوب مشابه بانحراف الضوء بتأثير الجاذبية: في حقل للجاذبية فإن الضوء ينحرف باتجاه هذا الحقل. كمياً فإن الانحراف الصحيح يتطلب صيغة أكثر كمالاً من نظرية النسبية العامة وليس فقط مبدأ التكافؤ.
تأثيرات المد والجزر
ظاهرة أكثر أساسية لنفس التأثير تشمل جسمان يسقطان جنباً إلى جنب باتجاه الأرض. في اطار مرجعي في حالة سقوط حر بجانب هذين الجسمين يبدو الجسمان يحومان بدون وزن ولكن ليس بالضبط. لايسقط الجسمان بدقة بنفس الاتجاه ولكن باتجاه نقطة وحيدة في المكان تدعى مركز جاذبية الأرض. بشكل متوافق هناك مركبة للحركة لكل جسم باتجاه الآخر (انظر الشكل). يكون هذا التسارع النسبي صغير في بيئة صغيرة كحالة المصعد الساقط بشكل حر بينما يكون التسارع النسبي كبير للمظليين على الجانب المعاكس للأرض. استخدم مصطلح تأثيرات المد والجزر لوصف هذه الظاهرة لأن مثل هذه الاختلافات في القوة هي المسؤولة عن مد وجزر محيطات الأرض.
لايستطيع التكافؤ بين الجاذبية والعطالة تفسير تأثيرات المد والجزر (لايستطيع تفسير التعددية في حقل الجاذبية) لذلك هناك حاجة لنظرية تصف كيفية تأثير المادة (ككتلة الأرض الكبيرة) في بيئة العطالة (القصور الذاتي) من حولها.
اقرأ أيضاً
مراجع
- Marolf, Donald (1999). "Spacetime Embedding Diagrams for Black Holes". General Relativity and Gravitation. 31: 919–944. arXiv:. Bibcode:1999GReGr..31..919M. doi:10.1023/A:1026646507201.
- Living Reviews in Relativity. نسخة محفوظة 11 مارس 2014 على موقع واي باك مشين.
- B. P. Abbott et al. (LIGO Scientific Collaboration and Virgo Collaboration) (2016). "Observation of Gravitational Waves from a Binary Black Hole Merger". Physical Review Letters. 116 (6): 061102. arXiv:. Bibcode:2016PhRvL.116f1102A. doi:10.1103/PhysRevLett.116.061102. PMID 26918975. مؤرشف من الأصل في 25 أكتوبر 2019.