الرئيسيةعريقبحث

مملكة هرمز


☰ جدول المحتويات


هذه المقالة عن مملكة هرمز، عند مضيق هرمز. لتصفح عناوين مشابهة، انظر مدينة هرمز.

مملكة هرمز مملكة قامت في القرن العاشر ميلادي على السواحل الشرقية للخليج العربي أشتهرت بالتجارة وبالثراء، وهي الميناء البحري لتجارة منطقة كرمان وسيستان، والساحل الغربي للخليج العربي من الأحساء شمالاً إلى رأس مسندم جنوباً[1] كانت خيولها تصدر إلى الهند، وظلت على هذا الحال حتى القرن الخامس العشر، حيث يشير إليها الرحالة الإيطالي الشهير ماركو بولو بقوله ان هرمز (مدينة عظيمة ونبيلة على البحر). ويقول أيضا:

« في هذه البلاد اعداد هائلة من الخيول المطهمة، والناس يأخذونها إلى الهند للبيع لأنها غالية الثمن. وهنا يوجد أيضا أجود حمير في العالم لانها كبيرة وسريعة وتمتاز بخفة نادرة. والتجار يأتون إلى هناك من الهند بسفن محملة بالتوابل والأحجار الكريمة واللؤلؤ وأقمشة إلى الحرير والذهب والعاج. وبضائع أخرى كثيرة حيث يبيعونها لتجار هرمز، وهؤلاء بدورهم يحملون هذه الاشياء إلى جميع أنحاء العالم لبيعها ثانية»

غدت هرمز مركزا لتجميع البضائع والسلع في جنوب الخليج العربي وقد ذكرت في مخطوطات في القرن الحادي عشر للتاجرة الروسية اناتاسيا نيليستينا كانت قد ابحرت إلى الهند عن طريق الخليج قبل فاسكو دا غاما بأربعمئة سنة، حيث كتبت: "تعتبر مدينة هرمز مدينة تجارية عظيمة يأتيها الناس من جميع انحاء العالم وتوجد فيها مختلف البضائع[2]". وقد وصفها أحد المؤرخين الإنجليز حسب الوثائق البريطانية ببلوغها مرتبة طيبة في القرن الثالث عشر وأن شوارعها عبدت بالحصير وبعض المناطق بالسجاد، وامتد نفوذها إلى اجزاء من الساحل الشرقي من الخليج، فضلا عن مناطق على الساحل الغربي[2]. وقد امتد نفوذهم إلى الكويت والقطيف وبعض اجزاء من عمان والبصرة لمدة مئتي عام قبل استيلاء البرتغاليين عليها[3].

أستولى عليها البوكيرك سنة 1514 وحكمها باسم التاج البرتغالي ثم أحتلها الصفويون عام 1622 بعد أن تحالفوا مع الإنجليز[4].

تاريخ هرمز

أرسى فيها الأسكندر المقدوني أسطوله في سنة 325 قبل الميلاد، وفي سنة 540، اشتهرت باسمها وكانت نصرانية نسطورية ومركز مطرانية اسم مطرانها جبرائيل[5] فتحها المسلمون في عهد أبي موسى الأشعري حيث وجه لها الربيع بن زياد[6]

وابتداء من حوالي سنة 1100 م كان لهرمز حكام من العرب، مؤسس هذا الحكم يدعى محمد وهو أمير عربي عبر الخليج من اليمن وكون نفسه هناك، ولكن التاريخ هنا غير مؤكد، إلا أن أول اسم لحاكم من هذه السلالة يظهر هو الحاكم الثاني عشر[7]، وفي خلال حكم الامير الخامس عشر سنة 1301 م، كانت هرمز القديمة على البر قد ناوشتها الغارات الوحشية المتكررة من جانب التتر، لدرجة ان الامير وشعبة هجروا مدينتهم في البر الأصلي وانتقلوا إلى جزيرة قشم. ومن ثم انتقلوا إلى جزيرة جيرون الجديدة التي تقع وسط البحر ويفصل بينها قنال عرضه ثلاثة فراسخ وسموها هرمز ثم تحولت إلى مملكة.

وفي سنة 670هـ/1271م تمكن أمير هرمز محمود بن أحمد الكوسي (الكوشي) القلهاتي من الإستيلاء على جزيرة قيس ومن ثم تمكن من اخضاع القطيف وجزر البحرين لدائرة نفوذه الممتد من الهند حتى البصرة[8]. إلا أن سوغونجاق الحاكم المغولي لفارس[ملاحظة 1] لم يعجبه ذلك حيث شكل ذلك تهديدا لمصالح المغول الإستراتيجية في السيطرة على طرق التجارة بين المحيط الهندي والبحار العربية، لذا قام سنة 671هـ/1272م ببناء أسطول في خور سيف عند سواحل فارس هاجم به أساطيل الأمير محمود غير انها باءت بالفشل[8]، فاستأنف ببناء اسطوله البحري واستولى على سفن العصفوريين ورعاياهم من سواحل وجزر بلاد البحرين ثم هاجم اسطول الأمير محمود القلهاتي حيث احرز انتصارا اجبر محمود على الرجوع إلى قلهات في عمان.

رسم لجزيرة هرمز من عام 1572، وقد ظهرت فيها المستعمرة البرتغالية

الغزو البرتغالي

حين قدم البرتغاليون إلى سواحل الخليج في العام 1507، كانت هناك دولة تجارية عظيمة الثراء، وإن كانت تفتقر إلى القوّة العسكرية والخبرة القتالية، وهي مملكة هرمز التي تبعد نحو 12 ميلاً عن الساحل الفارسي في مدخل الخليج. بسطت نفوذها على الساحل العربي من القطيف شمالاً حتى رأس الحد جنوباً ودخلت في حوزتها البحرين وقشم، ومن ممتلكات هرمز أيضاً قلهات وقريات وصحار وخورفكان ومسقط ورأس الحد. وكذلك الاحساء والقطيف[9].[7]

بدأ البرتغاليون بقيادة البوكيرك باحتلال جزيرة هرمز سنة 1507، فاستعدت مملكة هرمز لصد الغزو البرتغالي[10] وقد تجمعت قوات من الفرسان على الساحل من الفرس والعرب حيث احتشد ما لايقل عن ثلاثين الفا من بينهم أربعة آلاف من الفرسان كما كان في المرفأ أربعمائة سفينة[11]. ولم يكن البرتغاليون بقيادة قائدهم البوكيرك يملكون أكثر من سبع سفن حربية لم يتجاوز عدد بحارتها أكثر من أربعمائة وستين رجلا[12]. وكان حاكم هرمز صبيا صغير السن يسمى (سيف الدين) ويحكم نيابة عنه مستشاره (الشيخ عطار).

وعلى الرغم من كل هذا التباين فلم يتراجع البوكيرك عن تحقيق مأربه في الاستيلاء على الجزيرة، ولعل الروح الانتحارية التي كان يقاتل بها البوكيرك والسفن المتطورة التي كان يقلها والمدافع التي كان يستخدمها وحالة الفوضى التي كانت عليها قوات هرمز كانت في مقدمة العوامل التي عجلت بالسيطرة على الجزيرة وكان هجوم القوات البرتغالية التي نفدت منها المواد الغذائية بمثابة هجوم الجياع على مستودعات التموين وكانت كلمات البوكيرك إلى جنوده وهو يحثهم على القتال "اما الانتصار أو يقطع المسلمون رقابكم"، وإزاء استمرار القصف المدفعي البرتغالي لم يجد سيف الدين بدا من طلب المفاوضات. والتي جرت في جو إرهابي كانت نتيجتها أن قام ألبوكيرك أثناءها بطعن الشيخ عطار فجأة عندما كان يتحدث معه فقتله. وقد أسفرت المفاوضات عن الصلح بشروط قاسية منها أن يظل سيف الدين في منصبه حاكما على هرمز تحت السيادة البرتغالية وأن يدفع لملك البرتغال مبلغ خمسة عشر الف زرافين كجزية سنوية وأن يسمح للبرتغاليين بإقامة منشآت عسكرية في بلاده، كذلك نص على اعفاء التجارة البرتغالية من اية رسوم جمركية[13].

باحتلال هرمز فرض البرتغاليون سيطرتهم على المنطقة سيطرة تامة، وأصدر البوكيرك قرارا يمنع أي سفينة من ممارسة الملاحة في الخليج قبل الحصول على تصريح من السلطات البرتغالية. وقد انصرفت الدولة الصفوية خلال هذه الفترة إلى فتوحات في الشمال وإلى حروب ضد العثمانيين، ولم تول امور الخليج اهتماماً كبيراً فكان إسماعيل شاه يترك غالباً المناطق الساحلية الجنوبية لحكام شبه مستقلين[14].

وقد استغل البرتغاليون انشغال قوات الشاه إسماعيل في شمال فارس في الحرب ضد العثمانيين، فوطّدوا نفوذهم في جزيرة هرمز والساحل العماني، واستولوا على القطيف والبحرين، ونكثوا بذلك عهدهم للشاه إسماعيل بمساعدته في بسط حكمه عليها، وقد زار البوكيرك البحرين عام 1515 من اجل تعزيز العمل بمقتضى المعاهدات القائمة بين حاكمها المحلي وملك هرمز الخاضع من الآن للسيطرة البرتغالية. وكان الشاه إسماعيل قد حاول في بدايات التهديدات البرتغالية لمملكة هرمز أن يحث حكامها على الثورة ضد البرتغاليين واعداً اياهم بالمساعدة، غير أن حاكم هرمز أظهر خطاب الشاه للبرتغاليين، فانقلب الشاه إسماعيل على موقفه طالباً التحالف مع البرتغاليين ضد العثمانيين، ووقع اتفاقية معهم جاء فيها:

  1. أن تساند البحرية البرتغالية القوات الإيرانية في الاستيلاء على البحرين والقطيف.
  2. يتعهد البرتغاليون بمساندة الشاه في القضاء على الحركات الانفصالية التي قامت في إقليم مكران.
  3. قيام حلف عسكري بين الطرفين ضد الدولة العثمانية.
  4. اعادة توران شاه إلى هرمز نائباً عن الملك البرتغالي عمانوئيل وهذا يعني اعتراف الشاه بتبعية هرمز للبرتغاليين.

وفي غضون ذلك، استولى حاكم الاحساء مقرن بن زامل على البحرين والقطيف، وطرد النفوذ البرتغالي والهرمزي منها، ولكن البرتغاليين عادوا فسيطروا على البحرين بعد القضاء على حركة مقرن بن زامل الذي قتل في عام 927 هـ، وتولى واكتفى البرتغاليون بما حققوه من نصر في البحرين ولم يواصلوا تقدمهم ناحية القطيف بسبب عنف المقاومة العربية وخوفا من أن يستدرجهم عرب القطيف إلى داخل الجزيرة العربية.

لقد حرص البرتغاليون على احتفاظ حكام هرمز بسلطتهم ولكنها كانت سلطة شكلية حيث ارغموا على الولاء لملك البرتغال لدرجة انه لم يكن يسمح لهم بمغادرة الجزيرة إلا بموافقة الحاكم البرتغالي[15].

ملوك هرمز

  • محمد درهم كوب سنة 493 هـ - 1100
  • سيف الدين بانصر
  • محمود بن أحمد سنة 641 هـ - 1244 إلى 676 هـ - 1278
  • سيف الدين نصرت من سنة 676 هـ - 1278 إلى 689 هـ - 1290* بهاء الدين عياز سنة 693 هـ - 1293 إلى 711 هـ - 1311 (بعد منافسات داخلية للصراع على الحكم)
  • عزالدين كردان شاه 711 هـ - 1311 إلى سنة 717 هـ - 1317
  • قطب الدين تهتمن 719 هـ - 1319 إلى سنة 747 هـ - 1346
  • توران شاه 747 هـ - 1346 إلى سنة 779 هـ - 1377
  • ابن توران شاه
  • حفيد توران شاه

تعاقب على حكم هرمز خلال المدة الواقعة بين 1400 و 1505 م عشرة ملوك قتل خمسة منهم وعزل أربعة[16]

الثورة ضد البرتغاليين

لقد كان للأجراءات المعقدة التي مارسها البرتغاليون واستيلائهم على عائدات الجمارك وكذا العنف والقسوة التي اتسم بها البرتغاليون كل ذلك دفع بشعب هرمز إلى الإعلان عن سخطه في قيام ثورة شعبية عام 1522 ظهرت في هرمز والبحرين ومسقط وقريات وصحار في وقت واحد. وتم فيها حرق المراكب البرتغالية وقتل الحامية وعمت هذه الحركة المراكز كلها عدا مسقط التي كان حاكمها الشيخ راشد على خلاف مع حاكم هرمز[17] ولعل عنصر التوقيت ينم عن قدر كبير من التنظيم مما اربك خطط البرتغاليين وضاعف من خسائرهم البشرية. وتشير بعضى المصادر إلى ان حاكم هرمز توران شاه هو الذي سعى إلى اشعال تلك الثورة بالتنسيق مع الحكام العرب بهدف التخلص من النفوذ البرتغالي. وإلا ان البرتغاليين كانوا مستعدين لتلك الثورات فتمكنوا من التصدي العنيف لها بدرجة انهم اشعلوا النيران في هرمز وظلت مشتعلة لأربعة ايام فاضطر توران شاه إلى الهرب حيث نزل إلى جزيرة قشم إلا ان سكان الجزيرة اغتالوه بسبب تعاونه السابق مع البرتغاليين في غزو البحرين وتمثيله بجسد مقرن بن زامل[18].

سقوط مملكة هرمز

كان هناك تحالف أنجلو-فارسي لإزاحة الامبراطورية الإسبانية-البرتغالية من الخليج وكان الهدف هو السيطرة على الطريق البحري للتجارة بين الشرق والغرب. وبسبب ضعف الشاه عباس الصفوي من امتلاك قوة بحرية كافية تمكنها من خوض صراع حربي مع دولة بحرية عريقة كالبرتغال، ارتبط مع الإنجليز من خلال شركة الهند الشرقية البريطانية للسيطرة على هرمز. نجح الشاه في طرد البرتغاليين من جلفار سنة 1619 بالتعاون مع العرب، مما أدى إلى ضعف القوة البرتغالية المتواجدة في الخليج[16]. عقد الإنجليز تحالف مع الشاه مقابل الاحتفاظ بقلعة هرمز ومنحهم نصف ايرادات جمرك جمبرون (بندر عباس) بشكل دائم. استسلم قائد القوات البرتغالية بعد محاصرتهم في أسوار القلعة الحصينة في الحادي والعشرين من أبريل سنة 1622 طالباً الهدنة.[16]. تعهد الإنجليز بحماية البرتغاليين في حين أن الأسرى المسلمين جرى تسليمهم لإمام قلي خان الذي قتل أكثرهم وكان من بينهم ملك هرمز محمود شاه ووزيره وقاضيه[16].

ملاحظة

  1. ليس هناك إليخان مغولي في فارس بهذا الإسم لذا ربما يكون هو حاكما لإقليم فارس

الهوامش

  1. التدمري، أحمد.، خوري، إبراهيم. سلطنة هرمز العربية المستقلة. رأس الخيمة، 1420 هـ، 1999
  2. الصراع الدولي في الخليج العربي (1500 - 1958)، د. صبري فالح الحمدي. ط 2010. دار الحكمة لندن.
  3. G N Curzon;Persia & the Persian Question, Vol II, London, 1892, P 418
  4. هرمز - تصفح: نسخة محفوظة 03 مايو 2015 على موقع واي باك مشين.
  5. السمعاني، ج3، ص 147 - 148
  6. البلاذري، فتح البلدان للبلاذري، ص 151 - 55
  7. حاتم (1997).
  8. تاريخ هجر. ج2. عبد الرحمن بن عثمان آل ملا. 1991. ص:180 - 181
  9. رندة إسماعيلي. "مملكة هرمز أسسها أتراك إيران". مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 201913 ديسمبر 2008.
  10. كان البرتغاليون يهاجمون الساحل الشرقي لأفريقيا وقوافل الحجاج أثناء مرورهم للهند، وقد سمع الناس شيئاً عما ارتكبوه من فظائع في المحيط الهندي خلال التسع سنوات التي تلت دخولهم مياهه
  11. السير ارنولدت ويلسون, تاريخ الخليج, ترجمة محمد أمين عبد الله ص 70.
  12. د جمال زكريا قاسم, الخليج العربي في عصر التوسع الأوروبي الأول ص 53.
  13. أرنولدت ويلسون: الخليج العربي, ص 70.
  14. مملكة هرمز ضحية الصراع الصفوي العثماني على الخليج نقلا عن مجلة الواحة: العدد4 الكاتب فؤاد إبراهيم نسخة محفوظة 28 يناير 2008 على موقع واي باك مشين.
  15. ويلسون: ص 79
  16. السعدون (2012)
  17. محمود شاكر (2000). ص 331
  18. ويلسون: ص 80

المصادر

  • التدمري، أحمد.، خوري، إبراهيم. سلطنة هرمز العربية المستقلة. رأس الخيمة، 1420 هـ، 1999
  • حاتم، محمد (1997). تاريخ عرب الهولة: دراسة تاريخية وثائقية. دار الأمين للطباعة والنشر والتوزيع، الكويت. ط 1
  • السعدون، خالد (2012). مختصر التاريخ السياسي للخليج العربي منذ أقدم حضاراته إلى سنة 1971. جداول للنشر والتوزيع
  • هرمز المملكة التي ابتلعها التاريخ: محمد صابر عرب(استاذ التاريخ الحديث في جامعة السلطان قابوس)
  • مملكة هرمز ضحية الصراع الصفوي العثماني على الخليج: ديار الهرمزي
  • محمود شاكر (2000). التاريخ الإسلامي. العهد العثماني. المكتب الإسلامي، بيروت.

موسوعات ذات صلة :